10 دقائق قراءة

معركة مخيم اليرموك لم تنتهِ: قوانين وقرارات دمشق تهدد الحقوق العقارية

يشهد مخيم اليرموك أشبه بـ"معركة قانونية" بين أهالي المخيم والنظام السوري، بما يتعلق بقرارات إزالة الأنقاض، التي تثير مخاوف الأهالي من ضياع ملكياتهم


13 مارس 2023

باريس- في 23 كانون الثاني/ يناير 2023، أعطت محافظة دمشق، التابعة للنظام، مالكي العقارات في مخيم اليرموك، جنوب العاصمة، مهلة شهر واحد، لمراجعة دائرة خدمات “اليرموك”، من أجل ترحيل وإزالة أبنيتهم الساقطة أو الآيلة للسقوط، وإلا “سوف يتم ترحيلها وإلزامهم بالغرامات المالية المترتبة عليهم”، كما جاء في نص الإعلان الذي نشر في جريدة البعث الرسمية.

وفيما لم توضح محافظة دمشق سبب سحب الإعلان، نشر رئيس اتحاد الحقوقيين الفلسطينيين في سوريا، نور الدين سلمان، منشوراً على حسابه الشخصي في فيسبوك، قال فيه أن المحافظة سحبت القرار لأن “القانون 3 لعام 2018 هو الواجب العمل به”، وهو قانون خاص “بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها”.

تثير القرارات والتعميمات الصادرة عن حكومة دمشق، بخصوص المناطق المتضررة من القصف، لا سيما تلك الواقعة في مناطق المخالفات والعشوائيات، مخاوف أصحابها من ضياع ملكياتهم، وهذا ينطبق على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، الذي يشهد أشبه بـ”معركة قانونية” بين أهالي المخيم والنظام السوري، منذ سيطرة الأخير عليه في أيار/ مايو 2018، حول إزالة الأنقاض ومنع الأهالي من العودة إلى “عاصمة الشتات الفلسطيني”.

الترحيل على نفقة المتضررين

في آذار/ مارس 2022، عادت السيدة الفلسطينية، أم هادي، من لبنان إلى سوريا لتفقد أملاكها (منزلٌ سكني ومحل تجاري)، والحصول على موافقة أمنية لإزالة الركام منهما، مستندة إلى التسهيلات التي قدمها بشار الأسد لأهالي المخيم من أجل العودة، بدءاً من 10 أيلول/ سبتمبر 2021 “دون قيد أو شرط”. 

حصلت السيدة الخمسينية على موافقة أمنية تخولها دخول المخيم، لكن “كثيراً من المعالم لم أعرفها بسبب حجم الأبنية المهدمة”، كما قالت أم هادي لـ”سوريا على طول”. بلغت نسبة الدمار في المخيم، الذي يعود تشييده إلى عام 1957، أكثر من 60%، وكان يقطنه أكثر من ربع مليون نسمة من السوريين والفلسطينيين قبل اندلاع ثورة آذار/ مارس 2011.

بعد أسبوع من دخولها إلى المخيم، طلبت البلدية من أم هادي مراجعتها من أجل اصطحاب مهندس إلى عقارها “لتقييم الأضرار، ومعرفة ما إذا كان العقار قابلاً للترميم أو آيلاً للسقوط، واحتساب كمية مواد البناء اللازمة، من أجل منحها موافقة أمنية بإدخال الكميات المطلوبة”، كما أوضحت أم هادي.

خرج مهندس البلدية، الذي قيّم أضرار منزل أم هادي ومحلها التجاري، بنتيجة مفادها أن العقارين يمكن ترميمهما، وطلب منها “إخراج بقايا الدمار من داخل المنزل إلى الشارع، على أن تقوم البلدية لاحقاً بسحب الأنقاض وتنظيف شوارع الحي”.

بالنسبة للمحل التجاري، الواقع في شارع العروبة، “لا يمكن إزالة الركام وتنظيفه بناء على طلب البلدية، لأن جزءاً من أحد الأبنية سقط على سطح المحل وأمام بابه، وإزالة هذا الكم من الركام يحتاج ملايين الليرات”، بحسب أم هادي، ناهيك عن أن “الشارع بأكمله عبارة عن جبال من الركام”، على حد وصفها.

لم تعلن بلدية اليرموك أو محافظة دمشق عن قرارات من شأنها تعويض الأهالي عن تكاليف إزالة الركام من داخل عقاراتهم، واكتفت بالإشارة إلى أن حكومة دمشق ستتولى إزالة الأنقاض من الشوارع. ومع ذلك، حتى الآن لم يتم فتح كافة شوارع مخيم اليرموك، كما ذكرت عدة مصادر لـ”سوريا على طول”.

عدم التزام الجهات المختصة، التابعة لدمشق بإزالة الأنقاض من المخيم، أو على الأقل إزالة أنقاض الغير يحرم بعض المتضررين من الاستفادة من ممتلكاتهم، أو يزيد من تكاليف إزالة الأنقاض الموجودة عليها، كما حصل مع شقيقة أم هادي، إذ “سقطت بناية مؤلفة من أربعة طوابق على منزلها، الذي تضرر جزئياً نتيجة لذلك، لكنه ما يزال صالح للسكن في حال تم إزالة ركام البناية المهدمة”، بحسب أم هادي، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في “إزالة ركام بناية لا تعود ملكيتها لأختي، ويترتب على ذلك دفع تكاليف باهظة لإزالتها”.

من جهتها، استنكرت أم عمران، المقيمة في دمشق سياسة النظام بترحيل الأنقاض على نفقة المتضررين، قائلة: “كأن محافظة دمشق تحملنا الذنب، كما لو أننا نحن من هدم منازلنا، ويتوجب علينا ترحيل أنقاضها على نفقتنا”.

تملك أم عمران عقارين في مخيم اليرموك، كل منهما مكون من أربعة طوابق، “كلاهما سويّا بالأرض” نتيجة الأعمال العسكرية التي جرت في المخيم، كما قالت لـ”سوريا على طول”.

وترى أم عمران أن منع سكان مخيم اليرموك من العودة، وفرض إزالة الأنقاض على المالكين فيه “سياسة ضغط علينا لأجل التوجه إلى المتعهدين والقبول بشروطهم البخسة أو بيع منازلنا بتراب الفلوس”، إذ يشترط المتعهدون “أخذ الحديد والخشب، وما يمكن بيعه من المبنى، مقابل تفتيت الأنقاض لتسهيل ترحيلها”.

يرمي النظام من خلال إجراءاته في مخيم اليرموك إلى “دفع الأهالي نحو بيع ممتلكاتهم للمتعهدين والتجار، الذين يرتبط بعضهم بالميليشيات الإيرانية، ومنع عودة المخيم كما كان عاصمة للشتات الفلسطيني”، كما قال الناشط الإعلامي عمار القدسي، المهجر من مخيم اليرموك إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي، مؤكداً في حديثه لـ”سوريا على طول” إلى أن “الكثير من جيراني اضطروا بيع عقاراتهم عن طريق مكاتب عقارية في المخيم”.

مخاوف من ضياع الملكية!

أبدى خمسة مصادر تحدثوا لـ”سوريا على طول” تخوفهم من تأثير قرارات حكومة دمشق، الخاصة بترحيل الأنقاض، على ملكياتهم، بما في ذلك القرار الأخير الذي تم سحبه، كون هذه القرارات “عشوائية ومن دون دراسة”، كما وصفتها أم هادي.

واعتبرت أم هادي أن “إزالة الأنقاض من دون لجان مختصة، من شأنه أن يضيع ملكياتنا”، مطالبة حكومة دمشق بـ”ترك أنقاض منازلنا في الوقت الحالي، وإزالة الركام من الشوارع فقط”، متسائلة: “إذا كانت الحكومة لا تنوي دفع تكاليف إعادة الإعمار والترميم، لماذا تريد منا إزالة الأنقاض؟”.

يندرج مخيم اليرموك ضمن مخطط إعادة تأهيل مناطق المخالفات العمرانية، وبالتالي “تتعقد مشكلة إزالة الأنقاض فيه، خاصة مع وجود عدة مالكين للسهم العقاري الواحد، كما هو الحال في الأبنية السكنية المكونة من عدة شقق، أو العقارات التي بنيت على ذات السهم العقاري ولم يجرٍ تنظيمها بعد”، كما قال محامٍ سوري مقيم في دمشق، من سكان مخيم اليرموك سابقاً، طالباً من “سوريا على طول” عدم الكشف عن هويته لدواع أمنية.

وحذّر المحامي، في تعليقه على قرار محافظة دمشق الذي تم سحبه، من أن “القرار الذي يسمح لمالك من مجموعة مالكين للعقار الحصول على طلب إزالة الأنقاض بشكل شخصي أو عبر متعهد خاطئ، يتسبب بضياع الحقوق”، كون “ملكية كل شقة أو حصة في العقار، بما فيها من أنقاض وموجودات ووثائق أو بقايا أثاث حتى لو كانت متضررة هي ملك لصاحب الحصة، ولا يجوز لمالك واحد أن يتصرف بأملاك الآخرين”.

واعتبر المحامي أن الإعلان الملغى “يصلح للتطبيق في حالة وجود مالك واحد للعقار، على أن يذهب إلى البلدية ويتفق معهم على الهدم وإعادة البناء، مع مراعاة حدود عقاره دون التعدي على أملاك الغير من الجيران”، 

لكن، عند وجود عدة مالكين، يجب أن يطبق القانون رقم 3 لعام 2018، الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها، باعتباره “يحل مشكلة عدم وجود كافة المالكين، ويسمح بإزالة الأنقاض وفق إجراءات مكونة من 20 إجراء، يتم اتباعها بوجود قاضي عقاري، ومساح، وممثل عن البلدية، وخبير تقييم عقاري، وممثلين اثنين من الأهالي، ومن ثم يتم تحديد المنطقة المراد إزالة الأنقاض فيها، وسحب المقتنيات من العقار وحفظها لدى البلدية إلى حين عودة مالكها”.

وأشار المحامي إلى أن مشكلة إزالة الأنقاض من دون العودة للقانون رقم 3 “لا تعني ضياع ملكيات فقط، لأنه من السهل إعادة الملكية لاحقاً عبر أي وثيقة حكومية، مثل فاتورة كهرباء، أو البلدية، أو المالية، أو حتى شهود من الجيران وضبط شرطة”، لكن المشكلة الأكبر “في المقتنيات داخل العقارات، لذلك من دون وجود لجان مختصة تعمل وفق القانون رقم 3 لعام 2018 سوف يتم تعسف حقوق الناس”، على حد قوله.

رداً على ذلك، اعتبر المحامي عبد الناصر حوشان، عضو مجلس فرع حماة لنقابة المحامين الأحرار، أن القانون رقم (3) لعام 2018 الخاص بإزالة الأنقاض في المناطق التي تعرضت للدمار “يمنح المحافظ سلطة تحديد المنطقة العقارية والمباني المتضررة الواجب إزالتها”، لكنه أعطى مالك العقار “مهلة شهر واحد لإثبات حقوقه من دون منحه حق الطعن بقرار المحافظ، وأعطى المحافظة صلاحية إصدار قرار إزالة الأبنية الآيلة للسقوط”.

وبالتالي، يبرز “خطر هذا القانون” على أصحاب العقارات من خلال “التعرض لبحث ملكية العقارات، وهذا يهدد ملكية أصحابها الذين فقدوا سنداتهم أو تلفها نتيجة التدمير والتهجير القسري وعدم إمكانية تقديم الاعتراضات ضمن المهلة المحددة”، كما أوضح حوشان لـ”سوريا على طول”.

تنص المادة السادسة من القانون رقم 3 لعام 2018 على:

(أ) لأصحاب الحقوق المذكورين في الفقرة (ج) من المادة الثانية من هذا القانون حق الطعن بما ورد بهذا الجدول أمام محكمة الاستئناف المدنية في المحافظة التي يقع بها مقر المنطقة العقارية وذلك خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لنشر الجدول في الجريدة الرسمية.

(ب) تبت محكمة الاستئناف بالطعن في غرفة المذاكرة بقرار مبرم خلال ثلاثين يوما من تسجيل الطعن بديوانها.

(ج) يعتبر الجدول بعد فوات المدة المحددة للطعن بما ورد فيه أو البت بالطعون المقدمة والأخذ بها نهائيا ولا أثر لما ورد بهذا الجدول على الحقوق العينية العقارية المسجلة بالسجل العقاري وما يماثله من سجلات الملكية العقارية.

