5 دقائق قراءة

من مخيم الركبان جنوب سوريا إلى تركيا شمالا رحلة لجوء محفوفة بالموت

في صبيحة أحد أيام شهر تشرين الأول، وبعد قرابة السنة […]


13 يناير 2017

في صبيحة أحد أيام شهر تشرين الأول، وبعد قرابة السنة قضاها في مخيم قاحل للاجئين على طول الحدود السورية الأردنية، قرر أبو شام وضع حد لمعاناته.

وكان نقص الغذاء والماء والدواء لأكثر من 75 ألف لاجئ سوري، في مخيم الركبان، غير الرسمي، سببا بإطلاق الاحتجاجات من قبل جماعات حقوق الإنسان الدولية، حيث تسبب ذلك بموت عشرين طفلا على الأقل منذ أواخر حزيران، وذلك عندما دفعت سيارة مفخخة الأردن لإغلاق حدودها، وبالتالي أغلقت الطريق التي توصل إلى الركبان.

وليس بمقدور اللاجئين في الركبان الدخول إلى الأردن. ومنذ حزيران دخلت المساعدات إلى المخيم ثلاث مرات فقط. ويقع المخيم بين اثنتين من التلال الترابية التي ترسم الحدود وتعرف باسم “الساتر الترابي”.

وفقد أبو شام، المولود في ريف حمص الشرقي، والبالغ من العمر 30 عاما، مع زوجته وابنته الأمل في الدخول إلى الأردن بعد أشهر أمضاها على الساتر الترابي. فقاده يأسه إلى وضع خطة جديدة محفوفة بالمخاطر.

وقال أبو شام، من مكان إقامته الجديدة في الريحانية في تركيا، لمراسلة سوريا على طول بهيرة الزرير، “بعد انتظار دام سنة تقريباً على أمل الدخول إلى الأراضي الأردنية، قررت أن أجازف برحلة الموت أو الحياة للوصول إلى تركيا”.

وبقيادة المهربين، امتدت رحلة العائلة الصغيرة لمدة 10 أيام عبر أربع محافظات، حيث مروا بمناطق مختلفة تابعة لعدة أطراف متنازعة في سوريا من تنظيم الدولة، الأكراد، والجيش السوري الحر، إلى الحدود التركية في نهاية المطاف.

وقال أبو شام، الذي يعمل في مجال البناء حاليا في تركيا “نحن عبارة عن بضاعة لا قيمة لها بالنسبة للمهرب، والبضاعة تعطى من مهرب لآخر ولا يهمهم ماهي هذه البضاعة إن كانت أرواح أو كانت جماد، بالنسبة لهم المهم فقط المال”، مضيفا “لا يهمهم إن متنا أو مضينا”.

نددت منظمة أطباء بلا حدود، ومنظمة العفو الدولية وغيرها من المجموعات بالأوضاع في مخيم الركبان، حيث يعاني المخيم من نقص الماء والطعام والدواء. ماهي المدة التي قضيتها في مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية؟ وماهو السبب وراء قرارك في الرحيل من الركبان؟

بقيت في الركبان سنة تقريباً، لا يوجد فيه إعانات غذائية أو دوائية سوى الماء الذي تقدمه الحكومة الأردنية.

هل هناك عائلات أخرى قررت الخروج من الركبان إلى تركيا؟

خرجت أنا وعائلتي وعائلتان أيضا وبعض الشباب من مخيم الركبان في الصباح للذهاب إلى تركيا عن طريق بعض المهربين الذين يعملون بهذا المجال مقابل المال، كنا حوالي 15 شخصاً في تلك السيارة.

مررت أثناء رحلتك بمناطق ونقاط تفتيش تابعة لتنظيم الدولة والأكراد والجيش السوري الحر، كما تعرضتم لإطلاق نار من قبل أطراف عدة. حدثنا عن تفاصيل رحلتك وما مر بطريقك منذ خروجك من الركبان حتى وصولك إلى تركيا؟

بدأت رحلتنا في صباح يوم الاثنين، إلى أن وصلنا لأول حاجز للدواعش على بعد 60 أو 70 كيلو متر تقريباً.

وسألنا من أين قدمنا وإلى أين نتجه؟ قلنا له أننا كنا في مخيم الركبان ونرغب في الذهاب إلى أراضي تنظيم الدولة، هكذا أخبرنا المهرب لكي لا يحتجزنا لأنه اذا عرف أننا نريد الذهاب إلى تركيا سوف يحتجزنا جميعاً، لأنه يعتبر أن تركيا هي بلاد الكفر. وسأل أيضا إن كان معنا أحد من الشباب المنتمي للجيش الحر ولكن قلنا لا يوجد معنا أحد.

وكان هذا الحاجز موجود في المثلث العراقي، أو مثلث التنف ومضينا إلى منطقة T3 (المحطة الثالثة) وهي أيضاً مع الدواعش، وكان هناك حاجز لهم وسألنا نفس أسئلة الحاجز السابق.

وبعدها اتجهنا إلى منطقة السخنة بريف تدمر الشمالي الشرقي، وبعدها إلى منطقة الطيبة والكوم ومنها الى الطبقة الموجودة بريف الرقة الغربي، وبعدها إلى مسكنة بريف حلب الشرقي.

(تقع البلدات المذكورة سابقا داخل أراضي تنظيم الدولة).

وبمسكنة كان ينتظرنا مهرب آخر، غير الذي خرجنا معه من الركبان.

ودخلنا الى منزله لكي نرتاح من عناء السفر الذي استغرق قرابة 10 ساعات متواصلة، ونمنا عنده.

وفي اليوم الثاني ركبنا في الصباح في سيارة تنك (صهريج ماء) وكان قد افرغه من الماء وركبنا بداخله لكي لا يرانا أحد من الدواعش وذهب بنا إلى آخر منطقة للدواعش وأقرب منطقة للأكراد والجيش الحر ولا نعرف ماهو اسم هذه المناطق لكثرة الضيع والمناطق.

ونزلنا عند شخص آخر إلى أن حل الظلام وخرج بنا مشياً قرابة 2 أو 3 كيلو متر وأخبرنا أن ذلك الضوء الذي  ترونه هو حاجز للأكراد اذهبوا إليه.

ووصلنا إليه ولكن بخوف شديد ورعب، لأنه كان هناك إطلاق نار منهم في السماء لانعرف لماذا

وكانت طائرة حربية في السماء أيضاً، يعني هنا في هذا المكان كنا موجودين في أرض المعركة مدنيين ولدينا أطفال ونساء ووصلنا إلى الحاجز وبدأ بتفتيشنا وأخذ أسمائنا ومعلومات عنا ومن أين نحن وأين كنا وأين نتجه.

وأخذونا إلى مدرسة لكي ننام فيها ووجدنا، هناك أشخاص لاجئون مثلنا قد جاؤوا من مناطق مختلفة منهم من يريد الذهاب إلى الشمال السوري، ومنهم من يريد الذهاب إلى منطقته ومنهم من يريد الذهاب إلى تركيا.

 وفي اليوم الثاني أخرجونا وركبنا السيارات وأخذونا الى مدينة منبج، التي أصبحت تحت سلطة الأكراد والجيش الحر، أو مايسمى جيش سوريا الديمقراطية وذهبنا إلى كراجات المدينة وركبنا بباصات مدينة أعزاز وهي مع الجيش الحر، ووصلنا أعزاز ومن بعدها إلى منطقة عفرين الموجودة ضمن أراضي الأكراد وبعدها إلى ريف إدلب الشمالي الشرقي إلى منطقة الغزاوية وبعدها إلى دارة عزة والدانا. وبعدها إلى حارم في ريف إدلب الشمالي الغربي والواقعة على الحدود التركية.

وهنا ذهبنا إلى أحد المهربين لكي ندخل إلى تركيا وطلب على الشخص الواحد 300 دولار، بعد أن شرحنا له وضعنا المادي السيء، واتفقنا وعندما أصبح وقت الدخول أخذنا بسيارته الى منطقة قريبة وبعدها ذهب معنا أحد الاشخاص من قبل المهرب لكي نمشي وراءه ومشينا قرابة 3 ساعات بين الصخور والأشجار إلى أن خرج علينا بعض الجندرمة وهم حرس الحدود التركي وأطلقوا النار في السماء وبعضهم كان يطلق النار بالقرب منا.

وأخذونا إلى منطقة عسكرية وجمعونا بداخلها وكان يوجد فيها أيضا الكثير من العائلات التي تريد الدخول إلى تركيا، وبعدها أخرجونا بالسيارات إلى معبر باب الهوى الواقع تحت سيطرة الجيش الحر، ورجعنا إلى المهرب نفسه ونمنا عنده وعاد لاصطحابنا بعد يومين بنفس الطريقة لكن من مكان آخر ودخلنا الأراضي التركية، وكان هناك شخص بانتظارنا كان يتواصل معه عن طريق الاتصال بالهاتف وكان معه سيارة وركبنا بداخلها إلى مدينة الريحانية التركية.

مخيم الركبان في تشرين الأول، قبل أيام من مغادرة أبو شام. تصوير: أبو شام.

كم المدة التي استغرقتها الرحلة للوصول إلى تركيا؟ ماهي الصعوبات التي واجهتكم على الطريق؟ وكم تكلفة الرحلة؟

هذه الرحلة استغرقت قرابة 10 أيام، وهناك بعض العائلات لا تستطيع الوصول بسبب الحواجز الكثيرة للدواعش في مناطقهم أو بسبب كشفهم أنهم يريدون الذهاب إلى تركيا، ومنهم من يموت على الحدود التركية، بسبب إطلاق النار عليهم من قبل حرس الحدود التركي.

في لحظة ما كنت وسط الصحراء، وكانت حياتك وحياة زوجتك وابنتك بأيدي المهربين. كيف كان شعورك حينها؟

نحن عبارة عن بضاعة لاقيمة لها بالنسبة للمهرب، والبضاعة تعطى من مهرب لآخر ولا يهمهم ماهي هذه البضاعة إن كانت أرواح أو كانت جماد. بالنسبة لهم المهم فقط المال.                        

ولا يهمهم إن متنا أو مضينا، والعاتق الأكبر ليس عليهم بل على جميع العالم الذي يرى ما حدث للسوريين ولايحرك ساكناً.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال