4 دقائق قراءة

متقاعد يتطوع في الفيلق الخامس ويتولى حاجز تفتيش: “أفضل من الاكتفاء بالجلوس”

في سورية وكما في شتى أصقاع العالم، يبادر المتقاعدون إلى […]


24 مارس 2017

في سورية وكما في شتى أصقاع العالم، يبادر المتقاعدون إلى الاهتمام بهواياتهم أو أعمالهم الجديدة ليشغلوا أوقات فراغهم.

ولكن أبو جمال، (57 عاماً)، من أبناء دمشق، وجد نفسه ضَجِراً وهمته في فتور وهو جليس المنزل لعامين بعد تقاعده من عمله في الجمارك على الحدود بين سورية ولبنان، فقرر التطوع للجيش العربي السوري.

وقال أبو جمال لـ محمد الحاج علي، مراسل في سوريا على طول، “لم يكن لدي أي شيء أفعله، قلت في نفسي لماذا لا أنضم للجيش وأدافع عن بلدي بدلاً من الاكتفاء بالجلوس؟”.

وهذا كان قبل ثلاثة شهور، وهو الآن يقف على حاجز في العاصمة ويشرف على المجندين هناك.

وانضم أبو جمال إلى كتيبة البعث، وحدة مؤلفة من أعضاء حزب البعث داخل الفيلق الخامس اقتحام. وكانت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية أعلنت تشكيل الفيلق الخامس في تشرين الثاني عام 2016 كأول قوة عسكرية رسمية تطوعية. ويتلقى المنضمون راتباً شهرياً، ويُمنح الفارون الذين ينضمون العفو.

وما يزال من غير الواضح عدد أولئك الذين انضموا إلى الفيلق الخامس منذ تشرين الثاني، أو من هم المتطوعين. ولكن يبدو وأنهم رجال فوق سن 42، وهو السن الأقصى للخدمة العسكرية الإلزامية في سورية.

وتُظهر صور تم تداولها على الانترنت تخريج  وحدة أبو جمال من التدريب في 14 أذار. وفيها عدد من الرجال ممن هم فوق سن الخمسين، وفق ما ذكر أبو جمال “يوجد عدد كبير من الرجال بعمري”.

أنت فوق سن 42 وغير مطلوب للخدمة في الجيش او الاحتياط. هل يمكن أن تحدثنا عن الأسباب التي دفعتك للتجنيد الطوعي؟

أسباب كثيرة دفعتني للخدمة في الجيش السوري، منها حاجة الجيش للمزيد من العناصر في ظل الجبهات الكبيرة التي تدور فيها المعارك في الوقت الحالي، وأيضا دافعي الشخصي في الدفاع عن وطني في ظل هذه المؤامرت التي يتعرض لها.

كما أنني لائق جسديا وفكريا للخدمة العسكرية فلماذا لا أنضم للجيش، وبعد تقاعدي من العمل في الجمارك لم يكن لدي أي شيء أفعله، قلت في نفسي لماذا لا أنضم للجيش وأدافع عن بلدي بدلاً من الاكتفاء بالجلوس.

ماذا كنت تعمل قبل الانضمام  للفيلق الخامس؟ كيف كانت حياتك؟

كنت موظفاً في الجمارك وتقاعدت في عمر 55 أي منذ سنتين، وكان عملي على الحدود السورية اللبنانية لضبط البضائع الواردة والصاردة من سوريا.

كان العمل بشكل عام جيداً، وكان عملي في مناوبات إما مسائية أو صباحية، وكنت أقضي بقية اليوم مع عائلتي وأحفادي  أو مع اصدقائي في المقاهي. أسكن وزوجتي وابني يسكن معنا أيضاً وهو متزوج ولديه طفلان. كنت أقضي بعض وقتي ألاعبهم.

لكن في الفتره الاخيرة بدأت أشعر بالملل والتعب النفسي بسبب الجلوس في المنزل دون عمل او أي شيء أملي به وقتي. والحمد الله صحتي الجسدية جيدة جداً وليس لدي أي مشكلة صحية. فأنا أمارس الرياضة منذ 20 عاماً بشكل مستمر.

ما هي أراء عائلتك وأصدقائك حول قرارك بالتجنيد الطوعي؟

كان هناك تفاوت في أراء عائلتي حول هذا الموضوع، زوجتي إلى الآن ترفض هذا الموضوع بحجة  أنني أصبحت في عمرٍ لا يسمح لي بالخدمة العسكرية وخوفها على صحتي الجسدية.

وأيضا أبنائي في البداية رفضوا هذا الموضوع، لكن الآن بعد تحسن حالتي النفسية التي كانت متعبة بعد التقاعد والجلوس في المنزل دون عمل أي شيء أصبحوا من المؤيدين لمتطوعي الجيش.

وأقوم الآن بتجشيع أصدقائي للتطوع في الجيش في كل مرة أجلس معهم أحدثهم عن تطوعي، وسوف أحاول أن أقنعهم بهذه الفكرة، من أجل خدمة الوطن في المرتبه الأولى وأيضا ليبقوا في صحة جيد أفضل من الجلوس في المنزل والمقاهي.

وحدة أبو جمال أثناء تخريجهم من التدريب في 14 أذار. حقوق نشر الصورة لـ كتائب البعث القطر السوري

يبدو أن كتيبة البعث التابع للفيلق الخامس تتكون من رجال ما بين 50 و70 عاماً. هل تشعر أن هناك نوع من التضامن بينكم  كونكم من أجيال متقاربة؟

هذه كانت أحد أسباب انضمامي للفيلق، يوجد عدد كبير من الرجال بعمري، أستطيع التفاهم معهم. والحديث عن مواضع مشتركة.

وخصوصاً أننا متطوعون في الخدمة العسكرية ولسنا مجبرين على الانضمام. أي أننا ننسجم في الخدمة العسكرية ومرتاحين نفسيا، ولهذا السبب أصبحنا أصدقاء. فلا يوجد أي ضغوط تمارس علينا.

الآن اصبح لدي اصدقاء أكثر بعد التطوع، تعرفت عليهم من الفيلق، هناك اهتمامات مشتركة بيننا. منها في السياسة أو الحياة اليومية، وأيضا طريقة التفكير في ما بيننا التي ننظر بها للأشياء تعتبر واحدة، وتختلف عن الجيل الحالي. منها الدفاع عن الوطن وحبه، يوجد لدينا خبره كبيرة في الحياة والتجارب التي نتشاركها ونتحدث عنها في أوقات الاستراحة، وأصبح لدينا أيضا علاقات عائلية.

هل يمكن أن تخبرنا عن روتينك اليومي حالياً؟

أنا الآن مسؤول عن أحد الحواجز في العاصمة دمشق في المناوبة الصباحية، تبدأ مناوبتي الساعة السابعة صباحاً وتنتهي الساعة السادسة مساءً، عملي فقط الإشراف على الجنود الموجودين على هذا الحاجز.

آما عن العناصر الآخرين فيتم فرزهم حسب اختصاصاتهم ومقدراتهم، أي أن بعضهم تم فرزهم على جبهات القتال في باقي المحافظات، ومنهم في الحواجز. ومنهم في المستشفيات العسكرية إذا كان لديهم شهادات طبية، أو في قسم الصيانة. وغيرها من الاختصاصات حسب مقدرة الاشخاص.

الدوام يكون حسب المكان الذي تم فرزنا إليه. قبل أن يتم الفرز، كان لدينا معسكرين وقد تم تدريبنا على بعض المهارات العسكرية.

ومازلت أخرج مع أصحابي بعد الدوام أو في أيام العطلة. نخرج إلى المقاهي أو المطاعم أو في زيارة عائلية مثلما اعتدنا قبل انضمامي الى الجيش السوري.

هل تواجه أي صعوبات في مواكبة المتطلبات الجسدية  للحياة العسكرية؟

بكل تأكيد، كان هناك صعوبات في بداية التطوع من التدريبات والدورس العسكرية كونها تحتاج لأجسام قوية. لكن بعد مرور الشهر الأول بدأت أعتاد على ذلك وأصبح ممتعاً لي. يوجد بعض المتطوعين لم يستطيعوا المتابعة وقد تم تسريحم لأنهم لم يكونوا لائقين جسديا لهذه المهمة.

وطالما أن الجيش في عمر الشباب الزامياً  فإن جميع المنضميين للفيلق لديهم بعض الخبرات العسكرية التي قد اكتسبوها في هذه المرحلة.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال