9 دقائق قراءة

الحكومة السورية وقسد في حلب: تبادل الاتهامات وتوظيف الأزمات

أثارت اشتباكات السادس من تشرين الأول الحالي، بين القوات الحكومة السورية و"قسد" في الشيخ مقصود والأشرفية تساؤلات عن مصير الأحياء الكردية في حلب، خاصة بعد إصرار "قسد" على تثبيت مشروع "الحكم الذاتي"، الذي يناقض اتفاق نيسان وترفضه دمشق بشدة.


9 أكتوبر 2025

باريس، القامشلي- رغم توصل الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى اتفاق بوقف كامل لإطلاق النار، بعد الاشتباكات التي وقعت في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، بحيّي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، إلا أن الاشتباكات فتحت تساؤلات جديدة حول مصير اتفاق الأول من نيسان/ أبريل الماضي، خاصة بعد إصرار “قسد” على تثبيت مشروع “الحكم الذاتي”، الذي يناقض الاتفاق، وترفضه دمشق بشدة.

نص اتفاق نيسان/ أبريل على انسحاب القوات التابعة لـ”قسد” بأسلحتها إلى شرق الفرات، على أن تتحمل وزارة الداخلية بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي مسؤولية حماية سكان الحيين، ومنع أي اعتداءات أو تعرض بحقهم، وقد سحبت قسد جزءاً من قواتها في أعقاب توقيع الاتفاق، لكن لم تُنفذ كامل بنود الاتفاق، وهو ما أبقى مصير الحيّين معلقاً.

قبل أيام من الاشتباكات، تداول السكان “شائعات قوية” عن اقتراب “حرب جديدة” فيهما، لذا “كنت أخاف الخروج من الحي، وإن خرجت للضرورة أعود باكراً”، قالت كلستان يوسف (اسم مستعار)، 25 عاماً، المقيمة في حي الأشرفية، لـ”سوريا على طول”.

وتزايدت المخاوف أواخر الشهر الماضي، بالتزامن مع رفع القوات الحكومية السواتر الترابية في محيط الحيين اللذين يقطنهما غالبية كردية، بحسب يوسف. وهو إجراء يناقض اتفاق نيسان/ أبريل، الذي نص على إزالة السواتر الترابية من الطرق العامة مع الإبقاء على الحواجز الرئيسية.

انفجر الوضع في صباح السادس من الشهر الحالي، عندما سُمع دوي انفجار في مدينة حلب، قالت الحكومة السورية أنه ناجم عن تفجير نفق أرضي لقوات “قسد” كانت الأخيرة تحاول من خلاله الوصول إلى قلب المدينة خارج الأحياء الخاضعة لسيطرتها.

وبحلول المساء أغلقت الطرقات المؤدية إلى الشيخ مقصود والأشرفية، و”انتشرت شائعات عن فرض القوات الحكومية حصاراً على الأحياء الكردية”، بحسب يوسف، التي سئمت من التهجير والنزوح خلال سنوات الحرب، حالها حال الكثير من العائلات، لذا “فضلنا البقاء، لأن الهروب لم يعد حلاً”.

أدت الاشتباكات إلى مقتل مدني وإصابة خمسة آخرين بينهم سيدتان، في قصف صاروخي نفذته “قسد” على الأحياء الخاضعة لسيطرة دمشق، بحسب الدفاع المدني. إضافة إلى مقتل عنصر وإصابة ثلاثة آخرين من قوى الأمن الداخلي في قصف استهدف مدينة حلب، بحسب الوكالة العربية السورية للأنباء الرسمية (سانا).

في المقابل، لم يتم الإبلاغ عن ضحايا أو إصابات داخل الأحياء الكردية رغم استهدافها من القوات الحكومية بقذائف الهاون، بحسب أربعة مصادر تحدثت معها “سوريا على طول”، وتداولت وسائل إعلام محلية وناشطون صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة الاستهداف الحكومي. أيضاً، حدثت حالات اختناق بالغازات المسيلة للدموع، التي استخدمتها القوات الحكومية مساء الإثنين لتفريق محتجين على قرار إغلاق مداخل الشيخ مقصود والأشرفية.

في اليوم التالي لمواجهات حلب، وصل وفد كردي يترأسه قائد “قسد” مظلوم عبدي إلى دمشق، للقاء – مخطط له مسبقاً- والتقى بوزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبو قصرة، بالتزامن مع وصول المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر لمناقشة آليات تنفيذ اتفاق العاشر من آذار/ مارس، الموقع بين الرئيس الشرع وعبدي.

وفي أعقاب اجتماعات دمشق، أعلن الطرفان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على خطوط التماس كافة، “على أن يبدأ تنفيذ الاتفاق فوراً”، كما جاء في تغريدة للواء أبو قصرة على منصة “إكس”.

“نهاية الأسى”

على خلفية الاشتباكات، غادر عدد من الأشخاص حيي الشيخ مقصود والأشرفية، مشياً على الأقدام، فيما رفضت ناريمان محمد، 52 عاماً، الخروج من حي الأشرفية رغم إلحاح أبنائها، قائلة: “أين نذهب؟ الانتهاكات موجودة في كل مكان حتى في عفرين موطننا الأصلي”.

وأضافت في حديثها لـ”سوريا على طول”: “أهالي الحي يريدون بقاء الأسايش [قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية الكردية] من أجل حمايتنا”، معتبرة أن السكان يحاولون “تجنب الاحتكاك بالأمن العام التابع للحكومة الانتقالية، ويحاولون عدم الخروج من الحي إلا للضرورة”.

“لولا وجود قسد لارتكبت الفصائل مجازر بشعة، كما حدث في الساحل والسويداء، لذا أفضل أن يبقى الحي تحت إدارة قسد”، قالت يوسف أيضاً، وهي لا تثق حتى الآن بالإدارة السورية الجديدة.

طالبت محمد بـ”الاعتراف بنا كأكراد، ومنحنا صلاحية إدارة مناطقنا وأحيائنا”. وقال أحمد عمر (اسم مستعار)، 23 عاماً،: “أنا وكل من أعرفهم لا نريد أن تدار أحياؤنا ذات الغالبية الكردية من قبل الأمن العام، نرفض أي إدارة خارج إطار الإدارة الذاتية”.

وأضاف الشاب المقيم في حي الشيخ مقصود في حديثه لـ”سوريا على طول”: “الكثير من قاطني هذه الأحياء هم من مهجري عفرين، وعانوا من أعمال العصابات المرتزقة؛ فهم يعتبرون هذه الأحياء وطنهم الثاني ومن الصعب جداً أن يتخلوا عنها”.

تنعكس هذه التوترات الأمنية بشكل مباشر على “جودة حياتنا” قالت يوسف، التي تعيش “حالة توتر خوفاً من أن تندلع مواجهات عسكرية عندما يذهب الأطفال إلى المدرسة”.

وكذلك: “في ظل التوتر الأمني يصبح من الصعب أن تجد فرصة عمل خارج الحي وتخاف أن تجبر على البقاء خارجه إذا ذهبت للعمل”، ناهيك عن أن الكثير من أصحاب العمل “يرفضون توظيف أشخاص يعيشون في الشيخ مقصود والأشرفية، لذا أكتب في طلبات التوظيف أنني أقيم في حي السريان”.

وتسببت التوترات أيضاً في ارتفاع أسعار السلع بشكل طفيف في الأحياء الكردية، لكنها ما تزال متوفرة، قالت يوسف.

تتمنى يوسف أن “يتم التوصل إلى تسوية تجنبنا الحرب، وأن نستطيع أن نكمل حياتنا بشكل طبيعي دون حرب. نريد أن تكون هذه المرحلة نهاية للأسى”.

في صباح اليوم، عادت حركة الدخول والخروج إلى حي الأشرفية بمدينة حلب، تحت إشراف قوى الأمن الداخلي، فيما لا يزال طريق حي الشيخ مقصود مقتصراً على خروج المدنيين، بحسب الإخبارية السورية.

تعليقاً على ذلك، نفى الناطق باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، وجود حصار على الشيخ مقصود والأشرفية، مشيراً إلى أن ما يجري هو “نوع من تنظيم العبور والدخول إلى الحيين، لأنه طوال الأشهر الماضية، حولت قسد مناطقها وخاصة الشيخ مقصود والأشرفية إلى مأوى لاستقطاب واستجلاب عناصر فلول النظام البائد وتجار المخدرات، وهو ما يشكل خطراً أمنياً على حلب وعموم سوريا”.

وشدد البابا في حديثه لـ”سوريا على طول”، على أن “الحكومة السورية لن تسمح بأن تتحول مناطق جغرافية تعادل ربع مساحة سوريا إلى ملاذ للعصابات والفلول وتجار المخدرات” في إشارة إلى عموم مناطق سيطرة “قسد”.

تحسين شروط التفاوض

قالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية، اليوم، أن “قسد” استهدفت نقاطاً للجيش السوري في محيط سد تشرين شرقي حلب، ما أدى لمقتل جندي وإصابة آخرين، مضيفة: “بعد أقل من 48 ساعة على إعلان وقف إطلاق النار خرقت قسد الاتفاق أكثر من 10 مرات باستهدافها مواقع الجيش في محاور الانتشار في شرقي حلب”. 

وتستمر “قسد” في عمليات التدشيم والتحصين بكافة المحاور، بحسب إدارة الإعلام، مشيرة إلى أنها رصدت “مكالمات تحريضية على أعمال تستهدف الجيش وقوى الأمن بمدينة حلب”.

من جانبها، قالت “قسد” أنها أحبطت “محاولة تسلل لمسلحي حكومة دمشق في ريف سد تشرين”. مؤكدة أن قواتها تعاملت مع المجموعة المهاجمة “على الفور”.

رداً على ذلك، قال مسؤول عسكري في وزارة الدفاع، عمل سابقاً في فصائل الجيش الوطني السوري (المعارضة)، أن “قسد تحاول استفزاز الحكومة السورية وجرها إلى مواجهة عسكرية للتملص من اتفاق آذار الذي وقعته مرغمة بضغط أميركي”.

وأضاف القيادي لـ”سوريا على طول” شريطة عدم كشف هويته لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام، أن “استفزازات قسد مستمرة منذ أسابيع على طول خطوط التماس من دير الزور إلى حلب، لكن تعليمات وزارة الدفاع هي التعامل مع مصادر النيران ومحاولات التسلل”، مؤكداً أن “الدولة السورية لا تريد فرض حل عسكري تجنباً للدماء”.

وهو ما أكده البابا، الناطق باسم الداخلية، معتبراً أن “ما جرى هو نتيجة طبيعية لاستفزازات قسد المستمرة وتنصلها من تطبيق اتفاق 10 آذار”. 

ولفت البابا إلى أن اكتشاف الحكومة السورية نفقاً أرضياً كانت قوات “قسد” “تقوم بحفره باتجاه النقاط الخلفية للجيش السوري بنية الغدر بهم، أعاق تطبيق مخططات قسد”. ومع ذلك، “تنتهج الدولة السورية الحل الدبلوماسي والسلمي لتجنيب المدنيين مخاطر الصراع وسفك الدم، لكن تعنت قسد ينسف الحلول السلمية”، على حد قوله.

في السياق ذاته، قال المحلل السياسي والاستراتيجي العميد المنشق عن النظام البائد مصطفى الفرحات، أن ما جرى في الشيخ مقصود والأشرفية يندرج ضمن “أحداث متكررة في ظل غياب الحل النهائي، وتستخدمها قسد كرافعة تفاوضية لرفع سقف المطالب، وهذا سلوك سياسي مألوف”، يتمثل في “استغلال أزمة لتحسين شروط التفاوض”.

وبناء على ذلك “من الواضح أن قسد من افتعل مشكلة الشيخ مقصود والأشرفية”، كما أوضح الفرحات لـ”سوريا على طول”.

رداً على ذلك، قالت “قسد” في بيان لها، نشر مساء الإثنين، أن ما يجري في حلب “نتيجة مباشرة لاستفزازات فصائل الحكومة المؤقتة ومحاولاتها التوغل بالدبابات”، مشيرة إلى أنها لم تستهدف حواجز تابعة “لمسلحي حكومة دمشق في محيط حيي الأشرفية والشيخ مقصود”.

واتهمت “قسد” في بيانها دمشق بفرض “حصار أمني وإنساني خانق” على السكان المدنيين، إضافة إلى “قطع الإغاثة والمواد الطبية”، كما أنها “اختطفت العديد من الأهالي”.

وبينما اتهم نوري شيخو، الرئيس المشترك للمجلس العام لأحياء الشيخ مقصود والأشرفية في حلب حكومة دمشق والمجموعات التابعة لها بقمع “الاحتجاج الديمقراطي للأهالي” واستخدام “المدفعيات والأسلحة الثقيلة بشكل مباشر على أحياء مأهولة بالسكان”، قال أن التواصل مع الحكومة لم ينقطع حتى أثناء الاشتباكات، الاثنين الماضي، وهو ما لعب إلى جانب الرأي العام “دوراً هاماً في تهدئة الوضع”.

لا حسم عسكري

أعاد اجتماع دمشق يوم الثلاثاء، وهو اجتماع “موسع” على مستوى الوفود المفاوضة والوساطة الأميركية، التأكيد على أنه “لا حسم عسكري” لملف شمال شرق سوريا والملف الكردي. إذ لم يخرج الاجتماع بأي بيان ختامي أو شروط جديدة، ولكنه أعاد التأكيد على وقف إطلاق النار وضرورة المضي قدماً في تطبيق اتفاق آذار.

“الحل العسكري غير محتمل مادام التحالف الدولي لقتال داعش والشراكة مع قسد قائمة”، قال الباحث السوري منهل باريش، مشيراً إلى أن “ما حصل في الشيخ مقصود هو جس نبض واختبار الأطراف لبعضها”.

وأضاف باريش في حديثه لـ”سوريا على طول”: “باختصار، عندما تغيب الحرارة على خطوط الهاتف بين الأطراف تعود من خلال المدافع”.

تأكيداً على ذلك، قال العميد الفرحات: “إن اجتماع دمشق مهم على مستوى الحضور من كل الأطراف، وأن الأمور تتجه نحو التهدئة وليس التصعيد في الوقت الراهن”، مشيراً إلى أن “دمشق تحاول التهدئة”.

مشهد التهدئة في سوريا، هو جزء من محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التهدئة و”تحقيق السلام في العالم، لاسيما سوريا وغزة وأوكرانيا”، قال الفرحات. معتبراً أن “سوريا ترتبط اليوم بالمشهد الدولي عموماً والولايات المتحدة خصوصاً”.

لكن، هذه التهدئة لن تطول طويلاً، ففي حال “لم تنفذ قسد حتى نهاية العام الحالي اتفاق آذار، لن يكون هناك دور سياسي وعسكري مباشر للولايات المتحدة داعم لقسد، هذا ما قاله المبعوث الأميركي لقسد، وهو يعكس لسان حال ترامب، وهو جرس إنذار لقسد”، بحسب الفرحات.

“جميع الدول الإقليمية والفاعلين الدوليين لا يريدون عودة نمط الفصائلية الخارجة عن الدولة، أو التي تكون أقوى من الدولة”، فالتجارب في المنطقة مع حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية واليمنية التابعة لإيران، “تثبت أنها هذا النمط غير مريح للمجتمع الدولي، الذي يفضل التعامل مع دول مركزية”، قال الفرحات. 

وأضاف: “الحالة الفصائلية في سوريا محكومة بالفشل”، حتى وإن “امتلكت شمال شرق سوريا النفط والقمح هذا لا يؤهل المنطقة أن تكون دولة أو منطقة حكم ذاتي كما تريد قسد”.

وسط هذا المشهد المعقد في المفاوضات السورية، تضغط تركيا الجارة الشمالية بشكل مستمر من أجل إتمام اتفاق آذار. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعليقاً على أحداث الشيخ مقصود، أمس الأربعاء، أن على “قسد” “الوفاء بوعودها وإكمال عملية اندماجها مع حكومة دمشق”، معتبراً أنها “خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار في البلاد”.

وعاد أردوغان للتأكيد على أن “موقف تركيا الصبور والحكيم والكريم” تجاه “قسد” لا ينبغي اعتباره “نقطة ضعف”، مشيراً إلى أن “قسد” تتحرك بـ”تحريض” من إسرائيل. وشدد على أن بلاده “لن تسمح أبداً بانزلاق سوريا إلى دوامة عدم الاستقرار، ونراقب عن كثب جميع التطورات على الأرض، وسنواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري”.

وقال الباحث السوري محمد أديب، “الحكومة السورية لا تفضل الحل العسكري”، وتتمسك بهذا الموقف رغم وجود تركيا “بوصفها دولة إقليمية لديها القدرة والإمكانية لتحمل تكلفة أي عملية ضد قسد عسكرياً وسياسياً، التي يشكل وجودها تهديد للأمن القومي التركي”.

وأضاف أديب لـ”سوريا على طول”: “الحكومة السورية تفضل حل الأمور سياسياً وتتجنب التصعيد العسكري، لأن الفوضى والدماء ترافق أي عملية عسكرية”، ناهيك عن أن العنف “يعزز فرصة خلق حالة من العداء مع المكون الكردي الذي ترى فيه الحكومة مكون سوري أصيل”.

مستقبل الأحياء الكردية في حلب

تريد وزارة الداخلية أن تكون ظروف حيّي الشيخ مقصود والأشرفية مشابهة لباقي أحياء حلب، وأن “يحصلا على حقهما في التنمية”، بحسب البابا، الناطق باسم الداخلية، لكن وجود مظاهر عسكرية خارج مؤسسات الدول – بغض النظر عن تسميتها – يؤثر على نهج التنمية، التي تحتاجها الأحياء خاصة تلك التي تحتاج إلى بنية تحتية وخدمات.

“على المدى المنظور سوف تسري الهدنة المؤقتة، ويتم تنفيذ بعض البنود جزئياً، مع بقاء بعض نقاط الاحتكاك والتفتيش والإجراءات الأمنية”، بحسب الفرحات، الذي استبعد اندلاع مواجهات كبرى في الوقت الحاضر “طالما أن المسعى السياسي جاد وهناك ضغوط على قسد من أجل إنجاز حل واندماجها”.

وأضاف الفرحات: “قد تقوم الدولة السورية بمنح البلديات في الأشرفية والشيخ مقصود صلاحيات واسعة لإدارة هذه الأحياء إلى حين نضوج حل نهائي في سوريا”. لكن هذا الطرح غير مرضي للتيارات “الفاعلة” في “قسد”، التي تسعى إلى “الانفصال، وتحقيق كانتون كردي على مقاسها شبيه بكردستان العراق”، وهو ما لا يمكن تطبيقه بالنظر إلى “الجغرافية السورية المختلفة، وعدم وجود منطقة كردية خالصة”.

واتهم الفرحات “قسد” بأنها “تريد التملص من الاتفاق وأن تشرعن حكم ذاتي”، معتبراً “طموحها أكبر من المكون الكردي الذي لا تمثله، لاسيما مع وجود تيارات داخلها ذات مشاريع انفصالية عابرة للحدود”.

قال مصدر من لجنة التفاوض في حي الشيخ مقصود، المعنية بشؤون التفاوض نيابة عن سكان الحي مع الحكومة السورية، أن “مفاوضات الشيخ مقصود هي جزء من المفاوضات التي تقوم بها قسد والإدارة الذاتية ككل”، وهذا يعني أن “لجنة تفاوض الشيخ مقصود هي جزء من مجموعة تفاوض أكبر، وهي تناقش مطالب سكان الشيخ مقصود”، على حد قوله.

وقال الرئيس المشترك للمجلس العام لأحياء الشيخ مقصود والأشرفية نوري شيخو، أن “أحياء الشيخ مقصود والأشرفية تعيش حالة مختلفة عن أحياء المدينة الأخرى. فيها إدارة مدنية، ومجالس الإدارة [الذاتية] في الحيين مازالت مستمرة في عملها”.

“سوف نجعل هذا النموذج الإداري واقعاً مفروضاً على الحكومة الانتقالية”، أضاف شيخو، ومع ذلك رجّح “الحوار على القتال”.

شارك هذا المقال