4 دقائق قراءة

من خشبة مسرح في عمان: سوريون يفردون أشرعتهم لـ”سفينة حب” تحمل أحلامهم ومعاناتهم

في غرفة صغيرة مظلمة في العاصمة الأردنية، عمان، ولج ستة […]


8 أبريل 2016

في غرفة صغيرة مظلمة في العاصمة الأردنية، عمان، ولج ستة لاجئين سوريين في قارب وأبحروا إلى المجهول.

“سفينة الحب”مسرحية تراجيدية كوميدية كتب نصها وأخرجها الممثل والناشط السوري نوار بلبل، ويجري عرضها في عمان. وعنوانها لعب في الكلمات، ومستوح من “قوارب الموت”، القارب الخشبي أو المطاطي الذي يتداعى كما معظم سورية، والذي يودع به ألاف السوريين أرواحهم بحثا عن اللجوء إلى أوروبا.  

ومنذ بداية عام 2016، قضى أكثر من 700 شخص في رحلتهم على موج البحر الأبيض المتوسط، وفقا لتقارير عن منظمة الهجرة الدولية.

وتعبر المسرحية بجمع غفير من اللاجئين السوريين، وترسلهم مع الموج ومن غير مرساة في بحر متخيل، فيشرعون في استحضار حكاياتهم العابرة، وسرد ما مروا به، وتصور مستقبلهم في البلاد الأوروبية المختلفة وأين سترسو سفينتهم؟. 

إلى ذلكـ يقول نوار بلبل، لمراسل سوريا على طول محمد عبد الستار ابراهيم، “هؤلاء الممثلين هم سوريا الصغيرة”. ويشير إلى أن رسالة المسرحية “هي رسالة محبة ودعوة إلى ان نتحد بالحب ونتفاهم حتى نصل إلى بر الأمان”.

والوحدة تقتضي تجاوز ما يفرق السوريين اليوم. وفي المشهد الأخير في المسرحية، يسمح المسافرون للشيطان، والذي يجسد شخصيته المخرج بلبل، أن يعتلي سفينتهم. فتغرق شيئا فشيئاً، وشخصية بلبل الشيطان في تلك اللحظات ما هي إلا تنظيم الدولة، الإنقسامات الطائفية، وتبادل الشكوك، وربما شيء آخر مختلف كلياً، يبحر في خيال الجمهور.

 

ومسرحية “سفينة الحب” وتم تقديمها برعاية المعهد الفرنسي في عمان، بكلفة تقارب 23ألف دولار، جمعت عبر الموقع الأوروبي للتمويل الجماعي (Ulule).

بدوره، قال محمود صدقة، ناشط إغاثي أردني يمثل في هذه المسرحية، واتخذ من مخيم الزعتري والمرح للأطفال واجباً إنسانياً له، “المسرح هو رسالة حلوة يمكن أن يسمعها العالم بطريقة أخرى (…) وطريقة حضارية لتصل رسالة الإنسان السوري وقضيته الإنسانية”.

 

لقطة من مشاهد مسرحية “سفينة حب” حقوق نشر الصورة لمحمد عبد الستار ابراهيم

وبالنسبة للطفل مصطفى مراد، لاجئ من مدينة حمص، عمره 14 عاماً، ويمثل في المسرحية، فالمغزى من المسرحية أن “نقول للعالم نحن شعب حضاري ورسالتنا عن طريق الفن والمسارح، لا عن طريق القتل”.

ونوار بلبل هو ممثل سوري، ومخرج المسرحية، وفنان معروف بالدور الذي لعبه في المسلسل الشعبي باب الحارة، وأيد الثورة منذ بدايتها ودفع الثمن، مثل فصله من نقابة الفنانيين بسبب موقفه، وغادر إلى عمان منذ عام 2011. ومزج نوار نشاطه الإعلامي بالفن، فقدم مسرحية شكسبير في مخيم الزعتري، وكان الممثلون أطفال من المخيم، كما قدم مسرحية روميو وجوليت مع أطفال جرحى عبر السكايب من حمص وعمان.

ما هي الرسالة الأساسية الموجهة من هذه المسرحية؟
الرسالة واضحة جداً، علينا أن ننظر إلى الأمام لا إلى الخلف، هؤلاء الممثلين هم سوريا الصغيرة. لا تجعلوا الشيطان الرجيم يدخل بينكم (في إشارة إلى مشهد في المسرحية، حيث سمح ركاب السفينة ركوب الشيطان معهم واغرق السفينة). وهي رسالة محبة ودعوة إلى ان نتحد بالحب ونتفاهم حتى نصل إلى بر الأمان.
هل الفن قادر اليوم على التأثير على المجتمع وتحديداً المسرح؟
نعم بكل تأكيد، أظن أنكم رأيتم ردة فعل الجمهور والتصفيق الحار، برأي كان له تأثير، وإذا انتشرت المسرحية بشكل اوسع سيكون حجم التأثير أكبر.

محمود صدقة، في العقد الخمسين، من فلسطين, ناشط إغاثي وممثل في مسرحية “سفينة حب”.

ما القاسم المشترك بين المسرح والإغاثة والعمل الإنساني؟ حتى رأيناك اليوم على خشبة المسرح؟
كله نفسه الشيء، بالنهاية الإغاثة وحدها لا تحل المشكلة. الإغاثة هي فكرة أن تحاول المساعدة ضمن الإمكانيات المحدودة بغض النظر عن أي أمر آخر، أما المسرح فهو تجربة جديدة ومختلفة، ورسالة حلوة يمكن أن يسمعها العالم بطريقة أخرى، وهو اختراق طرق حضارية حتى تصل رسالة الإنسان السوري وقضيته الإنسانية، رسالة المعتقلين والغرقى والجرحى… إلخ.

العالم كله ركز على غرق طفل واحد إيلان، رحمه الله، ولكن يومياً هناك أطفال يغرقون، لكن للأسف الإعلام في العالم موجه ومسيس ذو أهداف خاصة، المسرح رسالة إعلامية خاصة.
ما الفرق بين رمال الزعتري هناك، والأبحار هنا على المسرح؟
لا اعتقد أن هناك فرق، هنا معاناة وهناك معاناة، إنما هنا تمثيل ولكن هناك واقع أليم.
أي المشاهد كان أكثر تأثيراً عليك؟
عندما تطرقت لمشهد الجوع في مضايا ومخيم اليرموك، لأنه من العار أن تعيش في قرن الواحد والعشرين وهناك بشر يموتون جوعاً.

مصطفى مراد، طفل من مدينة حمص، عمره 14 عاماً، وأحد الممثلين في المسرحية.

في أي مشهد تأثرت أكثر؟
مشهد “دونكي شو” الذي كان يحارب أحلامه، لأننا بالفعل نحن السوريين اليوم نحارب أحلامنا، فصرنا مثل “دونكي شو”.
ما هي رسالتك للعالم من خلال هذا المسرح؟

السوريون ليسوا كما أشيع عنهم في الخارج على أنهم إرهابيين وقتلة، لا، نحن شعب حضاري ورسالتنا عن طريق الفن والمسارح لا عن طريق القتل.
وهل هذا سبب لجؤك إلى المسرح؟
نعم هذا سبب مجيئي.

 

ترجمة : فاطمة عاشور

شارك هذا المقال