5 دقائق قراءة

مشردون يهيمون في شوراع دمشق في ظل غياب الاهتمام والرعاية الرسمية

ست سنوات من الحرب المستمرة في سوريا، كانت كفيلة بانتشار […]


23 مارس 2017

ست سنوات من الحرب المستمرة في سوريا، كانت كفيلة بانتشار ظاهرة التشرد حتى في شوارع العاصمة دمشق.

ولا يوجد أي حصائية عن أعداد المشردين في شوراع دمشق،  “بكل تأكيد لا يوجد أي احصائية رسمية عن أعداد المشردين، بسبب عدم الاهتمام بهم من أي جهة كانت حكومية أو غير حكومية”. حسب ما قال سليم إبراهيم صحفي في أحد الإذاعات المحلية بالعاصمة دمشق لمراسل سوريا على طول محمد الحاج علي

و يضيف سليم عن قصة أحد المشردين “يتم استفزازه بشكل متكرر من المارة بنظرات فتكون إما نظرات شفقة أو نظرات قرف و اشمئزاز.”

وبحسب ما نشرت وكالة آسيا عن مديرة الخدمات الإجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ميساء ميداني فإن هناك مركز أصبح جاهزا كي يستقبل المشردين. وأضافت “المشروع استقبل نحو 50 حالة من مختلف محافظات القطر، وأنّ معظم الحالات تأتي من دمشق وريفها بالدرجة الأولى ثم حماة وحمص واللاذقية”.

 

هل هذه الظاهرة موجودة من قبل في العاصمة دمشق. أم أنها جديدة. وكيف ظهرت؟

لا ليست ظاهرات قديمة، أصبحنا نرى مشاهد التشرد منذ 4 أو 5 سنوات فقط. عندما بدأت المعارك تزداد في المحافظات السورية. وعندما بدأت حركة النزوح.

والمشردون في شوارع دمشق هم من كافة المحافظات السورية أغلبهم من الأطفال و النساء. و معظمهم ليس لديه عائلة أو شخص يعيلهم من الناحية المادية.

تترواح أغلب أعمارهم من  10- 17 سنة. وينتشرون في الأسواق والحدائق في أغلب الأوقات.

ما هي أعداد المشردين في العاصمة دمشق، هل هناك أي إحصائية رسمية حول أعدادهم؟

بكل تأكيد لا يوجد أي احصائية رسمية عن أعدادهم، بسبب عدم الاهتمام بهم من أي جهة كانت حكومية أو غير حكومية.

كما أنني لا أستطيع تحديد أعدادهم بسبب عدم وجودهم في مكان محدد. فهم يوميا يتنقلون من مكان إلى آخر. كما أنه لا يوجد مكان مخصص لإقامتهم. بمعنى أنه إذا رأيت طفلا ينام  في حديقة معينة ليس من الضروري أن ينام بها في اليوم التالي.

كيف يتعامل سكان دمشق مع الأشخاص المشردين، هل هناك من يساعدهم من السكان؟

نادرا ما ينتشر المشردون في الأحياء السكنية، فهم غالبا ما يتواجدون في الأسواق الكبيرة والحدائق و الأماكن العامة.

بكل تأكيد هناك فئة كبيرة من سكان دمشق تقدم لهم المساعدة. إما بإعطائهم نقودا أو أي شي يستفيدون منه، ملابس، أغطية طعام… الخ.

أكثر من مرة رأيت السكان يعطونهم إما  اغطية أو فراش كي يناموا عليه. وأيضا بعض أصحاب المطاعم يقدمون لهم الطعام.

لكن يبقى ذلك حلا مؤقتا و ليس جذريا لهذه المشكلة. كما أن هناك فئة من السكان ينظرون لهم نظرة سيئة ويقولون أنهم لصوص أو متسولين. ومنهم من يقوم بشتمهم وتوجيه كلام سيء لهم، وهذا الشيء يراه كل سكان دمشق. لكن يبقى شيء قليل وليس منتشرا.

صورة لأطفال مشردين في منطقة جرمانا بالعاصمة دمشق. حقوق نشر الصور لـ Ahmad Bakya

هل هناك أي جهة  رسمية حكومية أو غير حكومية مسؤولة عن المشردين؟

الجهة الرسمية المسؤولة عنهم هي وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل. لكن لا يوجد أي مركز أو أي برنامج لرعايتهم.

الوزارة الآن أفرغت بعض المدارس و المراكز في دمشق وأصبحت مراكز لإيواء النازحين. لكن هذه المراكز فقط للإيواء ولا يوجد فيها أي اهتمام أو رعاية. حيث أن كل عائلة مسؤولة عن أطفالها.

كما أنها ليست مجهزة لإيواء الأطفال الذين ليس لديهم عائلات، أو مشردون في الشوارع. لكن هناك بعض هذه المراكز تقدم الطعام والملابس عن طريق بعض الجمعيات وفرق التوعية. وبعضها يقدم  الإقامة فقط.

يوجد بعض الفرق التطوعية الشبابية والجمعيات الخيرية التي تقدم بعض المساعدات للمشردين الموجودين في الشوارع والحدائق كالطعام مثلا و لكن ليس بشكل منظم.

برأيك الشخصي، هل يوجد أي حلول أو إجراءات معينة يمكن من خلالها مساعدة المشردين؟

نعم و هي حلول ليست صعبة، أو معقدة، تستطيع وزراة العمل القيام بها.

أولا المشردون من الأطفال يمكن وضعهم في مراكز الأيتام أو قرى الأطفال لتتم رعايتهم مع الأطفال الموجودين هناك من قبل، وما زالت هذه المركز تعمل في دمشق بشكل جيد.

أما عن العوائل والمشردين من شباب ونساء،يمكن إقامة مراكز إيواء في بعض المناطق تقدم لهم السكن والطعام وأيضا يمكن تأهيلهم وإيجاد لهم عمل مناسب يتقاضون منه راتبا يؤمن لهم قوتهم.

إذا تم تطبيق هذه الحلول بكل تأكيد سوف تختفي هذه الظاهرة، الجديدة نوعا ما على شوارع دمشق.

وبرأيي يجب أن يكون هناك حل لهذه الظاهرة، فهؤلاء الأطفال معرضون للكثير من المخاطر منها الاستغلال والاغتصاب أو الاستعباد وانخراطهم في مجتمعات خطيرة مثل تجارة المخدرات أو الدعارة وغيرها الكثير.

هل تستطبع أن تتحدث لنا عن قصص سمعتها من قبل هؤلاء المشردين الذين التقيت بهم؟

نعم تحدثت مع أكثر من شخص من المشردين في دمشق وكان أبرزهم طفل عمره  14  عاما من المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام و أصبحت مناطق عسكرية في ريف دمشق، وقد قتلت عائلته بقصف النظام السوري، بعد سيطرة النظام على المنطقة وتدمير منزله هناك لم يعد لديه خيار سوى الخروج من بلدته، حيث أصبح مشردا ينام في الشوارع ولا يملك إلا بطانية قد أخذها من الهلال الأحمر . كما أنه يتم استفزازه بشكل متكرر من المارة بنظرات إما تكون نظرات شفقة أو نظرات قرف واشمئزاز، حسب ما قال لي. وقد تم اعتقاله عدة مرات من قبل بعض الأشخاص الذين يقول أنهم من اللجان الشعبية، كان الاعتقال فقط في السيارة. لكن بعد الاعتقال تمت سرقة نقوده. التي كانت قد حصل عليها من بيع المناديل الورقية أو بيع العلكة. كما أنه لا يوجد لديه أية أوراق ثبوتية حيث بقيت في منزله المهدم . خصوصا أنه مازال تحت السن القانوني ولا يملك بطاقة شخصية حتى. وهذه مشكلة كبيرة فهو غير معترف به من أي جهة، لا من الجمعيات الخيرية ولا حتى من الحكومة السورية. وهو بطبيعة الحال يستطيع أن يخرج أوراقا ثبوتية لكن يجب أن يكون لديه أحدا من أقاربه كي يساعده في ذلك. إلا أنه هذه العملية معقدة وتحتاج الكثير من الإجراءات.

وكنت قد تحدثت منذ ما يقارب 4 أشهر مع أم حلبية في الثلاثينيات من عمرها لديها طفل يبلغ من العمر  10 سنوات كانت تجلس معه في إحدى الحدائق في دمشق وكانت لا تملك سوى بطانيتين واحدة تنام عليها والثانية كي تضعها فوقها هي وطفلها لتقيها برد الشتاء.

وكانت أتت مع زوجها من حلب إلى دمشق منذ 7 أشهر و بعد أن استأجروا منزلا في ضواحي دمشق بكل النقود التي يملكونها. خرج زوجها للبحث عن عمل لكنه لم يعد. وحتى الآن لا تعرف عنه شيئا. وهي تعتقد أنه إما أن يكون قد قتل أو تم خطفه أو اعتقاله وسحبه للخدمة العسكرية. لكنها تستبعد الأخيرة لأنه كان اتصل بها لو تم سوقه للخدمة.

وتابعت لي بأنه بعد انتهاء عقد الايجار في الشقة، لم يعد لديها نقودا لتدفع أجار شهر جديد وخرجت من المنزل تبحث عن مكان يأويها، وقد بحثت كثيرا بحسب ما روت لي، إلا أنها لم تجد مكانا تجلس فيه فمراكز  الإيواء جميعها كانت مكتظة بالنازحين ولا يوجد بها مكان. وحسب ما قالت أيضا فإن المركز لا تقدم الطعام ولا الملبس، فقط الإيواء. وإلى اليوم هي تنام مع طفلها في الحدائق والأسواق في ظل ظروف البرد القارس وأحيانا في مداخل الأبنية، كما ذكرت لي بأن بعض  الناس يساعدوها و يعطونها بعض النقود والبطانيات والملابس والطعام لتسد احتياجاتها. وبعضهم عندما ينظرون إليها يوجهون لها الشتائم وينظرون إليها نظرات سيئة ويسألونها لماذا لا تعودين إلى حلب ويكون ردها بأنها لم تعد تملك شيئا هناك ليشجعها على العودة، حتى منزلها في حلب كانت تقطنه بالأجار، التي قد تركته هي وعائلتها منذ عامين، حتى أن أهلها وإخوتها  هاجروا جميعهم إلى أوروبا كما أن أهل زوجها جميهعم أصبحوا في تركيا ومن الصعب جدا أن تذهب إليهم، فهي لم يتبق لها أحد.

شارك هذا المقال