4 دقائق قراءة

مع انقطاع مياه محطة علوك.. نازحو مخيم “واشو كاني” يشتكون البديل المُرّ

يضطر بعض الأطفال في "واشو كاني" إلى "شرب مياه ملوثة" من "مستنقعات صغيرة تشكلت من بقايا المياه بالقرب من الخزانات في المخيم".


31 أغسطس 2020

عمان- على أرض صحراوية قاحلة، وفي ظل حرارة قد تصل إلى 40 درجة مئوية، يقبع مخيم “واشو كاني” للنازحين، في محافظة الحسكة الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وذراعها الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

ومع تفاقم أزمة انقطاع المياه عن المحافظة، خلال الفترة الماضية، نتيجة وقف الضخ من محطة “علوك” في مدينة رأس العين غربي الحسكة، والخاضعة لفصائل معارضة سورية مدعومة من أنقرة، بدعوى وقف “قسد” والإدارة الذاتية تزويد المحطة بالكهرباء، تتزايد المخاوف من انتشار الأمراض، وأخرها وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، داخل المخيم، لاسيما مع تفشي الأخير في شمال شرق سوريا عموماً، حيث تم تسجيل 556 حالة مؤكدة إلى الآن.

إذ يضطر بعض الأطفال في “واشو كاني” إلى “شرب مياه ملوثة”، بحسب عائشة نواف (اسم مستعار)، من “مستنقعات صغيرة تشكلت من بقايا المياه  بالقرب من الخزانات في المخيم”.

وقبل أزمة المياه الحالية التي بدأت مطلع الشهر الحالي، كانت المياه، كما أوضحت الثلاثينية نواف المقيمة مع زوجها وأطفالها الأربعة ووالديها في خيمة واحدة بالمخيم، لا تنقطع عنه نهائياً. إذ “كانت تتم تعبئة الخزانات في المخيم ثلاث مرات يومياً، من خلال صهاريج معبأة في محطة “علوك”، فيما حالياً “تتم تعبئة الخزانات مرة واحدة يومياً، وقد لا تأتي الصهاريج نهائياً في بعض الأيام”.

نتيجة ذلك، “تم تسجيل الكثير من حالات الإسهال والتسمم عند الأطفال نتيجة شرب مياه ملوثة، بينها حالات خطرة تم إسعافها إلى خارج المخيم”، كما ذكر مدير المكتب الإعلامي في الهلال الأحمر الكردي، أحمد إبراهيم، لـ”سوريا على طول”. 

ويضم “واشو كاني” 12 ألف نازح من مدينة رأس العين والبلدات والقرى المجاورة لها. وقد تأسس مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2019، نتيجة عملية “نبع السلام” العسكرية التي أطلقتها تركيا في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، ضد “قسد” في شمال شرق سوريا، وأسفرت عن سيطرة فصائل الجيش الوطني السوري، المدعوم من أنقرة، على مدينتي رأس العين في محافظة الحسكة وتل أبيض في محافظة الرقة.

وتتبادل تركيا والإدارة الذاتية الاتهامات بشأن المسؤولية عن الأزمة الإنسانية المتمثلة بقطع المياه للمرة الثامنة من محطة “علوك”. ففيما تتهم تركيا الإدارة الذاتية بقطع الكهرباء عن مناطق “نبع السلام”، ما يؤدي إلى توقف محطة علوك، تصر الإدارة الذاتية، في المقابل، على أن تركيا هي مسؤولة عن قطع الكهرباء عن المحطة كونه يتم تغذيتها بالكهرباء من محطة الدرباسية شرق رأس العين، وأن لها مولدة كهرباء خاصة. وهو ما أكدت عليه منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير سابق.

