4 دقائق قراءة

نازحون يخاطرون بالعودة إلى بلداتهم مع اقتراب النظام من مخيم الركبان

 يشهد مخيم الركبان، وهو مخيم نائي في الصحراء السورية الجنوبية […]


30 أغسطس 2017

 يشهد مخيم الركبان، وهو مخيم نائي في الصحراء السورية الجنوبية الشرقية، هروب آلاف السوريين للأسبوع الثالث، وفق ما قال مدير المجلس المحلي للمخيم لسوريا على طول، الثلاثاء، نتيجة تقدم قوات النظام، الذي أصبح على مسافة 100 كم منهم، من الجهة الجنوبية الغربية.

ويعيش أكثر من 75 ألف سوري في الركبان في فقر مدقع ، وهو مخيم عشوائي، يفتقر للتخديم ويقع في المنطقة العازلة على الحدود الجنوبية الشرقية لسوريا، والتي تعرف باسم “الساتر الترابي”، وقلّما يتوفر الغذاء والماء والدواء داخل المخيم، ويتجول المسلحون بين الخيم كيفما يشاؤون إذ أن حكم القانون مُغيب هناك.

وقال محمد أحمد الدرباس الخالدي، مدير المجلس المحلي في مخيم الركبان، لسوريا على طول أن “580 عائلة في الركبان”، أو ما يقارب 4000 نسمة تركوا المخيم، منذ بداية الشهر، ودفعت مئات العائلات رشاوى كبيرة للمهربين، وركبوا في الشاحنات هاربين بالاتجاه الشمالي الغربي إلى الصحراء الشرقية لسوريا.

ويعود السبب المباشر لهجرة الأهالي من المخيم الذي نزحوا أساساً إليه “لاشتداد المعارك في المناطق الجنوبية الوسطى من العمق السوري”، بحسب ما ذكر الخالدي.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، انتزعت قوات النظام السيطرة على امتداد من الأراضي يبلغ طولها 30 كم على الحدود السورية الأردنية من الثوار التابعين للجيش السوري الحر، لتصبح على بعد 40 كم من مخيم حدلات النائي.

حيث يعيش 5000 نازح سوري دون حد الكفاف من الغذاء والماء أو الخيام في المناطق الصحراوية التي يحكمها الثوار،  والتي تبعد 120 كم جنوب غرب الركبان، وتقع أيضاً على طول الحدود مع الأردن.

وكان قد نزح العشرات من مخيم حدلات باتجاه الركبان بحثاً عن درجة أعلى من الأمان نسبياً خلال الأيام الأخيرة مع اقتراب خطوط الجبهات منهم.

مخيم الركبان في يوم الثلاثاء. حقوق نشر الصورة لـ محمد أحمد الدرباس الخالدي.

ولكن في يوم الإثنين، توغلت قوات النظام أكثر لتصبح على بعد 15 كم من مخيم الحدلات، وفق ما ذكر لسوريا على طول يونس السلامة، المتحدث الرسمي باسم قوات أسود الشرقية المنخرطة في معارك البادية ضد النظام.

ويخشى النازحون السوريون الذين يراقبون المعارك عن بعد في الركبان، الذي يحكمه الثوار، أن تصل المعارك إلى مخيمهم قريباً.

” كان خوفنا يكمن بتقدم النظام باتجاه المخيم (الركبان) ونحن عزل” بحسب ما قال دريد أبو أحمد، 45عاماً، أب لثلاثة أولاد، لسوريا على طول، وغادر الركبان منذ قرابة أسبوعين مع زوجه وأولاده، وعاد إلى مناطق سيطرة النظام ليقيم في بلدته “القريتين” بمحافظة حمص.

“أفضل من خيمة”

وذكر الخالدي، مدير المجلس المحلي للركبان وبحسب الإحصائيات التي يجرونها، أن معظم الذين غادروا المخيم والبالغ عددهم 3840 نسمة اتجهوا لمناطق سيطرة الأكراد.

فيما يتمثل الأمان بالنسبة للمئات الآخرين الذين يأملون بالهروب من توغل قوات النظام بالعودة إلى قراهم وبلداتهم والتي باتت الآن في عمق مناطق النظام.

وعاد ما يقدر بـ 53 عائلة من ساكني المخيم إلى بلداتهم الأصلية، ومن ضمنهم دريد أبو أحمد، وأصله من القريتين، وسط محافظة حمص، والتي تقع على مسافة بعيدة من مخيم الركبان تبلغ 170 كم في الاتجاه الشمالي الغربي.

وكانت القريتين ذات يوم بلدة آمنة تجمع السوريين المسلمين والمسيحيين، الذين كانوا يعتمدون على الزراعة والوظائف الحكومية في العاصمة دمشق المجاورة، إلى أن سقطت بيد تنظيم الدولة عام 2015. فهرب قرابة 14000 نسمة منها باتجاه الجنوب إلى الركبان بحثاً عن الأمان.  

واستعادت قوات النظام السيطرة على البلدة في عام 2015، وتحاشى أهلها الذين كانوا قد تركوها سابقاً، العودة إليها خشية التجنيد العسكري الإلزامي على يد سلطات النظام هناك.

ويلوح الآن تهديد التجنيد والاعتقال أمام الأهالي المتوافدين من الركبان، بعد عودتهم إلى القريتين خلال الأسابيع الأخيرة ودخولهم من جديد إلى مناطق النظام.  

وقال اثنان من العائدين مؤخراً لسوريا على طول أن الأمر يستحق المخاطرة.

ورأى دريد أبو أحمد وهو أب لثلاثة، اعتقال ابنه ذو العشرين عاماً أمامه على حاجز للنظام مع عبور العائلة من مناطق سيطرة الثوار.

وقال أبو أحمد، لسوريا على طول”تم أخذ ابني فورا بعد التشييك الأمني على هويته للخدمة الإلزامية مباشرة، وسمحوا لي مع عائلتي بالعودة إلى القريتين”. وأشار أبو أحمد إلى أن ابنه الآن يؤدي الخدمة الإلزامية في دمشق.

ولدى وصوله إلى القريتين، وجد أبو أحمد وعائلته أن منزلهم “دُمر بنسبة 50%” بالمعارك التي جرت خلال السنتين الماضيتين، وهم اليوم يعيشون في غرفة واحدة من منزلهم بعد ترميمها ورغم هذا “تبقى أفضل بكثير من الخيمة” وفق ما قال.

ولا يزال أبو أحمد يعتقد أن قراره بالعودة إلى القريتين صائباً، رغم اعتقال ابنه، إذ أن “الأيام التي عشناها في الركبان كانت صعبة ومرة، ولن ننساها” حسب قوله.  

ووجدت ابتسام أم خليل، 50عاماً، وهي من أهالي القريتين، أن رحلة العودة إلى منزلها أفضل من البقاء، وكانت قد غادرت بلدتها في عام 2015، بعد أن استولى تنظيم الدولة عليها.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، وبناءً على اقتراح ابنها خليل، 27عاماً، دفعت أم خليل للمهربين ليعودوا بها وزوجة ابنها وحفيدها إلى القريتين، وآثر خليل البقاء في الركبان خوفاً من إجباره على أداء الخدمة العسكرية للنظام.

وقالت أم خليل، من القريتين، لسوريا على طول، “أصبح الخطر يقترب منا فلم نجد حلاً سوى العودة” وأشارت إلى “المعارك والجوع والفقر وانعدام الحياة ــــــ الوضع أصبح سيء من كل الجهات”.

وأوضحت أن”العودة باتت في نظر جميع العائدين أرحم من البقاء بانتظار الموت البطيء الذي كنا نعيشه في كل دقيقة تمر علينا ونحن في الركبان”.

وختمت “من حق حفيدي الحياة بكرامة وأمان، فالحياة في الركبان في كل يوم ونحن في تلك الصحراء ذل وهوان”.

ترجمة: فاطمة عاشور

 

شارك هذا المقال