11 دقائق قراءة

معهد دراسات الحرب في واشنطن: مؤشرات تصعيد وشيك في درعا تنذر بنهاية الهدوء الذي شهدته المدينة

كانت محافظة درعا، جنوبي سوريا، واحدة من أكثر المناطق هدوءاً […]


11 فبراير 2018

كانت محافظة درعا، جنوبي سوريا، واحدة من أكثر المناطق هدوءاً في البلاد بعد اتفاق خفض التصعيد الذي توسطت فيه روسيا والولايات المتحدة والأردن، في حزيران الماضي، حيث عمّ الهدوء أرجاء المحافظة التي تعاني الدمار.

ويبدو أن الاتفاقية نجحت في الصمود، فخلال أكثر من ستة أشهر منذ دخولها حيز التنفيذ، كان هناك تبادل للقصف وإطلاق النار بين قوات النظام والمعارضة في مدينة درعا، إلا أن غارات النظام توقفت، وانخفضت وتيرة الاشتباكات وتحولت إلى مناوشات على طول الخطوط الأمامية، وعاد آلاف النازحين إلى ديارهم على أمل أن تنتهي المعارك بشكل نهائي.

ولكن في الأسابيع الأخيرة، تواردت أنباء تفيد بأن جنود الجيش السوري والميليشيات المتحالفة بدأت بالتحرك في ريف درعا، وأخبر أحد الأهالي سوريا على طول، يوم الأربعاء، بأن هناك تصعيد في القصف المدفعي للنظام على المنطقة.

وذكر ناطق باسم المعارضة لسوريا على طول، الشهر الماضي، بأن وقف إطلاق النار سينتهي في الأيام المقبلة.

وقال كريستوفر كوزاك، كبير محللي معهد دراسات الحرب ومقره واشنطن أن “كل المؤشرات تشير إلى تصعيد وشيك في الجنوب”.

لكن لماذا الآن؟

يقول كوزاك الذي نشر تقريراً الأسبوع الماضي يحذّر فيه من تصعيد عسكري في الجنوب السوري “كان من مصلحة جميع الأطراف الرئيسية أن يتركوا الجنوب يهدأ لفترة من الوقت”، وأضاف “لكني أخشى من أن تكون المصلحة المشتركة قاربت على الانتهاء”.

هناك شائعات على نطاق واسع بأن وقف إطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي في ٧ شباط، هل بالفعل نرى بوادر ذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل هناك أي أمل في تجديده؟

تشير كل الدلائل إلى أنه بحلول نهاية شباط، سيتغير الوضع الراهن في جنوب سوريا بشكل كبير.، ونرى أيضاً استمرار تدفق القوات الموالية للنظام باتجاه مدينة درعا وإزرع في وسط محافظة درعا، وتشير جميع هذه التحركات إلى تصعيد وشيك في الجنوب على المدى القريب، ربما [النهاية] ليست بالضبط ٧ شباط، ولكن [هي] بالتأكيد في غضون الشهر المقبل أو نحو ذلك.

وهذا بالتأكيد يعدّ مشكلة لأسباب عدة، فهو ينذر بالعنف في منطقة مستقرة نسبياً، حيث كان لدينا منطقة خفض تصعيد فعالة نسبياً [في الجنوب]، مقارنة بمناطق أخرى في سوريا.

والآن، يقع الأمر على عاتق روسيا فيما إذا كان الأسد يعتزم حقاً خرق اتفاق وقف إطلاق النار، لأن روسيا تعتبر واحدة من الضامنين الثلاثة إلى جانب الولايات المتحدة والأردن، وعليها الضغط على النظام من أجل استعادة الاستقرار في الجنوب، ومن المهم معرفة ما إذا كانت روسيا ستغض الطرف عن [خرق وقف إطلاق النار] أو ستسعى لاستمراره فعلياً، لمعرفة ما إذا كان هناك إمكانية لتجنب هذه الأزمة أم لا.

كانت لدينا شكوك نوعاً ما هنا في مركز الدراسات فيما يتعلق بنوايا روسيا داخل سوريا، هذه القضية في جنوب سوريا دعمها مسؤولون أمريكيون كدليل على وجود شراكة، إذا كان هذا صحيحاً حقاً، سيكون على روسيا إظهار التعاون للحفاظ على وقف إطلاق النار بالرغم من رغبة حلفائها بإنهائه.

هل يمكن أن توضح لنا سبب اقتراب وقف إطلاق النار من نهايته الآن؟

لم أر أي بيانات رسمية عن السبب حتى الآن، إلا أني سأتكلم عن مؤشرات.

أولاً: منذ بداية اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، عندما أعلنت روسيا والولايات المتحدة والأردن عن ذلك، كان النظام السوري يؤكد دائماً أنه مؤقت، لذا كان ذلك واضحاً جداً في تصريحاتهم حول الاتفاق في منتصف صيف ٢٠١٧، وكان لا بد من تجديد الاتفاق طالما كان ذلك يصب في مصلحة النظام.

وربما جاء الوقت بالنسبة للنظام الذي يعلن فيه أن الاتفاق قد انتهى، ولن يهمه ما إذا كان الاتفاق الرسمي بين روسيا والولايات المتحدة والأردن لا ينص على هذا الشيء.

ومن ناحية أخرى، فإن التوقيت يتعلق أيضاً بما يحدث على أرض الواقع في سوريا، انتهى التحالف الموالي للنظام أساساً من مهمته الرئيسية في شرق سوريا، ومن الواضح أنهم لا يزالون يخوضون مواجهات مع تنظيم الدولة في وادي نهر الفرات، ومن حيث السيطرة، استولوا على ضفة الفرات اليسرى بأكملها، وانتهوا من هذه العملية وتحولوا إلى الغرب.

أعتقد أن ما نشهده هو المرحلة التالية من استراتيجية النظام، حيث أن لديهم الآن اليد العليا على الأرض في معظم أنحاء البلاد، ويتطلعون إلى زيادة الضغط على جنوب سوريا إما لتحقيق نصر عسكري، أو على الأرجح، إجبار المعارضة هناك على قبول المصالحة ودمج جنوب سوريا بالقوة مرة أخرى مع بقية المناطق تحت سيطرة الحكومة السورية.

إذن، الأمر يتعلق أساساً بمكان تمركز قوات الحكومة السورية العسكرية؟

في منتصف عام ٢٠١٧، كان من مصلحة النظام قبول اتفاق خفض التصعيد في جنوب سوريا لأن القوى العسكرية للنظام محدودة جداً فيما يتعلق بعدد القوات التي يمكن أن تنتشر على الأرض.

وهكذا، من أجل التركيز على شرق سوريا وتنظيم الدولة، كان عليها أن تضمن نوعاً من الاستقرار في غرب سوريا، الذي كان جزءاً من مناطق خفض التصعيد، فكان الأمر يتعلق بتهدئة هذه الخطوط الأمامية والتأكد من عدم وجود تهديد أساسي للنظام بينما يعيد نشر قواته في أماكن أخرى.

الآن، وبعد أن تم إنجاز تلك المهام، ومع إمكان عودة القوات إلى غرب سوريا، فإن مصلحة النظام بالحفاظ على اتفاق خفض التصعيد لم تعد كما كانت، لأن النظام يرى في نهاية المطاف أنه بإمكانه، استخدام قوة السلاح لفرض تسوية سياسية ملائمة له للغاية، مالم يحقق نصرا عسكريا ويهزم المعارضة.

أحد أحياء مدينة درعا التي تسيطر عليها المعارضة في تشرين الثاني ٢٠١٧. تصوير: محمد أبا زيد / وكالة فرانس برس.

هل تعتقد أن قوات النظام لديها القدرة العسكرية على العمل في جنوب سوريا دون مساعدة الميليشيات الأجنبية هناك؟

لا أتوقع أن يكون لديهم القدرة على استعادة جنوب سوريا بالكامل، حتى بمساعدة الميليشيات الأجنبية، دون خسارة كبيرة في الأرواح والموارد.

لقد كان جنوب سوريا مكاناً يصعب على النظام التقدم فيه، وكذلك المعارضة أيضاً، لكن النظام يعتمد بشكل كبير على قوى محدودة.

والآن، مع مواصلة النظام تحقيق الانتصارات في دمشق، ما نراه هو أن النظام أصبح أكثر قدرة على حشد القوات، وأعتقد أنه قادر على تحقيق بعض المكاسب في جنوب سوريا، ولكن الهدف الحقيقي للنظام لن يكون استعادة كامل جنوب سوريا ما لم تسمح لهم المعارضة بذلك، فبدلاً من ذلك، سيسعى للسيطرة على اثنتين من المدن الرئيسية، ويمارس ضغوطاً كثيرة على المعارضة الجنوبية ويدفعها وداعميها في الأردن للتوصل إلى اتفاق جديد.

وفيما يتعلق بالاستعانة بالميليشيات الأجنبية، أعتقد أن النظام سيستعين بها، كما أن إيران لن تفوت فرصة تعزيز وجودها على طول حدود مرتفعات الجولان، وشاهدنا ذلك بالفعل في الهجوم على بيت جنين. [كانت بيت جنين واحدة من آخر المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في الضواحي الجنوبية الشرقية من دمشق، إلى حين استولت عليها قوات النظام في كانون الأول الماضي]. وشاركت القوات الإيرانية بهدوء في العملية، كذلك الميليشيات الشيعية العراقية وقادة في حزب الله، وفقاً لمصادرنا، ربما كانت مشاركتهم غير معلنة، لكنهم كانوا هناك، وكانوا يخرقون خفض التصعيد بشكل واضح.

وتدرك إيران أنها يجب أن تلعب لعبة دقيقة بالخفاء، وهذا جزء مما فعلته خلال خفض التصعيد، كانت هذه إحدى عيوب منطقة خفض التصعيد، على الرغم من المطالبة برحيل تنظيم القاعدة والقوات الأجنبية الإيرانية، إلا أنها لم تحقق ذلك.

ما هو نوع الضغط الذي تفرضه هذه الميليشيات الأجنبية على الأردن وإسرائيل؟

إن وجود ميليشيات إيرانية قرب الحدود الأردنية يشكل مصدر قلق حقيقي للأردنيين، إن الوجود الإيراني في جنوب سوريا بالقرب من الحدود الأردنية، من وجهة نظر الأردن، سيدفع اللاجئين باتجاه الحدود السورية الأردنية بطريقة مزعزعة للاستقرار في الأردن.

وأغلق الأردن حدوده بالفعل ويحاول إبقاء الصراع في جنوب سوريا بعيداً عنه لتجنب المزيد من التداعيات، والقوات الإيرانية المنتشرة في تلك المنطقة تشكل تصعيداً لا ترغب الأردن بوجوده.

عرفنا منذ فترة طويلة أن الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، يستكشفون مواقع على الحدود، ويزيدون من عدد قواتهم هناك حتى يكون لديهم استعداد دائم، وينشئون قواعد للصواريخ ويقومون بأشياء أخرى يمكن أن تهدد أمن شمال إسرائيل، بقصد تحويل مرتفعات الجولان إلى جبهة جديدة ضد إسرائيل، في حالة مواجهة أخرى بين إسرائيل وإيران أو بين إسرائيل وحزب الله.

هل تعتقد أن هذه المخاوف واقعية؟

نعم أعتقد ذلك، لقد شهدنا بالفعل عدداً من الهجمات على مرتفعات الجولان، لقد كانت محدودة جداً، لكنها كانت إشارات، من إيران إلى حزب الله، إما رداً على الضربات الجوية التي قامت بها إسرائيل أو إشارة إلى وجودها على حدود هضبة الجولان.

وهذا يوفر فرصة لفرض ضغوط إضافية على إسرائيل في أي نزاع مستقبلي، ويبدو أمراً استراتيجياً لإيران وسيسبب عدم ارتياح لجيش الدفاع الإسرائيلي.

قلت في وقت سابق أنه من الصعب جداً بالنسبة للفصائل العسكرية تحقيق تقدم حقيقي في جنوب سوريا، ماذا تقصد بذلك، وما الذي يجعل الأمر هناك صعب جداً؟

هناك عامل جغرافي هنا، وهناك أيضاً بعض العوامل المحورية لكلا الجانبين في الجنوب.

أما العامل الجغرافي فهو أن الجنوب هو أكثر المناطق المحصنة في سوريا بأكملها، حيث كان التهديد الرئيسي الذي تواجهه القوات السورية، قبل بدء الثورة، هو المدرعات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، لذا تم تحصين كامل المنطقة بين حدود مرتفعات الجولان ودمشق، وبالنظر إلى الخريطة، هناك قواعد عسكرية في كل بلدة وقرية، وبالتالي فإن الجغرافيا الطبيعية للمنطقة معززة بالدفاعات العسكرية.

كان للجيش العربي السوري ثلاث فرق عسكرية كاملة – الخامسة والسابعة والتاسعة –  في محافظتي درعا والقنيطرة، بالإضافة إلى وحدات عسكرية إضافية قريبة من دمشق (الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري)، لذلك كانت هذه منطقة محصنة جداً، مما جعل من الصعب جداً على المعارضة السيطرة على الأراضي في البداية، ولكن بمجرد الاستيلاء عليها، جعلت استعادتها أمراً صعباً بالنسبة النظام.

ومنذ بداية الثورة، لم تضع الحكومة السورية ثقتها الكاملة بالقوات في جنوب سوريا، وبالتالي اعتمدت عليها بالدرجة الأولى في الدفاع عن الأراضي بدلاً من شن عمليات هجومية كبيرة، ولا تزال جميع هذه الفرق نشطة في جنوب سوريا، كما أنها لا تقوم، بوجه عام، بشن هجمات عسكرية كبيرة.

