4 دقائق قراءة

اللاجئون السوريون في لبنان: تداعيات كورونا قد تكون أشد فتكاً من الفيروس

قبل وصول "كورونا" إلى المخيمات المكتظة، فقد بدأ الفيروس فعلياً، نتيجة الإجراءات الوقائية لمواجهته وتداعيات ذلك، يطال اللاجئين السوريين في لبنان لاسيما اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.


5 أبريل 2020

عمان- في أحد مخيمات عرسال اللبنانية، المحاذية للحدود السورية، أبدى اللاجئ السوري عبد الرحمن الحمد تخوّفه من تسجيل إصابات بفيروس كورونا المستجد في المخيم، لأنه “بإصابة لاجئ واحد في مخيمات عرسال سنصاب جميعاً، بحكم المساحة الجغرافية المحدودة جداً التي تتواجد عليها أعداد كبيرة من الخيام”، وهو ما يعني، كما قال لـ”سوريا على طول”، أن “الحجر الصحي للأهالي داخل المخيمات أمر شبه مستحيل”.

ومنذ 21 شباط/فبراير الماضي، وحتى 4 نيسان/ أبريل الحالي، سجل لبنان 520 إصابة بالفيروس، ليس من بينها، كما قالت لـ”سوريا على طول” ليزا أبو خالد، المسؤولة الإعلامية في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين-مكتب لبنان، أي إصابة بين اللاجئين السوريين البالغ عدد المسجل منهم مع المفوضية حوالي 910,000 لاجئ. وذلك في نفي لما ذكرته سابقاً منظمات حقوقية في بيان في 26 آذار/مارس الماضي عن إصابة 3 لاجئين سوريين في لبنان بالفيروس.

لكن حتى قبل وصول “كورونا” إلى المخيمات المكتظة، فقد بدأ الفيروس فعلياً، نتيجة الإجراءات الوقائية لمواجهته وتداعيات ذلك، يطال اللاجئين السوريين في لبنان بشكل عام، وعلى مستويات مختلفة؛ لاسيما اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

تحديات صحية ومعيشية

بالتوازي مع ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا في لبنان، تتزايد مخاوف اللاجئين السوريين من تسجيل إصابات داخل مخيماتهم التي تفتقد لوسائل التعقيم والوقاية، لاسيما وأنه من السهل “وصول الفيروس إلى مخيمات اللاجئين التي يدخلها عناصر الأمن اللبناني وموظفو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمات محلية بشكل يومي”، كما قال مصدر طبي سوري في عرسال لـ”سوريا على طول”.

أطفال سوريون في أحد مخيمات عرسال يلتفون حول عامل في جمعية محلية للحصول على ملابس شتوية، 27/ 3/ 2020 (عبد الحفيظ الحولاني)

وقبل تفشي الوباء العالمي، كانت “وسائل التعقيم أو المطهرات غير متوفرة، والمياه غير كافية”، بحسب عبد الحفيظ الحولاني، وهو صحافي سوري مقيم في لبنان. مضيفاً في حديثه إلى “سوريا على طول” أن “دورات المياه والمطابخ داخل المخيمات تفتقر للنظافة العامة”.

من جانبها اعتبرت الحكومة اللبنانية أن “الرعاية الصحية للاجئين [السوريين والفلسطينيين] مسؤولية مشتركة بين لبنان ووكالات الأمم المتحدة”.

ورغم تعقيم قوى الأمن العام اللبناني 72 مخيماً للاجئين السوريين في لبنان، في سياق حملة تعقيم شملت مختلف المناطق اللبنانية، فإن “عملية التعقيم لم تشمل خيام اللاجئين من الداخل، وإنما أرض المخيمات فقط” كما أوضح الحولاني. كذلك، لم تشمل حملات التعقيم عدداً كبيراً من المخيمات، إذ في منطقة عرسال “يوجد نحو 131 مخيماً للاجئين السوريين، يقطنها 60 ألف لاجئ”، بحسب ما ذكر لـ”سوريا على طول” وليد رحمة، رئيس اللجنة الصحية في مبادرة “أيادي الخير”، وهي مبادرة أطلقها لاجئون سوريون، تهدف إلى جمع تبرعات شهرية تنفق على اللاجئين في أوقات الأزمات، على شكل مساعدات إغاثية.

وفيما يتعلق بالحجر الصحي، فقد أكد المصدر الطبي  في عرسال أن غرفة الحجر الصحي الوحيدة المخصصة من بلدية عرسال للاجئين السوريين في المخيمات ما تزال قيد الإنشاء”، فيما “لا تتوفر التحاليل الطبية الخاصة بالكشف عن الفيروس”.

في السياق ذاته، بدأت مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان”رفع مستوى الوعي في أهمية المحافظة على النظافة الشخصية في أوساط اللاجئين، واتخاذ تدابير مع الجهات الشريكة للوقاية وكذلك الاستجابة في حال تم تسجيل إصابات”، كما قالت أبو خالد، لافتة إلى أن “إجراءات المفوضية لمواجهة فيروس كورونا يشمل توسيع قدرات القطاع الصحي اللبناني، من حيث توفير العلاجات الاستشفائية وإنشاء أجنحة وأسرّة إضافية لوحدات العناية المركزة حتى لا يكون هناك منافسة بين المجتمعات في لبنان”. كما أكدت على أن المفوضية على استعداد لتغطية تكاليف الفحوصات ورسوم العلاج للاجئين إذا ما سُجلت حالات إصابة بالفيروس.

وإلى جانب التحديات الصحية تلك، تبرز المخاطر الاقتصادية لتداعيات كورونا، لاسيما في ظل ما يعانيه لبنان من أزمة اقتصادية تكشفت بشكل حاد منذ السنة الماضية.

فمع دخول فيروس كورونا مرحلة الانتشار في البلاد، أعلنت الحكومة اللبنانية في 15 آذار/مارس الماضي عن قرار التعبئة العامة الذي يمنع خروج المواطنين في بيوتهم إلا للضرورة، كما يمنع التجمعات في الأماكن العامة والخاصة.

وفيما يمس هذا القرار الأمن الاقتصادي والمعيشي لشريحة واسعة من اللبنانيين، يظل اللاجئون السوريون، بين الأكثر تضرراً، كما هي حال عبد الرحمن الحمد الذي يعيل والديه إضافة إلى زوجته وأبنائه الثلاثة. إذ يشعر، كما قال، بالعجز عن تأمين احتياجات أسرته “بعد أن توقف عملي، وانخفض دعم معظم الجمعيات التي تعمل في المخيم، [بالتزامن مع] ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني”.

وتمتد التداعيات الاقتصادية حتى إلى القاطنين خارج المخيمات، حيث يطالب صاحب المنزل الذي يقطنه اللاجئ صالح الأحمد في البقاع بإيجار المنزل، رغم حظر التجول. و”رغم أني طلبت منه أن يؤجل الدفع إلى حين فك حظر التجول”، كما ذكر الأحمد لـ”سوريا على طول”، فإنه “رفض ذلك، وأعطاني مهلة إلى منتصف نيسان إما أن أدفع أو أن أسلم مفاتيح منزلي”.

الكراهية والتمييز مجدداً؟

مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في لبنان، في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد، تراجعت حدة خطاب الكراهية الذي ميز فئة غير قليلة من السياسيين اللبنانيين ومؤيديهم، لاسيما من أنصار حكم بشار الأسد في سوريا، نتيجة الانشغال بالأزمة والاحتجاجات. 

اليوم، تبدو الخشية من أن يؤدي الهلع من تفشي وباء “كورونا” إلى عودة ذاك الخطاب، وتعزيز ممارسات تمييزية ضد اللاجئين السوريين. 

فرغم تأكيد أحمد القصير، وهو صحافي سوري يقيم في طرابلس، لـ”سوريا على طول” تراجع خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين، لأن “الحكومة اللبنانية والمواطن يشعران على حدّ سواء بأن هذا الوقت صعب على الجميع”، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش، الخميس الماضي، عن أن “21 بلدية لبنانية على الأقل فرضت قيودا تمييزية على اللاجئين السوريين لا تُطبق على السكان اللبنانيين، كجزء من جهودها لمكافحة فيروس كورونا المستجد”.

كذلك، أحال وزير الصحة اللبناني، في 30 آذار/مارس الماضي، إلى النيابة العامة التمييزية، قضية امرأة سورية توفيت بعد رفض عدة مستشفيات استقبالها.

إزاء كل ذلك، كما قال اللاجئ عبد الرحمن الحمد، فإن “الموت قد لا يأتينا من كورونا ولكن من تداعياته علينا”.

شارك هذا المقال