6 دقائق قراءة

مع محاولة الثوار ربط معاقلهم في شمال شرق دمشق: الكراجات والمصانع ساحات للمعارك

أحرز الثوار بعض التقدم ضد قوات النظام، الثلاثاء، بعد أن […]


أحرز الثوار بعض التقدم ضد قوات النظام، الثلاثاء، بعد أن شنوا هجوماً في وقت سابق من هذا الأسبوع للسيطرة على حي شمال شرق دمشق بالقرب من معقلهم المجاور في الغوطة الشرقية، وفق ما ذكرت مصادر ميدانية لسوريا على طول.

وشن اثنان من الفصائل هجوماً “مباغتاً” ضد قوات النظام السوري باستخدام السيارات المحمّلة بالقنابل والمقاتلين المجهزين بالأحزمة الناسفة، في فجر يوم الأحد، على أمل السيطرة على حي جوبر، المقسم حالياً ما بين حكم الثوار والنظام، في شرقي دمشق. ويمثل جوبر الواقع داخل نطاق العاصمة، بداية حدود مناطق سيطرة الثوار في شرقي دمشق.

ورغم أن الفصائل المشاركة بما فيها هيئة تحرير الشام وفيلق الرحمن والجيش السوري الحر تقدموا في يوم الأحد وسيطروا على الكراجات ومحطة الكهرباء في جوبر، الذي هُجَر معظم من فيه بعد سنوات الحرب، إلا أن قوات النظام شنت غارات جوية انتقامية وأطلقت قذائف الهاون، مما أبطأ تقدمهم واستردت السيطرة على المناطق التي خسرتها. وحالياً المنطقة الصناعية في جنوب شرق جوبر هي ساحة المعركة.

وتأتي المعركة المسماة “يا عباد الله اثبتوا” بعد أن خسر الثوار معاقلهم في أماكن أخرى في سوريا واحتشدوا بالقرب من مدينة دمشق القديمة.

ويمر أتوستراد استراتيجي يسيطر عليه النظام بمسافة 2 كم عبر جوبر، يربط دمشق بالمقرات العسكرية للنظام في الضواحي الشمالية الشرقية للمدينة وبحمص أيضاً وأقصى شمال حماة.

ويفصل حي جوبر أيضاً الغوطة الشرقية المحاصرة الخاضعة لسيطرة الثوار عن جيب أصغر مؤلف من ثلاثة أحياء (برزة وتشرين والقابون) تحكمها المعارضة بخط أتستراد .M1 ويبتعد هذين الجيبين في أقرب نقطة لهما عن بعضهما مسافة 500م، حيث يفصلهما حي جوبر شمالاً الخاضع لسيطرة الثوار.

وبالنسبة للثوار في الغوطة الشرقية المحاصرة، وهي إحدى آخر المعاقل المدنية المتبقية في البلد، فإن السيطرة على جوبر تعني ضمان تدفق المستلزمات الغذائية الحيوية والطبية إلى أهالي الغوطة البالغ عددهم نصف مليون نسمة عبر الأنفاق من أحياء القابون وتشرين وبرزة.

وبالنسبة للمدنيين الذين هم بأمس الحاجة إلى المستلزمات الأساسية، فإن الأنفاق من تلك الأحياء الثلاثة تعتبر “رئتي الغوطة”، وفق ما قال أبو قتادة القابوني، إعلامي مدني من أهالي القابون لسوريا على طول، حيث هددت الخسارات في يوم الإثنين بإغلاق شبكة الأنفاق. “وفتح طريق باتجاه القابون وبرزة يعتبر حماية أكبر للغوطة”.   

وفيما لو كان هناك خسائر أكبر في معركة جوبر، فذلك سيعني أن النظام سيضيق حصاره على  الجيبين الثوريين أكثر، بعد حصاره المستمر لسنوات والذي أنهك الأهالي وتركهم يتلوون جوعاً ويعانون من أمراض كان من السهل الوقاية منها فيما لو عولجت.

وشن مقاتلون من هيئة تحرير الشام الإسلامية، اتحاد بين جبهة فتح الشام وغيرها من الفصائل، بالإضافة إلى مقاتلي فيلق الرحمن هجوماً “مباغتاً” على الأحياء في فجر يوم الإثنين، وفق ما قال وائل علوان، الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن لسوريا على طول، الإثنين.

“هجوم مباغت”

وبدا الثوار أنهم على وشك عبور أتستراد M1  مع غروب يوم الثلاثاء، مع اقتراب المقاتلين نحو ساحة العباسيين والكراجات المجاورة في جنوب المنطقة الصناعية لجوبر.

وأظهرت الفيديوهات التي تم تداولها عبر الانترنت مقاتلي أحرار الشام داخل مصنع جوبر للنسيج وأنهم وحسب ما يزعمون يطلقون النار على قوات النظام.

وقطع الثوار نارياً شارع فارس خوري، المجاور لأتستراد M1 بحلول يوم الثلاثاء، ودمروا دبابتين للنظام وهم “على بعد خطوات من وصل حيي القابون وجوبر في العاصمة دمشق”، وفق ما قال أبو وسام الدمشقي، إعلامي مدني من حي جوبر، لسوريا على طول.

وتأتي اشتباكات يوم الثلاثاء بعد استعادة قوات النظام في يوم الإثنين السيطرة على النقاط التي خسرتها في اليوم السابق بما فيها “معمل الحلو، شركة الغزل والنسيج، كتلة المعامل الصناعية قرب اتوستراد M1 الدولي”، وفق ما قال إعلامي آخر من جوبر، لسوريا على طول وطلب عدم ذكر اسمه.

واستعاد الجيش السوري السيطرة على مبان استولى عليها “الإرهابيون والجماعات التابعة لهم”، وفق ما أفادت وكالة الانباء السورية (سانا) الاثنين. واضافت “أنه تم القضاء على جميع أفراد الجماعات الارهابية التى تسللت الى المنطقة وتم تدمير معداتهم”.

واستُخدمت في الاشتباكات “كافة أنواع الأسلحة على عدة محاور في حي جوبر، كما تم استهداف المنطقة بصواريخ أرض ارض وبالمدفعية الثقيلة”، وفق ما ذكر الدمشقي.

وشهد صباح يوم الإثنين الثوار ومن ضمنهم مقاتلي هيئة تحرير الشام مجهزين بالأحزمة الناسفة والسيارات المحملة بالقنابل وهم “يسيطرون على عدة مناطق بشكل كامل” في جوبر، كما سيطروا نارياً على مناطق أخرى وشلوا حركتها ومن هذه المناطق شارع فارس الخوري”، وفق ما قال الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن، وائل علوان لسوريا على طول، الإثنين.

مقاتلو فيلق الرحمن، في جوبر، 19 آذار. تصوير: عامر المحباني.

وقال وائل علوان، الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن، إن “المعركة اعتمدت على مباغتة النظام ومفاجأته (…) واستغل الثوار هذا التخبط للتقدم وسيطروا على عدة مناطق بشكل كامل”.

وأظهرت الصور التي نُشرت على الإنترنت مقاتلي جبهة تحرير الشام، يسيطرون على محطة حافلات مركزية ومحطة توليد كهرباء، في جوبر.

وتأتي هذه المعركة بعد أسابيع من هجمات النظام التي شنها مستخدما صواريخ أرض أرض وقذائف الهاون على كل من أحياء القابون وتشرين وبرزة الخاضعة لسيطرة المعارضة، والواقعة في الجهة الشمالية الشرقية من دمشق، وتحيط بها مناطق سيطرة النظام.

كما تشكل هذه الأحياء الثلاثة جيبا صغيرا تربطه شبكة من الأنفاق، بطول 1 كم، تحت الأرض، بالغوطة الشرقية المحاصرة من قبل النظام، والخاضعة لسيطرة الثوار.

إلى ذلك، وقعت كل من أحياء القابون وتشرين وبرزة اتفاقية وقف إطلاق نار غير رسمية مع النظام، في مطلع عام 2014، والتي صمدت بالرغم من الاشتباكات المتقطعة حتى الشهر الماضي. وبالرغم من تطويق النظام للمنطقة وتفتيش البضائع التي تمر عبر الحواجز، تمكن الأطفال من العودة إلى مدارسهم، كما تمكن طلاب الجامعات من المغادرة للالتحاق بالمحاضرات الجامعية وسط مدينة دمشق، وعمل النظام على توفير المياه والكهرباء لمعظم أجزاء المنطقة.

