8 دقائق قراءة

مقابلات مع ستة سوريين حول قرار ترامب: يعتبروننا الخطر وراء كل شر يحدث

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً تنفيذياً على نطاق واسع، […]


وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً تنفيذياً على نطاق واسع، الجمعة، يعلِق فيه دخول اللاجئين إلى الولايات المتحدة، لأربعة شهور ويحظر مواطني سوريا وإيران والعراق وليبيا والصومال واليمن والسودان من دخول الولايات المتحدة خلال ثلاثة شهور. واللاجئون السوريون محظورون إلى أجل غير مسمى.

وعمّت الفوضى، بما فيها المظاهرات الجماعية، والتحديات القانونية واعتقال عشرات اللاجئين القادمين، والمقيمين والمسافرين الذين تعود أصولهم إلى البلدان السبعة، التي شملها القرار، وانتهى بهم الحال عالقين على الحدود والمطارات في أرجاء الولايات المتحدة.

ومن بين أولئك المعتقلين، أشخاص يملكون إقامة قانونية دائمة، مما دفع جون كيلي، وزير الأمن الداخلي إلى الإشارة في يوم الأحد، إلى اعتبار “دخول الأشخاص أصحاب الإقامة الشرعية الدائمة يصب في المصلحة القومية”. وعلى مواطني البلدان السبعة ذات الغالبية الإسلامية، من حملة البطاقات الخضراء أن يطلبوا إعفاءً لدخول الولايات المتحدة من جديد.  

وبالنسبة للاجئين السوريين تحديداً، فمصيرهم محتوم. فحتى أولئك الذين تم انتقائهم للتوطين في الولايات المتحدة، وبعضهم بعد سنوات من مقابلات عديدة ورغم التدقيق والتمحيص الطويل في ملفاتهم، رُفضوا الآن.

وفي الوقت نفسه، فإن البعض الآخر ممن لديهم البطاقة الخضراء  ((green cards أو بدونها خائفون أو غير واثقين مما يعنيه هذا القرار التنفيذي. والعائلات ممزقة، فبعضهم توطن في الولايات المتحدة، وبعضهم ظل محتجزاً خارجها.

المئات يتظاهرون احتجاجا على قرار ترامب في مطار جون كندي في مدينة نيويورك، الأحد. حقوق نشر الصورة لـ ACLU.

وكان عدة أشخاص من طاقم سوريا على طول، في عمان، يجرون مقابلات لإعادة التوطين في الولايات المتحدة حين دخل قرار ترامب حيز التنفيذ. قابلنا لأجل هذا التقرير، إحداهن، وأصدقاء وأقرباء للبعض الآخر. وأسمائهم على التوالي وسيم وفاطمة ونورالدين ومعتصم ويوسف وحنان. وفيما يلي معنى قرار ترامب التنفيذي بالنسبة لهم:

 

  • وسيم أليكس، شركسي مسلم يبلغ من العمر 24 عاما، من بلدة بريقة المحاذية لحدود إسرائيل بمحافظة القنيطرة ونزح وعائلته منها إلى الأردن. بعد تعرضها لقصف شديد في عام 2012،  وكان من المفترض أن يحلق إلى الولايات المتحدة في شهر شباط.

أخذت الموافقة على السفر بعد سبعة شهور من المقابلات، وقد أخبرتنا السفارة بأن سفرنا سيكون بعد 3 أشهر وكنت بانتظار الحجز لا أكثر أنا وعائلتي.

كنا قد بعنا بعضا من أثاث منزلنا الذي نستطيع الاستغناء عنه مؤقتاً مع اقتراب موعد السفر  كطقم الكنب وأسرّة غرف النوم، حتى أنني استغنيت عن فرص عمل قدمت لي كي لا أرتبط بعقود قبل سفري.

ونحن في حيرة من أمرنا ولا نعلم ماذا سنفعل الآن؟.

أنا بكل تأكيد ضد قرارات ترامب وما جاء به ولن أكون معه، ولا يمكنني أن أصف شعوري فهو سيء جدا تلقي هكذا خبر، حيث كان من المفترض ان أسافر نهاية الشهر القادم وكنت أطمح بإكمال الدراسات العليا في أمريكا. قرار ترامب ليس منطقياً بل هو عنصري بحت، ولا أعتقد أن هناك عنصرية تطلق ضد مهجرين قسريا لتكسر شآمتهم وتذلهم أكثر.

أخي طبيب مقيم في ولاية فرجينيا  وهو من كان سيتكفل بنا هناك بعد سفرنا إلى أمريكا، ولكن جاء قرار ترامب صعقة بالنسبة لي وحطم آمالي.

لا خيارات أخرى أمامنا بكل تأكيد، وهذا الأمر ستتحمل مسؤوليته الأمم المتحدة بأسرها، ومنظمات حقوق الإنسان ومفوضية اللاجئين. نحن بكل تأكيد سنكافح الحياة وظروفها إلى أن يُنسج حلا سياسياً ينهي بنا المطاف بعودتنا لبلادنا.

**

فاطمة عاشور، من معضمية الشام، جنوب غرب ريف دمشق. غادرت وعائلتها في آواخر 2012، بسبب الحرب والقصف على بلدتها. وتعمل في سوريا على طول مترجمة من الإنجليزية إلى العربية.

في منتصف آب، 2016، استوطن أخي وعائلته في كاليفورنيا بعد سلسلة مقابلات استمرت لسنة، وفي الشهر العاشر بدأت وأمي إجراءات عملية التوطين لننضم إليه.

الآن، محظورة أنا بقرار من ترامب من رؤية أخي وابنه وابنته. لا يمكنني أن أتخيل أن يكون هناك كل هذه الفجوة بين الشعب وقائده. كل من قابلتهم من الأميركان كانوا رائعين وحضاريين.

تعلمين،هم يعرضوننا لمعاناة جديدة، أن نكون شظايا وحطاماً في  كل البلاد في هذا العالم. سنموت صمتاً، ولا أحد يكترث حقيقة.

حلمت أني سأمضي إلى الولايات المتحدة وأتقن الإنجليزية وأتملكها، فأصبح مترجمة للحب والشعر. أن أحاول أن لا أركز على الحرب.

يعتبرني (ترامب) إرهابية. ومرتبطة بالإسلام، فما خطب الإسلام؟ الله يعلم كم أحببت كل من قابلتهم من الأميركان في عملي. فلماذا يفصلون بيننا؟ بالله من يختار هؤلاء البشر ليقودوا ويختلقوا الجدران؟

حقوق نشر الصورة لـ Juan Zero و الذاكرة الإبداعية

ابن أخي في الرابعة من العمر. كلما حادثته، يقول لي: سأطلب من الطائرة أن تعود لأجلكم. الآن عليه أن يطلب من ترامب.

لا يمكنني أن أرى شقيقتي في سوريا ولا أعرف إلى متى. ولا أن أرى أخي في الولايات المتحدة. ولا خالتي في لبنان، صديقة عمري، التي أمضيت معها كل لحظة في طفولتي.

أنا مسلمة وسورية. هذا النسب الذي أتباهى به والكلمات الجميلة التي أنتمي إليها. هي نفسها وراء معاناتنا العميقة. هناك ألم عميق يسكننا، أعنف من القصف وأقسى من القتل. نحن نعتبر الخطر وراء كل شر يحدث. ولا ننتمي لأي مكان.

**

نور الدين، 21عاماً، من محافظة درعا، جنوب سوريا، خرج وعائلته إلى الأردن في عام 2013 بسبب تدهور الوضع المعيشي وغياب الأمن، وكان قد أجرى عدة مقابلات وكان موعود بالسفر إلى أمريكا في شباط، بعد عامين من بدء عملية التوطين.

بالتأكيد نحن ضد قرارات ترامب لأن هذا القرار يستهدف اللاجئين المسلمين حصرا، وهذا بحد ذاته يحمل عنصرية لا يجب أن يحملها رئيس أكبر دولة في العالم، وهذا إن دلّ على شيء يدل على مستقبل شؤم ستعيشه البلاد الأوروبية وسينعكس بالطبع على دول الشرق الأوسط بأكمله، وأنا منذ تولي ترامب الرئاسة لم أكن متفائلا به أبدا.

