4 دقائق قراءة

بعد أن ظلت عصية لسنوات: شمس المعضمية تأفل من بعيد في عيون 1600 في طريقهم إلى إدلب

أكثر من 1600 شخص في معضمية الشام، ركبوا الحافلات، ونُقلوا […]


20 أكتوبر 2016

أكثر من 1600 شخص في معضمية الشام، ركبوا الحافلات، ونُقلوا شمالاً إلى محافظة إدلب، كجزء من اتفاقية المصالحة مع النظام، ليجسدوا رابع إخلاء من المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، خلال الشهرين الماضيين.

وتوصل المفاوضون الممثلون للثوار في معضمية الشام، والتي تبعد 7 كم جنوب غرب العاصمة، إلى اتفاق مع النظام في أوائل أيلول ليسمحوا للحكومة باستعادة السيطرة على المدينة. وجاءت الإتفاقية بعد أربع سنوات من الحصار، عاشت البلدة خلالها تحت وطأة الجوع والقصف والهجوم بغاز السارين في عام 2013 الذي قتل المئات.

ويقول محمود الخطيب، مفاوض معارض، “الاهالي، الآن مصدومون بمواجهتم الحقيقة بالخروج أو بالعودة لسيطرة النظام بعد مرور أعوام على الثورة”.

وتحت بنود هذه الإتفاقية، فثوار الجيش الحر، وأيٍ كان من الأهالي ويرفض المصالحة مع الحكومة السورية، يتم إخلاؤه، إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، في شمال سوريا. وبعد ذلك تعود مؤسسات الدولة إلى البلدة، ويتم رفع الحصار.

 والاتفاق يجعل معضمية الشام، البلدة الرابعة، في ريف دمشق التي يُخرج الثوار والأهالي فيها إلى شمال سوريا، خلال الشهرين الماضيين، بعد الاستسلام للنظام. وحدثت اتفاقيات وعمليات إخلاء مماثلة في الأسبوع الماضي، في الهامة وقدسيا، البلدتين الشقيقتين في غرب دمشق، وداريا، والتي تقع جنوب شرق المعضمية، في آواخر آب. 

وصرح أحد أهالي المدينة، ممن اختار البقاء وطلب عدم ذكر اسمه، “إنها رسالة لشعوب الأرض عنوانها إياكم أن تفكروا بالتغيير فمصيركم هو هذا المصير إما القتل والأسر والتهجير وخيارات الموت المفتوحة”.

 

معضمية الشام، صباح الأربعاء. حقوق نشر الصورة لـ محمد نور

وتأخرت عملية الإخلاء في معضمية الشام لأسابيع،،إذ أنه لم يكن هناك اتفاق يسمح للثوار حمل أسلحتهم الخفيفة معهم وهم يغادرون البلدة، وفق ما قال اثنان من المفاوضين المعارضين، لسوريا على طول، الثلاثاء.

وعادت اتفاقية الإخلاء من جديد في هذا الأسبوع، وبعد أن سمح النظام للثوار بحمل البندقية أو المسدس أو القناصة بشرط “سلاح واحد لكل شخص فقط وبالنسبة للقناصات يُسمح بواحدة أو اثنتين في القافلة كلها”.

وفي الساعة السابعة، في يوم الأربعاء، تجمع 1000 ثائر و2000 مم المقيمين في البلدة الذين سيغادرونها ومعهم اصطف أحباؤهم، واحتشدوا جميعاً على مقربة من الباصات الـ70 التي ستقلهم نحو الشمال.

وبث أهالي المعضمية والشبكات الإخبارية المعارضة تسجيلات مباشرة في صباح الأربعاء للحشد الكبير الذي يجمع مئات الأهالي في البلدة، والتي كانت يوماً رمزاً لصمود المعارضة. وتظهر الفيديوهات الأهالي وهم يعانقون بعضهم قبل الرحيل، ورجل في منتصف العمر يحمل حزمة بطانيات ملفوفة، والأطفال وهم يجرون الحقائب والثوار وبنادق الكلاشينكوف نائمة على أكتافهم. والبعض أتى ليغادر والبعض آتى ليقول وداعاً للراحلين. ووقفت نساء المدينة سدا أمام المغادرين وطلبن منهم الرجوع عن قرارهم، وفيما بعد نزل عدد منهم حتى من الباصات لقناعتهم انهم ليسوا على القرار الصحيح.

أسباب البقاء، وأسباب الرحيل

الخيار ما بين الرحيل إلى إدلب، التي تحكمها الفصائل الإسلامية والمعرضة للقصف المستمر من روسيا والنظام أو البقاء في معضمية الشام والعودة إلى سيطرة النظام ترك الأهالي في “انقسام”، وفق ما قال مفاوض معارض. وحالياً، بقي أكثر من 40000 نسمة.

إلى ذلك، قال داني قباني، ناشط إعلامي شاب، من معضمية الشام، لسوريا على طول الأربعاء، “قررت الخروج لأننا ككل سنجبر على الخنوع والركوع للنظام، بعد كل ماقام به النظام بحق أهل المدينة”.

وبعد أن سويت الإتفاقية وتحدد موعد الخروج، قال قباني “ذهبت لأزور للمرة الأخيرة قبر أبي ولكنني لم أستطع المكوث عند قبر والدي لوداعه سوى لحظات طلبت منه خلالها الرضا وأخبرته أني لن أحيد عما أردنا أن نكون عليه”.

وفيما بعد، ومن إحدى الباصات، نشر قباني صورة لأفول شمس المدينة من بعيد وكتب “وينفطر القلب عند رؤية معضمية الشام من بعيد”.

وفرصة أن تحظى بحياة طبيعية بعد أربع سنين من الحصار، هي التي دعت أهالي معضمية الشام للبقاء, ومن بينهم ياسين القلموني، أب في الأربعين من العمر.

 

أطفال من المعضمية وهم ينتظرون ركوب الباصات إلى إدلب، الأربعاء. حقوق نشر الصورة لـ عدنان مصطفى الشيخ

“سنوات من الحصار المفروض علينا و لم تتوصل الفصائل العسكرية لحل وكل يوم يموت أطفالنا جوعاً وقصفاً، وليس باليد حيلة سوى الخروج للحفاظ على من تبقى من أطفالنا على قيد الحياة وليس سهلاً أن تترك أرضك و بيتك”.

محمد، شاب مقيم في المعضمية في 33 من العمر، قال لسوريا على طول، “عملت على توثيق انتهاكات النظام بحق المعضمية وشبابها ونقل أوجاعها وألامها”، وهذا يمكن أن يعرضه لانتقام النظام. ورغم ذلك فهو باقٍ، فهو وحيد أمه الأرملة والمسنة ويريد أن يلازمها.

“أعلم أن البقاء بكل مايحمله من خوف وقهر، لايساوي شيء أمام قهر والداتي وبعدي و قررت البقاء واستعد لأصعب النتائج”.

نور وهو ليس اسمه الحقيقي، وعمره 15عاماً واختار البقاء أيضاً، وقال لسوريا على طول، “لكل إنسان حقيقي دور الذي لا يمكن أن يسده مخلوق آخر ومكاني في هذا البلد ولن يسده سواي”.

وختم “من اختار البقاء هنا اختار الجحيم ومن اختار الرحيل اختار الجحيم”.

شارك هذا المقال