إنهم يسيطرون على الأرض، ويمنعون المعارضة من تحقيق المزيد من المكاسب، وفي الواقع، يحقق النظام المكاسب عندما يحركون ميليشيات أجنبية أو وحدات كالحرس الجمهوري أو الفرقة الرابعة باتجاه جنوب سوريا.

وفي المقابل، فإن الجبهة الجنوبية، تبدو منظمة ظاهرياً، لكنها في الحقيقة تحالف كبير جداً من المقاتلين العشائريين الذين يعتمدون بشكل كبير على الأردن من أجل حشد الموارد والتقدم وشن الهجمات.

وفي الوقت الحالي، لم يعد الأردن مهتماً برؤية المزيد من الهجمات العسكرية في جنوب سوريا، ووفقاً لما لدينا من أنباء، فإن الأردن قلص حجم المساعدات وأوقفها تقريباً خلال العام الماضي، وجاء ذلك مع تقليص الولايات المتحدة أيضاً لبرنامج مساعداتها السرية.

إذا وضعتم هذه الأشياء معاً، تجدون أنه لا القوات الموالية للنظام الموجودة حالياً في جنوب سوريا ولا المعارضة في الواقع قادرة على تحقيق مكاسب هجومية كبيرة في جنوب سوريا، والتي تعد منطقة عصية بالفعل.

لذا، ما لم يحدث تدخل خارجي – سواء من خلال إرسال النظام لقوات إضافية أو نشر قوات إيرانية في المنطقة أو أن تقوم الولايات المتحدة والأردن بإعادة ضخ مساعداتها للمعارضة في الجنوب – يصبح من الصعب جداً تحقيق مكاسب، هذا هو السبب وراء التحذيرات، لأن ما نحذر منه هو احتمالية اضطراب في الوضع الراهن، مع حشد النظام لقوات عسكرية إضافية في الجنوب.

ذكرت في وقت سابق أن النظام ليس لديه أي سبب لاستعادة الجنوب إلا إذا أتاحت لهم المعارضة القيام بذلك، ما الذي كنت تقصده؟

النظام له مصلحة في السيطرة على الأراضي في الجنوب. ما أعنيه بذلك هو أن النظام على استعداد لخوض معركة على طول الطريق إلى حدود مرتفعات الجولان والحدود السورية الأردنية من أجل استعادة هذه المناطق في النهاية. كما أنه يريد إعادة دمج كامل سوريا وإخضاعها لسيطرة الحكومة السورية، ومن ثم فإن النظام، إذا لزم الأمر، سيخوض المعركة لتحقيق ذلك. قد لا يكون هذا العام. قد لا يكون خلال عامين من الآن. ولكن، في نهاية المطاف، ينوي النظام إعادة هذه المنطقة قسرا أو سياسيا تحت سيطرته.

 

هل نرى نهاية ثقل الجبهة الجنوبية كمجموعة عسكرية في الجنوب؟

الجبهة الجنوبية لم يكن لها أهمية فعلياً، الجانب الأكثر أهمية في الجبهة الجنوبية هو أنها – بالمقارنة مع [الفصائل] في مناطق أخرى من سوريا – أثبتت ثقل الجماعات الإسلامية.

لا تزال هناك جماعات تابعة للجيش السوري الحر في أماكن أخرى في سوريا، لكن جماعات كهيئة تحرير الشام أو الجماعات الإسلامية على الأرض والتي أثبتت فعاليتها، تفوقها عدداً.

وفي الجنوب، لا تزال الجبهة الجنوبية هي القوة المعارضة المهيمنة، على الرغم من وجود الهيئة، وأحرار الشام، وتنظيم الدولة.

مع ذلك، إنها تحالف كبير جداً، انها ليست مجموعة بحد ذاتها، لذا فإن أهمية الجبهة الجنوبية كانت تكمن فقط في قدرتها على التنسيق والإدارة الفعالة لموارد المعارضة المتباينة تحت قيادتها، وشمل ذلك مئات المجموعات في مرحلة ما، وكانت متماسكة في ذلك الوقت، ولكن إدارة كل تلك الموارد وتوجيهها نحو تحقيق مكاسب ضد النظام [أعطى أهمية للجبهة الجنوبية].

ومع الوقت أصبحت الجبهة الجنوبية أقل فعالية في التنسيق، ويرجع ذلك إلى حد كبير نتيجة فقدان الدعم من الأردن والولايات المتحدة.، وكانت قيمة الجبهة الجنوبية كمجموعة كبيرة هي أنها تمثل بوابة لمجموعات المعارضة للوصول إلى هذه الموارد من الجهات الأجنبية، وكان هذا هو الغرض من تشكيل هذه المجموعة وهو إجبار المعارضة على التحالف من خلال إنشاء لاعب رئيسي على الأرض وبوابة رئيسية يمكن من خلالها حشد الموارد.

لا تزال الجبهة الجنوبية مهمة، طالما أنها موجودة، وطالما أن مكوناتها تسيطر على الأرض، وستكون طرفاً مهيمناً في جنوب سوريا، ولكن هذه الأهمية تتضاءل اليوم في ظل الظروف الراهنة.

بالانتقال إلى هيئة تحرير الشام، ذكرتم في تقريركم الأخير أن الهيئة تؤسس وجوداً عسكرياً لها في جنوب سوريا، هل يمكن القول إن الهيئة لديها القدرة في الحفاظ على وجودها بشكل قوي هناك؟

فعلياً إن الهيئة تعمل بنشاط لتأسيس وجود قوي في جنوب سوريا، حيث كان لها دائماً بصمة صغيرة في الجنوب، لم يسبق أن كانت طرفاً مهيمناً، على غرار مركزها حالياً في إدلب، ولكنها كانت تعمل لتحقيق هذا الهدف، وهي ترغب حقاً في إنشاء ملاذ آمن جديد في جنوب سوريا على غرار ملاذها الآمن في محافظة إدلب في شمال سوريا.

وفي الوقت الذي قطعت فيه الولايات المتحدة والأردن مساعداتهما لجماعات المعارضة في جنوب سوريا، أصبح لدى جماعات المعارضة هذه ميلاً أكبر لتقبل رسالة الهيئة وهي “نحن الوحيدون الذين نقاتل ضد نظام الأسد، تريد الأطراف الأجنبية منكم التوقيع على اتفاقية معه، لا تفعلوا ذلك وتتخلوا عن كل ما قاتلتم من أجله، نحن هنا في الخنادق وساحات القتال معكم، لدينا مواردنا فلنعمل معنا”.

تعمل هيئة تحرير الشام بهدوء لتضع بصماتها العسكرية والسياسية في جنوب سوريا، وكانت منطقة خفض التصعيد وكذلك قطع المساعدات الخارجية هي الفرص المثلى للهيئة للبدء في إبعاد المقاتلين ومجموعات المعارضة عن الجبهة الجنوبية.

في الختام، هل تعتقد أن وقف إطلاق النار نجح في إعادة مظاهر الهدوء إلى الجنوب؟

أتفق مع أن [الجنوب] كان هادئاً نسبياً، إلا إنني أختلف مع القول بأن ذلك كان وقف إطلاق نار فعلي، كان هناك انتهاكات يومية، في المقام الأول من قبل قوات موالية للنظام: قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظتي درعا والقنيطرة، وزرع العبوات الناسفة على طول الطرق التي تستخدمها المعارضة.

والمشكلة الرئيسية في منطقة خفض التصعيد هي أن خفض التصعيد كان دائماً مشتبهاً به، فكانت عودة العنف محتملة في أي لحظة لأنه لا توجد آلية ثابتة لضمان وقف إطلاق النار، لم يتم فرض وقف إطلاق النار بشكل فعلي سوى من جانب روسيا، وهي طرف نشط في الحرب السورية، ولذلك فهي ليست في الواقع طرفاً ضامناً مستقلاً لوقف إطلاق النار، ولا توجد آلية ثابتة لمنع الانتهاكات أو ضمان الأمن والاستقرار.

ما رأيناه هو أن إيران تعمل بهدوء لوضع بصمتها في الجنوب، والقاعدة تعمل بهدوء لتحقيق الغرض ذاته، أما نظام الأسد فقال، بغض النظر عما سيحدث، سيعود الجنوب تحت سيطرتنا كما كان.

لقد حصل الجنوب على فترة من الراحة في المقام الأول لأن ذلك كان من مصلحة الجميع، كان من مصلحة جميع الأطراف الرئيسية أن تسمح لجنوب سوريا بأن يهدأ لفترة من الوقت، ولكني أخشى نهاية التقاء المصالح، وأخشى أن ننتقل إلى المرحلة التالية من الحرب السورية، ليست مرحلة ما بعد الحرب وليست نهاية الحرب السورية، إنما توجه الاهتمام والبنادق نحو الجنوب السوري مرة أخرى.

 

أجرت الحوار: مادلين إدواردز

وشارك في العمل: إسماعيل الجاموس

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال