10 دقائق قراءة

الفقر يجبر أطفال شمال غرب سوريا على العمل وينذر بـ”جيل أميّ”

بعد ثلاثة عشر عاماً على اندلاع الثورة السورية، بلغ عدد الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة في سوريا حوالي 2.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً، من أصل 5.5 مليون طفل


4 أبريل 2024

مرسين- من خيمة منعزلة على أرض زراعية، عبّر أحمد عمرو، صاحب الأحد عشر ربيعاً، عن حلمه بـ”ارتداء ملابس المدرسة والذهاب إليها”، لكن ظروف الحياة القاسية دفعته مع شقيقه الذي يكبره بعامين إلى العمل “في بيع النرجس” لمساعدة والده.

تعيش عائلة عمرو، المكونة من عشرة أفراد، في خيمة على أرض خاصة بمنطقة رأس الحصن التابعة لمدينة حارم في ريف إدلب الشمالي، منذ تهجيرهم نهاية عام 2016 من حي الكلاسة بمدينة حلب، وبالتالي هم لا يحصلون على أي نوع من المساعدات كونهم غير مسجلين في عداد قاطني المخيمات، كما قال والده لـ”سوريا على طول”. 

“أمي مريضة، ووالدي بالكاد يجد عملاً، ولا يوجد أخ شاب ينوب عنا، لذلك نساعده بالعمل”، قال الطفل أحمد، الذي تمنى أن يجد من يساعدهم لـ”تأمين احتياجات المدرسة، وإيجاد سكن في غرفة لها جدران، لأننا سئمنا الخيمة التي تغرق بالمياه”.

أضاف أخاه عبده: “أنا وإخوتي حرمنا أنفسنا من الدراسة لنساعد أبي في المصروف”، متسائلاً “متى سأتعلم القراءة والكتابة؟ عمري 13 عاماً ولم أدخل المدرسة حتى الآن”.

بعد ثلاثة عشر عاماً على اندلاع الثورة السورية، بلغ عدد الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة في سوريا حوالي 2.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً، من أصل 5.5 مليون طفل، وفق تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، في آذار/ مارس 2024. 

وقالت المديرة الإقليمية لليونيسيف أديل خضر: “لقد دفع جيل من الأطفال في سوريا بالفعل ثمناً لا يطاق لهذا النزاع”، مشيرة إلى أن “اليونيسيف” تحتاج في عام 2024 إلى 401.7 مليون دولار أميركي لتوفير شريان حياة أساسي لـ8.5 مليون شخص، بما في ذلك 5.4 مليون طفل، وتتمثل أكبر متطلبات التمويل في مجالات المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم.

حتى قبل اندلاع الثورة السورية في ربيع 2011، كانت سوريا تعاني من ظاهرة عمالة الأطفال. إذ بحسب دراسة لـ”اليونيسيف” تعود لعام 2002، فإن ما لا يقل عن 18 بالمئة من الأطفال في سوريا منخرطون في سوق العمل نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي أو التفكك الاجتماعي.

في شمال غرب سوريا، التي يقطنها أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون نسمة، نصفهم نازحون، أجبر العديد من الأطفال على ترك مقاعد الدراسة من أجل العمل، ومن هؤلاء أطفال لم يدخلوا منظومة التعليم إطلاقاً، كما في حالة الأخوين أحمد وعبده وأربعة من إخوتهم. بحسب أرقام جمعتها “سوريا على طول” من حكومتي الإنقاذ والمؤقتة، شمال غرب سوريا، بلغت نسبة الذكور في المدارس للعام الدراسي الحالي 49.5 بالمئة بينما نسبة الإناث 50.5 بالمئة. 

أطفال “رجال” يعيلون أسرهم

في شباط/ فبراير 2024، أشار تقرير لفريق “منسقو استجابة سوريا”، وهي منظمة غير ربحية تعنى بتقييم الاحتياجات في شمال غرب سوريا، إلى أن عمالة الأطفال تشكل الهاجس الأكبر ضمن مخيمات النازحين، إذ تتجاوز نسبة الأطفال العاملين، من الفئة العمرية بين 14 و17 عاماً، 37 بالمئة من إجمالي الأطفال الموجودين في مخيمات النزوح.

تفسّر معدلات الفقر في شمال غرب سوريا، التي وصلت هذا العام إلى “أعلى مستوياتها على الإطلاق مقارنة بالأعوام السابقة” سبب تسرّب الأطفال من المدارس وتوجههم إلى سوق العمل، وبحسب “منسقو الاستجابة” وصلت معدلات البطالة في المنطقة إلى 88.74 بالمئة.

قالت والدة عبده وأحمد أن لديها ثمانية أولاد، أربع إناث وأربعة ذكور، أكبرهنّ هديل، 17 عاماً، وأصغرهنّ محمد، ستة أعوام، ويعاني من التقزم، وهو مرض “ينجم عن نقص التغذية المزمن ويسبب أضراراً بدنية وعقلية للأطفال لا يمكن التعافي منها”. جميع أولادها لم يدخلوا المدرسة، باستثناء اثنتين من بناتها “الكبرى درست للصف السادس، والثانية للصف الرابع، ثم تركتا المدرسة لعدم قدرتنا على ذلك”، بحسب الأم.

أم عبده مصابة بمرض السرطان في القولون، منذ ثلاث سنوات، وتحتاج شهرياً مبلغ ألفي ليرة تركية ثمن الأدوية (62 دولار أميركي)، ومع ذلك فإن تعليم أولادها يشغل بالها أكثر من مرضها، قائلة: “أولادي لا يعرفون القراءة والكتابة، وأمنيتي في الحياة أن يتكفل أحدهم بتدريسهم”.

قدّرت أم عبده احتياجات العائلة الشهرية بحوالي 300 دولار، بينما يبلغ دخل زوجها الشهري مئة دولار، ومجموع دخل أطفالها الشهري 50 دولاراً، يعملون في شهرين كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير في “قطاف أزهار النرجس”، وبعد انتهاء الموسم “يجمعون البلاستيك والمعادن من الشوارع.

يعني ذلك أن مجموع دخل الأسرة لا يلبي نصف احتياجاتها، وبحسب أم عبده فإن ما يدخل على الأسرة لا يكفي إلا ثمن الخبز وبعض الاحتياجات “وباقي الأطعمة والألبسة نحن محرومون منها”.

الخيمة التي تسكنها عائلة أم عبده في قرية الحصن بريف إدلب الشمالي، 17/ 02/ 2024، (سوريا على طول)

الخيمة التي تسكنها عائلة أم عبده في قرية الحصن بريف إدلب الشمالي، 17/ 02/ 2024، (سوريا على طول)

في مدن محافظة إدلب وقراها “لا تخلو أي مصلحة أو محل تجاري من الأطفال، ناهيك عن الباعة الجوالين منهم”، قال باسل محمد، صاحب ورشة ديكور في مدينة إدلب لـ”سوريا على طول”.

يعمل في ورشة محمد طفلين، أحدهما عمره 13 عاماً والآخر 15 عاماً، وكلاهما “تركا المدرسة لمساعدة أهلهما ويتعلما المهنة”، كما قال، عازياً ذلك إلى “الفقر، فإما يكون دخل رب الأسرة ضعيف، أو أن الطفل هو رب الأسرة نظراً لغياب المعيل”.

ولا تقتصر عمالة الأطفال على المتسربين من المدارس، وفقاً لمحمد، وإنما هناك “العديد من الأطفال يعملون بعد انتهاء دوام المدرسة لتأمين مصروفهم”.

في ورشة صيانة سيارات بمدينة الباب في ريف حلب الشمالي، يعمل أربعة أطفال، أحدهم عبد الرزاق الزعيم، 14 عاماً، وهو مهجّر من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي.

قال الزعيم إنه ترك المدرسة من الصف السادس الابتدائي، أي قبل عامين، “من أجل مساعدة أبي في المصروف”، وعبّر في حديثه لـ”سوريا على طول”، بحضور والده، عن رغبته بالعودة إلى مقاعد الدراسة.

وليث شقيق عبد الرزاق، البالغ 13 عاماً، ترك المدرسة أيضاً، و”يعمل حالياً في محل لصنع المعجنات”، كما قال والدهما لـ”سوريا على طول”، معللاً ذلك بعدم قدرته على تأمين مصاريف المعيشة في مهجره، وحالما يعود إلى مدينته سيتمكن من تعليمهما.

ومع أن “دروس اللغة العربية والتجويد في المسجد تعوض الأطفال عن المدرسة في تعلم القراءة والكتابة”، بحسب والده ضياء الزعيم، إلا أن “دوامهما الطويل حتى المساء لا يسمح لهما بذلك أيضاً”.

فيديو يظهر عبد الرزاق الزعيم، 14 عاماً، في ورشة لصيانة السيارات بمدينة الباب في ريف حلب، 02/ 03/ 2024، (سوريا على طول)

التسرب لكلا الجنسين

تشير أرقام رسمية حصلت عليها “سوريا على طول” من وزارتي التربية والتعليم في حكومتي الإنقاذ والمؤقتة إلى أنَّ عدد الطالبات الإناث في المدارس يفوق عدد الطلاب الذكور، إذ يبلغ إجمالي عدد الطلبة في شمال غرب سوريا 814,101 طالباً/ـة، منهم 410,898 طالبة، أي أي تبلغ نسبة الإناث 50.5 بالمئة مقابل 49.5 بالمئة للذكور.

وتتفاوت هذه النسب من منطقة إلى أخرى، ففي منطقة عفرين التابعة عسكرياً للجيش الوطني وإدارياً للحكومة المؤقتة، تبلغ نسبة الطلبة الإناث 51.87 بالمئة مقابل 48.13 مئة للذكور، بينما في مدينة الباب تبلغ نسبة الإناث 53 بالمئة مقابل 47 بالمئة للذكور، أما في صوران بريف حلب ورأس العين شمال الحسكة، الواقعتين تحت سيطرة الجيش الوطني كانت نسبة الذكور أكثر من الإناث بفارق بسيط.

تتماشى هذه النسب مع أرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الصادرة في شباط/ فبراير 2024، التي تشير إلى أن عدد الأطفال في شمال غرب سوريا 2.31 مليون، منهم 1.21 مليون طفلة، و1.10 مليون طفل.

بحسب الأرقام الرسمية، يزيد أعداد المتسربين في مناطق الحكومة السورية المؤقتة، بريف حلب الشمالي، مقارنة بأعداد المتسربين في مناطق حكومة الإنقاذ، لكن هذا لا يعكس الواقع لأن الإحصائيات في مناطق الإنقاذ “تتضمن كل طفل دخل المدرسة وخرج منها دون أن يكمل تعليمه، بينما الطلبة الذين لم يدخلوا المدرسة إطلاقاً لا يمكن حصر أعدادهم إلا عن طريق دائرة النفوس”، كما قال رئيس دائرة التوجيه الإداري في مديرية التربية والتعليم بحكومة الإنقاذ، وليد حمادي، لـ”سوريا على طول”، مشيراً إلى أن أعداد المتسربين في إدلب بلغ 36 ألف طالب وطالبة.

أما في مناطق نفوذ الحكومة المؤقتة بلغ عدد المتسربين نحو 500 ألف طالب وطالبة، بحسب وزير التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة، د.جهاد الحجازي، ورغم أن “الرقم مرتفع” إلا أن “هناك تحسن ملحوظ في عدد الملتحقين في المدارس مقارنة بالعام الماضي الذي شهد تسرب 600 ألفاً”، كما أوضح لـ”سوريا على طول”.

وربط الحجازي تسرب الأطفال من المدارس بالوضع الاقتصادي في المنطقة، معتبراً “أن تحسن الوضع الاقتصادي سيسهم في تأمين فرص العمل ويقلل من الاعتماد على عمالة الأطفال، وبالتالي عودتهم إلى المدارس”.

جاء في تقرير لفريق منسقو استجابة سوريا، نشر في حزيران/ يونيو 2023، أن 85 بالمئة من الأطفال المتسربين من التعليم -البالغ عددهم 318 ألف طفل وأكثر من 78 ألف طفل في مخيمات النازحين بحسب أرقام الفريق- يعملون في مهن مختلفة وبينها مهن خطيرة. 

ولا تختلف نسب التسرب على أساس “النوع الاجتماعي” في مخيمات النازحين، كما أوضح عضو في فريق الحماية بمنظمة “سيما”، في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، قائلاً: “نسب الذكور والإناث متساوية في المخيمات، لكن العديد من الذكور يعملون في قطاعات مختلفة بما فيها أعمال خطرة، بينما يكون عمل الإناث المتسربات من التعليم في الزراعة”، كما أوضح لـ”سوريا على طول”.

وفي بعض المدن والقرى تكون عمالة الأطفال من الذكور أكبر، ويعود ذلك إلى “العادات والتقاليد وثقافة المجتمع التي لا تقبل عمل الإناث، ناهيك عن وجود أعمال صناعية وتجارية يمكن للذكور العمل بها دون النساء، من قبيل الحدادة، البناء”، بحسب منظمة سيما.

ومع أن سوء الأوضاع المعيشية في آخر مناطق المعارضة، شمال غرب سوريا، تدفع الأطفال إلى سوق العمل، إلا أن استهداف المدارس من النظام السوري، وزلزال السادس من شباط/ فبراير 2023، أسهما في التأثير على العملية التعليمية في شمال غرب سوريا.

في عام 2023 أيضاً، كانت 30 مدرسة هدفاً لهجمات النظام السوري وحليفته روسيا، وفقاً للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في “استراتيجية ممنهجة، للقتل وتقويض العملية التعليمية”.

وتضررت من الزلزال 550 مدرسة في مناطق حكومة الإنقاذ، و270 مدرسة في مناطق الحكومة المؤقتة، وفقاً لأرقام خاصة حصلت عليها “سوريا على طول”. وبحسب منظمة أنقذوا الطفولة تضررت 54 بالمئة من المدارس و37 بالمئة من المراكز التعليمية، بما مجموعه 822 مبنى في شمال غرب سوريا نتيجة الزلزال.

وفي هذا السياق، أوضح مدير التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ، أحمد الحسن، لـ”سوريا على طول”، أنَّ الزلزال “تسبب بآثار مادية تمثلت في وقوع ضحايا وتضرر أماكن التعليم، إضافة إلى الآثار النفسية بسبب التشرد وتغيير بيئات السكن”.

ومن أجل معالجة آثار الزلزال والقصف، تحتاج المنطقة إلى بناء مدارس وغرف صفية لاستيعاب الاكتظاظ السكاني وتعويض المدارس المتضررة منها، ومن أجل استيعاب الأطفال الذين “يعودون إلى مقاعد الدراسة نتيجة تحسن إدارة ملف التربية”، بحسب الحسن، مشيراً إلى “وجود أكثر من ألف مدرسة تعمل بنظام الفوجين”.

وبدوره، قال مسؤول العلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة، محمود حسن لـ”سوريا على طول”: “إن نسبة التسرُّب من المدارس ازدادت بعد زلزال شباط والحملة العسكرية في تشرين الأول 2023″، مشيراً إلى أنه “تم إجراء صيانة لمعظم المدارس التي تأثرت بالزلزال، إضافة إلى افتتاح مدارس مؤقتة (كرفانات) للطلاب النازحين، وحالياً عادت جميع المدارس المتأثرة من الزلزال إلى العمل”.

الحد من التسرب

تعمل وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة عبر مديرياتها المنتشرة في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في ريف حلب الشمالي، ونبع السلام في شمال شرق سوريا على “عودة الطلاب إلى المدارس من خلال تسهيل برامج الدمج والتعليم المسرّع، وذلك بالتعاون مع المنظمات الداعمة والعاملة في التعليم”، وفقاً لوزير التربية د. جهاد الحجازي.

وكذلك، أطلقت الوزارة “حملات توعية ضد عمالة الأطفال وتشجيعهم على العودة للمدارس، وتسعى إلى تأمين كفالات للمدارس ودعم المعلمين من أجل استقرارهم في مدارسهم ما يقلّل من فرص التسرُّب جراء وجود صفوف من دون معلمين”، بحسب الوزير.

وبدورها، تعمل مديرية التربية والتعليم، التابعة للإنقاذ، على “تأمين التعليم لكل الأطفال من عمر 6 إلى 18 عاماً، وتسهيل فتح المدارس بكافة اللوجستيات اللازمة والمعلمين، مع مراعاة المسافات، خاصة في مناطق المخيمات التي يعاني الطلبة فيها من الوصول إلى المدارس”، وفقاً لوليد حمادي، رئيس دائرة التوجيه الإداري في مديرية التربية والتعليم بحكومة الإنقاذ.

وفي سبيل منع التسرب، تسعى المديرية إلى “تأمين بيئة محفزة للأطفال، من حيث تجهيز مدارس آمنة وجذابة، وتعيين المعلمين المختصين”، بحسب حمادي.

وفي إطار الحدّ من التسرب، تعمل العديد من المنظمات الإنسانية في شمال غرب سوريا على دعم القطاع التعليمي، سواء بدعم الطلبة باللوازم المدرسية أو بكفالة العائلات، لا سيما النازحين، أو بدعم البنى التحتية التعليمية وتقديم المساعدات اللوجستية، أو عبر افتتاح وإدارة العديد من المدارس خاصة في المخيمات.

ومع ذلك، لا تلبي هذه الجهود حجم احتياجات قطاع التعليم، عدا أن مساعي الحد من تسرب الأطفال من التعليم في شمال غرب سوريا يجب أن يبدأ بمعالجة مسبباته. أرجع فريق “منسقو استجابة سوريا”، في تقرير نشره في حزيران/ يونيو 2023، عمالة الأطفال إلى “الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجه الأهالي في المنطقة، الأمر الذي يدفع إلى الزج بالأطفال في سوق العمل”. في المقابل “غياب أي نوع من التشريعات من السلطات المحلية لمنع دخول الأطفال في سوق العمل وغياب الحد الأدنى للعمر القانوني”.

ومن الأسباب أيضاً “استمرار النزوح والتهجير للمدنيين في المنطقة الأمر الذي زاد من مصاعب تأمين مستلزمات الأطفال”، ناهيك عن “قلة أعداد المدارس في المنطقة على حساب الزيادة السكانية، والتحول التدريجي للتعليم الخاص”، وفقاً لتقرير منسقو الاستجابة.

وفي هذا السياق، شدد فريق الحماية في منظمة “سيما” على أن “الفقر، وحاجة الأهل لعمل كافة أفراد الأسرة، بما فيهم الأطفال، للتغلب على أعباء الحياة القاسية”.

وفي ظل “عدم توفر فرص عمل للمتعلمين تؤمن دخلاً جيداً لهم، تترسخ عند الأهالي فكرة عدم أهمية التعليم بالنسبة لأبنائهم”، ما يؤدي بالنتيجة إلى دفعهم لسوق العمل.

أمام هذا الواقع، يتعين على القائمين على ملف التعليم في شمال غرب سوريا “رفع الوعي لدى الأهالي بأهمية التعليم، لا سيما الإناث، ومساعدة العائلات في تلبية احتياجاتهم عبر تأمين فرص عمل تعوضهم عن الدخل العائد من أطفالهم”، بحسب منظمة “سيما”.

وبالتوازي مع ذلك، لا بد من “سن قوانين تحدّ من عمالة الأطفال، وتحدد السن القانوني للعمل، مع إلزامية تطبيق هذه القوانين، وفرض عقوبات على تشغيل الأطفال دون السن القانوني”. والأهم من ذلك، “ربط المساعدات المالية المقدمة للعائلات بالتعليم”، أي إلزام المستفيدين بتعليم أبنائهم، بحسب وفقاً لمنظمة “سيما”.

وأشار فريق الحماية في “سيما” إلى أن ما يطبق من الحلول المقترحة قليل جداً، إذ هناك بعض المشاريع الصغيرة، التي تؤمن فرص عمل للعائلات المستضعفة، لكن أعداد هذه العائلات يفوق بكثير المشاريع المقدمة.

ولفت الفريق إلى ترافق ظاهرة عمالة الأطفال مخاطر أخرى، من قبيل “خروج الأطفال للعمل في ساحات الفجر وخروجهم في أوقات متأخرة ليلاً”، ما يعرض حياة الأطفال للخطر، إذ شهدت المنطقة “العديد من حالات التبليغ عن فقدان أطفال أثناء ذهابهم أو عودتهم من العمل”.

حلم أحمد عمرو وإخوته في استكمال تعليمهم حق أساسي من حقوقهم، وقد نصت المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكلّ شخص حقّ في التعليم، ويجب أن يوفر التعليم مجاناً، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليم الابتدائي إلزامياً”.

شارك هذا المقال