4 دقائق قراءة

مخيم الزعتري: خدمات أساسية تخفف قسوة اللجوء

عمان- يجسد مخيم الزعتري للاجئين السوريين في شمال الأردن، صورة مغايرة عن مخيمات اللجوء في دول الجوار السوري الأخرى عموماً، إلى الحدّ الذي يجعل بعض من غادروه، كما حال سناء العزيز، يمنون النفس في العودة إليه.


11 سبتمبر 2019

عمر الشربجي

 

عمان- يجسد مخيم الزعتري للاجئين السوريين في شمال الأردن، صورة مغايرة عن مخيمات اللجوء في دول الجوار السوري الأخرى عموماً، إلى الحدّ الذي يجعل بعض من غادروه، كما حال سناء العزيز، يمنون النفس في العودة إليه.

سناء (44 عاماً)، كانت قد لجأت مع أطفالها الأيتام الأربعة من محافظة درعا، جنوب سوريا، إلى الأردن في آذار/مارس 2013، حيث أقامت في مخيم الزعتري لأشهر فقط مغادرة بعدها نحو مدينة إربد، شمال المملكة، أملاً في ظروف معيشية وخدمية أفضل.

لكن بخلاف ما تأملت، فقد عنى عيش الأم الأرملة خارج أسوار الزعتري تحمّل أعباء مادية إضافية، لاسيما إيجار مسكن، وتكلفة خدمات الكهرباء والمياه، عدا عن أجور مواصلات نقل أبنائها إلى المدارس، بحيث يتجاوز مجموع مصاريف الأسرة الثابتة 170 ديناراً أردنياً شهرياً “لا يضطر اللاجئ السوري داخل المخيم إلى دفعها”، بحسب قولها لـ”سوريا على طول”.

عند مغادرتها “الزعتري”، كانت سناء تعوّل في تأمين مصاريفها الشهرية على مبالغ مالية مخصصة لأبنائها من إحدى الجمعيات الخيرية بموجب ما يسمى “كفالة اليتيم”، والتي انقطعت الآن، ما يدفعها، إلى “التفكير في العودة إلى المخيم”.

مخيم الزعتري هو أول مخيم رسمي للاجئين السوريين في الأردن، إذ  افتتح في تموز/يوليو 2012، تبعه المخيم الإماراتي الأردني، في منطقة مريجيب الفهود، التابعة لمحافظة الزرقاء، الذي افتتح في أيار/ مايو 2013، وأخيراً مخيم الأزرق، الذي افتتح في نيسان/ أبريل 2014.

وفيما كان يفتقر الزعتري للخدمات الأساسية عندما حلّت سناء وأبناؤها فيه، لكنه اليوم “يجذبني إلى العودة، لما يتميز به من توفر الخدمات وتنوعها، وانخفاض تكاليف المعيشة”. إذ تحول المخيم، عبر برامج الدول والمنظمات المانحة، إلى قرية صغيرة تجاور قرية الزعتري الموجودة أصلاً والتي منحت المخيم اسمها.

وبالإضافة إلى تقديم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالتنسيق مع الحكومة الأردنية، مجموعة من الخدمات لقاطني “الزعتري، لاسيما الصحة والتعليم وخدمات الحماية ودعم البنية التحتية وتشغيل محطة للطاقة الشمسية، فقد “أوجدت المفوضية فرصة لـ 5000 متطوع سوري، يحصلون على النقد مقابل عملهم، كما وفرت فرصاً لمجموعة واسعة من اللاجئين للحصول على تصاريح عمل تسمح لهم بمزاولة العمل خارج المخيم”، بحسب ما ذكرت المتحدثة باسم المفوضية ليلى كارلايل لـ”سوريا على طول”.

منطقة آمنة وحياة كريمة

يشكل اللاجئون السوريون المقيمون في مخيم الزعتري 12 بالمائة تقريباً من العدد الكلي للاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي الأردنية. إذ تشير الأرقام الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في شباط/فبراير الماضي، إلى وجود أكثر من 78 ألف لاجئ سوري داخل “الزعتري”، من أصل 657 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى المفوضية.

وعدا عن كون المخيّم “مكاناً آمناً” للسيدة أم نورس التي فرّت من محافظة درعا هرباً من الحرب، فإنه يوفر لها متطلبات أمان اقتصادي إلى حد ما. إذ هي بالكاد تؤمن مصاريفها اليومية “رغم أني أعمل مع اثنين من أولادي”، كما قالت لـ”سوريا على طول”، والخدمات المجانية التي تحصل عليها، من مثل الكهرباء والمياه والخدمات الطبية “رح ندفع حقها خارج المخيم، وفوقها أجرة البيت”.

أما بالنسبة للأم والطالبة سعاد الحوراني، فإن العيش داخل المخيم لم يمنعها من مواصلة تعليمها في إحدى الجامعات الأردنية. 

الحوراني كانت حصلت على منحة دراسية كاملة، تتضمن مصروفها الشهري وتكلفة المواصلات من المخيم وإليه، تفضّل العيش في “الزعتري على استئجار منزل خارجه، لما يترتب عليه من مصاريف إضافية”.

فوق ذلك، فقد أنهت دراستها الجامعية بمعدل 92.7% رغم أنها أم لستة أطفال، بحسب ما كشفت لـ”سوريا على طول”، وكان لأهلها، الذين يقطنون في المخيم أيضاً، “دور في العناية بأطفالي خلال فترة الدوام في الجامعة”.

ورغم ما تردده الحكومة السورية عن تسهيلات لتشجيع عودة اللاجئين في الأردن إلى وطنهم، تُظهر أرقام المفوضية محدودية عدد اللاجئين العائدين منذ إعادة فتح الحدود الأردنية-السورية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إذ بلغ نحو 28 ألف لاجئ فقط.

 الخدمات الطبية بين الداخل والخارج

بالنظر إلى ارتفاع تكلفة الرعاية الطبية في الأردن، برز اضطرار لاجئين إلى العودة إلى سوريا رغم المخاوف الأمنية، بحكم الفارق في تكاليف العلاج بين البلدين لبعض الأمراض الخطرة أو المستعصية؛ كالسرطان وأمراض القلب. لكن هكذا عودة يمكن وصفها بـ”القسرية”، تكاد تواجه اللاجئين المقيمين خارج المخيمات فقط. 

إذ بحسب ما ذكرت مصادر طبية ومدنية في مخيم الزعتري لـ”سوريا على طول”، تقدم الخدمات الطبية للاجئين داخل المخيم بالمجّان، بما فيها علاج مرضى القلب والسرطان، مع استثناءات محدودة.

وتتواجد في المخيم مستشفى يضم 55 سريراً إضافة إلى 10 مراكز صحية، مجهزة وفق معايير طبية عالية، من حيث “المكان والمعدات والكوادر الطبية”، كما قال مسعف سابق في إحدى المراكز التابعة لـ”جمعية الإغاثة الطبية العربية” التي تنشط في الزعتري. مفسراً عدم خروج اللاجئين من المخيم، وعودة بعضهم فيما لو أتيحت له الفرصة، بأن “الرعاية الصحية داخل المخيم مؤمنة بالكامل، فيما تكون خارج المخيم [حتى في المستشفيات الحكومية] مدفوعة الأجر”.

وعدا عن الخدمات الطبية المجانية، فإن العيادات المنتشرة في مخيمات اللاجئين السوريين، توفر الرعاية الصحية لذوي الأمراض المزمنة، مثل الضغط والسكري وأمراض القلب، و”يُصرف لهم العلاج مجاناً داخل المخيم”، بحسب ما أكده لـ”سوريا على طول”، الطبيب مصعب طه، مسؤول عيادة طبية داخل المخيم ممولة من الجمعية الطبية الدولية (IMC).

وأضاف طه أن “الحالات التي تستدعي العلاج في المستشفيات خارج المخيم، يتم تحويلها عبر جمعية العون الطبي [التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة]”. لافتاً إلى أن التغطية الطبية لمرضى المخيم تشمل مرضى السرطان إذا كان المرض في بدايته، ويتم تحويل تلك الحالات إلى مستشفيات متخصصة، متعاقدة مع جمعية العون، فيما “الحالات المتطورة من السرطان يتم تغطيتها جزئياً”. أما “مرضى السرطان الذين يحتاجون جرعات [كيماوي]، فيتم علاجهم خارج المخيم، لكن على نفقة المفوضية”.

بالنسبة إلى سناء العزيز، فإن العودة إلى مخيم الزعتري لا تبدو خياراً ممكناً. إذ أوقفت الحكومة الأردنية في نيسان/أبريل 2014، استقبال اللاجئين فيه، بعد افتتاح مخيم الأزرق. فلا يُسمح بالعودة إلى “الزعتري” إلا لحالات “لمّ الشمل” فقط، وهو شرط لا تحققه سناء، كونها خرجت مع عائلتها، وعدّلت مكان إقامتها في “طلب لجوئها” الصادر عن المفوضية إلى مكان إقامتها الحالي في مدينة إربد.

 

تم إنجاز هذا التقرير ضمن مشروع مؤسسة سوريا على طول “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني” والذي ينفذ بالشراكة مع برنامج “دايركت إيد” التابع للسفارة الأسترالية في عمان.

شارك هذا المقال