5 دقائق قراءة

مدني في مناطق “تنظيم الدولة” شرقي حماة: لو كان هناك أية وسيلة لهرب جميع المدنيين

يشعر سكان مجموعة من عشرات القرى، المنتشرة ضمن مناطق سيطرة […]


18 مايو 2017

يشعر سكان مجموعة من عشرات القرى، المنتشرة ضمن مناطق سيطرة تنظيم الدولة، في ريف حماة الشرقي، على بعد 90 كم شمال غرب تدمر، بأنهم منسيون.

ويقول أبو محمود، أب لأربعة أطفال يبلغ من العمر 52 عاما، ويعيش مع عائلته في منطقة عقيربات، لسوريا على طول “لا يلتفت لنا أحد، كوننا في مناطق سيطرة التنظيم، وكأننا لسنا بشراً”.

وقبل خمسة أشهر، في منتصف كانون الأول 2016، استهدف هجوم كيماوي، مجموعة من القرى في منطقة عقيربات، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 100 شخص وإصابة مئات آخرين.

ولم يتم التعرف على المادة المستخدمة في هجوم الكيماوي الذي تم عن طريق الجو.

أما اليوم، تستهدف الغارات الجوية التقليدية الأهالي في المجتمعات التي تعاني نقص الخدمات، والتي يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة. وفي يوم الثلاثاء، قصفت طائرات حربية مجهولة قريتين في المنطقة، مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً.

ويصعب على سكان عقيربات التحدث إلى وسائل الإعلام الخارجية. حيث تحدثت مراسلة سوريا على طول، نورا حوراني مع أبو محمود، الذي رفض الكشف عن هويته، عن طريق الرسائل الصوتية من خلال قريب له، يعيش خارج المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.

إلى ذلك، أوردت مواقع إعلامية معارضة أنباءا عن الغارات الجوية التي استهدفت، لعدة أيام، قرى منطقة عقيربات هذا الأسبوع. وأفادت وسائل الإعلام السورية باستهداف “عربات تنظيم الدولة” الأسبوع الماضي وخلال الأشهر الأخيرة، إلا أنها لم تذكر آخر الهجمات.

ولم تشمل مناطق خفض التصعيد، التي أنشئت بموجب اتفاق دولي بقيادة روسيا، في وقت سابق من هذا الشهر، المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.

مبنى مدمر في قرية سوحا في منطقة عقيربات، يوم الأربعاء. تصوير: أبو محمود.

وعلى عكس العديد من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، التي تستجيب فرق الدفاع المدني فيها لمشاهد القصف وتقوم بنقل الضحايا إلى المستشفيات الميدانية، فإن جرحى عقيربات ليس لديهم سوى خيارات قليلة، بحسب ما يقوله أبو محمود، لسوريا على طول.

ووفقا لأبي محمود فإن المناطق الريفية التي تعاني من نقص الخدمات، تحوي نقطة طبية واحدة “وهي حكر لعناصر التنظيم وعائلاتهم”. وفي حال وقوع قصف كما حدث يوم الثلاثاء، ينقل السكان الجرحى بوساطة سياراتهم إلى منشأة طبية موجودة في الميادين، ضمن مناطق سيطرة التنظيم، على بعد 300 كم إلى الشرق.

وبسبب الطرقات الوعرة والمسافة إلى المنشأة الطبية واستخدام السيارات المدنية للنقل، يقول أبو محمود “من يخرج جريحا لن يصل إلا ميتاً”.

ما الذي حدث يوم الثلاثاء؟

قصف الطيران الحربي سوقاً للمدنيين وتجمعا للسيارات، عند الساعة 11 صباحاً، مما تسبب بوقوع عدد كبير من الضحايا بسبب تجمعهم في المنطقة، ووصل عدد الضحايا إلى 15 شهيدا وقرابة 10 جرحى والطيران على الأغلب هو طيران روسي.

تتعرض المنطقة للقصف، منذ يومين، (لقصف) بالطيران الحربي الذي يستهدف منازل المدنيين ومرافق أخرى. كما استشهد البارحة طفلان بقصف على منزلهم وهم عزام العلي 12 سنة وبستان العلي 9 سنوات.

مع العلم أنه لا يوجد مقرات لتنظيم الدولة داخل المنطقة، خوفاً من الاستهداف، فهم يقيمون مقراتهم في الكهوف والمغاور، وطبيعة المنطقة تساعدهم بحماية أنفسهم.

كم عدد المدنيين في منطقة عقيربات؟

ناحية عقيربات تتكون من عدة قرى صغيرة تعدادها 150 قرية وكلها تحت سيطرة التنظيم وفيها حوالي 40 ألف نسمة، وبسبب سيطرة التنظيم والخوف من التواصل فإن المنطقة تتعرض لتعتيم إعلامي كبير ولا تصل الأخبار الكارثية والمعاناة التي يعانيها السكان للعالم، وبشق الأنفس أستطيع التواصل مع أقربائي في قرية محاذية، وأطمئن عليهم وأخبرهم ببعض ما يجري بسرية تامة.

كيف هو الوضع الطبي داخل المنطقة، وإلى أين يتم نقل الجرحى؟

لا يوجد في المنطقة إلا نقطة طبية واحدة وهي حكر لعناصر التنظيم وعائلاتهم وكذلك لديهم طبيب خاص لهم وسيارات إسعاف يستخدمونها لوحدهم.

(عندما يكون هناك قصف) يتم نقل الجرحى إلى مدينة الميادين بريف دير الزور تحت سيطرة التنظيم، لأن التنظيم لا يسمح للمدنيين بالتنقل إلا داخل مناطقه، وهذه مأساة بالنسبة لنا فالمسافة إلى مدينة الميادين تقدر بـ300 كم.

وبالنسبة للجرحى من يخرج جريحا لن يصل إلا ميتاً إلى الميادين، بسبب المسافة والطريق الوعرة والسيارات البسيطة التي يمتلكها الناس في الريف.

ويتم نقل المصاب بسيارات مدنية وليست سيارات إسعاف مما يحتم وفاته.

آثار غارة جوية على سوحا، الثلاثاء. تصوير: أبو محمود.

(يقول أبو محمود إن إدارة قيادة تنظيم الدولة في المنطقة ليست من السوريين، إلا أن هناك أفرادا ذوي رتبة عالية هم من السوريين ويعاملون الأهالي بطريقة أفضل نوعا ما).

ولا يسمح التنظيم للمنظمات الطبية والإنسانية العمل في مناطقه، ولا حتى إدخال الأدوية ولو عن طريق أقربائنا في القرى المجاورة، حيث حاولوا إدخال بعض الأدوية المضادة للسارين في العام الماضي، عندما تم استهداف المنطقة بالكيماوي، ولم يوافق التنظيم، وراح ضحية الهجوم مئات المدنيين.

(في منتصف كانون الأول 2016، قبل ما يقارب أربعة أشهر من هجوم خان شيخون، قتل 100 شخص تقريبا وأصيب المئات بجروح في هجوم كيمياوي على منطقة عقيربات. وفي حين أن المادة المستخدمة في هجوم كانون الأول غير معروفة، فإن ارتفاع عدد القتلى قاد منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية إلى وصف الحادثة بأنها “مثيرة للقلق”).

الواقع الطبي والخدمي كارثي وما يزيد الوضع سوءا هو أنه لا أحد يلتفت لنا كوننا في مناطق سيطرة التنظيم وكأننا لسنا بشراً، ألا يكفي ما نعانيه من ظلم التنظيم والنظام؟

ذكرت أن التنظيم لا يسمح للمدنيين بالخروج من مناطقه، ألا يخشى التنظيم من هروب المدنيين وهم بطريقهم إلى دير الزور؟

التنظيم يعتبر المدنيين بشر من الدرجة الرابعة وآخر ما يهمه حياتهم أو موتهم، هو يمنع نزوح الناس وطالبنا عدة مرات أن يفتح لنا معبر أنساني فقط ولكن لم يوافق.

كما أننا على طول الطريق محاطين بمناطق سيطرة النظام ولا يوجد مفر فمدينة السعن التي تسيطر عليها المعارضة وهي أقرب نقطة بالنسبة لنا، وتبعد حوالي 35 كم وأتستراد خناصر يسيطر عليه النظام، وإذا لجأنا إلى قرى النظام سيقوم أيضاً بتصفيتنا فنحن بنظرهم دواعش.

يحاول كل فترة بعض الناس الهروب من بعض طرق التهريب الصعبة ولكن احتمال نجاح عملية الهروب قليلة وستكون مغامرة خصوصاً للعائلات الكبيرة والتي لديها أطفال وقد تكون تكلفتها حياتهم.

ولكن يوجد حركة نزوح عكسية إلى المنطقة من الرقة وكذلك مناطق من ريف حلب الشرقي التي يسيطر عليها التنظيم.

نحن بين مطرقة التنظيم وسندان النظام الذي يحاول حالياً شن حملة عسكرية قريبة على المنطقة. والمدنيون يتخوفون من ارتكاب مجازر إضافية من قبل الطيران الذي يكثف القصف قبل كل حملة عسكرية.

(لم يتسن لسوريا على طول التأكد من احتمال وجود حملة وشيكة للنظام في منطقة عقيربات. وأفادت وكالة الأنباء سانا، في أواخر آذار، بأن قوات النظم دمرت دبابات وعربات مدرعة “تعود لداعش وجبهة النصرة” في عقيربات. وتحدثت صحيفة “الوطن” اليومية، الموالية للنظام، عن غارة جوية للنظام في المنطقة نفسها، الأسبوع الماضي).

أتمنى أن أخرج من المنطقة بأية طريقة، ولو كان هناك أية وسيلة لشاهدتي جميع المدنيين الذين ذاقوا ذرعاً من ظلم التنظيم يهربون.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال