3 دقائق قراءة

هل انتهت أزمة تجار حلب مع الجمارك؟

تسعى دمشق في كل فترة، بحسب د. كرم الشعار إلى "مصادرة كميات من المواد المستوردة بشكل غير قانوني لكي تخلق حالة من الرهاب لدى المستوردين ليقوموا باستيرادها عبر القنوات الرسمية مستقبلاً".


14 يناير 2021

عمان- عقب الضجة التي أثارتها حملة المداهمات التي نفذتها دائرة الجمارك ضد محال تجارية في حلب عشية رأس السنة الجديدة، أعلن التوصل في 10 كانون الثاني/يناير الحالي عن اتفاق بين الطرفين يتضمن، من بين بنود أخرى، “الاستمرار بمنع دخول دوريات الضابطة الجمركية إلى مدينة حلب باستثناء نقاطها الثابتة والمتحركة على مداخل المدينة”، وتسوية أي مخالفة “في مديرية جمارك حلب حصراً دون سوق التاجر أو المستورد أو البضاعة إلى دمشق”.

لكن في اليوم التالي للاتفاق، أعلن المكتب الصحفي للجمارك، في تصريحات لصحيفة “الوطن” الموالية، عن أن الحملة الأخيرة في حلب أدخلت للخزينة ما قيمته مليار ليرة سورية (34 ألف دولار، وفق سعر الصرف في السوق الموازية والبالغ 2,890 ليرة للدولار)، تشكل، بحسب الصحيفة، 5.5% من إجمالي الإيرادات الجمركية في العام 2020. وهو ما يدلل على تمسك نظام دمشق بهذه كالمداهمات خلافاً للاتفاق. 

فإضافة إلى محاولة دمشق “زيادة مردوداتها بأي شكل بسبب تردي وضعها الاقتصادي”، بحسب د. كرم الشعار، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، فإنها أيضاً “تسعى كل فترة إلى مصادرة كميات من المواد المستوردة بشكل غير قانوني لكي تخلق حالة من الرهاب لدى المستوردين ليقوموا باستيرادها عبر القنوات الرسمية مستقبلاً”.

وتعد حملة المداهمات الأخيرة لمحال حلب الثالثة في العام 2020، إذ سبقتها حملة في بداية العام، وأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر.

أي دور لـ”تجارة حلب”؟

رغم أن اتفاق التسوية بين الجمارك وتجار حلب جاء نتيجة تدخل غرفة تجارة حلب، فإن دور الأخيرة، كما قال أحد التجار، هو “مجرد تمثيلية هزلية”. موضحاً لـ”سوريا على طول” أن “العناصر التابعة لمديرية مكافحة التهريب التي قامت بضبط البضائع ومصادرتها كان رفقة ممثلين عن غرفتي التجارة والصناعة، إضافة إلى حصولهم على إذن رسمي من المحامي العام في حلب”. وهو ما أكدته مديرية الجمارك في تصريحاتها الصحفية.

بناء على ذلك، تأتي الحملة لأخيرة، برأي فائز (65 عاماً)، أحد تجار مدينة حلب القدامى، في إطار “استهداف ما تبقى من طبقة التجار القديمة في المدينة. إذ سبق ذلك استبعاد أغلبهم من غرفة تجارة حلب  لصالح قائمة طبقة أمراء الحرب من التجار، قائمة الشهباء التجارية المدعومة من عضو مجلس الشعب حسام القاطرجي”. معتبراً أنه “لم تعد غرفة التجارة كسابق عهدها، ممثلاً حقيقياً للتجار”. 

يعزز ذلك أن “الضمانات التي قدمت لهؤلاء التجار  لم تكن كافية لطمأنتهم  أو رد الاعتبار لهم، خاصة بعد اعتقال عناصر الدوريات لعدد من التجار الذين اعترضوا على عمل لجان الضبط وتحويلهم لدمشق”، كما أضاف فائز لـ”سوريا على طول”. 

خلافاً لذلك، فسر التاجر رائد (55 عاماً) ما حدث مؤخراً في المدينة بأنها حملة “ليست موجهة بشكل خاص للتجار، ولكن تستهدف بعض أفراد الفرقة الرابعة المدعومة من إيران والمسؤولين عن عمليات التهريب عبر  المعابر غير نظامية،  والتي كانت تسيطر أيضاً على أجزاء عدة من المدينة عبر حواجزها المنتشرة،  وتفرض الإتاوات على التجار”. إذ “عن كل شاحنة أو سيارة، على التاجر دفع إتاوة لمسؤول الحاجز الذي بدوره يعطي سائق الشاحنة ورقة عدم ممانعة تسمح له بالمرور عبر جميع الحواجز التالية”، ، كما أوضح لـ”سوريا على طول”. وتتولى الفرقة الرابعة كذلك “عملية ترسيم جميع البضائع النظامية أو المهربة التي تمر عبر حواجزها”. 

لكن د. شعار استبعد “أن يكون وراء هذه الحملات ضد التجار تغيير بسياسات الأطراف الفاعلة الكبيرة”، لاسيما وأن قيمة البضائع المصادرة تعادل 34 ألف دولار فقط.

قرارات تدفع التجار للرحيل

مداهمة محال في حلب ليس بالأمر الاستثنائي، إذ تستهدف الجمارك “متاجرنا بحجج مختلفة، مرة بحجة مكافحة التهريب ومرة بحجة مكافحة الإرهاب وأن البضائع لدينا تركية المصدر”، بحسب ياسر أحد التجار الحلبيين الذي تعرض محله للمداهمة مؤخرا. و”هذه الممارسات”، كما أضاف لـ”سوريا على طول”، “دفعت البعض لإغلاق محالهم التجارية. فيما يرى آخرون أنه كان عليهم مغادرة سوريا حين سنحت لهم الفرصة بذلك”.

وبرأي فائز، فإن “هذه الممارسات ليست غريبة عن نظام الأسد الذي سعى دوماً للضغط على الصناعيين والتجار في المدينة”. إذ “يريدون منا تقديم فروض الطاعة”. 

ورغم علم “النظام السوري أن ثورات الربيع العربي كتونس بدأت لأسباب مشابهة لتلك التي حدثت في حلب مؤخراً، فإنه يعلم كذلك أن السوريين في مناطق سيطرته يعيشون حالة من الرهاب لا يستطيعون معها سوى التظلم وتقبيل الأيادي”. برأي د. شعار. مستدركاً أن هذا، في الوقت ذاته، قد “يدفع بكثير من التجار إلى مغادرة السوق وإغلاق محالهم بشكل كامل، لا سيما مع تردي مداخيلهم بسبب ضعف القوة الشرائية لدى المستهلكين”.

*تم استبدال أسماء الحقيقية للمصادر من تجار حلب بأخرى مستعارة حرصاً على سلامتهم.

شارك هذا المقال