5 دقائق قراءة

من المشمولون بقرار تسهيل دخول السوريين من أوروبا إلى الأردن؟

بموجب القرار، يحق للرعايا السوريين الذين كانوا متواجدين في الأردن وتم توطينهم في دول الاتحاد الأوروبي دخول الأردن، شريطة حيازتهم إقامات سارية المفعول في بلد الإقامة لمدة لا تقل عن ستة أشهر وتذكرة طيران صالحة للعودة إلى بلد الإقامة


26 يوليو 2022

عمان- بسعادة بالغة تلقى علاء غزلان، 35 عاماً، خبر سماح الأردن للسوريين المقيمين في أوروبا دخول أراضيه، لأنه أعاد لي “الأمل في احتضان أمي ولقاء إخوتي بعد سنوات من الفراق”، وسرعان ما حجز الشاب، الذي ينحدر من مدينة حماة، تذاكر الطيران لقضاء عطلة الصيف مع العائلة في عمان. 

عندما تداول السوريون قرار وزارة الداخلية الأردنية “إلغاء قرارات الإبعاد بحق الرعايا السوريين الذين كانوا متواجدين على أراضي المملكة”، الصادر في حزيران/ يونيو الماضي، كان غزلان، المقيم في فرنسا منذ عام 2019، يقضي إجازته الصيفية رفقة زوجته وطفليه عند أهل زوجته في مدينة فرانكفورت الألمانية.

وبموجب القرار، يحق للرعايا السوريين الذين كانوا متواجدين في الأردن وتم توطينهم في دول الاتحاد الأوروبي دخول الأردن، شريطة حيازتهم إقامات سارية المفعول في بلد الإقامة لمدة لا تقل عن ستة أشهر وتذكرة طيران صالحة للعودة إلى بلد الإقامة، على أن يًمنح حملة وثائق السفر الأجنبية تأشيرات الدخول اللازمة من المطار.

قطع غزلان إجازته، وحجز تذاكر طيران من فرانكفورت، وكان من المقرر أن يصل إلى عمان، في 21 تموز/ يوليو الحالي، لكن موظفة شركة طيران الملكية الأردنية رفضت صعود الشاب السوري وعائلته إلى الطائرة، كما قال لـ”سوريا على طول”.

أبرز غزلان للموظفة صورة القرار والوثائق التي يشترطها القرار “من إقامة سارية المفعول لمدة عشرة سنوات، وتذاكر ذهاب وعودة، ووثيقة سفر صالحة حتى عام 2027″، كل ذلك “لم يقنع الموظفة في الموافقة على صعودي الطائرة لعدم حصولي على تأشيرة وموافقة أمنية”، وفقاً لغزلان.

وحاول غزلان قبل صدور القرار، لمرتين، الحصول على موافقة أمنية تمكنه من زيارة عائلته في الأردن، غير أن الرد جاء بالرفض، فكان القرار الأخير فرصة للقاء أقاربه في عمان، والاجتماع بأمه المقيمة في حماة، التي استفادت من قرار أردني سابق يسهل إجراءات دخول السوريين من بلادهم ضمن مجموعات سياحية، لكن تعثر ذلك كان “صادماً” ومكلفاً، حيث خسر قيمة التذاكر البالغة 1200 يورو (1221 دولار أميركي بحسب سعر الصرف الحالي).

من يشملهم القرار؟

يأتي قرار الأردن في سياق “الإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية بتسهيل دخول الرعايا العرب والأجانب لغايات الزيارة والسياحة، وبما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني”، كما جاء في قرار وزارة الداخلية، ويستثني القرار المستبعدين لأسباب أمنية.

إضافة إلى ذلك، يهدف القرار “تمكين اللاجئين الذين أعيد توطينهم في دول الاتحاد الأوروبي من دون عائلاتهم إلى زيارتهم في الأردن”، كما قال وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، لـ”سوريا على طول”.

ويعود اشتراط الأردن على الزائرين السوريين وجود إقامة سارية المفعول وتذكرة طيران صالحة للعودة “لضمان مغادرتهم بعد انتهاء مدة الزيارة، تفادياً لحدوث موجات لجوء عكسية”، وفقاً للوزير، وهو ما لا تحتمله عمّان في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

لاقى قرار الأردن استحساناً بين أوساط السوريين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي، لكنه أوقعهم في حيرة ما إذا بدأ العمل بموجب القرار أو أنه لا يشملهم، خاصة بعد منع صعود بعض المسافرين على متن الطائرة أو إعادتهم من مطار عمان. 

أسهم في ضبابية القرار “نفي السفارة الأردنية في فرنسا علمها بصدور القرار، فيما كانت إجابات الموظف على الخط الساخن لوزارة الداخلية الأردنية غير واضحة تماماً”، بحسب غزلان، الذي توقع إمكانية زيارة عمّان “قبل مرور خمس سنوات من تاريخ مغادرته للأردن، وهي مدة الإبعاد المحددة للسوريين قبل أن يُسمح لهم دخول أراضي المملكة مرة أخرى”.

عاش غزلان سبع سنوات في الأردن قبل أن يعاد توطينه في فرنسا، عام 2019، عبر مفوضية شؤون اللاجئين، وهو واحد من أصل 54 ألف لاجئ سوري تم توطينهم عبر المفوضية في 23 دولة، من ضمنها دول الاتحاد الأوروبي، وفق أرقام حصلت عليها “سوريا على طول” من مصدر في مكتب المفوضية بالأردن.

وفي ذلك، أوضح الوزير الفراية أن القرارات الصادرة عن وزارته بشأن تسهيل دخول السوريين للأردن، تُعمم على وزارة الخارجية، وبدورها تعممه على السفارات المعنية، كذلك تُرسل نسخة منه لوزارة النقل المسؤولة عن إرساله إلى شركات الطيران، وعلى وزيري السياحة والاستثمار، إلى جانب الجهات الأمنية ذات العلاقة.

وأشار الوزير إلى أن القرار ينحصر “في كل سوري لجأ إلى الأردن قبل أن يعاد توطينه في إحدى دول الاتحاد الأوروبي عن طريق مفوضية اللاجئين حصراً”، ويستثنى منه “الذين غادروا المملكة طوعاً، أو أعيد توطينهم دون تدخل المفوضية”.

وعزا الوزير الفراية ذلك إلى “عدم وضوح سجلات هؤلاء الأمنية وسيرة سلوكهم وخط سيرهم قبل وصولهم لإحدى الدول الأوروبية بالنسبة للسلطات الأردنية”.

مع ذلك، سهلت وزارة الداخلية الأردنية دخول بعض السوريين ممن وصلوا إلى مطار الملكة علياء في العاصمة الأردنية، ولم تنطبق عليهم شروط القرار “حيث حصلوا على الموافقة الشفهية، بعد التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بقرار منح إذن الدخول”، وفقاً للوزير.

وكانت الأردن تمنع دخول السوريين من خارج بلادهم إلى الأردن إلا بموجب تقديم طلب عبر منصة لوزارة الداخلية، مع “توضيح الهدف من الزيارة، إن كانت سياحة أو بغرض العلاج أو الاستثمار”، كما أوضح مصدر في وزارة الداخلية لـ”سوريا على طول”، موضحاً أن “الخدمة أوقفت مؤقتاً، على أن يعاد تفعيلها في مطلع آب [أغسطس] القادم”.

ما إمكانية توسيع دائرة المشولين؟

فيما حُرم علاء غزلان من صعود الطائرة، وصل أحمد السعيد، 40 عاماً، إلى مطار الملكة علياء لكن السلطات الأردنية منعته من دخول البلاد، “لعدم انطباق الشروط عليّ، كما أخبرني موظف في المطار”، قال الشاب الذي ينحدر من مدينة حمص لـ”سوريا على طول”.

صورة جواز سفر أحمد السعيد، توضح إلغاء ختم الدخول، بعد أن دفع رسوم التأشيرة المفروضة على الأجانب، 24/7/ 2022، (سوريا على طول)

في عام 2012 لجأ السعيد مع عائلته من حمص، واستقر في مخيم الزعتري، شمال الأردن، قبل أن يعاد توطينه عبر مفوضية شؤون اللاجئين، عام 2015، في بريطانيا، وبعد ثلاث سنوات من إقامته هناك حصل على الجنسية البريطانية.

عادة، يُعامل السوري الحاصل على جنسية أخرى معاملة مواطني البلد الذي يحمل جنسيتها، وبذلك توقع السعيد إمكانية زيارة الأردن، بغض النظر عن القرار الأخير، عدا عن أنه  تجاوز فترة الإبعاد “المحددة بخمسة سنوات”، كما قال.

ويتداول السوريون أن المبعدين المعاد توطينهم في أوروبا يستطيعون زيارة الأردن تلقائياً بعد انقضاء خمسة سنوات، وهو ما نفاه الوزير الفراية، مشدداً على أن “قرار الإبعاد لا يُلغى تلقائياً، ولا يسقط بالتقادم”، وهو ما يفسّر إصدار القرار الأخير.

لكن الوزارة تنظر في توسيع دائرة المشمولين في إجراءات تسهيل دخول السوريين، كما أوضح الوزير الفراية، إذ تنظر الوزارة “في شمول دول من خارج مظلة الاتحاد الأوروبي”.

على مدى سنوات، سعى الأردن للتعامل مع خليط من التوازنات المتعلقة بملف اللاجئين السوريين، كما أوضح الوزير الفراية، إذ “حرص على إنتاج معادلة متوازنة تنسجم مع القوانين الدولية المتعلقة بملف اللجوء، وتتفق في الوقت ذاته مع متطلبات الجانب الإنساني الذي يحتّم تسهيل لقاء اللاجئين بعائلاتهم المقيمة في المملكة”، مع مراعاة “الجانب الأمني والاقتصادي”.

في النهاية، ربما وقع علاء غزلان ضحية عدم معرفة موظفة الطيران بآلية تطبيق القرار، بحسب قوله، معبراً عن خيبة أمله “بعد أن أحسست أن حلمي بلقاء والدتي بعد عشر سنوات قد تبدد”.

شارك هذا المقال