5 دقائق قراءة

بعد مغادرتهم الوعر إلى جرابلس: مدنيون يعودون إلى الحي بسبب الظروف المعيشية في المخيمات

كان فواز بين عشرات السوريين، من أهالي حي الوعر، أقلتهم […]


10 مايو 2017

كان فواز بين عشرات السوريين، من أهالي حي الوعر، أقلتهم حافلة إلى مسقط رأسهم في حمص، في السابع من أيار، بينما كان صحفيون يصورون محافظ المدينة وهو يرحب بالعائدين.

مضى أكثر من شهر على مغادرته وزوجته وطفليه، على متن حافلة مماثلة، منزلهم في حي الوعر، وربما بشكل دائم حينها، حيث توجهوا إلى مخيم في شمال سوريا، في مناطق سيطرة فصائل المعارضة المدعومة من الجانب التركي.

وغادر فواز البالغ من العمر 32 عاما وعائلته حي الوعر في 27 آذار، إلى جانب 2000 مقاتل ومدني باتجاه جرابلس، كجزء من اتفاقية تمت بوساطة روسية وتنص على خروج المقاتلين من آخر معقل تسيطر عليه المعارضة، في حمص، بالإضافة إلى خروج أي مدني يرغب بذلك.

وتوقع فواز، المعلم السابق، أن تكون الحياة في جرابلس أفضل بكثير من الحياة في الحي المدمر في حمص، والذي بقي محاصرا لسنوات حتى استسلامه في آذار.

ولكن عندما وصل فواز إلى المخيم، في ضواحي جرابلس، حيث مكان الإقامة الجديد للعائلة، لم يجد فواز خياما أو مرافق طبية مجهزة أو أية مرافق صحية.

يقول فواز لمراسل سوريا على طول محمد الحاج علي، أن طفليه أصيبا بأمراض في الجهاز الهضمي بسبب المياه وظروف المخيم غير الصحية.

وعندما ساءت حالتهم، بدأ فواز بإجراءات العودة من خلال أحد سكان المخيم، والذي يتواصل مع مسؤول لدى النظام.

وذكرت وسائل الإعلام الموالية للنظام عودة فواز وعدد من العائلات من مناطق سيطرة المعارضة، في الشمال، إلى حي الوعر. وقال محافظ حمص، طلال البرازي، في تصريح لوكالة “سانا” في 7 أيار، إن رغبة الشعب في البقاء في حمص هي دليل على أن “الدولة هي الضامن الوحيد لكرامة المواطن السوري”.

كيف كانت الفترة التي عشتها في جرابلس؟ وهل تطابق ما وجدته هناك مع توقعاتك؟

كانت فترة سيئة جدا بكل تأكيد، عند وصولنا لم يكن هناك مرافق صحية أو مراكز طبية. وأيضا لم يكن هناك أي خيم، وانتظرنا ليومين حتى وصلت الخيم. بعد ذلك بدأت الأمراض بالانتشار بين سكان المخيم.

توقعنا الخروج إلى مكان أفضل من الوعر، لكن للأسف كان أسوأ بكثير، من تحت الدلف لتحت المزراب!

وكنا نتوقع توفر بعض الخدمات الأساسية مثل المرافق الصحية ومركز طبي. أردنا مكانا أفضل من الوعر بقليل فقط، لكن المكان مشابه للوعر لا كهرباء ولا ماء.

محافظ حمص، طلال البرازي، يستقبل العائدين من جرابلس في 7 أيار. تصوير: سانا

حدثنا عما فكرت به عند اتخاذ قرار العودة إلى مدينة حمص مع عائلتك؟

بدأ أطفالي يمرضون. وكان السبب هو المياه والمرافق الصحية، وعانوا طول اليوم من الإسهال والاستفراغ. والعيادة الطبية الموجودة لا تعطي سوى مسكنات للآلام، ولا تفي بالغرض.

كما أنه لا يوجد أية منظمة أو جمعية تسأل عن حال هذا المخيم. كان الوضع هناك يزداد سوءاً. وكان هناك وعود بأنه سيتم نقلنا إلى مدرسة أو مركز إيواء لكن لم يتم تنفيذ هذا الشيء.

إلا أن السبب الرئيسي (لعودتي) هو مرض أطفالي، فحالتهم كانت تسوء كل يوم دون أي تحسن، أنا خرجت من حي الوعر كي لا أفقدهم. لذلك قررت العودة إلى هناك على الأقل لأسكن في منزل من جدران وسقف ويكون هناك مرافق صحية جيدة، وفي مكان مأهول بالسكان، وتتوفر فيه أبسط الخدمات.

غطت سانا وعدة وسائل إعلامية تابعة للنظام عودة بعض العائلات من جرابلس إلى الوعر، وقال محافظ حمص طلال البرازي في تصريح لسانا، في 7 أيار، إن رغبة الناس في البقاء في حمص هي دليل على أن “الدولة هي الضامن الوحيد لكرامة المواطن السوري”. هل أنت متفق مع ذلك؟ أمضيت في حمص يومين حتى الآن، هل هناك أية مؤشرات لما ستكون عليه حياتك المستقبلية في المدينة؟

لا أعرف ما أقول. بعض الناس يتهموني الآن بأني خائن. وعدت إلى النظام السوري، لكن كل هذا لا يهمني الآن.

بدأ أطفالي بالذهاب إلى المدرسة. كما أنني أقيم الآن في منزل واسع ويوجد فيه أهم الخدمات الأساسية.

(استأجر فواز منزلا مؤقتا في الوعر بينما يبحث عن سكن دائم. ويقول فواز لسوريا على طول أن المنزل الذي كان يعيش فيه هو وأسرته في السابق دُمر بسبب قصف النظام للمنطقة المحاصرة سابقا).

وقام الهلال الأحمر بتوزيع بعض الاحتياجات الأساسية كأثاث المنزل والمواد الغذائية والملابس. سوف ابدأ بالبحث عن عمل الآن. ومن الممكن أن أعود للتدريس في أحد المدارس القريبة.

وأعتقد أن الحياة هنا ستكون أفضل من جرابلس، بغض النظر عن أن النظام السوري هو من يسيطر هنا، كل ما يهمني الآن أن تبقى عائلتي في أمان.

في 7 أيار، عدت أنت و36 من السكان الآخرين، ممن كانوا غير راضين عن ظروف مخيمات جرابلس، إلى منطقة الوعر. كيف قمتم بترتيب إجراءات العودة إلى حمص؟

سمعت عن عودة عدد من العائلات إلى الوعر، قبل بضع أسابيع، من الذين خرجوا إلى جرابلس. بدأت البحث عن عائلات من أقاربي وأصدقائي ممن يريدون العودة.

(أقلت حافلات سكان المخيم الراغبين بمغادرة جرابلس إلى حمص، خلال الأسبوع الأول من شهر أيار. وقالت وكالة الأنباء السورية سانا في 7 أيار أن “خمس عائلات، 21 شخصا من بينهم 12 طفلا، عادت إلى الوعر بعد أن غادرت الوعر إلى جرابلس”).

وكان هناك شخص أخبرنا بأنه يقوم بالتواصل مع مندوب من النظام السوري، وسوف يقوم بترتيب كل الأمور التي نحتاجها للعودة، ولم يكشف لنا عن هذا المندوب.

وتضمنت الإجراءات تسهيل عبورنا على حواجز النظام السوري، ووجود باصات تنقلنا إلى داخل حي الوعر. وبالفعل اتبعنا الإجراءات التي أخبرونا بها، ووصلنا إلى الحي وكان المفتي ومحافظ حمص باستقبالنا.

أما بالنسبة لطريق العودة فلا أستطيع الحديث عنه لأسباب أمنية.

في الأسابيع الماضية، أعددت نفسك وعائلتك لمغادرة منزلك في مدينة حمص، ثم انتقلت إلى مخيم في جرابلس في ريف حلب الشمالي، ثم عدت إلى حمص. كيف أثرت هذه التجربة عليك وعلى عائلتك نفسيا وعاطفيا؟

تجربة سيئة للغاية، خلال هذه الأسابيع لم نشعر بطعم الراحة؛ ففي الوعر كنا نتعرض للقصف والحصار، وعندما بدأت عمليات الإجلاء كنا نشعر بالخوف من الاعتقالات أو التفجيرات أو أي شيء من هذا القبيل خلال طريقنا إلى جرابلس.

وبعد أن وصلنا (إلى جرابلس) كان هناك نقص في كل شيء، كنت طول الفترة بحالة خوف على أطفالي، وأذهب بهم طوال الوقت إلى المركز الطبي دون جدوى. وتوجب علي أيضا تأمين مستلزمات عائلتي من ماء وطعام. كان الوضع مأساوي جدا.

وحتى الآن بعد عودتنا إلى الوعر، لا نشعر بالأمان، لكن نبقى في مدينتا ويوجد بعض الخدمات الأساسية. وأكثر ما يهمني هو أن يبقى أطفالي في أمان وبعيدا عن الأمراض ونقص الطعام. أنا أعيش حياتي من أجلهم فقط ولا يهم ماذا يحصل لي فقط أحاول أن أجعلهم سعداء.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال