3 دقائق قراءة

مقاتل في الجيش الحر اختار البقاء في برزة: أريد استعادة حياتي كمدني والتخلص من حياة الحرب

بدأ حوالي عشرة آلاف مدني، ومقاتل في المعارضة وعائلاتهم، مغادرة […]


6 يونيو 2017

بدأ حوالي عشرة آلاف مدني، ومقاتل في المعارضة وعائلاتهم، مغادرة حي برزة شمال شرق دمشق، منذ شهر، تنفيذا لاتفاقية تفضي بإعادة فرض سيطرة النظام على الحي المعارض.

وأدت عمليات الإجلاء إلى معقل الثوار في محافظة إدلب، شمالا، إلى إنهاء حصار النظام وقصفه لحي برزة الذي استمر على مدى ثلاثة أشهر تقريبا.

واختار الكثير من الأهالي الخروج على متن حافلات النظام باتجاه الشمال، إلا أن أبو الليث البالغ من العمر 35 عاما، وهو مقاتل في الجيش السوري الحر منذ عام 2012، قرر البقاء في برزة وتسوية أوضاعه مع النظام وتسليم سلاحه.

واليوم، ما يزال أبو الليث وزوجته وأبنائه الأربعة داخل الحي الذي تحيط به قوات الأسد، وتقيد حركة الدخول والخروج منه. كما ارتفعت أسعار الفواكه والخضراوات والخبز، في حال توافرها، إلى ضعف ما كانت عليه قبل الاستسلام.

فما الذي دفع مقاتل المعارضة، الذي التحق بصفوف الجيش الحر منذ فترة طويلة، إلى البقاء والعيش تحت ظل النظام؟

يقول أبو الليث لمراسلة سوريا على طول آلاء راتب “قررت البقاء لأني أريد أن أستعيد حياتي كمدني وأن أتخلص من حياة الحرب”، ويضيف إن “القادة الذين كانوا مثلنا في الثورة وجعلناهم يمثلوننا تخلوا عن مبادئهم، بعد تسليمهم حي تشرين والقابون وبرزة، التي باعتها الفصائل”.

كيف تصف الحياة الآن في برزة؟

المعيشة صعبة جداً داخل الحي، فمنذ توقيع بنود المصالحة مع النظام لم تدخل سوى ألف ربطة خبز (وزن الربطة كيلو غرام واحد تقريبا) فقط إلى الحي (منذ أسبوعين)، وبعدها لم يقم النظام بإدخال شيء.

(توصل الثوار وقوات النظام إلى اتفاقية هدنة في أوائل حزيران، تنص على إجلاء الثوار وعائلاتهم  ومن يرغب بالخروج من المدنيين من الحي. وتوجه الأشخاص الذين غادروا برزة، على متن حافلات النظام، إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غرب سوريا، أو إلى جرابلس، وهي مدينة تقع في شمال سوريا، وتسيطر عليها فصائل المعارضة المدعومة من الجانب التركي).

أنا الآن لا أستطع تأمين مادة الخبز لعائلتي حتى الخضار والفواكه غير متوفرة إلا عند التجار وبأسعار باهظة جداً، فأسعار المواد الغذائية تضاعفت، ولا يوجد سوى مادة البرغل في منزلي.

حي برزة، يوم السبت. تصوير: عدسة شاب دمشقي

كيف يعاملكم النظام بعد أن سيطر على حي برزة؟ وهل يسمح بدخول وخروج الأهالي من برزة باتجاه العاصمة دمشق؟

إلى الآن النظام لم يدخل إلى حي برزة، فتواجده مقتصر على أطراف الحي، لذلك نحن لم نحتك مع عناصره إلى الآن.

قمنا أنا والعديد من المقاتلين، الذين رفضنا الخروج ضمن الاتفاق، بتسوية أوضاعنا وتسليم أسلحتنا.

وحتى الآن لم يسمح النظام للأهالي الذين اختاروا البقاء في حي برزة بمغادرة الحي، ولم يسمح لأحد من خارج برزة بالدخول إليه.

لماذا لم تخرج مع المقاتلين من حي برزة إلى إدلب؟

قررت البقاء لأني أريد أن أستعيد حياتي كمدني وأن أتخلص من حياة الحرب، وأريد أن يعيش أبنائي حياة طبيعية بأن يتمكنوا من إكمال دراستهم.

ولم أخرج إلى إدلب لأنه ليس لي أحد فيها، إذا رغبت بالخروج إلى تركيا أحتاج إلى مبلغ كبير وبالدولار وأنا لا أستطيع تأمينه.

والقادة الذين كانوا مثلنا في الثورة وجعلناهم يمثلوننا تخلوا عن مبادئهم، بعد تسليمهم حي تشرين والقابون وبرزة، التي باعتها الفصائل، أنا الآن أتكلم بصفتي مقاتل وقائد مجموعة، نجوت من الموت مرات وتصاوبت عدة مرات ولم أتخل عن سلاحي وكنت أدافع  بسلاحي البسيط.

كنا نقاتل بأسلحة خفيفة مقابل دبابات وقصف جوي، ولكن تغيرت المبادىء والأولويات عند القادة ودفعنا نحن الثمن.

هل ندمت على بقائك في برزة أم تعتبره القرار الصحيح؟ وما رأيك بالنظام السوري بعدما رضيت بالبقاء وتسوية وضعك؟

لا لست نادماً لأنني بقيت في برزة، وهو القرار الصحيح  فالقادة التي ذهبت من برزة تاجرت بالدم السوري وتخلت عنا كمقاتلين دون ضمان حقنا.

وبقيت في برزة من أجل أولادي، الذين حُرموا حقهم في التعليم، فابني عمره 11 عاماً لا يستطيع الكتابة والقراءة، ومن حق أطفالنا أن يعيشوا حياة كريمة بعد كل ما عانوه في ظل الست سنوات الفائتة، عشنا حياة كلها ذل بذل، قرفنا من هذه الحياة ونريد الخلاص فقط.

بعد الذي عايشته، ما هو رأيك بالثورة السورية؟

لم يعد هناك شيء اسمه ثورة في سوريا، بل هناك من يتاجر بالدم السوري، فالقادة الذين خرجوا إلى إدلب، هم قادة غير شرفاء لأنهم تركوا بلدهم وتخلوا عن مبادئ الثورة، وسرقوا الشعب وتاجروا  بدماء السوريين.

بقيت ست سنوات وثلاث أشهر أقاتل في صفوف الثوار والجيش الحر، هو جيش اشتري بالمال، في بداية الثورة كنا نقاتل ببارودة 12 ( أي بارودة صيد)، ونحرر مناطق وحارات، أما الآن بأيدينا سلاح ثقيل قمنا سلمنا حينا، الله لا يسامح القادة الذين سلموا حينا، وأوصلونا إلى هنا.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال