4 دقائق قراءة

واقع الحصار: وفاة أول مريض بسوء التغذية المرتبط بالفشل الكلوي

توفي أول مريض بالفشل الكلوي في مضايا، السبت. واسمه ديبو […]


8 نوفمبر 2016

توفي أول مريض بالفشل الكلوي في مضايا، السبت. واسمه ديبو ابراهيم الكوفي، وكان في الرابعة والخمسين من العمر. ولم يكن يعاني سابقاً من أي مرض، وكانت حالته المرضية نتيجة لسوء التغذية التي سببتها سنوات الحصار للبلدة الجبلية التي كانت يوماً منتجعاً صيفياً وتبعد 40 كم شمال غرب دمشق. ودخلت البلدة في هدنة مع النظام في عام 2015.

واليوم، هناك على الأقل 25حالة مرضية بين سكان مضايا البالغ عددهم 40 ألف نسمة، وهم في مراحل مختلفة ومتدرجة من الفشل الكلوي الناجم بشكل مباشر عن سوء التغذية الحاد، وفق ما ذكرت سوريا على طول، الشهر الماضي.

ويماثل حصار مضايا الحصار في القرون الوسطى، فلا يسمح لأي شخص أو شيءٍ بالدخول أو الخروج دونما إذن من النظام. وليس بوسع المنظمات الإغاثية الدولية سوى الجلوس والانتظار، حتى ُتمنح إذناً نادراً بالتدخل.

ولم تخرج أي حالة فشل كلوي من البلدة. وسبعة من هذه الحالات “مستعصية جداً”، وفقا لما قاله الدكتور محمد درويش، أحد الأطباء الثلاثة الذين بقوا في البلدة، لسوريا على طول.

وقال الطبيب درويش “ناشدنا عدة منظمات إنسانية (…) ولا يوجد أي رد سوى يجب الإلتزام باتفاقية المناطق الأربعة”، مشيراً إلى الاتفاقية بين النظام والمعارضة التي تتحكم بعمليات الإخلاء من البلدة.

وقالت المتحدثة باسم المكتب الصحفي في الهلال الأحمر السوري العربي، منظمة إغاثية تابعة للنظام مقرها دمشق، لسوريا على طول “لا يمكن إخراج الحالات عنوةً، يجب إخراج الحالات بموافقة الجهات المعنية، وعندما يتم الاتفاق على الإخراج نحن جاهزون”.

والمسألة أن المتحكم في الواقع هو جهة واحدة. وبالنسبة لعلي غصن فإن فكرة أن قدره في يد أولئك المسؤولين أساساً عن ظروف مرضه تتركه في حالة من التعب والقلق.

وفي الشهر الماضي، تحدثت سوريا على طول مع رولا، شقيقة علي، في تقريرها عن سوء التغذية الذي يؤدي إلى الفشل الكلوي. وبسبب الحصار في مضايا، ليس هناك مستلزمات طبية وأدوية غير المسكنات الخفيفة. وقالت رولا غصن “نحن هنا في مضايا لا نستطيع أن نقدم لأحبائنا سوى آمال كاذبة ووعود فارغة حتى لا تموت رغبتهم في الحياة، أتمنى أن لا يشعر أحد يوماً بهذا الشعور.

  • الدكتور محمد درويش، طبيب أسنان، وعضو في الهيئة الطبية في مضايا.

ماهو سبب وفاة ديبو إبراهيم الكويفي؟

ديبو وعمره 54 سنة، كان يعاني من فشل كلوي من فترة شهر، وللأسف كانت نسبة الفشل الكلوي لديه عالية، فكان هناك ارتفاع بنسبة الكرياتين ولم يستجب للعلاجات البديلة الموجودة كالمدرات وأدوية الالتهاب.

(والمدرات هي أدوية تساعد على زيادة معدل التبول وطرح السوائل. ووفقاً لـ مركز التحكم بالأمراض، فالكرياتينين هو منتج فائض يصاغ حين يتعطل الكرياتين الذي يساعد في تحويل الغذاء إلى طاقة. وفي حالة الفشل الكلوي ترتفع مستوياته).

وهذه ليست علاج أساسي، وليست بديلة، لكنها تخفف من المشكلة بعض الشيء، للأسف الكويفي لم يستجب للعلاجات، بسبب كبر سنه وضعف مناعة جسمه، وكانت حالته تسوء يوماً بعد يوم ولم يستجيب للعلاجات، حتى توفي يوم السبت، على الرغم من وجود حالات حرجة أكثر من وضعه.

طفل في مضايا. “أنقذوا مرضى الفشل الكلوي”. حقوق نشر الصورة لـ مضايا

كيف هو الوضع الطبي لـلمرضى الـ24 المصابين بالفشل الكلوي؟

هناك سبعة منهم حالاتهم مستعصية جداً، وأهمهم علي غصن والذي أجريتم مقابلة عن حالته، ونتوقع موته بأي يوم، طبعاً الأعمار بيد الله لكن للأسف وضعه سيء، لقد انتقل من حالة الفشل الكلوي الحاد إلى حالة الفشل الكلوي النهائي فكليتاه لا تعملان. وهناك فواز غصن نسبة الكيرياتين عالية جداً لديه، وهناك عبدالفتاح جابر وسمر عساف ونساء وأطفال من كافة الأعمار. 

هل ناشدتم منظمات إنسانية لإخراج الحالات؟ وكيف كان ردهم؟

نعم ناشدنا عدة منظمات إنسانية الهلال الأحمر، الصليب الأحمر، منطمة الصحة العالمية، اليونيسف، ولا يوجد أي استجابات حتى الآن، ونحن نناشد ونطالب ولا يوجد أي رد سوى يجب الالتزام باتفاقية المناطق الأربعة المشؤومة، ولا يوجد حالات في كفريا والفوعة تود الخروج.

هل أثار موت ديبو الكويفي مخاوف أهالي مضايا، بأن لا أمل بالخروج من مضايا وإن أصيبوا بالمرض فالقدر ذاته ينتظرهم؟

للأسف أهالي مضايا لم يعودوا يخافون من الموت، وخوفهم من الإصابة بمرض أو قنص أحدهم هو الخوف فقط من معاناتهم مع المرض، وستكون نهايتهم الموت لأن المريض داخل مضايا يعاني من المرض ونهاية قصة معاناته واحدة فقط وهي الموت.

  • في 13 تشرين الأول، تحدثت سوريا على طول مع رولا غصن، امرأة في مضايا عمرها 31 عاما، وهي شقيقة علي، الذي يصغرها بعام و يعاني من الفشل الكلوي بسبب سوء التغذية. وتاليا رولا تطلع القراء على وضع علي حالياً.

كيف هو وضع علي غصن الصحي؟

وضعه سيء جداً، بعد فشل الكلية اليمنى، بدأ يعاني من التهابات في المجاري الصفراوية، مع زيادة الأعراض الصحية مثل الإقياء والألم الشديد في الرأس.

كيف تلقيتِ خبر وفاة ديبو إبراهيم الكويفي؟

الخبر صعقني وأصابني بحالة من الخوف أن يكون أخي هو التالي، أخفينا عن علي خبر الوفاة.

لماذا أخفيتم عن علي نبأ الوفاة ديبو الكويفي؟

أخفينا عن علي نبأ وفاة ديبو، لأن هذا الخبر قد يجعله يفقد الأمل كلياً بإخراجه أو محاولة مساعدته، وإذا سمع هذا الخبر قد تتفاقم أعراضه الصحية بشكل أكبر، حتى أننا نخفي عنه الكثير من تقاريره الطبية حتى لا يفقد الأمل.

خبر وفاة ديبو جعلني أشعر أن العقل البشري الذي استطاع الوصول إلى الفضاء عاجز تماماً أن يصل الى أعماق الضمير الإنساني ليخفف معاناة الكثير من الناس، نحن هنا في مضايا لا نستطيع أن نقدم لأحبائنا سوى آمال كاذبة ووعود فارغة حتى لا تموت رغبتهم في الحياة، أتمنى أن لا يشعر أحد يوماً بهذا الشعور، لأنه شعور مدمر فهو أصعب بكثير من شعورنا بفقدان من نحب.

ما هو رأي الأطباء بوضعه الآن؟

الأطباء المشرفون على حالته هنا والذين يتابعون وضعه خارج البلدة بالتعاون مع الأطباء هنا يعتبرونه مريضا فريدا من نوعه، لأن جسده بحسب نسب التحاليل يقاوم بشكل رهيب ويتفاجؤون بهذه النتيجة، ولكن ذلك وإن طال سيصل إلى نهاية قد تكون الموت في أي لحظة.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال