8 دقائق قراءة

وسط مخاوف الأكراد على عفرين: اتهامات متبادلة وسفك دماء في ريف حلب الشمالي

التحقيقات في الحرب الجارية بين تحالف قوات سوريا الديمقراطية، المشكل […]


6 ديسمبر 2015

التحقيقات في الحرب الجارية بين تحالف قوات سوريا الديمقراطية، المشكل حديثاً، وخصومه، الجيش السوري الحر والفصائل الإسلامية في شمال غرب حلب، تكشف عن  شبكة معقدة من الأجندات المتضاربة تتصارع على  تحقيق غاياتها في منطقة روج آفا الكردية.

وشهد عدد من القرى غرب مدينة أعزاز، إلى الجنوب من الحدود التركية، أياماً من المعارك العنيفة بين تحالف قوات سوريا الديمقراطية، الذي تدعمه الولايات المتحدة، ومجموعة من الفصائل الثورية التابعة للجيش الحر والفصائل الإسلامية. ما أدى إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، وأسر بعضهم. 

أما لماذا يقتتلون؟ فالجواب يعتمد على من يوجه له السؤال. وردا على ذلك، قال عنصر عربي من جيش الثوار المنضوي في تحالف قوات سوريا الديمقراطية، إن الاشتباكات على مدى الأيام الماضية بدأت حين هاجم مقاتلي جبهة النصرة وأحرار الشام، مواقع جيش جنوب غرب أعزاز في بداية الأسبوع الماضي.

ولم تعقب النصرة وأحرار الشام على ذلك‘ فيما قال قائد غرفة عمليات مارع، التابعة للجيش السوري الحر، و يقاتل حالياً في شمال حلب، إن جيش الثوار بدؤوا موجة الاقتتال بإطلاق النار على رجاله وقطع طريق حلب غازي عنتاب المجاور. وهو  طريق الإمدادات الرئيسي للثوار في شمال حلب.

وفي الحقيقة يبدو أن هذه المعارك ليست سوى تصعيد للتوتر، الذي أعقب تشكيل تحالف قوات سوريا الديمقراطية، ذو الغالبية الكردية في الريف الشمالي لحلب في الشهر الماضي.

 عناصر من قوات سوريا الديمقراطية وهم يستمعون إلى كلمة  أثناء تشييع جثامين 4 شهداء من جيش الثوار قتلوا في المعارك بالقرب من أعزاز، حقوق نشر الصورة لجيش الثوار

وجيش الثوار، وهو تحالف من الكتائب الثورية التابعة للجيش الحر بمجملها، والذي تشكل في أيار الماضي، انضم إلى قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى 13 فصيلاً كردياً وعربياً على الأقل، لمحاربة “ظاهرة الإرهاب متمثلة بتنظيم داعش وأخواتها والنظام البعثي المجرم”، كما جاء في بيان نشره منذ أسبوعين.

وتصدى المقاتلون في غرفة عمليات مارع، التابعة بمجملها للجيش السوري الحر، وغرفة عمليات فتح حلب وأحرار الشام وجبهة النصرة، إلى تقدم قوات سوريا الديمقراطية. وأعادوا فتح طريق حلب غازي عنتاب، واستمروا في محاربة قوات سوريا الديمقراطية، العربية والكردية، في جبهات متعددة. وتبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب المجازر والتهجير القسري للقرويين.

ولكن السؤال عما يشعل الاقتتال في شمال غرب حلب، يتعدى ويتجاوز الأهمية الاستراتيجية لطريق حلب غازي عنتاب وبضع قرى غرب أعزاز.

المسألة أعمق من الارتياب وعدم الثقة المتبادل، بين الكتائب العربية في شمال غرب حلب وقوات سوريا الديمقراطية في حلب. وجيش الثوار باصطفافه العلني مع قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية، ورث هذا العداء، وأشعل بذلك فتيل توتر كان موجودا في السابق مع الكتائب الثورية كجبهة النصرة.

والقوات الكردية المنضوية في قوات سوريا الديمقراطية هي: وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة (YPG/J) ومقرها عفرين، الجيب الأساسي للمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في حلب، وتشكل أقصى الزاوية الشمالية الغربية من الحدود السورية التركية.

وحتى قبل هذا الاقتتال الآخير، كانت الفصائل العربية السنية في ريف حلب تراقب بخوف إحكام القوات الكردية قبضتها على الشريط الإقليمي الممتد من الشرق إلى الغرب على طول كامل الحدود السورية مع تركيا تقريباً.

وتسمي المجموعات الكردية مناطقها، التي تتمتع بحكم ذاتي بحكم الأمر الواقع،  بـ”روج آفا”، وتصف تأسيسها بـ”الثورة”، وتحافظ على وجود إدارة مدنية فيها، وقوات أمنية ومدارس. والكانتونات الإدارية الخمسة لروج آفا، تحكمها إدارة مشتركة، يتسيدها حزب الإتحاد الديمقراطي (PYD) المنحاز لفكر عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني في تركيا، وتحميها ((YPG/Jالجناح المسلح لـ(PYD).

وتأسيس هذه المناطق والتوسع فيها، تقاطع مراراً مع محاربة تنظيم الدولة، إلا أن الاتهامات بانتهاكات (YPG) كانتكظله ملاحقة له أينما حل، ومن ذلك اتهامات باجتياح القرى العربية والإستيلاء على المنازل وهدمها والتجنيد الإجباري للشباب والفتيات في المناطق التي يحكمها. لكن YPG))أنكر الكثير من الاتهامات الموجهة إليه.

ومن ثم، فهنالك الأهداف الإقليمية المصرح بها، والمتمثلة في إغلاق فجوة تبلغ 140 كيلو مترا بين عفرين وكانتونات كوباني في الشمال، على طول الحدود التركية.

ويقول بولات جان، وهو مسؤول كبير في الـ( (YPG لصحيفة ماكلاتشي الأميركية” لدينا هدف كبير، وهو ضم عفرين بكوباني وسنفعل أي شيء لبلوغه”.

وتأكيداً على أن جيش الثوار المصطف، مع قوات سوريا الديمقراطية، كان من حرض على الاقتتال في العشرة أيام الماضية، وصفت الفصائل الثورية الإسلامية والفصائل التابعة للجيش السوري الحر في شمال حلب، المعارك الأخيرة بأنها “خطوة ضرورية لمكافحة عدوان القوات الكردية وحلفائها”.

بدوره، يقول مسؤول عسكري في غرفة عمليات فتح حلب، طلب أن لاينشر اسمه، لسوريا على طول، “يحاول جيش الثوار والقوات الكردية التقدم والسيطرة على مناطق في ريف حلب الشمالي “. ويضيف “نحن نتعامل مع هذه المعارك بجدية “لنحافظ على طريق الإمدادات لقواتنا التي تحارب تنظيم الدولة”.

ودعى مقاتلون من غرفة عمليات مارع المقاتلين في جيش الثوار لفك ارتباطهم بـ(YPG). وفي فيديو نشرته يوم الإثنين، دعت غرفة عمليات مارع”أهلنا وإخواننا في جيش الثوار، بوقف دعمهم وارتباطهم في (PKK)”. وناشدتهم أن “عودوا إلى مسيرة الثورة، أنتم ثوار حقيقيون، ندعوكم يا إخوتنا بالتوجه لمساعدتنا في قتال النظام وداعش”.

  غرفة عمليات مارع تناشد مقاتلي جيش الثوار بفك إرتباطهم بـ  YPG، حقوق نشر الصورة لـKhaled Alale

التهديد المرتقب

حين ينظر الأكراد إلى رحى المعارك الدائرة في القرى على الحدود الشرقية  لعفرين، يرون خطراً محدقاً  يحيق بالكانتون الأكثر عزلة وضعفاً في روجافا، ومحاولة لمحو قوات سوريا الديمقراطية الجديدة ممن يسموهم “المجموعات الإرهابية” التي تدعمها تركيا. 

وقال أكرم صالح، صحفي كردي، منخرط  مع (YPG) في تل أبيض، لسوريا على طول، “اختيار عفرين للهجوم (جاء) لأنها النقطة الأضعف ،بالمقارنة مع غيرها من المناطق الواقعة تحت السيطرة الكردية”، فهي مطوقة بالمجمل بقوات المعارضة، ومواقع تنظيم الدولة على بعد عشرين كيلومترا شرقاً.  

ولم تشارك قوات (YPG) ضمن قوات سوريا الديمقراطية، في بداية الاشتباكات بين جيش الثوار والمجموعات الثورية، عندما كان الاقتتال محدوداً على منطقة إلى الغرب مباشرة وجنوب غرب أعزاز. ولكن  حين أصبح هذا التقدم المجابه للمجموعات الثورية يهدد قرى، كقرية مريمين على الحافة الشرقية لعفرين، وعلى بعد 5.5 كيلومتر من كانتون عفرين.

ومزاعم (YPG) بدعم تركيا للمجموعات الثورية في حلب ليست جديدة، فتركيا ترى أن إحتمالية وجود منطقة كردية تتمتع بحكم ذاتي على تماس مع حدودها مع سوريا ويحكمها (PYD) بشكل أساسي، الذي تجمعه بـ(PKK) روابط وثيقة  يمثل “تهديداً”.

وكان الرئيس التركي طيب إردوغان، قال في خطاب له الشهر الماضي “كل ما يريدونه (الكرد) هو السيطرة على شمال سورية بأكمله. لن نسمح بأن يصبح شمال سورية ضحية لمشروعهم تحت أي ظرف. لأن هذا يمثل تهديدا لنا ومن المستحيل بالنسبة لنا كتركيا أن نقول (نعم) لهذا التهديد.”

ويبدو أن هذا الموقف يجعل تركيا حليفاً طبيعياً للكتائب الثورية، التي تتبنى احتجاجات مشابهة للتوسع الكردي المحتمل على طول الحدود، ويؤجج الاتهامات الكردية بمؤامرة تحاك ضدهم.

وقال الصحفي صالح، المنخرط مع (YPG) لسوريا على طول، “النصرة وأحرار الشام، وغيرها، “يهاجمون القوات الكردية لمنعهم من إقامة أي كيان كردي، بما ينسجم وتصريحات تركيا الأخيرة”. والمعارك الجارية مع قوات (YPG) وحلفائها “لا تحقق أي هدف استراتيجي للمعارضة في حربها مع النظام أو داعش”.

وربما يتعمد (YPG) إدراج النصرة وأحرار الشام وتنظيم الدولة بمنزلة واحدة، لتصور أن الاقتتال الأخير كان دفاعاً عن النفس والبقاء ليس إلا.

وكان قيادي كردي، قال لموقع آرانيوز الإثنين،”حاولت تركيا دعم الجماعات الإرهابية أمثال أحرار الشام وجبهة النصرة، لأجل ضرب قوات الثورة الديمقراطية”. وأضاف أن هذه الضربات “هي محاولة لتعتيم وجه قوات سوريا الديمقراطية التي تحاول بناء سورية ديمقراطية تعددية لكافة أبناءها ومكوناتها”.

وفي السياق، قال القيادي في وحدات حماية الشعب فرات خليل، “تدور في محيط مقاطعة عفرين ومنطقة إعزاز اشتباكات عنيفة بين جيش الثوار من جهة ومرتزقة النصرة وأحرار الشام من جهة أخرى، تتخذ المجاميع المرتزقة تحت اسم الحرب على جيش الثوار مظلة لها لشن الهجمات على مقاطعة عفرين”.

ورغم تنوع وتعدد الفصائل الإسلامية المتشددة، وغيرها من مجموعات الجيش السوري الحر، التي تقاتل قوات سوريا الديمقراطية في شمال حلب، فإن إعلام قوات سوريا الديمقراطية، أو المصادر الإعلامية الموالية لها، كانت تشير لمن يقاتلها بـ”المرتزقة” سواء كانت جبهة النصرة، أحرار الشام، أو تنظيم الدولة، رغم أن أقرب موقع للتنظيم يبعد عشرات الكيلومترات إلى الشرق.

 من جانبه، قال المقاتل في وحدات حماية الشعب، روجار ممو، لآرا نيوز، إن “جميع الفصائل العسكرية المتواجدة في مناطق إعزاز والريف الشمالي لحلب متطرفة، وذات علاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية، ووجود تلك الفصائل بمقربة من المناطق التي حررتها قواتنا تشكل خطراً عليها”.

وتشبث جيش الثوار بهذه الإدعاءات ونشر فيديو، الإثنين الماضي،لأحد الأسرى، واسمه (عبدالله العبيد)، الذين وقعوا بيد قوات جيش الثوار في بلدة مريمين خلال الاشتباكات الأخيرة.

ويعترف الأسير، على ما يبدو، أن كتيبته (الصحابة) وتقودها  داعش، ويرى جيش الثوار في هذا “إثباتات” لمشاركة تنظيم الدولة في المعارك.

العبيد يعرف عن نفسه بأنه مقاتل في كتيبة صغيرة، ويجيب على أسئلة مقاتل جيش الثوار التي يوجههابفيديو مدته ثلاثين ثانية بجمل قصيرة ومتتابعة، بأنهم يقاتلون بالاشتراك مع جبهة النصرة وأحرار الشام.

ويوضح أن فصيله “الصحابة” وتمويله “من تركيا” وقاداته “من داعش”، وأن الفصائل التي كانت مشاركة بالهجوم تضم: “كتيبة الصحابة، جبهة النصرة، أحرار الشام، الدولة الإسلامية (داعش)، باسم الجيش الحر”، وأنهم هاجموا “مريمين وعشتار”.

وترى الإدارة الذاتية في كانتون عفرين، أن الإقتتال الأخير يشكل “تهديداً” وفق ما جاء في بيانللرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي بمقاطعة عفرين.

وتضيف “تأزم الموقف الإنساني بحق المواطنين في مقاطعة عفرين الآمنة، جراء  الحصار المبرمج والممنهج من قبل جبهة النصرة وداعش وأخواتها الأخوانية  والأردوغانية (الأئتلاف وحزب العدالة والتنمية)، ومن يلف لفيفهم من العصابات المرتزقة، ما يؤكد من جديد مدى ارتباط تلك العصابات بالموقف التركي المعادي للشعب السوري والكردي برمته، ويثبت من جهة أخرى مدى معاداة تلك الجماعات التي تدعي بأنها معتدلة تجاه القوى الديمقراطية السورية”.

وتؤكد ثقتها في أن “أي مناورة للدخول إلى عفرين بحجة مهاجمة جيش الثوار ستكون حتما معركة خاسرة”.

حرب بالوكالة

في الأسبوع الماضي، مضت تركيا في تصعيدها على روسيا، التي تعي تماماً باستياء أنقرة من قوات سوريا الديمقراطية على طول حدودها مع سوريا، ومندفعة إلى ضرب المصالح التركية بعد إسقاط الطائرة الروسية واتهمتها بتنفيذ غارات جوية تدعم ((YPG.

وادعت وكالة أنباء الأناضول، الإثنين، أن روسيا تقدم الدعم الجوي إلى حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في سوريا، المتعاون مع منظمة
(PKK) الإرهابية.

ونشر الإعلام الحكومي التركي  ثلاثة تقارير في الأسابيع الماضية، عما سماه الدعم الروسي الجوي لقوات روسيا الديمقراطية الكردية في شمال حلب.

ونشرت وكالة الأناضول تقارير عن “مصدر محلي” لم تذكر اسمه، لتدعم ادعائها أن “هناك أنباء تشير إلى تقارب ما بين (PYD) وروسيا”، في حين لم يأت الإعلام الحكومي الروسي على ذكر أيه غارات بالقرب من أعزاز أو تقوية علاقاته مع (PYD).

وذكر مصدر إعلامي سوري، موال للنظام، أن الغارات الروسية على عدة قرى في شمال حلب، الأحد الماضي، جرت وسط  اشتباكات عنيفة ما بين الأكراد و”ما يسمى الجيش السوري الحر”.

حتى وإن نفذت الغارات الجوية الروسية حقيقة، فتداخل العمليات الروسية وعمليات قوات سوريا الديمقراطية لا يعكس بالضرورة تنسيق مباشر بينهما، وإنما كل منهما يستغل ممارسات الطرف الآخر بما يخدم غاياته. والتي تتلخص بالنسبة لروسيا بقلقلة تركيا، وبالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية في حماية عفرين.

في غضون ذلك، فإن التحالف الدولي الذي ترأسه أميركا، ذكر أنه شنّ أربع غارات جوية في حلب منذ بداية الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات المعارضة في شمال حلب، ولكنها، حسب ما قال، كانت جميعها على أهداف لتنظيم الدولة بالقرب من مارع، والتي تبعد 16 كيلومترا جنوب شرق أعزاز.

وتحدث أحد الصحفيين الكرد، والذي شهد معارك طرد تنظيم الدولة من كوباني، عن  دعم جوي مرتقب للتحالف الذي تقوده أميركا لقوات سوريا الديمقراطية قرب عفرين، نقلاً عن مصادر سرية.

ووفق ما نشر مصطفى عبدي على صفحته الشخصية، والمقيم حالياً في تركيا بالقرب من عفرين، على وسائل التواصل الإجتماعي، نقلاً عن “مصادر خاصة، فإن “القرار بحماية عفرين، أخذ من الجو”، وإن “العمليات الجوية تم تنسيقها بالكامل مع قوات سوريا الديمقراطية”.

شارك هذا المقال