وكان الجانبان التركي والروسي قد توصلا إلى اتفاق بشأن ضخ مياه الشرب من محطة علوك التي تحتوي على ثلاثين بئراً ارتوازية، في مقابل صيانة الإدارة الذاتية والحكومة السورية لمحطة كهرباء “المبروكة” التي تتم تغذيتها من سدي تشرين والفرات الواقعين تحت سيطرة “قسد”، لتزويد محطة “علوك” بـ22 ميغاواط من الكهرباء.

بديل محطة “علوك” المرٌ

رغم الحديث عن اتفاق تركي-روسي، في 22 آب/أغسطس، لإعادة ضخ مياه الشرب من محطة “علوك” إلى مدينة الحسكة وريفها، أكدت المصادر التي تواصلت معها “سوريا على طول” عدم وصول المياه للمحافظة حتى نشر هذا التقرير.

وكانت مديرية الصحة في الحسكة، التابعة لحكومة دمشق، أعلنت عن استقبال مستشفيات المحافظة 1,038 طفلاً مصابين بحالات تسمم واسهال حاد. وذلك بعد إعلان الإدارة الذاتية، في 23 آب/أغسطس، عن دخول محطة مياه “الحمة” الخدمة، كمحطة بديلة من محطة “علوك” لتلبية حاجة مدينة الحسكة وريفها من مياه الشرب.

لكن نواف اشتكت من مستوى نقاء مياه “الحمة”، إذ “لا يمكن مقارنتها بمياه “علوك” العذبة” على حد وصفها. موضحة أن “المياه البديلة تحتوي على طعم المرارة أثناء الشرب. وقد سببت لنا نحن الكبار بعض الآلام في المعدة، فكيف الحال بالأطفال؟”. 

الأمر ذاته أشار إليه عبد السلام محمد (اسم مستعار). إذ “منذ توقف وصول مياه “علوك” إلينا ونحن نعاني من مرارة في المياه الجديدة”، كما قال لـ”سوريا على طول”. مضيفاً: “ابني الصغير بدأ يعاني من آلام في بطنه. فقمت بأخذه إلى النقطة الطبية، حيث قالوا إن ما يعانيه سببه الكمية الزائدة من الكلور في المياه”، متسائلاً: “كيفية جلب مياه الشرب إلى الناس دون أن تخضع لعملية تحلية أو تحليل مخبري”.

وفيما أكد إبراهيم أن الرقابة على جودة المياه “تقع على عاتق إدارة المخيم ولا شأن للهلال الكردي فيها”، لم يتلق “سوريا على طول” رداً من إدارة المخيم على الاستفسارات الخاصة بهذا الخصوص.

وتتضافر الخشية بشأن نظافة المياه المتاحة حالياً مع المخاوف من انتشار وباء “كورونا” في المخيم. فأحد أهم أسباب الوقاية من المرض هو النظافة، و”بغياب المياه لا يمكن ذلك”، بحسب نواف. في وقت “لا يسمح فيه لأحد بالخروج والدخول إلى المخيم بسبب كورونا”، كما أضافت.

وفوق جودة المياه المتدنية، والخشية من نقائها، تبرز أيضاً مشكلة الكميات التي يتم تزويد المخيم بها من “الحمة”. فأحياناً، كما قالت نواف، “أقف لأكثر من ساعة وسط الازدحام وتحت أشعة الشمس الحارقة للحصول على 20 لتراً من المياه فقط”. وهو ما وصفه محمد بأنه أقرب إلى “صراع”؛ إذ “يبدأ التدافع بين الرجال والنساء. وأحياناً يصل الأمر إلى مشادات بالكلام”. 

وكانت 89 منظمة حقوقية وإنسانية نددت بقطع المياه عن المدنيين في الحسكة، مطالبة “تحييد محطة مياه “علوك” من الصراعات السياسية والعسكرية وإخضاع إدارتها إلى فريق متخصص ومستقل، تحت إشراف ورقابة دولية، وكف يد القوات التركية وأي طرف آخر من استخدامها كورقة ابتزاز”.

شارك هذا المقال