10 دقائق قراءة

أن تكون سورياً في مصر: محاولات التوازن بين الإقامة والعمل

يواجه السوريون، مثل غيرهم من اللاجئين في مصر، مجموعة من العوائق التي تحول دون الحصول على تصاريح الإقامة والعمل، وعندما يعملون من دون التصاريح يواجهون الاستغلال وسوء المعاملة. تكشف ظروفهم عن الجانب المظلم بالنسبة لملايين الأجانب.


بقلم ليز موفة

16 أبريل 2024

القاهرة- بعد نيله شهادتي البكالوريوس والماجستير في إدارة الأعمال من أعرق جامعتين في مصر، ظن عارف*، 32 عاماً، أن إيجاد عمل في المحاسبة سيكون هيناً. كان يعمل نادلاً في مطعم سوري لساعات طويلة، أثناء دراسته، ويتطلع إلى وظيفة أفضل أجراً. 

ولكن بعد تخرجه في عام 2017، استمر في البحث عن عمل في تخصصه، لعام كامل، دون جدوى. بخلاف زملاء دفعته، لم تكن المشكلة في شهادته أو سوق العمل المصري المتخم وإنما بجنسيته السورية. 

“لم يقلها أحد في وجهي صراحة، ولكن ما إن يعلم المسؤولون أني سوري، لا يرجعون لي”، قال عارف لـ”سوريا على طول”، الذي انتقل من دمشق إلى القاهرة في عام  2013.

تمكن أخيراً من العثور على عمل في المحاسبة، عام 2018، في شركة لأحد معارفه، ولكن براتب شهري زهيد، مقداره ألفي جنيه مصري (112 دولار بحسب سعر الصرف في ذاك العام). مع أن الراتب أعلى من الحد الأدنى للأجور آنذاك، 1,200 جنيه (الذي أصبح الآن 3,500 جنيه)، ولكنه دون الراتب الذي كان يتوقعه، وهو بين أربعة وستة آلاف جنيه.

نفس التحديات واجهها مروان*، 32 عاماً، مهندس مدني جاء من ريف حمص إلى مصر في عام  2012 لمتابعة دراسته، قائلاً لـ”سوريا على طول”: “في الحقيقة كانت السنوات التي أمضيتها في دراسة الماجستير بمصر من أفضل سنوات عمري، ولكن معظم مشاكلي ظهرت بعد التخرج”.

كما عارف، عانى مروان في العثور على عمل يتناسب مع مستواه التعليمي، مشيراً إلى أنه عندما “يعرف القائمون على التوظيف، يسألون عن تصريح العمل وغيره من الوثائق، ومن ثم يتوقفون عن الرد” على حد قوله.

تحتضن مصر 1.5 مليون سوري، معظمهم وصلوا بعد ثورة آذار/ مارس 2011 هرباً من الحرب أو القمع السياسي في بلادهم. ولكن كما غيرهم من مجتمعات اللاجئين الأخرى الموجودة في مصر، معظم السوريين يحملون تأشيرات سياحية أو دراسية لا تخولهم دخول سوق العمل، وهذا دفع الكثير منهم إلى الانخراط بسوق العمل غير الرسمي (المخالف)، الذي يشكل نحو 58 بالمئة من الاقتصاد المصري. أجور هذا السوق أقل وساعات العمل فيه أطول، ويفتقد إلى القوانين التنظيمية، ويسود فيه الاستغلال من قبل أصحاب العمل.  

أيضاً، يواجه العديد من السوريين مصاعب كثيرة من أجل تجديد إقامتهم في مصر، بسبب قوانين الهجرة المجحفة، التي تُلزمهم دفع الرسوم الإدارية بالعملة الأجنبية. عالقون بين مطرقة قوانين الهجرة والعمل وسندان الأزمة الاقتصادية، يجد العديد من السوريين أنفسهم محاصرين في أوضاع قانونية واقتصادية محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد، وتكشف محنتهم عن الجانب المظلم لمصر بالنسبة لملايين الأجانب.

