5 دقائق قراءة

مع سيطرة النظام وحصار التنظيم لمناطقهم: أهالي دير الزور يعانون من ظروف معيشية قاهرة

يعيش مئة ألف مدني، في محافظة دير الزور، شرقي سوريا، […]


1 يونيو 2017

يعيش مئة ألف مدني، في محافظة دير الزور، شرقي سوريا، “دون مستوى الحيوانات”، بلا طعام أو خدمات كافية إضافة إلى انعدام الأمن، بينما تحاول قوات النظام التصدي لمقاتلي تنظيم الدولة الذين يحيطون بهم من كل جانب، وفقا لما ذكره ثلاثة مدنيين محاصرين، لسوريا على طول.

ويقول سكان مدينة دير الزور، الذين يعيشون تحت الحصار منذ سنوات، أنهم يجدون صعوبة كبيرة في تأمين الطعام ويفتقدون الشعور بالأمان. وقبل ستة أشهر، سيطر مقاتلو التنظيم على أراض تمتد على طول الطريق السريع الذي يربط بين المنطقتين الخاضعتين لسيطرة النظام، وبالتالي قَسَم المدينة المحاصرة إلى جزأين.

إلى ذلك، حاصر تنظيم الدولة عدة مناطق، شمال شرقي دير الزور، على بعد 100 كم غرب الحدود مع العراق، في صيف عام 2014. وسيطر التنظيم بسرعة خاطفة، بعد السيطرة على الموصل مباشرة، على مساحات من الأراضي الغنية بالنفط في صحراء شرق سوريا.

ومنذ بدء الحصار، قام برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بالاشتراك مع الحكومة السورية والهلال الأحمر العربي السوري، بإيصال الطعام والمساعدات، عبر إنزالها جوا، بشكل منتظم، إلى سكان المدينة المحاصرين. ومع حصار التنظيم لمناطق سيطرة النظام، كانت تلك الطريقة الوحيدة للحفاظ على حياة المدنيين.

ونجحت قوات الجيش السوري، المتمركزة في المناطق السكنية الغربية في المدينة، والمطار العسكري شرقي دير الزور، في التصدي لمحاولات تنظيم الدولة لاختراق القسمين الخاضعين لسيطرة النظام.

وفي كانون الثاني 2017، أدى هجوم التنظيم إلى قطع طريق الـ”N4″ السريع الذي يربط نصفي دير الزور، بحسب ما ذكرته سوريا على طول، في ذلك الوقت.

وتسيطر قوات النظام على عدة مناطق سكنية، غربي المدينة (اثنان منها الجورة والقصور، بشكل كامل) تقع بالقرب من ضفاف نهر الفرات. وإلى الشرق، يستمر جنود الجيش السوري في التمسك بالمطار العسكري في ضواحي المدينة، ومنطقتين سكنيتين مجاورتين له، وهما هرابش  والرصافة.

ويعد طريق الـ”N4″ الذي يربط منطقتي سيطرة النظام، مرمى لنيران تنظيم الدولة وقناصة النظام، كما أن المقبرة الكبيرة المحاذية للطريق هي موقع للمعارك المتكررة بين جيش النظام وقوات التنظيم.

وتحدثت سوريا على طول مع ثلاثة مدنيين داخل المنطقة المحاصرة في دير الزور، حيث أوضحوا أن التحديات التي يواجهها السكان تعتمد على النصف الذي يعيشون فيه.

حيث يعيش النصف الغربي، الذي يشكل موطنا لغالبية المدنيين المحاصرين، تحت التهديد المستمر بتقدم تنظيم الدولة وقصف المناطق السكنية. أما في النصف الشرقي، والذي يعد أكثر هدوءا، يعاني الأهالي من انقطاع المساعدات الإغاثية التي يتم إسقاطها عبر المظلات جوا، كما يعانون من غياب الخدمات التي لا تزال متاحة في المناطق الغربية.

إلى ذلك، قال ابراهيم، وهو أحد سكان حي الجورة الغربي، لسوريا على طول “لا أعلم كيف أننا ما نزال على قيد الحياة، فأنا أعيش مع أطفالي حياة مأساوية”.

“الكابوس الأكبر”

في منزله في حي الجورة، يعبء ابراهيم وأطفاله الماء في أكياس التخزين، لأن الماء يصلهم مرة واحدة في الأسبوع فقط.

ولا تزال الشبكة الكهربائية التي تديرها الحكومة معطلة منذ سنوات، في حين تستخدم المدينة المولدات الكهربائية لتشغيل بنيتها التحتية.

وتقوم الطائرات السورية والروسية بإسقاط المواد الغذائية وغيرها من المواد الأساسية، بانتظام، في حين يتم توزيعها من قبل الهلال الأحمر العربي السوري. وبالرغم من ذلك، لا يوجد هناك ما يكفي لتلبية احتياجات سكان المناطق الغربية البالغ عددهم 93 ألف نسمة.

وجاء في تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في 28 كانون الثاني “في هذه المرحلة، يحاول الهلال الأحمر العربي السوري إعادة تأمين السلع الغذائية التي تضررت جزئيا خلال عمليات الإنزال الجوي السابقة (…) من أجل تلبية بعض الاحتياجات المتزايدة على الأقل”.

وقال ابراهيم المحاصر في منطقة الجورة، غربي دير الزور، إن الطعام الذي يتم إنزاله جوا غالبا ما يصل تالفا أو متسخا.

وتابع قائلا “كيلو الرز الذي يُجمع بسبب تمزق الأكياس، أثناء رميه بالمظلات، ويكون متسخاً، 5 آلاف ليرة سورية (10دولارات)”.

ووفقا لابراهيم، البالغ من العمر 42 عاما، فإن جنود النظام يستولون على المساعدات الإنسانية، ثم يبيعونها للأهالي، وهو ما تناقلته العديد من المواقع المؤيدة للمعارضة، مضيفا  “لا تستغرب إذا قلت أن كثيرين يعيشون على الحشائش التي تنمو على جوانب الطريق”.

ويتوجب على المدنيين، الذين يعانون بسبب اقتصاد الحصار، التأقلم مع هجمات تنظيم الدولة على المنطقة، الذي يبعد عنهم بضعة كيلومترات فقط.

في السياق، قال أبو يحيى، وهو مواطن ثانٍ من حي الجورة، لسوريا على طول، يوم الثلاثاء “هناك احتمال في أي وقت أن يسيطر التنظيم على المدينة، وهذا الشيء هو الكابوس الأكبر الذي يراود سكان دير الزور”.

صورة غير مؤرخة لإنزال المساعدات من قبل برنامج الأغذية العالمي. تصوير: مركز أنباء الأمم المتحدة.

وفي يوم الاثنين، أعلنت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن مسلحين من تنظيم الدولة أطلقوا قذائف هاون على أحياء الجورة والقصور المحاصرة مما أسفر عن مقتل 15 شخصا وإصابة عشرات آخرين بجروح.

وكان أبو يحيى يجهز الطعام مع عائلته بانتظار إفطار رمضان، حين سقطت قذيفة على المبنى المجاور له.

وقال أبو يحيى، البالغ من العمر 37 عاما، “بدأنا نسمع أصوات الناس تصرخ وأدركنا ذلك الوقت أن هناك إصابات بين المدنيين”.

ورغم الافتقار إلى الخدمات الأساسية، ونقص الطعام والاشتباكات بين تنظيم الدولة والجيش السوري، إلا أن ابراهيم ما زال ممتناً لكونه ليس معزولاً ومحتجزاً في أحياء دير الزور الشرقية.  

حيث قال “حياتنا في الجورة والقصور دون مستوى الحيوانات، لكنها تعتبر رفاهية بالنسبة لسكان هرابش ونحن بجنات النعيم مقارنة بهم”.

“لا يمكننا المغادرة”

في كل شهر، تتسلق خديجة إلى سطح أحد الأبنية في حي هرابش، شرقي دير الزور، حيث تقيم مع عائلتها. وهي الطريقة الوحيدة للاتصال بخدمة الهاتف المحمول لأن الشبكة ضعيفة جداً وتحتاج للصعود إلى نقاط عالية لالتقاط الإشارة، والاتصال بوالديها، فالبرج الخلوي يقع في الأحياء الغربية بدير الزور.

وتتصل خديجة، 35 عاما، بوالديها مرة واحدة فقط في كل شهر، لأن السطح هدف يسهل تصيده “بنيران قناصة داعش أو جيش النظام” وفق لما قالته لسوريا على طول.

المقاتلون الموالون للنظام في مدينة دير الزور. تصوير: شبكة أخبار دير الزور

وفي كانون الأول، عزل هجوم تنظيم الدولة خديجة عن والديها، الذين يقيمون في الأحياء السكنية الغربية لدير الزور، الخاضعة لسيطرة النظام.

وقالت خديجة “لا يمكننا مغادرة الحي”.

وخديجة هي واحدة مما يقارب 6 آلاف شخص يقيمون في الأحياء الشرقية. ورغم أن المسافة بين قسمي المدينة تقل عن 4 كم، إلا أنهم مفصولون عن النصف الغربي لدير الزور، حيث تتركز غالبية المؤسسات الحكومية ومواقع الإنزال الجوي.

ويتم إلقاء الخبز بالمظلات مرة واحدة في الأسبوع ، وفقا لما ذكرته خديجة، وهو غير صالح للأكل لكنه الوحيد المتوفر، كما أن الخبز ناشف لدرجة أن الأهالي تغمس الأرغفة بالسوائل لتتمكن من هضمها.

وتابعت خديجة “تعتاش الناس على غلي الأغصان وتقطيع الخبز معها، أو تقطيع الخبز اليابس مع الشاي”.

وفي نيسان الماضي،ذكرموقع ميكرو سوريا الموالي للمعارضة، وفاة امرأة من أهالي حي هرابش نتيجة الجوع ونقص المواد الغذائية الأساسية.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال