4 دقائق قراءة

“من أزمة إلى أخرى” يكافح سكان دمشق في طوابير الوقود ونقص الغاز

لم يذهب عز الدين إلى وظيفته في القطاع العام لمدة أسبوع كامل، لأن  حافلة الشركة لا يوجد فيها ما يكفي من الوقود لاصطحابه وزملائه من منازلهم في دمشق.وعمّه، سائق سيارة أجرة في العاصمة السورية، ينقل الركاب بشكل متقطع، يعمل يوماً ويوقف سيارته عند أقرب محطة وقود في يوم آخر، من أجل الحصول على مكان له في الطابور، على أمل أن يكون لديه خزان كامل من البنزين بحلول اليوم التالي.


لم يذهب عز الدين إلى وظيفته في القطاع العام لمدة أسبوع كامل، لأن  حافلة الشركة لا يوجد فيها ما يكفي من الوقود لاصطحابه وزملائه من منازلهم في دمشق.

وعمّه، سائق سيارة أجرة في العاصمة السورية، ينقل الركاب بشكل متقطع، يعمل يوماً ويوقف سيارته عند أقرب محطة وقود في يوم آخر، من أجل الحصول على مكان له في الطابور، على أمل أن يكون لديه خزان كامل من البنزين بحلول اليوم التالي.

وقال عز الدين “اتصل عمّي بزوجتي وطلب منها إحضار حافظة الشاي، ليستخدمها أثناء انتظاره الطويل في الطابور، وأخبرها “حلقي يجف من ساعات الجلوس بانتظار دوري”.

وقال سكان دمشق لسوريا على طول، إن الحياة اليومية “متوقفة” في دمشق، حيث وصلت أزمة البنزين إلى ذروتها للأسبوع الثاني على التوالي، بينما يتحدث السائقون عن ساعات الانتظار الطويلة لملئ سياراتهم من محطات الوقود التي لا تزال تعمل.

وفي إحدى الصور التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر كيف يستخدم أربعة رجال سقف سيارتهم كطاولة للعب الورق خلال انتظارهم في الطوابير.

وفي منشور آخر من صفحة أخبار محلية، يظهر رجال يغنون ويرقصون رقصات دمشقية تقليدية – رقصة يؤديها عادة فرقة من الرجال في حفلات الزفاف السورية تسمى “العراضة” – بجانب طابور متعرج من السيارات المتوقفة في طريق مقطوع تماماً خارج محطة وقود.

وقال عز الدين “ترى صوراً مضحكة، كأشخاص يدخنون الأرجيلة أثناء الانتظار في الطابور، ولكن في الواقع هي ليست مزحة أبداً”.

وتلقي وسائل الإعلام الموالية للحكومة اللوم بشكل روتيني على العقوبات الاقتصادية التي فرضها كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن أزمة البنزين، والتي قال السكان إنها شلت حركة العاصمة.

ويحدث ذلك في الوقت الذي تروج فيه دمشق لروايات الاستقرار والمصالحات، بعد سنوات من القتال التي شهدت حصاراً قاسياً من قبل القوات الحكومية، وقصفاً جوياً عنيفاً على ضواحي المدينة التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقاً.

والآن أصبحت خطوط المواجهة الأمامية هادئة، إلا أن المشكلات الاقتصادية تعصف بدمشق اليوم، وكذلك المدن الكبرى الأخرى في جميع أنحاء الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وتكافح الحكومة من أجل إدارة اقتصاد خلفته سنوات من الحرب والفساد، حيث يشكو المسؤولون الحكوميون في السويداء وحمص وأماكن أخرى من نقص حاد في الوقود.

أما في حلب فقد أشيع أن رجلاً توفي في محطة الوقود الأسبوع الماضي، إثر إصابته بنوبة قلبية جاءت بعد رفضهم طريقة دفع ثمن البنزين بعد انتظاره في الطابور لساعات طويلة، وتظهر الصور التي نشرت على الإنترنت طوابيراً لا نهاية لها من السيارات حول المدينة.

وقال حسن، وهو أحد سكان دمشق، لسوريا على طول “لا يمكنك أن تتخيل مدة الانتظار في طوابير محطات الوقود، هناك أزمة حقيقية”.

ونوّه مقال لجريدة الوطن اليومية المؤيدة للحكومة، نشر الأربعاء الماضي، بأن العقوبات الأميركية التي فرضت في الأشهر الأخيرة على شحنات النفط القادمة الى سوريا، كانت السبب وراء النقص الحاد للوقود.

وقال بيان لوزارة الخزانة الأمريكية في آذار، أن العقوبات استهدفت “الأطراف المتورطة في شحنات النفط إلى الحكومة السورية”، مضيفاً أنها “فرضت عقوبات على القطاعين العام والخاص الإيرانية والروسية المتورطة في شراء النفط الإيراني لصالح سوريا”.

ووفقًا لصحيفة الوطن، لم تصل سفينة نفط واحدة إلى سوريا منذ العام الماضي.

وفي حديثه إلى سوريا على طول، يوم الخميس، ألقى شادي الأحمد، الخبير الاقتصادي في دمشق، باللوم على العقوبات الأمريكية والتي سببت النقص الحالي في الوقود، واصفاً إياها “بالسبب الرئيسي” للأزمة التي تعصف بسوريا.

وقال “كيف يمكن إدارة الغاز أو أي شيء من هذا القبيل بشكل جيد أو سيء من قبل الحكومة إذا لم تزود به أولًا؟”

وقال السوريون في دمشق “يتحملون العناء” كل يوم مع نقص الوقود الذي وصل إلى أسبوعه الثاني.

وقال حسن المقيم في دمشق “لن نتخلص من هذه الأزمة طالما تحكمنا فئة فاسدة ظالمة”.

وقال محمد، وهو تاجر للمواد الغذائية، لسوريا على طول بأنه “يحاول ببساطة تدبير احتياجاته” وسط هذه الأزمة، حيث يعتمد عمله على نقل البضائع بين مسقط رأسه في ضواحي دمشق والمناطق الوسطى من المدينة.

وأضاف “إذا لم أستطع الحصول على الوقود، فلن أستطيع القيام بعملي، إنه شيء مرتبط بعملي”.

وقال “أحاول أن أجد طرقاً للتعامل مع الأزمة كباقي التجار”، حيث يقوم محمد بتخزين الوقود لشركته في حال نفاده من السوق، وذلك للحفاظ على تشغيل مركباته.

أضاف “إنني أسأل دائماً عن الأشخاص الذين يبيعون الوقود في السوق السوداء حتى أتمكن من شراء بعض منه”.

“عليك دائمًا أن تعد نفسك للمفاجآت”.

وتأتي أزمة الوقود هذه بعد أشهر قليلة من النقص الحاد في أسطوانات الغاز، الشتاء الماضي، والتي تستعمل في جميع أنحاء البلاد للطهي والتدفئة.

وألقي باللوم في أزمة الغاز على كل شيء، ابتداء من التجار الفاسدين وارتفاع الطلب، إلى  العقوبات الدولية القاسية على الحكومة السورية، كما هو الحال مع نقص الوقود الحاد في نيسان.

وقال عز الدين “الكل قلق بشأن هذه الأزمة، إنهم خائفون من أن ما حدث مع أسطوانات الغاز سوف يتكرر مرة أخرى الآن، نفس القصة: السوق السوداء، والتلاعب في الأسعار، والاحتكار”.

وأشار حسن، أحد سكان دمشق، إلى أن مزاعم الحكومة السورية بتحسن الأوضاع لا تزال بعيدة المنال، وقال “نحن ننتقل من أزمة إلى أخرى”.

 

* قامت شركة سوريا على طول بتغيير أسماء جميع سكان دمشق المذكورة في هذا التقرير لحماية هوياتهم.

ترجمة بتول حجار

 

شارك هذا المقال