بائع يبيع زينة رمضان في سوبر ماركت "سوق سوريا" الواقع في حي المعادي جنوب القاهرة، 17/ 03/ 2024، (ليز موفة/ سوريا على طول)

بائع يبيع زينة رمضان في سوبر ماركت “سوق سوريا” الواقع في حي المعادي جنوب القاهرة، 17/ 03/ 2024، (ليز موفة/ سوريا على طول)

مجتمع واحد وأوضاع قانونية مختلفة

عشرة بالمئة من السوريين الموجودين في مصر، أي بواقع 154 ألف شخص، مسجلون في مفوضية الأمم لشؤون اللاجئين، بينما فضّل العديد من الذين توافدوا إلى مصر في السنوات الأخيرة عدم التسجيل بسبب الإجراءات الطويلة، واعتقادهم أن صفة اللجوء لا تعود عليهم بالكثير من النفع، وأن السوريين يمكنهم الحصول على الإقامة في مصر بطريقة أسهل من غيرهم نسبياً.

“قابلت سوريين موجودين في مصر منذ عام 2010 أو 2009، أي قبل بدء الحرب والثورة”، قال عبد الله*، شاب سوري جاء من اللاذقية إلى القاهرة في عام  2019 بحثاً عن عمل، ولم يسجل في المفوضية، أخبره بعضهم “أنهم هنا كل تلك السنوات من دون إقامة وأحياناً من دون جواز سفر”، كما ذكر لـ”سوريا على طول”. 

الحصول على فرصة إعادة التوطين في بلد ثالث، دفعت البعض، أمثال عارف، إلى التسجيل في مفوضية شؤون اللاجئين، التي أعادت بدورها توطينه في كندا، أواخر عام 2023. معايير إعادة التوطين ضبابية، ففي حين تلقى عارف رداً بخصوص ملفه بعد عشر سنوات من التسجيل، لم يسمع آخرون أي رد، كما قالت  رهام*، 52 عاماً، مديرة حمّام، التي سجلت في المفوضية عام 2013، مشيرة إلى أنها فقدت الأمل بإعادة التوطين.

في المقابل، سجل آخرون في المفوضية أملاً في الحصول على دعم  مالي، رغم أنَّ معظم الذين تحدثوا إلى “سوريا على طول” قالوا أنهم لم يحصلوا عليه أبداً، باستثناء أبو حسين*، الذي حصل لفترة وجيزة على منح شهرية بقيمة 600 جنيه مصري (نحو 64 دولاراً بحسب متوسط سعر الصرف في عام 2016)، وذلك بعد وصوله إلى مصر في عام 2016. 

وأيضاً، يعدّ التسجيل في المفوضية أحد طرق الحصول على الإقامة المؤقتة، التي تمنح صاحبها صفة طالب لجوء، وتقدم له حماية قانونية أفضل من الإقامة العادية، كما يرى البعض. قالت رهام: “لا أحصل على أي دعم مالي أو أي منفعة من بطاقتي الصفراء”، في إشارة إلى الوثيقة التي تصدرها المفوضية لطالبي اللجوء المسجلين، لكن “سجلتُ فيها من أجل حمايتي كمواطن سوري في مصر، حتى لا تحاول أي جهة اعتقالي أو ترحيلي”.

لاجئ يستلم بطاقته الصفراء من مكتب المفوضية في القاهرة، 01/ 02/ 2021، (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)

لاجئ يستلم بطاقته الصفراء من مكتب المفوضية في القاهرة، 01/ 02/ 2021، (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)

في عام 2013، سجلت مفوضية شؤون اللاجئين في مصر ارتفاعاً في عدد طلبات اللجوء المقدمة عقب موجة الاعتقالات، التي استهدفت السوريين الذين لا يحملون تصاريح إقامة سارية المفعول، وفي أعقاب الحملة تلقت المفوضية نحو 30 ألف طلب خلال عدة أسابيع، أي ما يعادل 10 بالمئة من إجمالي عدد السوريين في مصر ذاك العام.

وأوضح متحدث باسم المفوضية آنذاك أن البيئة السياسية في مصر كانت مضيافة للسوريين حتى ذلك الحين، و”لم يشعر السوريون قبلها بضرورة تجديد تصاريح إقاماتهم منتهية الصلاحية كما هو مطلوب”.   

قبل عام 2013، كان باستطاعة السوريين السفر إلى مصر من دون تأشيرة، والتقدم بطلب للحصول على إقامة لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد خلال شهر من وصولهم، لكن هذه القوانين تغيرت بعد الانقلاب العسكري، الذي قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي من السلطة. بدأت السلطات المصرية تطلب من السوريين التقدم بطلب للحصول على “الموافقة الأمنية” قبل دخول البلاد، وتتراوح تكلفة هذا الإجراء بين 1050 و1350 دولاراً.

عندما حدث ذلك، بحث السوريون على طريقة أخرى، تمثلت بالهجرة غير النظامية عبر السودان، كما في حالة أبو حسين، الذي وصل إلى مصر في عام  2016، قادماً من سوريا إلى الخرطوم، حيث كان يمكن للسوري الحصول على تأشيرة دخول عند الوصول. وبعد ثلاث أشهر قضاها في السودان، دفع لمهرب مئات الدولارات، لينقله به براً عبر الصحراء ويدخل من حدود مصر الجنوبية.

يُعرف طريق الصحراء بين السودان ومصر بخطورته الكبيرة والمميتة، ولكنه أحد البدائل بالنسبة لأولئك الذين لا يمكنهم تحمل تكاليف “الموافقة الأمنية”. “كان من الصعب عليَّ أن أدخل مصر بطريقة قانونية، لأنهم كانوا يطلبون تأشيرة، وموافقة أمنية ستكلفني ألف دولار”، بحسب أبو حسين، الذي صوّب أوضاعه القانونية بعدما وصل مصر بالتسجيل في المفوضية والحصول على البطاقة الصفراء، التي تسمح لحاملها التقدم بطلب الإقامة المؤقتة.

نظام الإقامة المعقد

على السوريين المقيمين في مصر، سواء كانوا مسجلين بمفوضية شؤون اللاجئين أم لا، أن يتقدموا بطلب تصريح إقامة وتجديده عند انتهاء صلاحيته حتى لا يخالفوا قواعد الإقامة في البلاد. يتسنى لغير المؤهلين للحصول على إقامة الثلاث سنوات الخاصة باللاجئين المسجلين التقدم بطلب للحصول على تصاريح أخرى، منها الإقامة، التي تُمنح للمستثمرين الأجانب وأرباب العمل، أو للطلبة في الجامعات المصرية، أو أزواج وأقارب المواطنين المصريين أو الإقامة السياحية، والأخيرة هي الأكثر شيوعاً.

يجب التقديم على الإقامة السياحية في غضون شهر من تاريخ دخول مصر، وتخوِّل هذه الإقامة حامليها من السوريين حق المكوث في البلد لمدة ستة أشهر، يلزم تجديدها بعد ذلك. ولكن السوريين ذوي الإقامة السياحية لا يملكون حرية السفر خارج مصر والعودة إليها، إذ يتعين عليهم الحصول على “موافقة أمنية” للدخول من جديد.

ومع أنَّ الحصول على هذه البطاقة ليس بالأمر الصعب، كما قال عدد من المصادر لـ”سوريا على طول”، إلا أن العملية طويلة ومرهقة. العقبة الأولى، التي يواجهها المتقدم، هي سوريا وليست مصر، إذ لا بد من وجود جواز سفر سوري ساري المفعول، وهذا الجواز هو الأغلى في العالم، تبلغ تكلفة تجديده كل عامين أكثر من 300 دولار، أو على حد وصف أبو حسين، الذي لم يستطع تجديد جوازه، لأنه “يكلف ثروة، وبالنسبة للكثيرين منا في مصر، هذا المبلغ فوق طاقتنا”.

تطلب سلطات الهجرة المصرية، بالإضافة إلى جواز السفر ساري المفعول وصور الهوية الحديثة، عقد إيجار وفواتير مياه وكهرباء حديثة. لكن بما أن بعض الملاك المصريين يرفضون تقديم عقد مكتوب للمستأجرين لتجنب دفع الضرائب، يلجأ السوريون لشراء عقود إيجار وفواتير وهمية، ما أفضى إلى ظهور سوق مزدهرة على وسائل التواصل الاجتماعي، متخصصة بالتزوير، و يمكن أن تتراوح تكلفتها من 600 إلى ألف جنيه (من 12 إلى 20 دولار، وفقاً لسعر الصرف الحالي البالغ 49 جنيه مقابل الدولار)، بحسب عارف، الذي لجأ إلى تلك العملية عدة مرات.

بعد تقديم جميع المستندات، تستغرق معالجة الطلب عدة أشهر، لا يمكن للمتقدمين خلالها مغادرة مدينتهم أو محافظتهم، بحسب عارف، قائلاً: “كنت أمضي فترة من العام مسجوناً في مصر، بانتظار وصول الإقامة الجديدة”، خلال تلك المدة “كنت أعاني من نوبات هلع وقلق كبيرين خشية أن يحدث لي شيئاً في الوقت الذي يستغرقه تجديد إقامتي”. 

عالقون في القطاع غير الرسمي

العيب الرئيسي للإقامة “السياحية” أنَّها لا تخوّل صاحبها العمل في مصر. يحتاج السوريون تصريح عمل ساري المفعول لمدة عام أو أكثر يخول حامله السفر داخل مصر وخارجها بحرية. 

قلة فقط من الشركات على استعداد لخوض هذه الإجراءات المكلفة اللازمة لتأمين تصريح عمل لموظفيها الأجانب. وتختلف تكلفته تبعاً لاختلاف الظروف الفردية، ويجب على الشركات في بعض القطاعات دفع  15 ألف جنيه على الأقل (500 دولار بحسب سعر الصرف الرسمي) على كل موظف، بالإضافة إلى رسوم أخرى، من ضمنها 5,200 جنيه (نحو 100 دولار) للمتقدمين لأول مرة. ويمكن أن تستغرق الإجراءات كاملة من ثلاثة إلى ستة أشهر

وبالنتيجة، يُزج بالسوريين والمجتمعات اللاجئة الأخرى في ظروف اقتصادية صعبة. ومن أجل تلافي التورط في عبء كفالة تصاريح أعمالهم، تتجاهل الشركات الكبرى المتقدمين غير المصريين. 

عامل توصيل في طريقه لتوصيل الطعام خلال وقت الذروة بحي المعادي جنوب القاهرة، قبل ساعة من موعد إفطار رمضان،  17/ 03/ 2024، (ليز موفة/ سوريا على طول)

عامل توصيل في طريقه لتوصيل الطعام خلال وقت الذروة بحي المعادي جنوب القاهرة، قبل ساعة من موعد إفطار رمضان،  17/ 03/ 2024، (ليز موفة/ سوريا على طول)

يواجه السوريون من حملة الشهادات الجامعية هذه العقبة الكبيرة، كما في حالة مروان، إذ رغم حصوله على نفس الدرجة العلمية التي يتمتع بها المتقدمون المحليون، يشعر مروان بالتمييز ضده في سوق العمل. تعيَّن مؤخراً في شركة هندسية كبيرة بصفة “مستقل” أو “مستشار”، ما يعني أنه يتمتع بمزايا أقل من الموظفين الآخرين ويمكن فصله من العمل بسهولة أكبر. كما أن هذا الإجراء يعفي شركته من التقدم بطلب للحصول على تصريح عمل لأجله. 

“يعمل جميع السوريين من دون تصريح، سواءً كنت تتحدث عن مطاعم صغيرة على قارعة الطريق أو شركات كبيرة” قال مروان، مشيراً إلى أن “الجميع يعلم هذا الحال، والحكومة تصرف نظرها لا أكثر. ولكن تبدأ المشكلة عندما تحاول التقدم إلى شركات كبرى، لأنهم لا يوظفون أي شخص من دون الأوراق المطلوبة”. 

“فالخيار الوحيد المتاح للسوريين هو العمل في السوق غير الرسمية”، قال عارف متنهداً، مضيفاً: “وفي السوق الرسمية يستغلك الجميع”.

الممارسات الجشعة

لطالما تكبّد السوريون وغيرهم من اللاجئين في مصر، بما في ذلك مجتمعات كبيرة من السودان وجنوب السودان وإريتريا، عناء الخوض في غمار الأطر التنظيمية المبهمة والمعقدة والمتغيرة باستمرار لتأمين إقامتهم وتصاريح عملهم.

وزادت الأمور تعقيداً بانهيار الجنيه المصري، في السنوات الأخيرة، من ستة جنيهات في عام 2012 إلى 31 جنيه مقابل الدولار الواحد مطلع 2024. في فترة من الفترات، كانت قيمته الحقيقية أقل حتى من السعر الرسمي الذي حدده البنك المركزي.

وفي السوق السوداء، كان سعر الدولار الواحد يتراوح من 50 إلى 70 جنيه، في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2024. وعندما قرر البنك المركزي تعويم العملة في السادس من آذار/ مارس، انخفضت القيمة الرسمية إلى 49 جنيه مقابل الدولار. 

كانت أزمة السيولة وراء هذا الانهيار الكبير للعملة، إذ انخفض احتياطي النقد الأجنبي لمصر من 45 مليار دولار في شباط/ فبراير 2020 إلى 35 مليار دولار في كانون الثاني/ يناير 2024، في حين تضاعفت ديونها الخارجية أكثر من ثلاثة أضعاف خلال العقد الماضي.

في عام 2023، اتخذت السلطات المصرية سلسلة من الإجراءات لدعم الاحتياطي، بما في ذلك ضوابط جديدة تم إقرارها في آب/ أغسطس تُلزم الأجانب بدفع رسوم الإقامة بـ “العملة الصعبة” (الدولار أو اليورو). يتعين على الأجانب تقديم إيصال يفيد قيامهم بتحويل ما يعادل رسوم الإقامة من الدولار إلى الجنيه المصري بحسب سعر الصرف الرسمي من أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة. 

ورقة نقدية مصرية فئة عشر جنيهات (حامد طه/ موقع أنسبلاش)

ورقة نقدية مصرية فئة عشر جنيهات (حامد طه/ موقع أنسبلاش)

ولكن نظراً إلى قيام البنوك المصرية، تزامناً مع أزمة العملة، بتقييد المبلغ الذي يتسنى للشخص سحبه بـ250 دولار شهرياً، بالنسبة لحاملي بطاقات الخصم (debit card). اضطر العديد من المهاجرين التوجه إلى السوق السوداء لشراء الدولار، الذي ظل سعره متقلباً حتى السادس من آذار/ مارس، ولكن بالمجمل أعلى من سعر الصرف الرسمي. 

“لجأ اللاجئون إلى شراء الدولار من السوق السوداء بسعر متضخم، ومن ثم بيعه للبنك بسعر منخفض من أجل دفع رسوم إقامتهم”، كما قال عارف لـ”سوريا على طول”، في شباط/ فبراير 2024، أي قبل أسابيع من هبوط سعر الصرف الذي أقرّه البنك المركزي. 

علماً أن تبادل العملات في السوق السوداء مخالف للقانون، ويعاقب بالسجن كل من يتم الإمساك به وهو يتعامل بالنقد الأجنبى خارج البنوك المعتمدة أو الجهات المرخصة بذلك.

“يُطلب من الأجانب الدفع بالدولارات، ولكن يُمكن اعتقالهم لمجرد الإمساك بهم وهم يحملونها. هذا مناف للمنطق وغريب”، قال عارف. بغض النظر عن غرابته، فإن هذا الوضع يجسد التوازن المتزعزع الذي يتعين على السوريين المهاجرين وغيرهم من الأجانب أداءه لخوض غمار الأطر المصرية دائمة التغير والمتأرجِحة على هوامش الشرعية.  

تم نشر هذا التقرير أصلاً في اللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية فاطمة عاشور، وهو التقرير الثاني من سلسلة من ثلاثة أجزاء تسلط الضوء على تجارب السوريين في مصر. اقرأ التقرير الأول

*نظراً للقيود المفروضة على حرية التعبير في مصر، إذ يتم اعتقال الأشخاص ومحاكمتهم بناءً على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي يُرى أن فيها انتقاداً للسلطات، استخدمت “سوريا على طول” أسماءً مستعارة لجميع المصادر في هذا التقرير، من أجل التعبير عن آرائهم من دون خوف.

شارك هذا المقال