4 دقائق قراءة

هل تستغل دمشق وباء كورونا لزعزعة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا؟

"السلطات السورية لا تتعاون مع الإدارة الذاتية، لا بل تقوم بإدخال الأشخاص إلى مناطقنا دون المرور على نقاط المراقبة الطبية"، كما جاء في بيان الإدارة الذاتية.


23 أبريل 2020

عمان- مع الإعلان، بداية الشهر الحالي، عن أول وفاة بفيروس كورونا المستجد في شمال شرق سوريا، ظهر إلى العلن واحد من أهم التحديات السياسية التي تواجه جهود التصدي لأزمة صحية لا يخضع انتشارها لأي حدود تتعلق بـ”السيادة” والسلطة “الشرعية” بمعايير المجتمع الدولي.

إذ حدثت الوفاة في المستشفى الوطني بمدينة القامشلي التي تخضع، كما أغلب مناطق شرق الفرات، لقوات سوريا الديمقراطية (قسد). مع ذلك، تتولى وزارة الصحة التابعة لحكومة دمشق إدارة المستشفى، أسوة بمؤسسات حكومية أخرى، وفق اتفاق ضمني مع دمشق.

وعدا عن نفى مدير المستشفى خبر الوفاة الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية في 17 نيسان/أبريل الحالي، فإن الإدارة الذاتية المسؤولة عن إدارة مناطق شمال شرق سوريا، عبرت في بيان عن تفاجئها من وجود الحالة المصابة في مناطقها أصلاً، كون “الصحة العالمية” لم تقم “بإعلام الجهات المعنية بالجانب الصحي في الإدارة الذاتية”، وبالتالي تحميل المنظمة المسؤولية عن “وجود أو انتشار فيروس كورونا بين مواطنينا لأنها تكتمت على وجود حالة مشتبه بها”.

وفيما لم تتلق “سوريا على طول” تعليقاً من منظمة الصحة العالمية على بيان الإدارة الذاتية حتى نشر هذا التقرير، قالت الرئيسة المشتركة لهيئة الصحة في إقليم الجزيرة، رابرين حسن، لـ”سوريا على طول”، إن رد “الصحة العالمية” كان بأنهم “أخبروا المعنيين بالحالة” في إشارة إلى وزارة الصحة بحكومة دمشق”. مضيفة أنه تم الاتفاق مع المنظمة “على التنسيق المشترك المباشر”. لاسيما وأن “السلطات السورية لا تتعاون مع الإدارة الذاتية، لا بل تقوم بإدخال الأشخاص إلى مناطقنا دون المرور على نقاط المراقبة الطبية”، كما جاء في بيان الإدارة الذاتية.

حرص حكومي على إفشال الجهود الوقائية؟

شملت إجراءات مواجهة “كورونا” في شمال شرق سوريا إغلاق جميع المعابر مع مناطق ودول الجوار منذ 14 آذار/مارس الماضي. إلا أن الرحلات الجوية بين مطاري دمشق والقامشلي الخاضعين لسيطرة النظام السوري لم تتوقف، ووصلت إلى أربع رحلات منذ قرار الإغلاق، بالتوازي مع رفض دمشق التنسيق مع الإدارة الذاتية لاتخاذ الإجراءات الضرورية فيما يتعلق بالقادمين إلى مناطق الأخيرة.

وبحسب تقارير إعلامية، بلغ عدد الواصلين إلى مطار القامشلي منذ منتصف آذار/مارس الماضي نحو مائة شخص، عمدت السلطات التابعة لدمشق إلى “تهريب البعض منهم” لعدم إخضاعهم للفحص الأولي للإصابة بالوباء والحجر الصحي الوقائي. 

في هذا السياق، ألقت قوات الأمن الداخلي “الأسايش” (الكردية)، مؤخراً، القبض على امرأتين مع مهرب، أثناء محاولة الأخير تهريبهما “عبر المباني المُحيطة بالمطار بغية عدم الخضوع لإجراءات الحجر الصحيّ التي تشرف عليه هيئة الصَّحة” في الإدارة الذاتية.

في المقابل، تم فحص 28 قادماً من دمشق على حاجز لقوى الأسايش خارج المطار،  في 12 نيسان/ أبريل الحالي. وقد أظهرت “النتائج الأولية للفحص الميداني الاشتباه بإصابة اثنين من المسافرين بالفيروس”، بحسب ما ذكر لـ”سوريا على طول” مدير المكتب الإعلامي في الهلال الأحمر الكردي، أحمد إبراهيم. مستدركاً بالإشارة إلى عدم إمكانية الجزم بشأن إصابة الشخصين “حتى تظهر النتائج النهائية من خلال فحص “بي سي آر” [PCR] الذي لم يدخل الخدمة بعد، إذ ما زلنا في مرحلة تدريب الكوادر” على الجهاز الخاص به.

قدرات طبية محدودة

تضم مناطق الإدارة الذاتية شمال وشرق سوريا، والتي يتراوح عدد سكانها بين 3 و4 ملايين نسمة، 12 مركزاً للحجر والعزل الصحيين، ثمانية منها “موزعة في مدينتي الحسكة والقامشلي والمدن التي بينهما”، وفقاً حسن، مؤكدة وجود “أكثر من 100 شخص في هذه المراكز. يضاف إلى ذلك 22 مستشفى، 16 منها خاصة.

ويبلغ إجمالي الأسرة الطبية “في جميع المشافي والمراكز الطبية [بمناطق الإدارة الذاتية] نحو 450 إلى 500 سرير فقط”، بحسب حسن. فيما يتوفر، بحسب إحصائية لهيئة الصحة في المنطقة، 37 جهاز تنفس اصطناعي ضروري لعلاج المصابين بفيروس كورونا. فيما تم مؤخراً، بحسب أحمد إبراهيم،  “الانتهاء من بناء مستشفى للهلال الأحمر الكردي في مدينة الحسكة خاص بمرض كورونا يتسع لـ120 سريراً”.

كذلك، وبما أن فحوصات الكشف عن فيروس كورونا “بي سي آر” غير مفعلة في المنطقة، تعتمد هيئة الصحة على “إجراء فحوصات أولية” كما ذكرت حسن. مضيفة أن “أي شخص يشتبه بإصابته نعيد إجراء الفحوصات المخبرية له. كما يتم حجر المشتبه بهم لمدة 14 يوماً، والتحقق أيضاً من مخالطيه وإجراء فحوصات لهم”.

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت أنها تواصل استجابتها للاحتياجات الصحية الطارئة في شمال شرق سوريا، لضمان تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية هناك. لكن حسن نفت تلقي “دعم طبي من أي جهة”، باستثناء “جهازي “بي سي آر” قدمهما إقليم كردستان العراق” ووصلا الشهر الحالي.

وإزاء محدودية الإمكانات الطبية، عمدت الإدارة الذاتية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية لمواجهة الوباء، شملت بالإضافة إلى إغلاق المعابر، فرض حظر للتجول شمال شرق سوريا منذ 23 آذار/مارس الماضي، ومنع التنقل بين مدن وبلدات المنطقة، إضافة إلى “تعقيم المدن والشوارع الرئيسة” بحسب حسن.

 أيضاً، قامت هيئة الصحة والهلال الأحمر الكردي بتشكيل خلية أزمة، كما قال إبراهيم، بحيث “يتوجه فريق من المسعفين والممرضين إلى المكان” الذي يشتبه بوجود إصابة فيه، و”يتم طرح بعض الأسئلة المعتمدة من منظمة الصحة العالمية حول الحالة الشخصية لمعرفة الأعراض، إلى جانب إجراء فحص ميداني.

يشار إلى أنه حتى مساء أمس، بلغ عدد الحالات المسجلة للإصابة بفيروس كورونا المستجد في سوريا 42 حالة، من بينها ثلاث وفيات وست حالات تعاف. في وقت تؤكد مصادر إعلامية وحقوقية وجود إصابات أكثر من ذلك، لاسيما في مناطق سيطرة حكومة دمشق.

شارك هذا المقال