4 دقائق قراءة

مهجر من الوعر إلى جرابلس: ليتنا متنا ولم نخرج

تقوم قوات النظام السوري بتوسيع سيطرتها المحلية عبر سوريا بشكل […]


30 مارس 2017

تقوم قوات النظام السوري بتوسيع سيطرتها المحلية عبر سوريا بشكل كبير، حيث تستولي على مناطق سيطرة المعارضة باتباع سياسة مألوفة: التطويق، التجويع، القصف، وفي نهاية المطاف التفاوض الذي يقود إلى الاستسلام.

وكان استخدام نظام الأسد لحرب الحصار واضحا في حي الوعر في مدينة حمص، حيث قامت قوات النظام لسنوات بقصف الحي المحاصر بريا ومن خلال الغارات الجوية، مع وجود 50 ألف شخص تقريبا داخل الحي.

وعندما أعلن الحي استسلامه، في وقت سابق من هذا الشهر، عرض النظام على المقاتلين والمدنيين في الوعر خيارا، قدمه سابقا لأهالي المناطق التي سيطر عليها: إما البقاء في بيوتكم وقبول التسوية والعيش تحت ظل النظام، أو المغادرة، مع احتمال عدم عودتهم إلى المدينة مرة أخرى.

وفي حين أن معظم عمليات الإجلاء الأخرى، وهو ما أطلقت عليه مجتمعات المعارضة اسم “التهجير القسري”، كانت تسير في اتجاه واحد إلى محافظة إدلب، سُمح لسكان الوعر بالاختيار بين إدلب أو ريف حمص الشمالي أو بلدة جرابلس الحدودية شمال حلب.

حافلة تحمل مقاتلي المعارضة وعائلاتهم في الوعر، 18 آذار. تصوير: لؤي بشارة.

وكيف للمرء أن يختار منفاه؟. يقول أبو محمد، وهو أب لثلاثة أطفال يبلغ من العمر 50 عاما، والذي اختار المغادرة مع أول قافلة خرجت من الوعر باتجاه جرابلس، حيث يعيش ما يقارب 4 آلاف شخص تم إجلاؤهم، في خيام على طول الحدود التركية “جميع الخيارات صعبة جدا”.

وعند سؤاله عن الخيار الأقل صعوبة بالنسبة للمهجرين، أجاب بائع الحلوى الجوال، لمراسلة سوريا على طول، آلاء نصار، من المخيم الذي يعيش فيه الآن “نصيحتي هي الذهاب إلى إدلب كون الخروج منها أفضل وكونها حدودية ومفتوحة، وفيها سهولة أكثر للتحرك”.

ما الأسباب التي دفعتك إلى ترك حياتك في الوعر والتوجه إلى جرابلس؟

عندما كنا نستعد للمغادرة أخبرونا بأن جرابلس هي مدينة يتواجد فيها كل شيء، ومجهزة ومأمنة ويكفي أنها تحت النفوذ التركي، وأضف إلى ذلك أننا عندما خرجنا كان بالحسبان أن الإقامة في كامبات مجهزة بالكامل ولكن عند وصولنا ومشاهدتنا الخيم هنا كانت الصدمة.

الوضع صعب جدا وخاصة أننا نعيش في خيم بعد أن كنا نعيش في بيوت، فعملية التأقلم والانتقال من حالة لحالة بحاجة لوقت حتى نستطيع تقبلها.

يوجد مرافق خارج الخيم فيها حمامات لتخديم الخيم فقط، وللأمانة هم قدموا لنا مساعدات حسب الإمكانيات من وجبات طعام  فقط.    

المدينة يتوفر فيها كل شيء ولكن لا يوجد قدرة مادية لدى المحاصرين على تأمين مستلزماتهم المعيشية.

في البداية جميعهم (الأشخاص الذين غادروا الوعر في القافلة الأولى) قطنوا الخيم، وفيما بعد هناك بعض العائلات استطاعت أن تستأجر منزلا، ولكن بصعوبة بالغة، حيث أن إيجاد بيت للإيجار صعب جدا هناك وإن وجد فأجرته مرتفعة لا يقدر عليها نازح كان محاصرا.

الخيام المنتشرة في مخيم جرابلس للمهجرين من أبناء الوعر. تصوير: أبو محمد.        

في حال طلب أحد أصدقائك نصيحتك فيما يتعلق بالخروج أو البقاء في الوعر، بماذا ستنصحه؟

في الوعر هناك ثلاث خيارات أحلاها مر، الأول الخروج إلى إدلب والثاني ريف حمص الشمالي والثالث جرابلس، وإما العودة إلى حضن النظام الذي لا دين له ولا عهد ولا ميثاق وهنا إن بقي فهو معرض بأي لحظة للاعتقال، وفي أسوأ الاحتمالات إن لم يتم اعتقاله، فهو مجبر على الالتحاق بصفوف الجيش.

جميع الخيارات صعبة جدا، فالريف الشمالي الحمصي محاصر وقد تكون وجهة النظام إليه بعد الوعر، وإدلب منطقة تجمع أغلب المناطق المهجرة وهي مهددة بالإبادة الجماعية، وأخيرا جرابلس برأيي هي منطقة آمنة، لكن موضوع الخيم قد لا يتناسب مع الكثيرين.

ونصيحتي له أن يذهب إلى إدلب كون الخروج منها أفضل وكونها حدودية ومفتوحة، وفيها سهولة أكثر للتحرك.

هل أنت نادم على خروجك من الحي؟

بالطبع. وهو شعور لا أتمناه لأحد، فهي لحظات صعبة جدا كيف لا وأنت تغادر أرضك التي خلقت عليها وترعرعرت وعشتها فيها. كيف لا وأنت تغادر ديارك وأهلك ورفاقك، حتى ونحن في الباصات رددنا وقلنا ليتنا بقينا تحت القصف، ليتنا متنا ولم نخرج، خرجنا ودموع الحسرة تملأ أعيننا.

 عنصر من الجيش الحر الذي تدعمه تركيا يقف في بلدة جرابلس الحدودية، 31 آب 2016. تصوير: دفني كاردينيز. 

ماهي خطوات القادمة في ظل ما وصفته من ظروف في مخيم جرابلس؟

منذ أن وصلت وأنا أفكر بالانتقال لمكان آخر خاصة في ظل هذا الوضع الصعب الذي نحن فيه، ولكن ليس لدي القدرة المادية لاستئجار منزل الآن، ولكنني سأحاول إيجاد عمل حيث أن فرص العمل هناك كبيرة كون المنطقة مفتوحة ولكن الخيارات ليست كثيرة لدي كوني وصلت لسن لا يناسبني أي عمل، خلافا عن الحياة في حي الوعر حيث العمل محدود.

لم أكن اتوقع أن أصل لهذه الحالة التي نحن فيها الآن، وأن أقطن خيمة وأنا في هذا العمر.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال