4 دقائق قراءة

بعد طرد تنظيم الدولة منها: مدينة الباب فرحة بإقصاء جلاديها رغم أنقاض الدمار والألغام

بعد سقوط آخر معقل لتنظيم الدولة في محافظة حلب الأسبوع […]


2 مارس 2017

بعد سقوط آخر معقل لتنظيم الدولة في محافظة حلب الأسبوع الماضي بيد ثوار سوريا الذين تساندهم تركيا، عاد أسامة محمد، على الفور، تقريباً، إلى منزله في مدينة الباب بعد نزوحه وغيابه لأكثر من سنة بعيداً عنها.

وقال محمد والذي كان غادر الباب قبل سنة وأقام في اعزاز على بعد 50 كم شمال شرق مدينته، لمراسلة سوريا على طول، بهيرة الزرير، أنه وجد منزله أنقاضاً وسط المدينة المدمرة “بنسبة 75%”.

وطرد ثوار الجيش السوري الحر مقاتلي تنظيم الدولة في 23 شباط بعد أكثر من ثلاثة شهور من المعارك العنيفة.

ونهب مقاتلو تنظيم الدولة، قبل انسحابهم المنازل وفجروا الأبنية “وزرعوا الألغام في كل شبر من المدينة”، وفق ما قال محمد، الذي ينام حالياً في غرفة المعيشة، الغرفة الوحيدة التي لم تتضرر في منزله.

وقال محمد “من واجبنا العودة، حتى في ظل هذه الظروف المرعبة. فعلينا إعادة إعمار المدينة كما كانت”.

الباب،25شباط،2017Emin Sansar/Anadolu Agency/Getty Images..

وتعيش الباب “الفرح بعد تحريرها من تنظيم الدولة” وفق ما عبرت أميمة، 45عاماً، الأرملة التي بقيت مع أطفالها الأربعة في المدينة في ظل حكم تنظيم الدولة ووابل القصف. وكانت هي وأطفالها واحدة من قرابة 100عائلة أبت أن تغادر المدينة رغم ويلات التنظيم. وتقول أميمة إن “التحرير نصر لكل شخص كبير أو صغير في الباب”.

  • أسامة محمد،  36عاماً، مدني عاد إلى مدينة الباب في 25 شباط بعد أن غادر إلى اعزاز في ريف حلب الشمالي منذ سنة تقريباً، وتعتزم زوجه التي ما تزال وأطفاله الثلاثة في اعزاز الانضمام إليه قريباً.

متى عدت إلى مدينة الباب؟ ولماذا؟

عدت إلى مدينة الباب يوم السبت 25 شباط، بعد تحريرها بيومين فقط.

عدت لأنها مدينتي التي ولدت وعشت فيها، وتركتها مرغماً عني بسبب احتلالها والممارسات الهمجية التي يقوم بها تنظيم الدولة بحق كل الأهالي.

فعلى الرغم من وجودي في اعزاز في ريف حلب الشمالي، إلا أني كنت أشعر بالغربة داخل وطني؛ فالسوريون النازحون في ظل هذه الحرب يشعرون بالغربة في بلدهم. الشعور بالغربة يرافقني وأنا داخل بلدي، وحتى أننا نعتبر غرباء وكأننا لسنا أبناء سوريا بسبب استغلال المؤجرين وعدم وجود عمل لنا بعد فقداننا لكل ما نملك في مدينتنا.

كيف تلقيت أنت وعائلتك نبأ تحرير مدينة الباب؟

شعور لا تستطيع الكلمات أن توصفه، لم أصدق وشعرت وكأن الحرب انتهت في كل سوريا بتحرير الباب، وزوجتي وأطفالي كانوا فرحين جداً. سنعود إلى منزلنا وبلدتنا أمنيين، بعد أن كدنا نفقد الأمل بالعودة إليها.

حدثناعن عودتك إلى مدينة الباب؟ ومن عاد معك؟

عدت أنا و100 رجل تقريباً من اعزاز، جميع الذين عادوا هم رجال ذهبوا ليروا بيوتهم ويقوموا بترميمها وتجهيزها لعودة عائلاتهم.

وفي كل يوم يزداد عدد العائدين، وحتى هذا الوقت وصل قرابة الـ1000 رجل فقط، وما يزال داخل مدينة الباب حوالي 100 عائلة، ممن رفضوا الخروج.

افتتحت المحال وبدأت الحياة تعود تدريجياً إلى المدينة.

كيف كان شعورك لحظة دخولك الباب؟ وماذا كان يجول في فكرك؟

لم أكن أصدق أني عدت إلى مدينتي دون أن أرى من يدعون الإسلام ويشوهونه وخطرت في بالي ذكريات الخوف والتهريب والجلد الذي قام بها التنظيم في ساحات مدينتنا، كنا لا نستطيع أن نمشي في شوارعنا من شدة خوفنا.

قبل انسحاب تنظيم الدولة، زرع مقاتلوه الألغام داخل المدينة، فهل العودة آمنة؟

خلال أول يومين، منع الأهالي من الدخول حرصاً على سلامتهم، بسبب قيام تنظيم الدولة بزرع الألغام في كل أرجاء المدينة، ولكن بسبب إصرار الأهالي سمحوا لنا بالعودة على أن يكون قرارنا بالعودة مسؤوليتنا الشخصية، فهناك إصابات بسبب الألغام ولكن الناس لم تعد تفكر بمصيرها بسبب اشتياقها لمدينتها. وكل يوم هناك حالات وفيات بين الأهالي بسبب هذه الألغام.

(في 28 شباط، قتل تسعة أشخاص وأصيب العديد بالألغام التي زرعت في الباب، وفق ما ذكرت شبكة نيوز شام، في ذلك اليوم).

بعض الأهالي ممن لديهم الخبرة، يقومون بتفكيك الألغام بأنفسهم بسبب غياب الخبراء.

علينا أن نتوخى الحذر من هذه الألغام، ولكن من واجبنا العودة، حتى في ظل هذه الظروف المرعبة. فعلينا إعادة إعمار المدينة كما كانت.

الباب في 25شباط. حقوق نشر الصورة لـ نذير الخطيبGetty Images /AFP/ . 

كيف وجدت منزلك عند عودتك إلى مدينتك؟ وكيف كان حال المنازل الأخرى والمدينة؟

منزلي مدمر بنسبة 50%، كل شيء في منزلي المؤلف من ثلاثة غرف وحمام ومطبخ دُمِر ولم يبق سوى غرفة المعيشة. أقاربي الذين بقوا في المدينة أخبروني أنه ما إن علمت داعش بهروبي، داهموا المنزل وسرقوا وحطمو كل ما فيه، وسكنه عدة عناصر. وبعدها تم قصفه بغارة جوية أيضاً.

سأحضر عائلتي إلى هنا في غضون أيام قليلة. سننام في الغرفة المتبقية ريثما أتمكن من ترميم المنزل، وهذا سيستغرق وقتاً.

المدينة كلها مدمرة بنسبة 75% وتنظيم الدولة قام بتفجير العديد من المنازل قبل خروجه من المدينة ونهب المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، وزرع الألغام في كل شبر من المدينة قبل انسحابه.

الأيام التي عاشتها الباب في ظل سيطرة داعش لن تنساها حتى الحجارة. والأنبية المدمرة تشهد على همجيتهم.

  • أميمة سيدة من مدينة الباب، عمرها 45 عاما، أم لأربعة أطفال لم تخرج من مدينتها زوجها متوفي منذ سبع سنوات.

ماهو شعورك بعد تحرير مدينتك من تنظيم الدولة؟

شعرت بأنني كنت ميتة في الحياة، والآن ولدت من جديد، فتحرير الباب كان فرحة لكل الأهالي الموجودين فيها؛ فالمحال قد فتحت والناس تبارك لبعضها. التحرير هو نصر لكل شخص كبير أو صغير في الباب.

 كنا نعيش في حالة رعب بكل لحظة، فالتنظيم كان يتبع سياسة الترهيب والتضيق؛ فحتى لقمة العيش كانت صعبة المنال في الباب، كنا مسجونين داخل منزلنا لا نخرج منه. الخوف كان يحيط بنا من كل جانب الرعب من داعش بالإضافة للقصف على المدينة. وكان مقاتلو داعش يسرقون ويجلدون ويقتلون المدنيين دون أي ذنب.

ماهو سبب عدم خروجك من مدينة الباب؟

لم أخرج من مدينة الباب بسبب أطفالي وزوجي متوفي منذ سبع سنوات، وخشيت عقاب داعش لي، إن ألقوا القبض علي وأنا أحاول الخروج، فالتزمت منزلي ولم أكن أخرج منه ما لم يكن هناك ضرورة ماسة.

وكان أملي بالتحرر منهم، أو الموت داخل مدينتي ويكون أمر الله.

كيف هي مدينة الباب بدون تنظيم الدولة وكيف ترينها مستقبلاً؟

الأهالي تعود الى مدينتها، ويقوم من لديهم الخبرة بتفكيك الألغام، ونحن نخرج ولكن بحذر شديد، الباب تعيش الفرح بعد تحريرها كلها بفضل المجاهدين ومقاتلي درع الفرات، وندعو الله أن يعم الأمان في مدينة الباب وكل سورية لأن الحرب جعلتنا نفقد الحياة ونحن ما زالنا على قيدها، ونأمل أن تعود الباب لما كانت عليه قبل احتلالها من قبل تنظيم الدولة.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال