5 دقائق قراءة

“ندمت لأنني وضعت طفلتي في هذه الحرب”: نفاد حليب الأطفال مع اشتداد حصار حلب

عمان: حين أنجبت مريم الزين، البالغة من العمر 38، ابنتها […]


12 أكتوبر 2016

عمان: حين أنجبت مريم الزين، البالغة من العمر 38، ابنتها رهف في نيسان، لم تكن قادرة على إرضاعها لتشبع.

وقالت مريم، لسوريا على طول، “أجريت تحليلاً، وأظهر أن الحليب موجود في صدري ولكن كميته قليلة على عكس ما كان حينما وضعت طفليي السابقين”.

وكانت مريم أرضعت طفليها الأكبر من رهف دون أي مشاكل، واللذان يبلغان الآن السادسة والثالثة من العمر، ولكن ذلك كان قبل تقدم قوات الأسد، شرقي مدينة حلب في صيف هذه السنة.

وقالت مريم “بسبب القصف والخوف الذي نتعرض له يومياً في حلب، جف الحليب”. ولتعوض هذا النقص، بدأت مريم بالإعتماد على  حليب الأطفال، لتغذية طفلتها الرضيعة ذات الستة شهور، كما هو حال نحو60%من الرضع عبر سوريا.

وكانت الجمعيات الخيرية المحلية  توزع علب الحليب مجاناً في السابق، ولكن منذ أن حوصرت المدينة في أيلول، لم يدخل شيئ لحلب تقريباً. وحتى أن طرق التهريب في السوق السوداء التي استمرت لفترة زمنية طويلة، أغلقت تحت ضغط الحصار الخانق، وفق ما قالت مصادر في شرقي حلب لسوريا على طول.

وقال علي شيخ عمر، رئيس الهيئة الاغاثية الشريكة للمجلس المحلي في حلب الحرة، والمسؤولة عن توزيع الغذاء والمساعدات الطبية في أحياء شرقي مدينة حلب، الخاضعة لسيطرة الثوار، “إن عدد الأطفال الذين هم بحاجة إلى الحليب يبلغ 20 ألف طفل، بينما الكميات الموجودة حالياً هي فقط 5000 علبة حليب وهي لا تغطي إلا 25%من احتياجات الأطفال، ولشهر واحد كحد أقصى.”

جمعية خيرية في حلب أثناء توزيع حليب الأطفال في نيسان، حقوق نشر الصورة لجمعية أبرار حلب للإغاثة والتنمية

ومع انخفاض عدد علب حليب الأطفال،  قالت مريم إنه لم يعد بإمكانها الحصول عليها؛ فمن أجل الحصول على واحدة من الـ5000 عبوة المتبقية من الهيئة الإغاثية في حلب، على الأمهات أن يأتين بتقرير طبي يثبت أنهن غير قادرات على الإرضاع.

وقال الشيخ عمر، رئيس الهيئة الإغاثية، “أننا في آلية التوزيع نكون في وضع صعب لأن عدد المحتاجين للحليب هو أكبر من الكمية الموجودة لدينا”.

وكنتيجة لحصار النظام لأحياء حلب الخاضعة لسيطرة الثوار، تنأى المنظمات الإغاثية المحلية بوجهها عن الأمهات اللواتي يحتجن للحليب لأجل أطفالهن، مما يجعل أهالي نحو 1000 رضيع، كابنة مريم، يلجؤون إلى بدائل ذات قيمة غذائية أدنى وربما تعود بالضرر على الأطفال.

وقالت مريم “عند مراجعتي الأخيرة للجمعية منذ أسبوعين، اعتذروا بسبب نفاد الحليب من مستودعات الجمعية، فكنت أحصل على علبة أو علبتين شهرياً من الجمعية”.

وعبرت عن حزنها “أشعر كل يوم بالحزن الشديد، لأني أخاف على طفلتي أن تموت من القصف او بسبب الجوع.”

وناشدت الهيئة الإغاثية في حلب والمجلس المحلي في حلب المنظمات الإنسانية الإغاثية الدولية لمعالجة هذا النقص الكبير الذي يتفشى في المدينة في المواد الغذائية والطبية، ولكن أياً منهما لم يسمع أي استجابة.

إلى ذلك، قال الدكتور أحمد أبو الوفا، إداري في جمعية أبرار التي كانت تقدم حليب الأطفال إلى أهالي حلب المحاصرة، “منذ فرض الحصار (في أيلول)، ناشدنا العديد من المنظمات الدولية ولكن بسبب الحصار والقصف لايمكننا الحصول على الحليب”.

يذكر أنه في بداية أيلول، طوقت القوات الحكومية معقل الثوار واحتجزت داخله 25000 نسمة. ومع نهاية الشهر صعّدّت قوات النظام والقوات الروسية من قصفها للمدينة بشكل جذري، وذلك عقب انهيار الهدنة. وكان عشرات الضحايا يملؤن المستشفيات القليلة المتبقية في المدينة يومياً مع تقدم النظام البري والذي استمر في دك أحياء المعارضة بلا هوادة.

غياب الإمدادات وسط الحاجة الملحة لها

وهناك خياران للأمهات مثل الزين: أن تدفع ما يصل إلى 15 دولارا  للعلبة في الصيدليات المحلية، أو اللجوء إلى بدائل تغذية الأطفال غير الكافية، والتي قد تسبب مشكلات للجهاز الهضمي ومشاكل طبية أخرى.

من جهته قال الدكتور حسام محمود العلي، وهو طبيب في مديرية صحة حلب الحرة، أن “الحليب بات نادرا في الصيدليات، وفي كل 10 صيدليات تتمكن من العثور على علبة أو علبتي حليب، وسعر العلبة 15 دولارا”.

وبعض العلب المتوفرة باهظة الثمن. وقال أبو عبود، صيدلاني في حلب أن “الحليب الموجود في الصيدليات ليس من السوق السوداء، وإنما هي بعض العلب فقط التي كانت موجودة من قبل في الصيدليات، أو علب يقوم الأهالي الذين حصلوا عليها ببيعها للصيدلي لشراء مستلزمات أخرى للأطفال، بسبب ماتعانيه الأسر من فقر وحاجة”.

وتلجأ الأمهات الجدد إلى بدائل الطعام من أجل أطفالهن، مثل مياه الأرز والشاي والخبز، أو حليب البقر في حال توافره.

آثار غارة جوية في 27 أيلول في مدينة حلب. تصوير: مركز حلب الإعلامي.

و”بسبب الحصار المفروض على حلب ظهر سوء التغذية عند الأطفال والأمهات وسببه الغذاء الذي يتم تناوله حيث يكفي فقط لسد الجوع وهذا غير كاف، مما أدى إلى زيادات نسبة الأطفال  المحتاجين إلى الحليب صناعي”، وفقا لما قاله الدكتور حسام، مضيفا “أدى استخدام الأهالي لبدائل الحليب، إلى الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي،  بسبب سوء الغذاء المقدم للأطفال غير الحليب، بالاضافة للماء غير الصالح للشرب”.

وفي الأسبوع الماضي، لقي طفل مصرعه، في حلب، بسبب سوء التغذية الحاد في حالة عدم وجود حليب الأطفال، حسب ما قالته مصادر في شرق حلب لسوريا على طول، مشيرة إلى أن السكان يخشون زيادة هذه الحالات طالما أن الحصار يستمر في أسبوعه الخامس.

ومع ذلك تصر منظمة الصحة العالمية (WHO)، على أن الرضاعة الطبيعية لا تزال خيارا قابلا للتطبيق، حتى في مناطق النزاع النشطة.

وقال مدير إدارة التغذية من أجل الصحة والتنمية بمنظمة الصحة العالمية الدكتور فرانشيسكو برانكا ورئيس قسم التغذية باليونيسيف ويرنر شولتينكفي بيان لمنظمة الصحة العالمية في آيار الماضي “يجب علينا وضع حد للفكرة الخاطئة التي مفادها أن الأمهات لا يمكن أن يرضعن أطفالهن بشكل كاف تحت الضغوط المختلفة أو إذا كن يعانين من سوء في التغذية”.

ولكن بالنسبة لآلاف من الأمهات في حلب المحاصرة، لم تعد الرضاعة الطبيعية خيارا قابلا للتطبيق، سواء كان ذلك نتيجة عن صدمة الحرب أو بسبب قرار سابق بإرضاع الطفل حديث الولادة الحليب الصناعي عندما كان ذلك متاحا.

وقالت مريم الزين “ندمت لأنني ولدت رهف في هذه الحرب، لأنها ولدت داخل حلب التي أصبح الموت فيها شائع في كل شوارعها”.

وأضافت “أشعر كل يوم بالحزن الشديد، لأني أخاف على طفلتي أن تموت من القصف أو بسبب الجوع”.

 ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال