4 دقائق قراءة

مذكرات توقيف بحق علي مملوك وغيره من كبار المسؤولين المتهمين “بجرائم ضد الإنسانية”

شارع دمشق في تموز. تصوير لؤي بشارة. أصدر ممثلو الادعاء […]


شارع دمشق في تموز. تصوير لؤي بشارة.

أصدر ممثلو الادعاء الفرنسيون مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة مسؤولين سوريين بارزين متهمين بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية يوم الإثنين، فيما أسماه محامو حقوق الإنسان نصراً كبيراً في ملاحقة الذين يزعم أنهم يشرفون على الإعتداء والتعذيب الجماعي في مراكز الاحتجاز السورية. 

وذكرت مذكرات الاعتقال أسماء ثلاثة من كبار المسؤولين الأمنيين السوريين، بمن فيهم علي مملوك، رئيس المخابرات السابق وكبير مستشاري الرئيس بشار الأسد، فضلاً عن رئيس فرع المخابرات الجوية جميل حسن.

وورد في المذكرات أيضاً اسم المسؤول الثالث عبد السلام محمود، وهو ضابط في المخابرات الجوية يدير مرفق احتجاز في مطار المزة العسكري في جنوب غرب دمشق. 

ويعد الحسن والمملوك، أقرب مستشارين للرئيس السوري بشار، من بين أهم  كبار المسؤولين السوريين الذين تلقوا مذكرات توقيف دولية طوال فترة النزاع. 

وذكر اسم رئيس فرع المخابرات الجوية جميل الحسن بالفعل في مذكرة أخرى كان المدعون العامون الألمان قد أصدروها في وقت سابق من السنة الحالية. 

وفي الوقت نفسه، تمت معاقبة كل من الشخصيتين من قبل المجتمع الدولي لدورهما في الانتهاكات منذ اندلاع الإحتجاجات الأولى في سوريا في ربيع عام 2011. 

“الاختفاء القسري والتعذيب والقتل”

وتعلقت مذكرات الاعتقال الصادرة يوم الاثنين بقضية الأب والابن الفرنسي المزدوج الجنسية، وهما مازن وباتريك الدباغ ، اللذان اختفيا قسراً في تشرين الثاني 2013 واحتُجزا في معتقل في مطار المزة العسكري. 

واعتقل خمسة رجال يدّعون أنهم من المخابرات الجوية، باتريك الدباغ  البالغ من العمر 20 عاماً، من منـزله في حي المزة بدمشق في منتصف الليل. 

وفي اليوم التالي ، عاد عشرات الجنود المسلحين إلى المنزل واعتقلوا والده مازن. 

وكلا الأب وابنه لم يروا مرة أخرى.

وفي تموز 2018 حصلت عائلة الدباغ على وثائق تشير إلى وفاة مازن وباتريك في المعتقل في تشرين الثاني 2017 وكانون الثاني 2014. 

واتهمت محامية حقوق الإنسان الفرنسية كليمنس بيكتارت كلاً من مملوك وحسن ومحمود بمسؤوليتهم في “اختفاء وتعذيب وقتل” باتريك ومازن دباغ. 

وأضافت المحامية أن المحققون الفرنسيون يتابعون القضية بناء على المبدأ القانوني الخاص بـ “الشخصية السلبية”، وهو ما يعني أن الجنسية المزدوجة للضحايا تسمح بمحاكمة قضيتهم في فرنسا. 

وتسمح الشخصية السلبية للدول بالمطالبة بالولاية القضائية على الجرائم المرتكبة في الدول الأجنبية التي تؤثر على مواطنيها، بمن فيهم الأشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة. 

وبحسب المحامية بيكتارت، فإن مذكرات يوم الإثنين أوضحت أن “الملاحقات القضائية الوطنية تمضي قدماً في تحقيقات ملموسة – من جمع الأدلة، وجمع الشهادات من الناجين ، وجمع الوثائق (التي تجري بالفعل) من قبل النشطاء السوريين”.

وأضافت “هذا شيء ملموس جداً، حيث أنه من الممكن تأسيس تسلسل لقيادات النظام السوري والتوجه مباشرة إلى أعلى سلسلة في هذه القيادة لتحقيق أعلى مستوى من المسؤولية”. 

واتبعت قضايا أخرى متعلقة بالنزاع السوري المبدأ القانوني المتمثل بالولاية القضائية العالمية، حيث تعتبر بعض الجرائم الشنيعة للغاية – بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان – أن المحاكم خارج الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة بإمكانها تطبيق سلطتها القضائية. 

منذ بداية الثورة والنزاع الذي تلا عام 2011 ، ألقت الحكومة السورية القبض على عشرات الآلاف من الأشخاص الذين اختفوا قسرياً ، بالإضافة إلى وفاة أعداد غير معروفة من المعتقلين بعد ذلك في مراكز الاحتجاز نتيجة التعذيب والإعدامات وغيرها من الانتهاكات.

وحكومة الأسد مرتبطة بما لا يقل عن 66922 حالة اختفاء قسري منذ 2011 – أي قرابة 92% من جميع حالات الأشخاص المفقودين في سوريا، وفقاً لمركز توثيق الانتهاكات السورية. 

وفي الوقت نفسه ، أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن 81،652 شخصًا اختفوا في الفترة ما بين آذار 2011 وحزيران 2018، على الرغم من أن العديد من الباحثين يعتقدون أن العدد الحقيقي أكبر بعشرات الآلاف. 

وبالإضافة إلى حالات الاختفاء، اتُهمت حكومة الأسد بارتكاب فظائع ضد المعتقلين، ووردت تفاصيل لبعض  الحالات الفظيعة من التعذيب والعنف الجنسي في تقرير لمنظمة العفو الدولية في شباط 2017. 

واتهمت التحقيقات التي أجرتها منظمة العفو الدولية الحكومة السورية بالتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء وعلى نطاق واسع في سجن صيدنايا في ضواحي دمشق. 

وذكر التقرير أنه بين عامي 2011 و 2016 ، تعرض ما لا يقل عن 13 ألف شخصاً للتعذيب في سجن صيدنايا وحده، قبل أن يتم محاكمتهم وإعدامهم في محاكمات عسكرية لمدة ثلاث دقائق وشنقهم. 

“رسالة إلى الضحايا”

أشاد المحامون وجماعات حقوق الإنسان بمذكرات الاعتقال الصادرة، يوم الاثنين، بحق مملوك وحسن ومحمود، وهي شخصيات قوية داخل جهاز الأمن السوري يزعم أنها تتحمل المسؤولية القيادية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقال بسام الأحمد، المؤسس والمدير التنفيذي لمجموعة سوريين من أجل الحقيقة والعدالة، لسوريا على طول يوم الثلاثاء “إنها واحدة من أقوى الرسائل الموجهة إلى الحكومة السورية أولاً ، [وكذلك] غيرها من الجناة الآخرين من الأحزاب الأخرى”. 

وأضاف “لكنني أعتقد أن أهم رسالة وراء مذكرات الاعتقال هذه موجهة للضحايا. عادة عندما نتحدث إلى الناس لجمع الأدلة والشهادات، فإن السؤال الأول الذي يطرحونه هو “ما الذي سأحصل عليه [من هذا]؟” هذا مثال جيد بالنسبة لهم لمواصلة دعم جهود التوثيق”. 

وذكرت المحامية بيكتارت، التي عملت في القضية ، إن إحدى النتائج ستكون فرض قيود على حركة الجناة الثلاثة المزعومين.

وكان مملوك، المسؤول السوري الرفيع المستوى والمستشار المقرب من الرئيس الأسد، قد زار إيطاليا في كانون الثاني للقاء وزير الداخلية ورئيس الأجهزة الأمنية في البلاد، وفقاً لما ذكره الموقع الأخباري اللبناني المؤيد لدمشق “الأخبار”. 

وزار مملوك سابقاً القاهرة لعقد اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين المصريين في عام 2015. 

ومع ذلك، قالت بيكتارت إذا سافر مسؤولون مثل مملوك خارج سوريا في المستقبل “سيكون هناك التزام قانوني باعتقالهم وتسليمهم إلى فرنسا من أجل توجيه الاتهام إليهم ومحاكمتهم في فرنسا”. 

وأضافت أن إمكانية ‘جراء محاكمات غيابية للجناة المزعومين موجودة أيضاً. 

وأشارت سارة كيالي، باحثة في سوريا مع هيومن رايتس ووتش، أن مذكرات الاعتقال الصادرة يوم الاثنين تمثل خطوة حاسمة في إعاقة حركة مجرمي الحرب المزعومين مثل مملوك. 

وقالت لسوريا على طول يوم الثلاثاء ” لا يمكننا الحصول على وضع آخر يتيح لعلي مملوك أن يذهب إلى إيطاليا دون أن يحدث شيء”. 

وأضافت “من المهم أن ندرك أن مذكرات الاعتقال هذه أكثر من مجرد بيان سياسي. إنها محاولة لتحقيق العدالة، وبدلاً من المساعدة على التهرب منها، يجب أن تساعد الدول على تحقيقها”.

 

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال