5 دقائق قراءة

قصي زكريا: التجويع الذي يستخدمه النظام يجعل الناس “بلا أمل”

آذار 2، 2014 توصل الثوار والنظام في معضمية الشام المحاصرة الى […]


2 مارس 2014

آذار 2، 2014

توصل الثوار والنظام في معضمية الشام المحاصرة الى معاهدة لوقف اطلاق النار من شأنها فتح ممرات للمساعدات الإنسانية لدخول البلدة مادام الطرفين ملتزمين ببنود المعاهدة.

ومنذ أن تم التوصل إلى هدنة مؤقتة، تم رفع علم النظام في البلدة التي بقيت تحت سيطرة الثوار. اتبع عدد من احياء دمشق حذو المعضمية. في أواخر شهر كانو الثاني، تم إدخال العاملين في المجال الإنساني في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، حيث توفي العشرات بسبب الجوع. وفي الوقت نفسه، زار محافظ دمشق البلدة التي يسيطر عليها الثوار في ببيلا بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار في 16 شباط.

ولكن هناك عدد من مؤيدي النظام أكدوا مراراً على ان الاتفاقيات المؤقتة لا تعتبر كتقدم للحكومة السورية. بل على العكس، يقول المؤيدين ان تكتيك التجويع الذي تنتهجه الحكومة يعطيها تقدم قليل، ويعطي النظام تقدم اعلامي فقط حيث اغلب الاهالي في المناطق المحاصرة يلومون النظام على مصائبهم، وليس الثوار.

تبدو المعضمية كقصة تحذيرية: حيث تم اغلاق الممر الانساني التي اقرته المعاهدة يوم الاربعاء، بعد مقتل جندي للنظام، قال قصي زكريا، الناشط الاكثر شهرة في المعضمية لسوريا على طول.

معضمية الشام، شباط 2014. حقوق الصورة تعود لـ تنسيقية معضمية الشام.

زكريا، هو أحد الصحفيين المدنيين اللذين قدموا معضلة معضمية الشام الى العالم، وقد غادر سوريا بعد عدة ايام من تأكيد النظام بعدم تعرضه له في حال خروجه. الجوع  “يستطيع تدمير عقلك، أملك ومعتقداتك،” قال زكريا من بلد مجاور، ليشرح سبب جنوح اهالي الحي لهدنة مع النظام.

س. كيف جمع الجوع الناس مع بعضهم، وكيف فرقهم؟

يجب على جميع العالم ان يعرف شيئاً عن سلاح التجويع الذي يستخدمه الأسد: انه يجعل الناس ضعيفين وغير قادرين على التفكير. وبعد فترة، الجوع سيدمر عقلك، أملك ومعتقداتك حتى قبل ان يدمر جسمك.

ستكون بحالة تريد أن تنهي المسألة، بغض النظر عن كيف أو لماذا. النظام يستخدم التجويع ليغير أفكار الناس، ويسيطر عليهم ويفرقهم.

كانت معضمية الشام واحدة من أكبر النكسات لنظام الأسد، لأنه مكان استراتيجي، وتحيط به أقوى الفرق العسكرية. وقد حاول النظام السيطرة على أكثر عليها عشرات المرات. كانت أكبر محاولة في 21 آب، 2013، عندما استخدم نظام الأسد أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيميائية. حتى ذلك الحين لم يكن قادراً على السيطرة عليه.

لا يحلم معظم أهالي الحي بأي شيء سوى الاطاحة بالنظام، ووضع المجرمين أمام العدالة وبناء سوريا جديدة للجميع، ولكن في النهاية استطاع سلاح التجويع الذي يستخدمه النظام ان يغير معتقدات الناس.

في النهاية، لم يفكر الناس إلا بالطعام وبتخطي الألم والجوع. هذا ما حدث.

س. أخبرني عن اليوم الذي اُقر فيه وقف اطلاق النار والسماح بدخول الطعام الى ما يقارب 8000 مدني المتبقين؟

الطعام الذي دخل كان ما يقارب ثلاثة اطنان من الرز، سكر، خبز وبعض المعلبات. المشهد كان حزيناً ومؤلماً، مشهد الناس واقفين في الشارع منتظرين أن يشاهدوا الطعام بعد 15 شهراً من الحصار، حيث كان مظهرهم يوحي بخيبة الامل.

حصل كل شخص على 200 غرام من الرز، 100 غرام من السكر وقطعة ونصف من الخبز. بعد 15 شهراً من الحصار كان الاكل المعلب من حق النساء والاطفال. وكان مشهد الطعام القليل بالنسبة للمدنيين المرضى مخيباً للآمال بعد كل فترة الانتظار.

س. ماذا تستطيع أن تخبرنا عن المعضمية اليوم؟ كيف هو الوضع بعد الهدنة هناك؟

أغلق النظام البلدة من جديد، خلال الأيام الثلاثة الماضية. منعوا دخول وخروج الناس والطعام، لأن النظام يريد من الجيش الحر أن يسلم بعض أو معظم أسلحته. انا أتحدث أيضاً عن الأسلحة الخفيفة. حدث القليل من القصف، وبعض المحاولات من قوات النظام للتسلل داخل البلدة. الوضع ليس مستقراً والهدنة ممكن ان تنهار في أي وقت.

لقد سمح النظام لبعض الطلاب والعمال بالخروج، ولكن يوجد الكثير من التوتر في الأجواء.

س. انت تحدثت بشدة حول ما يسمى الشروط المجحفة للهدنة وأنت دعيت إلى كسر الحصار، هل يمكن لك أن تشرح لنا الفرق بين ما عرض النظام وما طالبت به أنت؟

عندما بدأنا الحملة لكسر الحصار، كان هدفنا ادخال الطعام والدواء للحي من دون شروط، وذلك لأن لا احد على وجه هذا الكوكب يستحق الموت جوعاً.

ولكن النظام استخدم سلاح التجويع لابتزاز الثوار، لأنهم يعلمون أن لدينا واجبات اذا تعلق الموضوع بالمدنيين في البلدة. لم يقدموا اي شيء، عدا عن موافقتهم على ما يسمى بالهدنة، وظروفها الانسانية.

ولكن لأن العالم لم يتحرك خلال السنوات الثلاث الماضية من الثورة السورية، وجدنا أنفسنا وحيدين ومجبرين على التكيف مع هذا الواقع المرعب مرة اخرى. لهذا السبب قلنا نعم لرفع علم النظام في البلدة، بالإضافة الى تسليم واحدة من الشاحنات المدرعة التي تم اغتنامها من النظام خلال فترة القتال السابقة وإرسال أكثر من مئة شخص ليتم تسوية ملفاتهم الأمنية في الفرقة الرابعة.

لقد قبلنا ايضاً التحدث الى النظام الذي استمر بقتلنا على مدى السنين الثلاث الماضية وجهاً لوجه. ولكن مجدداً، لدينا مسؤوليات تجاه أهالي المعضمية. مطالبنا كانت بسيطة جداً، ادخال الغذاء والدواء الى البلدة من دون اي شروط.

ولكن بالنهاية ولسوء الحظ، كان للنظام الافضلية لأنه يملك الاسلحة الاقوى ويسيطر على الطرق والطعام.

س. هل سلّم الثوار الاسلحة؟ هل تغير موقفك من تسليم الاسلحة؟

لقد سلمنا ما يقارب 20 رشاشة، اغلبها لم تكن تعمل مقابل شحنة طعام. ولكن لا نستطيع قبول تسليم الاسلحة لأنها الضمان الوحيد لسلامتنا. يملك النظام الاسلحة الثقيلة، لم يسألهم احد ان يسلموا دباباتهم، طائرات الميغ والصواريخ. فكيف لهم ان يسألونا تسليم اسلحتنا كشرط للهدنة؟

كانت الفرقة الرابعة هي المسؤولة عن المفاوضات في المعضمية وكذلك الهدنة. لقد ارسلوا لجنة خارجية، والتي تتضمن اهالي المعضمية اللذين يعيشون خارج البلدة، اللذين يملكون علاقات جيدة مع النظام. انهم مسؤولين عن التواصل مع المجلس المحلي للبلدة ومجلسنا المحلي للتفاوض.

وكان هناك خطوط عريضة من وفد النظام مثل، “لا أحد سوف ينتصر. لن ننتصر نحن ولا أنتم. جميعنا سوف نخسر ويجب علينا التفكير بالمستقبل. يجب علينا عدم التفكير بالماضي، لأنه في النهاية سوف نخسر جميعنا وسيدمر ما بقي من سوريا.”

جاء هذا الكلام من مسؤولين كبار في الفرقة الرابعة، من الطائفة العلوية.

س. المعركة مستمرة بالقلمون. كيف يتصل هذا السياق بإتفاقيات وقف إطلاق النار في ضواحي دمشق؟

من أهم المشاكل الخطيرة التي تواجهها الثورة السورية هو نقص القادة. لم نستطع ان نجد قادة موثوقين: نحن نواجه نقص شخصيات قيادية بالنسبة للثورة لقيادة الثوار من الداخل. كلنا اعتدنا على تقدير عبد القادر الصالح، قائد لواء التوحيد الذي توفي في حلب. تم قتل عبدالقادر الصالح خلال هجمة جوية من قبل قوات النظام في شهر كانون الأول. اغلب الثوار في عموم سوريا يثقون به. كان من الممكن ان يكون القائد، خصوصاً في هذه المرحلة.

طريقة عمل النظام الأن هي أن يتعامل مع كل حي على حدى. حال الثوار في المعضمية يختلف عن حال الجيش الحر في القلمون. لقد تمت محاصرتنا بطريقة شديدة لمدة 15 شهراً وكانت هناك مجاعة. نحن محاصرون تماماً من كل الجهات، وهذا أجبرنا على التعامل مع الواقع.

لو كان لدينا قائد يقبله الناس ويقدرونه، لكان وضعنا أحسن بكثير.

للمزيد من سوريا على طول، تابعونا على فيسبوك او تويتر.

شارك هذا المقال