“ولم يتطرق القانون رقم 3 إلى مصير العقارات التي تمت عملية إزالة الأنقاض أو البناء الآيل للسقوط عنها، كما لم يوضح فيما إذا كان يحق لمالك الأرض إشادة بناء جديد عليها، أو إذا ما توجب تعويض مالكها، أو حتى استملاك الأرض ودفع بدل استملاك لصاحبها أو تعويضه بسكن بديل”، فيما أشار بوضوح إلى “حق مالك العقار في ملكية أنقاض بنائه”، بحسب حوشان. 

من جانبه، اعتبر الناشط الحقوقي، المحامي جمال زهوري، أن القانون رقم 3 “ربما يكون مقبولاً في الوضع الطبيعي، لكنه في ظل الوضع الكارثي، لم يأخذ القانون بعين الاعتبار وضع المهجّرين من أصحاب الحقوق وطريقة تقديم طلبات لإثباتها”، وبالتالي “من لم يكن مسجلاً لملكيته في السجل العقاري ولم يتقدم للجنة المذكورة ضاع حقه بالكامل”، كما أوضح لـ”سوريا على طول”.

مخاوف سكان المخيم على ملكياتهم ليست مرتبطة بقرارات وتعميمات إزالة الأنقاض فحسب. ففي حزيران/ يونيو 2020، أعلنت محافظة دمشق عن المخطط التنظيمي لمنطقة القابون والمصور التنظيمي لمخيم اليرموك في دمشق، خارج إطار القانون رقم (10)، الذي أثار جدلاً واسعاً طيلة السنوات الماضية لاحتمال نزع ملكية الملايين في سوريا، وهو قانون أقره النظام عام 2018 يقضي بإنشاء البنية التحتية القانونية لمشاريع إعادة الإعمار في جميع أنحاء البلاد.

وبعد اعتراضات واسعة تقدم بها سكان مخيم اليرموك لدى مجلس محافظة دمشق، أوقف المخطط التنظيمي بشكل مؤقت، وما يزال المخطط قيد التريث والدراسة من قبل مجلس الوزراء، كما كشف عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق، سمير جزائرلي، في تصريح صحفي لإذاعة محلية موالية، في آذار/ مارس 2021.

ويعد القانون رقم 10 تهديداً واضحاً أيضاً للملكيات العقارية لأهالي مخيم اليرموك، بحسب المحامي حوشان، لأنه “يغير النوع الشرعي للعقارات، وينقلها من ملكية مفرزة إلى ملكية شائعة، كما يمنح الوحدة الإدارية اقتطاع 50% من العقارات للمنفعة العامة”، بالإضافة إلى أنه “يحق للمطور العقاري تملك أراضي المشاريع، ما يهدد ملكية المالكين الذين يملكون صكوك ملكية رسمية، ويطيح بملكية أصحاب العقارات الذين يحملون سندات عادية”.

أملاك المهجرين والمفقودين في مهب الريح!

في عام 2013، هرب سامي أبو عيسى، من مخيم اليرموك، إلى لبنان، ومن ثم غادرها إلى فرنسا، مكان إقامته الحالي مع عائلته، تاركاً وراءه أربعة محال تجارية وبناء سكني مكون من خمسة طوابق، “تهدمت جميعها بفعل العمليات العسكرية، باستثناء محل تجاري واحد ما زال واقفاً”، على حدّ قوله لـ”سوريا على طول”.

منطقياً “يجب على البلدية أن تقوم بجرد الملكيات، وأرقام العقارات، والحفاظ على ملكيتنا، لا سيما نحن الذين نقيم في الخارج ولا نستطيع الوصول إلى بلدنا”، بحسب أبو عيسى، لكن “يبدو أن الدولة لا تريد حفظ ملكيتنا، إنما تخلق ذرائع قانونية لمصادرتها”.

“كل القصة أنهم يريدون سحب الحديد وتعفيش ما تبقى في المنازل”، قال أبو عيسى، ويتوافق كلامه مع أربعة مصادر تحدثت إليهم “سوريا على طول”.

وأبدى أبو عيسى تخوفه من إزالة الأنقاض دون وجوده، لأن ذلك قد يلحق الضرر بأملاكه، كأن “يتعدى أحد الجيران في البناء على عقاري، أو موظف فاسد يعتبر محلي آيل للسقوط لأجل أن يتم سحب الحديد منه، أو اللجنة الحكومية نفسها قد تأخذ رشى وتتعسف في حقي لصالح شخص أو جهة ما”، وفقاً له.

من جهته، أكد المحامي أن إزالة محافظة دمشق وبلدية مخيم اليرموك للأنقاض من بعض الشوارع والأحياء في المخيم “تسبب في تعسف بعض الحقوق”، وهذا يفتح الباب إلى انتهاك أكبر قد يحدث مستقبلاً، كأن “يتم بناء بعض العقارات على حساب ملكيات أشخاص آخرين”.

في خدمة “العفيشة”!

قبل خمسة أشهر، أزالت عائلة الصحفية أمل الدمشقي، فلسطينية من أبناء مخيم اليرموك، الركام من بناء تملكه العائلة، مكون من خمسة طوابق، وألقتها في الشارع بناء على توجيهات بلدية اليرموك، على أن تقوم البلدية بترحيلها من الشوارع لاحقاً.

تحمّلت العائلة تكاليف إزالة الركام من البناء المتضرر جزئياً، ظناً منها أن ذلك يسرّع من عودتها إلى المخيم والانتفاع بالبناء بعد ترميمه، “لكن هذا لم يحدث حتى اليوم”، كما قالت الدمشقي لـ”سوريا على طول”

بعد مرور أسابيع على ترحيل الأنقاض إلى خارج البناء، دخلت الدمشقي إلى المخيم لتفقد البناء، لكنها صًدمت عندما رأت “الطابق الأول والثاني من دون سقف، وجزء من الأدراج تم هدمها وسحب الحديد منها، ولم يتبقى سوى الجدران والأعمدة”، على حدّ قولها.

أمام عملية السلب، رغم القبضة الأمنية التي يفرضها النظام على المخيم، ومنعه دخول سكان المخيم من دون موافقة أمنية، شعرت الدمشقي أن “البلدية كانت تريد تنظيف الركام لتسهيل عمل العفيشة في سحب الحديد وتعفيش ما يمكن تعفيشه”، قالت بتهكم.

وراجعت الدمشقي عدة أفرع أمنية، على مدار شهر كامل، حتى تمكنت من الحصول على الموافقة الأمنية التي تخوّلها الدخول إلى المخيم، وسُئلت أثناء المراجعة عن أصل العائلة، وما إذا كان هناك أشخاص مفقودين من العائلة، مشيرة إلى أن “من لديه مفقود لن يحصل على موافقة للدخول إلى المخيم”.

يراود أم عمران الشعور ذاته، في أن “قرارات إزالة الأنقاض، التي تصدرها الحكومة، هي لسرقة حديد المنازل”، كما قالت السيدة، التي يبدو أن منزلها سيبقى على حاله من دون إزالة أنقاض، لأن “تكلفة إعادة إعماره تحتاج أكثر من مئتي مليون ليرة سورية [26.6 ألف دولار أميركي]”، وهي لا تملك “دفع إيجار نهاية الشهر الحالي”، على حد قولها.

ومع أن القانون رقم 3 لعام 2018 “يحل مشكلة الحديد والركام”، إذ بعد أن يحدد القاضي المنطقة المراد إزالة الأنقاض منها، “يتم تقدير كمية الحديد والإسمنت التي يعاد تدويرها، ومن ثم تعرض في مزاد علني على المتعهدين، وبعد أن يرسي المزاد على متعهد ما، وفق الخريطة المساحية والتكلفة يسلم أمور الهدم بوجود لجنة تراقب عمله”، كما قال المحامي، مشيراً إلى أن “الأموال المستلمة من المزاد يتم توزيعها بين مالكي العقارات في المنطقة المحددة، وهذا يشكل دعماً بالحد الأدنى للأهالي”.

ومع ذلك، لم يطبق العمل بهذا القانون حتى الآن، رغم مرور نحو خمس سنوات على سيطرة النظام على المخيم.

شارك هذا المقال