لكن إغلاق النظام لمداخل الأحياء الثلاثة، الشهر الماضي، يعني عدم استمرارية عمليات التهريب عبر الأنفاق، حيث نفدت إمدادات المهربين داخل المنطقة، ولم يتبق لديهم ما ينقلوه إلى الغوطة الشرقية. كما أن قصف النظام الأخير يثير المخاوف من انقطاع شبكة الأنفاق وعزل الأحياء الثلاثة بشكل كلي عن الغوطة.

ولن تكون هذه المرة الأولى التي تفقد فيها الغوطة الشرقية المحاصرة مصدرا رئيسيا للعيش. فعندما استولت قوات النظام على منطقة المرج الخصبة، الواقعة جنوب الغوطة الشرقية، في أيار الماضي، ساهمت شبكة الأنفاق بالتخفيف من أثر الخسارة، من خلال السماح للثوار بتهريب الأغذية إلى الغوطة المحاصرة.

في السياق، قال ستار الدمشقي، ناشط في حي تشرين، لسوريا على طول، الشهر الماضي “إن الأنفاق تعتبر الشريان المغذي للغوطة الشرقية في ظل الحصار الذي تعانيه، وبسيطرته على هذه الأنفاق يكون (النظام) قد شدد القبضة والحصار على الغوطة”، مشيرا إلى أن فقدان القدرة على الوصول إلى القابون وتشرين وبرزة سيشكل ضربة قوية للمعارضة في الغوطة الشرقية.

رد النظام

قال ناشطون على الأرض لسوريا على طول، أن الطائرات الحربية السورية والروسية استهدفت حي جوبر، بعشرات الغارات الجوية، خلال الاشتباكات في الأيام الأخيرة. وقال أبو وسام الدمشقي، ناشط إعلامي في جوبر، لسوريا على طول، أنه وبحلول ظهر الثلاثاء “وصل عدد الغارات الجوية على حي جوبر 35 غارة، بالإضافة الى القصف المدفعي”.

في سياق متصل، أفاد محمود آدم، الناطق باسم الدفاع المدني في ريف دمشق، الاثنين، أنه بالإضافة إلى الضربات الجوية وقذائف الهاون التي استهدفت الجبهات في جوبر، ضربت 14 غارة جوية على الأقل الغوطة الشرقية، مما أسفر عن مقتل 13 مدنيا وإصابة العشرات الآخرين. كما استمر القصف على الغوطة الشرقية، طوال يوم الثلاثاء.

وأضاف آدم، يوم الاثنين، مع احتدام المعارك في جوبر “نشهد تحليقا متواصلا على مدار الساعة، وهذا ما أعاق عملنا كدفاع مدني بسبب عدم قدرتنا على تغطية كامل المنطقة، بإخلاء الجرحى والمصابين، كما إن تأخر وصولنا إلى مناطق القصف قد يؤثر على حياة الأهالي، والجريح يصبح شهيدا بسبب هذا التأخر”.

جوبر، الثلاثاء. تصوير جوي لفيلق الرحمن.

وحتى ظهر يوم الثلاثاء، كان من بين القتلى طفل على الأقل وواحد من عناصر الدفاع المدني، وفقا لما أورده الدفاع المدنى في صفحته على الفيسبوك.

ولم تورد وسائل الإعلام السورية أية أنباء بشأن الغارات الجوية، في حين ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا”، يوم الثلاثاء، أن قوات النظام السوري “صدت هجوما شنه إرهابيون من جبهة النصرة”، كما أطلقت جماعات مسلحة “قذائف صاروخية” على الأحياء المجاورة الخاضعة لسيطرة النظام. وأفاد موقع سبوتنيك الروسي أن الطائرات الحربية السورية “قصفت” جوبر وعدة أحياء في الغوطة الشرقية، يوم الاثنين.

وقال إياد أبو الجود، مدير القطاع الشرقي للدفاع المدني في دمشق، لسوريا على طول، في وقت سابق من هذا الشهر، أن أسابيع من قصف النظام المستمر لبرزة وتشرين والقابون خلفت دمارا هائلا بنسبة 85 % في حي تشرين و 60% في القابون.

وعلى بعد 1 كم فقط من المعارك، يعيش السكان “حالة خوف كبير”، في الغوطة الشرقية، وفقا لما قاله أبو صلاح، مدني في دمشق، لم يحدد موقعه بالضبط.

وأضاف إن “هناك حالة من الاستنفار الأمني في أوتوستراد العدوي والتجارة كما أن الحركة خفيفة جداً في شوراع دمشق، وهناك حالة هدوء وترقب من قبل المدنيين”.

شارك هذا المقال