5 دقائق قراءة

نجاح المبادرة الأميركية في توحيد الأكراد رهن توافق قطبي الصراع وقبول “قنديل”

في حال تم توقيع الاتفاق "سنضمن إخراج النظام من المنطقة، على أن تكون المنطقة كاملة تحت سيطرة قسد والبيشمركة" إضافة إلى "منع دخول أي قوات أخرى إلى المنطقة".


عمان- في لقاء سري جمع قطبي الصراع الكردي، المتمثل بالمجلس الوطني الكردي المعارض ونظيره حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، برعاية أميركية، مطلع نيسان/ أبريل الماضي، في قاعدة عسكرية أميركية قرب مدينة الحسكة، تعهد السفير وليام روباك، ممثل الخارجية الأميركية إلى شمال وشرق سوريا، بتوقيع أميركا “كجهة راعية وضامنة” إذا ما تم التوصل إلى الاتفاق، بحسب ما كشف قيادي في المجلس الوطني الكردي لـ”سوريا على طول” مشيراً إلى أن روباك حضر الاجتماع كممثل عن “التحالف [الدولي] والكونغرس ووزارة الخارجية”.

وبالتوازي مع الجهود الأميركية، قدمت فرنسا مبادرة “مكملة للأميركية” كما صرّحت لـ”سوريا على طول” فوزة اليوسف، عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب (PYD) مؤكدة أن “كل الأطراف تعمل معاً لإنجاح هذه العملية”. نتج عن الجهود الأميركية-الفرنسية المشتركة توصل القوى الكردية إلى 5 مبادئ سياسية في 16أيار/ مايو الجاري، لا تتعلق بجوهر الخلاف الكردي-الكردي، وإنما تتعلق بشكل الدولة السورية ونظام حكمها، من قبيل أن “سوريا دولة ذات سيادة ونظام حكمها اتحادي فيدرالي يضمن حقوق جميع المكونات”، والمطالبة بـ”الإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية، وتشكيل مرجعية كردية تمثل جميع الأحزاب والتيارات السياسية وممثلي المجتمع الكردي بسوريا”.

تعهد أميركي بإخراج النظام

استأنف روباك لقاءاته مع الأحزاب الكردية في 29 نيسان/ أبريل الماضي، بهدف إنجاح مبادرة القائد العام  لقوات “قسد” مظلوم عبدي، التي أطلقها في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، التي هدفت إلى “مناقشة أسس الوحدة الوطنية”، و تزامنت مع تقارب كردي-كردي في أعقاب عملية نبع السلام التركية، التي أطلقتها تركيا بمساعدة الجيش الوطني السوري المعارض، في 9 تشرين الأول أكتوبر 2019، ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المصنف على لائحة الإرهاب في تركيا.

وفي الوقت الذي يتم الحديث عن توصل الأحزاب الكردية إلى اتفاق، نفى الطرفان المعنيان صحة ذلك، إذ أصدر المجلس الوطني الكردي بياناً، في 9 أيار/مايو الحالي، قال فيه أن “هناك حوار بين المجلس وPYD وبوساطة أميركية فقط، ولكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق نهائي بينهما إلى الآن”. كذلك نفت اليوسف التوصل إلى اتفاق مشيرة إلى “وجود تفاهمات حول بعض المواضيع ولكنها لم تصل إلى مرحلة الاتفاق”.

ويتوقع القيادي في المجلس الوطني، الذي تحدث إلى “سوريا على طول” شريطة عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن توقيع توصل الطرفين إلى اتفاق من شأنه إخراج النظام السوري من المنطقة، مستدلاً برد السفير روباك في الاجتماع على قيادي في حركة المجتمع الديمقراطي (تف.دم)، وهي شريك الاتحاد الديمقراطي في الإدارة الذاتية، إذ وعد في حال تم توقيع الاتفاق “سنضمن إخراج النظام من المنطقة، على أن تكون المنطقة كاملة تحت سيطرة قسد والبيشمركة” إضافة إلى “منع دخول أي قوات أخرى إلى المنطقة”.

خلافات بين الطرفين

في إطار المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي و حزب PYD شدد الأخير على ضرورة انسحاب “الوطني الكردي” من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، إلا أن “الوطني الكردي” متمسك بعضويته، و”ممثليه في الائتلاف يشاركون في هذه الأيام في اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف”، إذ بحسب بيان نشره المجلس الوطني الكردي، في 9 أيار/مايو الحالي “وحدة الموقف والصف الكردي لن يكون موجهاً ضد أي طرف من أطراف المعارضة السورية، لا بل سيعزز دور الكورد ضمن صفوف المعارضة والداعم للعملية السياسية التي تجري في جنيف لإيجاد حل للأزمة السورية”.

وعلى عكس ما ذكرت وسائل إعلام كردية، عن أن مشروع التقارب الكردي، الذي أعده السفير الأميركي، طالب المجلس الوطني الكردي بالانسحاب من الائتلاف الوطني، قال القيادي في المجلس الوطني الكردي بأن “الولايات المتحدة طلبت منا عدم الخروج من الائتلاف”، مشيراً إلى أنه في حال “تم التوصل إلى اتفاق بين المجلس وحزب الاتحاد الديمقراطي، يمكننا الانسحاب من الائتلاف، وأن نكون طرفاً ثالثاً يفاوض النظام والمعارضة على حقوق الكورد ضمن وفد مشترك”.

وفيما تشدد فوزة اليوسف على ضرورة التركيز على “القواسم المشتركة، والتي هي أكثر من النقاط الخلافية”، اعتبر القيادي في المجلس الوطني الكردي أن الخلافات كثيرة، ومنها “عودة قوات البيشمركة [قوات كردية سورية تابعة للمجلس الوطني الكردي وموجودة في كردستان العراق]، وكذلك فك [PYD] ارتباطها مع قنديل [حزب العمال الكردستاني التركي]”. إضافة إلى أن “حزب PYD لم يحسم موقفه من النظام السوري”. وهو متهم بحسب المجلس الوطني الكردي بالتعامل والتنسيق مع دمشق.

كما ويشترط المجلس الوطني الكردي، بحسب القيادي، “إعادة هيكلة كافة الإدارات والمؤسسات والهيئات بما يتناسب مع سياساتنا المشتركة”.

في المقابل، فإن ملف المعتقلين لدى الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، والذي كان أحد الملفات الخلافية بين الجانبين، لم يعد كذلك، إذ مع أنه “لا تنازل عن ملف المعتقلين، وقد طالبنا من PYD كشف مصيرهم، حتى وإن تم قتلهم، إلا أننا لن نعيق وحدة الصف الكردي لأجل ذلك”، كما قال القيادي في المجلس الوطني الكردي، شريطة أن “يتم تقديم اعتذار لذوي شهداء مجزرة عامودا [نفذتها وحدات حماية الشعب التابعة لحزب PYD في حزيران/يونيو 2013 أثناء قمعها للمظاهرات]”.

ضغط تركي؟

في 11 أيار/مايو الحالي، وافقت الهيئة العامة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، على انضمام مجلس العشائر والقبائل السورية العربية بخمسة مقاعد، ورابطة المستقلين الكرد بمقعد واحد، وقد امتنع المجلس الوطني الكردي، الذي يملك 12 مقعداً في الائتلاف، عن التصويت لانضمام الرابطة، واعتبر القيادي في المجلس الوطني أن ذلك “مخالفاً للنظام الداخلي للائتلاف، إذ ينص في البند رقم 15 على عدم السماح بدخول أي طرف كردي إلى الائتلاف إلا بموافقة المجلس”. 

ورغم أن القيادي في المجلس الوطني استبعد أن يكون “ضمّ الرابطة إلى الائتلاف هو نوع من الضغط على المجلس”، إلا أن تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأخيرة، محذراً المجلس من عقد صفقات مع وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) الجناح العسكري لحزب (PYD)، قد تشير إلى ضغوط يتعرض لها “الوطني الكردي” حلفاء أنقرة، لا سيما وأن رابطة المستقلين الكرد تتخذ من مدينة غازي عنتاب التركية مقراً لها، وتنشط في عفرين، الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.

خلافات داخل الإدارة الذاتية

تواجه مبادرة قائد سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدي، التي أطلقها في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، معارضة من داخل الإدارة الذاتية، كما كشف مصدر عسكري في “قسد” لـ”سوريا على طول”.

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام، أن “عبدي برفقة قياديين آخرين من مثل الناطق باسم وحدات حماية الشعب ريدور خليل، ومدير المكتب الإعلامي في قسد مصطفى بالي يواجهون نفوذ قنديل [مقر قيادة حزب العمال الكردستاني PKK في جبال بين كردستان العراق وتركيا] المتمثل بالقياديين البارزين ألدار خليل وصالح مسلم، في تطبيق أي رؤية وطنية”.

وأكد المصدر أن “عبدي على دراية بقوة قنديل في روج آفا [المناطق الكردية في سوريا]، كون قيادات قنديل يتواجدون في كل الأماكن العسكرية والاستخباراتية والأمنية والقضائية” وغالبيتهم من “أكراد تركيا وإيران” لافتاً إلى أنه “لا يقوى على مواجهتهم خشية التصفية”.

لذلك، فإن أي اتفاق مع المجلس الوطني الكردي مصيره الفشل “ما لم يتناسب مع سياسة قنديل”، التي تعتبر أن “المجلس الوطني الكردي مشروعاً تركياً”.

ورداً على ذلك، نفت اليوسف وجود “أي انقسام داخل الإدارة الذاتية” مؤكدة أن “الجميع يدعم العملية، وما يتم الترويج له غير صحيح، [إذ] هناك وحدة في الموقف والرؤية، معتبرة في الوقت ذاته أن “قنديل تدعم الوحدة الكردية، وكل الجهود في هذا الخصوص”، كما أنها تنظر “بتفاؤل إلى مستقبل المفاوضات، كون الظروف الذاتية والموضوعية مهيأة أكثر من أي وقت مضى”.

شارك هذا المقال