4 دقائق قراءة

هيئة تحرير الشام تسيطر على الأتارب في محافظة حلب وتفرض نفسها على الشمال الغربي

خروج فصائل المعارضة من مدينة الأتارب بعد ظهر يوم الأحد. […]


7 يناير 2019

خروج فصائل المعارضة من مدينة الأتارب بعد ظهر يوم الأحد. الصورة من هذه سوريا.

سيطرت هيئة تحرير الشام على المدينة الرئيسية في محافظة حلب من فصائل المعارضة، صباح يوم الأحد، في أحدث انتصار لها في حملتها المستمرة منذ أسبوع ضد فصائل المعارضة المتناحرة شمال غرب سوريا.

وكانت مدينة الأتارب، الواقعة غرب محافظة حلب على مفترق طرق استراتيجية وطريق دولي رئيسي، تحت سيطرة حركة نور الدين الزنكي، وهو فصيل معارض بارز شمال غربي سوريا، واشتبك مراراً مع هيئة تحرير الشامخلال العام الماضي.

وتعد هيئة تحرير الشام تحالفاً من جماعات إسلامية معارضة، كانت بقيادة تنظيم القاعدة سابقاً، وهي أقوى كتلة معارضة شمال غربي سوريا.

ومن جهته، وافق المسؤولون المحليون وقادة المجتمع المحلي على تسليم الأتارب إلى هيئة تحرير الشام في وقت متأخر من ليلة السبت، وفقاً لما ذكره أحد قادات حركة نور الدين الزنكي، الذي تحدث إلى سوريا على طول صباح يوم الأحد، بعد أن اشتبكت المجموعة المتشددة مع مقاتلي الزنكي وقصفت مواقعهم بشكل متكرر داخل المدينة.

وتحدث القائد بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى الإعلام.

ووفقاً لاتفاقية ليلة السبت، فإن هيئة تحرير الشام ستكون مسؤولة عن إدارة الأمن في الأتارب، في حين ستتولى حكومة الإنقاذ السورية – وهي هيئة تابعة لهيئة تحرير الشام مسؤولة عن الشؤون المدنية في المناطق التي تسيطر عليها المجموعة المتشددة بشكل مباشر أو غير مباشر- إدارة الواجبات المدنية والقضائية والبلدية.

كما نصت الاتفاقية على انسحاب جميع قوات المعارضة غير المتحالفة مع هيئة تحرير الشام من الأتارب.

وفي أعقاب اتفاق الليلة السابقة، تم إجلاء المقاتلين المحليين بشكل جماعي بعد ظهر يوم الأحد. وأظهرت مقاطع الفيديو التي نشرت على الإنترنت قافلة من المقاتلين المحليين المتحالفين مع الزنكي وهم يغادرون المدينة في موكب من سيارات الدفع الرباعي والشاحنات، بعد ظهر يوم الأحد، كجزء من عملية إجلاء منظمة من الأتارب باتجاه مناطق مدينة عفرين في محافظة حلب، الواقعة تحت سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا.

وتخلى مقاتلو الزنكي عن مناصبهم في الأتارب وتراجعوا إلى منطقة عفرين، يوم السبت، وفقاً لما أكده مصدران محليان في الأتارب لسوريا على طول.

وفي الوقت نفسه، وافق كلاً من ثوار الشام وبيارق الإسلام ،الفصيلان المحليّان اللذان كانا يسيطران على مدينة الأتارب إلى جانب مقاتلي الزنكي، على حل نفسيهما وإجلاء المدينة وفقاً للاتفاقية التي تم التوصل إليها ليلة السبت مع هيئة تحرير الشام.

ومع خروج الزنكي، انتهى الاقتتال من أجل السيطرة على المدينة في غضون ساعات. وفي اليوم التالي نشر نشطاء فيديوهات عبر الإنترنت تظهر مقاتلي هيئة تحرير الشام وهم يدخلون مركز مدينة الأتارب في وقت مبكر من يوم الأحد، ويتجولون في شارع مزدحم بالعشرات من الشاحنات الصغيرة.

وقال مسؤول حكومي محلي في الأتارب لسوريا على طول، صباح يوم الأحد “الوضع مروع، انهارت معنويات السكان هنا، ووصلت إلى القاع”، وطلب المسؤول حجب اسمه لأسباب أمنية.

 مكاسب ضد الجبهة الوطنية للتحرير “المتفرقة”

إن خسارة الأتارب، بالإضافة إلى سلسلة الانتصارات التي حققتها هيئة تحرير الشام في وقت سابق من هذا الأسبوع، أدت إلى تقلص منطقة الزنكي وتضاؤل أماكن تواجدها  في شمال غربي سوريا بشكل كبير.

وانشقت حركة نور الدين الزنكي، التي كانت ذات يوم عضواً في هيئة تحرير الشام، عن الائتلاف الإسلامي المتشدد في تموز 2017، حيث أدت العديد من الاشتباكات العنيفة إلى توتر العلاقات بين المجموعتين المعارضتين منذ ذلك الحين. وفي وقت سابق من هذا العام، تحالفت الزنكي مع الجبهة الوطنية للتحرير، وهي تكتل من الجماعات المعارضة المدعومة من تركيا والتي اشتبكت مع هيئة تحرير الشام من أجل السيطرة في محافظة إدلب على مدى أشهر.

وأُنشئت الجبهة الوطنية للتحرير في وقت سابق من هذا العام، بدعم كبير وتنسيق من تركيا. وبالرغم من أن إنشاءها كان بهدف تشكيل تحالف متماسك منافس للهيئة في الشمال الغربي، إلا أن الجبهة أصبحت تضم مجموعة غير مترابطة من عشرات الفصائل ذات الإيديولوجيات والأولويات المتباينة في الغالب.

وقال سام هيلر، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، لسوريا على طول، يوم الأحد “إن هزيمة الهيئة لنور الدين الزنكي تدحض فكرة أن الجبهة الوطنية للتحرير مستعدة لمواجهة الهيئة مجتمعة”.

وأضاف “ما تزال الهيئة تواجه قوى معارضة متفرقة، وبالتالي هذه القوى غير قادرة على مواجهة المجموعة”.

وفي الوقت ذاته، قالت مصادر من الجبهة لسوريا على طول، إن التحالف المدعوم من تركيا يستعد للرد على هيئة التحرير.

وكانت عمليات الجبهة الوطنية لاستعادة الأراضي التي خسرتها أمام الهيئة “مستمرة”، بعد ظهر يوم الأحد، مع استعداد المجموعة لمزيد من القتال، حسب ما أفاد به الناطق باسم الجيش الوطني يوسف الحمود لسوريا على طول.

وقال الحمود “لقد أرسلنا قوافل مجهزة بشكل جيد بالأسلحة والذخيرة والمقاتلين إلى خطوطنا الأمامية مع الهيئة، ونستعد لمحاولة استعادة بعض أو كل الأراضي التي أصبحت تحت سيطرة الهيئة”. 

Embed from Getty Images


مقاتلو هيئة تحرير الشام خلال تدريبات قتالية في شمال محافظة إدلب، في ١٤ آب. تصوير عمر حاج قدور.

الهيئة “تفرض سيطرتها مجدداً على كامل الشمال الغربي”

وفي تشرين الأول، دخل اتفاق تم التوصل إليه بوساطة روسيا وتركيا حول مصير إدلب حيز التنفيذ شمال غرب سوريا، حيث قامت فصائل معارضة بسحب الأسلحة الثقيلة من منطقة عازلة تمتد عبر ١٥ إلى ٢٠ كم، حول محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة.

وبالرغم من أن الاتفاق جنب آخر معقل للمعارضة السورية إمكانية التعرض لهجوم شامل، إلا أن الانقسامات والاقتتال بين الفصائل على الأرض جعل تنفيذها مهمة معقدة، كما ساءت العلاقات بين كتلتي المعارضة الرئيسيتين.

ويبدو أن حملة الهيئة الأخيرة ضد الفصائل المتحالفة مع الجبهة الوطنية للتحرير تتخطى الاقتتال الداخلي، مما يشير إلى محاولة بارزة من قبل المجموعة لفرض نفسها كقوة المعارضة الرئيسية في الشمال الغربي.

وقال هيلر لسوريا على طول “يبدو أن الهيئة الآن تفرض سيطرتها مجدداً على كامل الشمال الغربي، وتستهدف البنية التحتية الاستراتيجية على وجه الخصوص”. وأضاف أن الهيئة تسيطر تقريباً على جميع المعابر التجارية الكبرى والامتدادات الرئيسية للطرق السريعة المهمة في الشمال الغربي.

واندلعت أحدث جولة من الاشتباكات بين الهيئة والجبهة الوطنية في الأول من كانون الثاني، عندما هاجمت قوات الهيئة مواقع الجبهة في غرب محافظة حلب.

وقتل أكثر من ٨٠ مقاتلا من الطرفين بحلول الثالث من كانون الثاني، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، في حين استولت الهيئة على بلدة دارة عزة من الجبهة الوطنية للتحرير.

شارك هذا المقال