شعوري لا يمكن وصفه طبعا لمدى بشاعته لأن ترامب ينظر إلينا كإرهابيين وأشخاص سيئين سنجلب الخراب لبلاده ونحن لسنا كذلك ولن نكون أبدا فمن خرج من بلاده طالبا السلم والأمان لا أكثر، لن يسيء لدولة احتوته وساعدته في محنته سواءً في الأردن أو في الولايات المتحدة الأمريكية أو في أي مكان في العالم.

والجدير ذكره بأنهم يدرسون الملف الأمني لكل شخص مذ كان في سوريا وحتى خلال إقامته في الأردن قبل أن تتم الموافقة عليه، فلماذا الخوف منا إذا؟!

في الوقت الحالي لم نفكر في بلدان أخرى بديلة لنسافر إليها، وما زلنا محتارين في أمرنا فنحن ما زلنا نتواصل مع أقربائنا وأصدقائنا في أمريكا، لنعرف كيف هي معاملة الولايات المتحدة الأمريكية مع اللاجئين المقيمين هناك وإن كانوا قد أخبروهم بشيء يخصنا، لعل وعسى أن يكون خطاب دولاند ترامب مجرد كلام أمام وسائل التواصل الإجتماعي لأن قراره ليس منطقيا أبدا!

**

معتصم، عمره 33 عاماً، متزوج ولديه طفلين، خرج من سوريا إلى الأردن في أذار 2013. وبعد ثلاثة سنين، تم تسجيله في برنامج التوطين، وغادر إلى ولاية أوهايو في أميركا في كانون الأول عام 2016، بعد دراسة ملفه والتحري الأمني لمدة تسعة شهور.

خرجت من الأردن، عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تاركاً والدي، البالغ من العمر 63 عاما وحده في الأردن على أمل أن أقوم بلم شمله لاحقاً، وفور وصولي إلى الولايات المتحدة قدمت طلباً للم الشمل.

ولكن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بخصوص اللاجئين، أصابني بصدمة غير متوقعة تمثلت في عدم استطاعتي بلم شمل والدي، إلا بعد فترة قد تكون طويلة جداً على عكس ما كنت أمل.

وبهذا القرار تأثرت وأصبحت ألوم نفسي على قبولي الخروج دون والدي ولكني لم أكن أتوقع صدور هذا القرار المجحف بحقنا.

والآن أنا خائف من قرارات الرئيس الأمريكي القادمة بخصوص اللاجئين، فأنا قبلت الذهاب الى أمريكا لأنها بلد الفرص ولعلي أحسِن وضع عائلتي وأكون أكثر استقراراً  مما كنته في الاردن.

ولكن الرئيس الأميركي حطم أملي وهدفي الأول بلم شمل والدي، ولا أدري ماذا سيكون مصيري في أميركا في الأيام القادمة.

**  

يوسف، عمره 38 عاما متزوج،  ولديه طفلة، هاجر إلى كاليفورنيا، في الولايات المتحدة الامريكية منذ أكثر من سبع سنوات، وحاصل على إقامة دائمة مع الجرين كارد. تحدث إلى سوريا على طول من لبنان.

منذ أسبوع قررت الخروج إلى لبنان بزيارة، وكنت قد سمعت تصريحات ترامب بخصوص اللاجئين ولكني لم أكن أعلم بأن هناك قرارا للمقيمين أيضاً، كوني سوري مقيم في الولايات المتحدة لأكثر من سبعة أعوام وأحمل بطاقة الجرين كارد (green card).

(المخاوف التي عبّر عنها يوسف وآخرين، مقيمين أساساً في أميركا، تعكس فوضى التطبيق الفوري للقرار التنفيذي للرئيس ترامب. بعد توقيع القرار في يوم الجمعة، تم اعتقال عشرات اللاجئين وغيرهم ، وفق ما تواردت الأنباء، في المطارات وعلى الحدود، ومن بينهم بعض العائدين المقيمين قانونياً وحملة الـ جرين كارد. وفي يوم الأحد، أوضحت إدارة ترامب أن أولئك الذين يحملون البطاقات الخضراء من البلدان السبعة التي شملها القرار لن يتأثروا به).

ولكن بعد معرفتي بالقرار ودخوله حيز التنفيذ بعد توقيع الرئيس الأميركي عليه، شعرت بالإحباط وأصبحت أتصل بأصدقائي في كاليفورنيا ليقولوا لي ماذا سأفعل بهذه المصيبة التي لم تكن بالحسبان أبداً.

أنا مقيم في أميريكا، وأشعر بالاستقرار في حياتي فيها، وتركت منزلي وعملي لأخرج في إجازة وأعود لعملي ومنزلي ولكن لا أعرف الآن بموجب القرار، يجب أن أبقى لشهور في لبنان حتى أتمكن من العودة مع عائلتي إلى اميركا حسب القرار.

**

حنان، 22عاماً، طالبة علم أحياء في كلية آلاميدا في كاليفورنيا. استوطنت في الولايات المتحدة وعائلتها في أذار 2015،  بعد عامين من هروبها من دمشق إلى الأردن. حنان تحمل الجرين كارد وكانت تنوي السفر إلى تركيا لترتبط بخطيبها ولكن قبل إبرام القرار التنفيذي.

إذا غادرت أميركا فربما لن أستطيع العودة إليها. لدي الجرين كارد ولكني خائفة.

انا من الميدان، حي جنوب دمشق القديمة، كنت أسكن بمنزل جميل وكبير مع بيت جدي. وحين أصبحت في 18عاما سجلت لأدرس الحقوق في الجامعة. ولكن أبي كان يخشى علينا من الاعتقالات، ورفض أن أخرج للجامعة. قائلاً، بنتي ستبقى تحت جناحي، خرجت إلى الأردن في عام 2013.

الحياة في الأردن كانت صعبة. ابي لم يكن قادرا على العمل، وإيجار البيت كان غالياً والمساعدات لم تكن تكفي، وبعد جهد كبير سجلني والدي في كلية المجتمع العربي في عمان. ودرست الصيدلة لعامين.

اتصلت المفوضية بنا، وأخبرونا أننا قبلنا في برنامج التوطين واستغرقت المقابلات حوالي سنة. وأتينا أمريكا في أذار 2015. وهنا شعرت أني ولدت من جديد في الجنة.

الحياة بأميركا ببدايتها كانت صعبة واختبرت فعلاً معنى الصدمة الثقافية، ثم تعدلت الامور، وذهبت إلى مركز لتعلم الإنجليزية وأمي معي ودرسنا هناك. وسجلت بكلية حتى قبل أن أتم عامي الأول في الولايات المتحدة. وصارت الحياة أحلى بكثير.

أبي حاليا يعمل سائقاً. يصطحب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مدارسهم صباحاً، وبعدها يعمل سائقاً بـتطبيق اوبر درايفر، وأنا أعمل بوقت جزئي في أوكلاند.

انخطبت لأنس بشهر 9 عام 2015، بواسطة السكايب. خطيبي غادر سوريا إلى تركيا في بداية عام 2016. ترك سوريا ليلتقي بي. وهو بانتظار أن آتي إلى تركيا. حصلت على الجرين كارد في الشهر العاشر في عام 2016.

كنت أرتب أموري لزيارته في شباط، لنكتب كتابنا في المحكمة، وأعود، ولكن الآن أصبحنا في حيرة، لن أسافر، خائفة ومحبوسة بالبلد، وخطيبي يخبرني أن أنتظر، وأنه بات يخشى علي.

أخشى إن خرجت من هنا، أن لا أستطيع أن أعود لأميركا، وأخسر جامعتي وكل ما بنيته إلى الآن. وأعود للصفر. أنا الآن أنتظر أن تهدأ الاوضاع قليلاً. ولكني على استعداد أن أغادر البلد ولا أخسر خطيبي.

حين تصادف الحب لا يمكنك أن ترميه بعيداً وتمضي، أعرف أن الدراسة والعمل في أميركا حلم للجميع، ولكني أتنازل عن الدنيا لنكون مع بعض.

قرار ترامب لم يؤثر على علاقتنا، على العكس زادنا إصراراً لنبقى سوياً.

أحب أميركا  كثيراً، أحب البلد، وأهلها، أصدقائي الأميركان، جميعهم واقفون معي ويبكون لأجلنا أيضاً. وأحب الذكريات التي جمعتني مع الناس الذين ساعدونا حين أتينا. وما يزالون واقفين إلى جانبنا.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال