6 دقائق قراءة

10 أشياء يجب معرفتها عن صفقة بريطانيا لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا

من المقرر ترحيل 15 طالب لجوء سوري من بريطانيا إلى رواندا في 14 حزيران/ يونيو، في صفقة مثيرة للجدل مع الدولة الواقعة شرق إفريقيا.


3 يونيو 2022

بيروت- من المقرر ترحيل 15 سورياً إلى رواندا، في 14 حزيران/ يونيو، في أول عملية لبريطانيا، ضمن صفقة مثيرة للجدل، يتم بموجبها إرسال طالبي اللجوء إلى الخارج، وفقاً لمؤسسة خيرية بريطانية.

انتقد مدافعون عن حقوق الإنسان بشدة الاتفاقية الخاصة بترحيل طالبي اللجوء من بريطانيا إلى الخارج، الموقعة في 14 نيسان/ أبريل الماضي، وهي الأولى من نوعها في أوروبا، نظراً للشكوك حول قانونيتها، وتأثيرها المحتمل على حقوق اللاجئين حول العالم.

كان خبر الترحيل إلى رواندا صادماً لطالبي اللجوء في بريطانيا، لدرجة محاولة البعض الانتحار، ومن أضرب منهم عن الطعام تعرض للتهديد بتسريع ترحيلهم، وفقاً لرسالة من وزارة الداخلية البريطانية حصلت صحيفة الغارديان على نسخة منها.

وقال ناشط حقوقي سوري، يقيم في بريطانيا لـ”سوريا على طول”، إن حوالي 100 طالب لجوء من جنسيات مختلفة، تلقوا إخطارات بالترحيل حتى الآن.

1- ما هي صفقة بريطانيا ورواندا؟

تنص مذكرة التفاهم بين بريطانيا ورواندا، الموقعة في نيسان/ أبريل الماضي، على إرسال طالبي اللجوء إلى الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، حيث ستتم معالجة طلبات لجوئهم هناك.

وبذلك، يبقى طالب اللجوء الذي مُنح حق اللجوء في رواندا هناك، بمعنى أن الصفقة لا تنص على الاستعانة بمصادر خارجية لمرحلة من مراحل اللجوء، وإنما إعادة توجيه الأشخاص الذين تقدموا بطلبات الحصول على الحماية في بريطانيا.

“ليس لدى رواندا القدرة على استقبال أعداد متزايدة من اللاجئين، ودراسة طلبات اللجوء الخاصة بهم بشكل عادل وفعال أو تقديم حلول طويلة الأجل”، كما قالت كاثرين ستابرفيلد، المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في بريطانيا لـ”سوريا على طول”.

ومن جهتها، حذرت كاثرين وولارد، مديرة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين (ECRE)، من احتمال رفض رواندا طلبات لجوء الأشخاص المعرضين لخطر الاضطهاد، معتبرة أن “فرص الحصول على جلسة استماع عادلة للجوء في رواندا ليست كافية”.

ومقابل معالجة اللجوء، ستحصل حكومة رواندا على استثمار بقيمة 120 مليون جنيه إسترليني (157 مليون دولار) من بريطانيا.

2- من هم طالبي اللجوء المتضررين؟

يتأثر طالبو اللجوء، الذين وصلوا بشكل غير نظامي إلى بريطانيا بعد الأول من كانون الثاني/ يناير 2022 بالاتفاقية الموقعة مع رواندا، إذ ستجري السلطات البريطانية فحصاً أولياً لتحديد طالبي اللجوء الذين سيتم ترحيلهم. تنص مذكرة التفاهم على أن يجب ترحيل “طالبي اللجوء الذين لهم صلة ببلد آمن أو ببلدهم الأصلي”.

ربما كان غموض نطاق الصفقة “متعمداً”، وفق وولارد، لتقليل الشكاوى القانونية، مشيرة إلى أن “معرفة من يخضع للصفقة يزيد من إمكانية وجود طعون قانونية، لأن لديك المزيد من الأسباب للطعن”.

من جهتها، قالت نادية هاردمان، الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أنه “من غير الواضح ما إذا سيكون التقييم الذي سيتم إجراؤه [في بريطانيا] قوياً بما يكفي لضمان عدم إرسال اللاجئين الأشد ضعفاً إلى رواندا”.

3- هل هذه الصفقة قانونية؟

نفت وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، أن يتعارض نقل اللاجئين إلى الخارج مع اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، هذا يتناقض مع رأي عدد من خبراء حقوق اللاجئين، إذ اعتبرت وولارد أن “المحاكم هي من تقرر إذا كان هذا الإجراء قانونياً أم لا”.

ورفعت عدة منظمات غير حكومية مثل: منظمة “التحرر من التعذيب” (Freedom from Torture)، و”دتنشن أكشن” (Detention Action)، و”كير فور كاليه” (Care4Calais)، طعوناً قانونية ضد اتفاقية بريطانيا ورواندا لخرقها القانون الدولي، وطعن عدد من طالبي اللجوء بأوامر الترحيل.

وقدمت النقابة العمالية البريطانية، التي تمثل موظفي الخدمة المدنية وموظفي وكالات الحدود، شكوى ضد القرار، إذ بحسب وولارد “بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، فإن الافتقار إلى الوضوح يمثل مشكلة كبيرة، لأنهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيشاركون في شيء غير قانوني”.

وتوقعت وولارد أن تكون هناك “احتمالات جيدة بأن تحكم المحاكم بعدم قانونية الصفقة”، معتبرة أن “الصفقة تتعارض، على الأقل، مع روح قانون اللاجئين الدولي”. إذا تم استنفاد السبل القانونية في بريطانيا، يمكن الطعن في الاتفاقية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ,

3- ماذا يحدث بعد وصول المرحلين إلى رواندا ؟

بمجرد وصول طالبي اللجوء إلى رواندا، سيتم توفير سكن لهم خلال فترة معالجة طلبات لجوئهم، ويصبحون لاجئين  في حال الموافقة على طلباتهم.

لكن سيكون السيناريو قاتماً بالنسبة للمرفوضين، إذ تنص الاتفاقية على حقّ رواندا ترحيل الشخص بعد ستة أشهر من رفض طلب لجوئه، أما في حالة اللاجئين السوريين، يتطلب ترحيلهم إلى بلادهم اتفاقاً ثنائياً بين رواندا وسوريا، كون “لا يوجد اتفاق أو تعاون، على حد علمنا” بحسب وولارد، محذرة من “خطر كبير أن يتغير ذلك”، أي يتم التوصل إلى اتفاق.

ونظراً لعدم وجود اتفاق تعاون مع حكومة الأسد، فإن السوريين الذين يفقدون حقهم في البقاء برواندا سيدفعون إلى “المخالفة أو الاعتقال أو النسيان”، كما أضافت وولارد.

ورجحت وولارد أن يكون مصير السوريين في رواندا “مشابهاً لما يحدث في الدنمارك”، في إشارة إلى سياسة الدنمارك المتمثلة في تجريد اللاجئين السوريين من تصريح إقامتهم، ودفعهم إلى مأزق قانوني في مراكز الترحيل. 

عملاً بمبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي، ينبغي “عدم إعادة الأشخاص إلى أماكن قد يواجهوا فيها ضرراً جسيماً أو تعذيبا”، بحسب هاردمان، لكن من غير الواضح كيف تتطور قضايا السوريين المرحلين إلى رواندا، معتبرة أنهم “حالات اختبار”.

وتفتح الاتفاقية بين بريطانيا ورواندا الباب أمام الأخيرة لإرسال طالبي اللجوء المرفوضين “إلى بلد غير بلدهم الأصلي”، كما قالت وولارد، ما يضع رواندا أمام “الضغط وتقديم الدعم المالي لدولة أخرى لقبول الأشخاص المرفوضين”.

5- كيف تؤثر على حقوق اللاجئين ؟

عارضت المفوضية هذه الصفقة التي تتنصل فيها بريطانيا من مسؤولياتها تجاه اللاجئين في أراضيها، وقالت المتحدث باسم المفوضية ستابرفيلد “إن مثل هذه المحاولات لتجنب تحمل المسؤولية عن حماية اللاجئين تهدد بتقويض نظام اللجوء الدولي بشكل عام”، وحذرت من أن ذلك “قد يزيد الضغط على دول الخطوط الأمامية، ويزيد من مخاطر تحوّل اللاجئين إلى الرحلات البديلة الخطرة”.

من جهتها، اعتبرت هاردمان، الباحثة في “هيومن رايتس ووتش” أن “هذه الصفقة سباق نحو القاع وتقويض للحماية الدولية”، معبرة عن قلقها “من أن تحذو الدول الأخرى حذوها”.

وشددت وولارد، مديرة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، على أن “عبور الناس الحدود لطلب الحماية غير قانوني، ومن غير المسموح للبلدان [الأطراف] في اتفاقية اللاجئين معاقبة الناس على عبورهم الحدود بطريقة غير نظامية”.

6- هل رواندا آمنة؟

تمتلك رواندا سجلاً مشكوكاً به في مجال حقوق الإنسان، ففي السنوات الأخيرة وثقت “هيومن رايتس ووتش” حالات قتل خارج نطاق القضاء، وحالات وفاة أثناء الاحتجاز، واحتجاز تعسفي، وتعذيب، إضافة إلى حالات احتجاز وضرب لأشخاص مثليين. في عام 2018، قتلت السلطات الرواندية 12 لاجئاً كونغولياً خلال احتجاجهم على تخفيض حجم المساعدات.

مع كل هذه الأدلة، أشارت الحكومة البريطانية في تقييم الوضع الأمني برواندا إلى عدم وجود “أسباب جوهرية” للاعتقاد بأن اللاجئين قد يتعرضون لسوء المعاملة هناك، رغم وجود “بعض القيود المفروضة على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات”.

7- هل يوجد تجارب سابقة؟

الصفقة بين بريطانيا ورواندا غير مسبوقة في أوروبا، لكنها ليست الأولى عالمياً، كما قالت وولارد، مشيرة إلى “وجود بعض النماذج من هذه الاتفاقيات الإشكالية في جميع المجالات”.

وأقرب مثال على ذلك، استخدام أستراليا مراكز الاحتجاز في جزيرتي “ناورو” و”مانوس”، منذ عام 2013، وتعرض النموذج الاسترالي لانتقادات واسعة لتسجيل وفيات بين طالبي اللجوء بسبب الانتحار والعنف والإهمال الطبي.

وفيما يزال مركز “ناورو” يحتجز بعض طالبي اللجوء، توقفت عمليات الترحيل إلى مركز “مانوس” في عام 2021. اعتبرت هاردمان أن الطريقة التي عومل بها المحتجزون في هذين المركزين “طريقة عقابية”، مشيرة إلى “عدم وجود أمثلة ناجحة على نقل اللاجئين إلى الخارج”.

أبرمت إسرائيل اتفاقيات مع رواندا وأوغندا لإرسال طالبي اللجوء المرفوضين إلى هناك، لكن المحاكم الإسرائيلية ألغتها في عام 2018.

وأصدرت الحكومة الدنماركية، العام الماضي، قانوناً يسمح بنقل طالبي اللجوء إلى دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي، كما وقعت اتفاقية مع رواندا في أيار/ مايو الماضي، لكن هذه الاتفاقية ليست مثل صفقة بريطانيا، بحسب وولارد، حيث يتعين على السلطات الدنماركية معالجة طالبي اللجوء في رواندا بموجب نظام اللجوء الدنماركي.

8- كم عدد طالبي اللجوء في بريطانيا؟

تستضيف بريطانيا 135912 لاجئاً، إضافة إلى 83489 حالة لجوء معلقة، وفق بيانات صادرة عن مفوضية شؤون اللاجئين، منتصف عام 2021، فيما تستضيف تركيا، وهي دولة تملك ثلث الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا، حوالي 3.7 مليون لاجئاً. هناك 25 دولة تستضيف لاجئين أكثر من بريطانيا، وتستضيف البلدان النامية نحو 85% من إجمالي عدد اللاجئين في العالم.

9- ما دوافع بريطانيا من هذه السياسة؟

أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، عن الصفقة باعتبارها “جزءاً من استراتيجيتنا لإصلاح نظام اللجوء المعطل، وكسر نموذج أعمال المهربين الأشرار”.

شككت هاردمان، الباحثة في “هيومن رايتس ووتش” بهذا المنطق، معتبرة أن “إضفاء الطابع الخارجي على اللجوء لن يوقف تجارة التهريب، وإنما سينقل المسؤولية”.

من جهتها، رجّحت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في بريطانيا “مغادرة الأشخاص الذين يتم إرسالهم إلى رواندا لهذا البلد في أسرع وقت، وغالباً ما يواجهون تهديدات خطيرة”، مستندة على ذلك بتجارب شبيهة سابقة.

وقد تلعب الاهتمامات السياسية المحلية دوراً في دفع بريطانيا إلى اتخاذ مثل هذه الخطوات. تورط رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في فضيحة “بارتي جيت“، حينما خرق القيود المفروضة لمواجهة كوفيد-19.

“بمجرد أن يضع بوريس جونسون نفسه في مأزق سياسي تصدر حكومته إعلاناً قاسياً جديداً مناهضاً للاجئين، في محاولة صارخة لإذكاء الكراهية وتحويل انتباهنا إلى مكان آخر”، قالت زوي غاردنر، مديرة السياسة والمناصرة في المجلس المشترك لرعاية المهاجرين (JCWI)، وهي المنظمة التي أبلغت عن تأثر 15 سورياً بخطة الترحيل إلى رواندا.

من جهتها، اعتبرت وولارد، مديرة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، أن إرسال اللاجئين إلى إلى الخارج “نهج مكلف للغاية، ويمكن إنفاق هذا المال بشكل أفضل بمجرد تفعيل نظام اللجوء”.

10- هل يمكن إيقاف دفعة 14 حزيران/ يونيو؟

يمكن للطعون القانونية الفردية تعليق أوامر الترحيل لبعض طالبي اللجوء الملزمين بالصعود على متن الطائرة، لكن قد لا يكون الوقت كافٍ لوقف عملية الترحيل الأولى إلى رواندا. قالت وولارد: “إذا قُدمت الطعون ضد الصفقة نفسها في الأسبوعين المقبلين، قد توقف الرحلة، لكن أعتقد أن الوقت قصير للغاية”.

وتوقعت وولارد اندلاع “احتجاجات وتحركات مباشرة”، حيث حاول ناشطون بريطانيون وقف عمليات الترحيل في الماضي.

شارك هذا المقال