4 دقائق قراءة

تراجع التمويل الدولي يهدد اللاجئين السوريين إلى الأردن بفقدان أساسيات الحياة

بحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الأردن، فإنه حتى 31 آذار/ مارس الماضي، تم تأمين ما نسبته 1.6% فقط من مبلغ 2.4 مليار دولار المطلوب لتنفيذ خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية.


بقلم ليز موفة

23 مايو 2021

عمان- مع التراجع الحاد في التمويل الدولي الخاص باللاجئين سوريين، يجد نحو مائتي ألف لاجئ إلى الأردن أنفسهم في مواجهة خطر فقدان المعونات الغذائية مع نهاية أيار/مايو الحالي، إضافة إلى احتمالية إيقاف برامج مساعدات إنسانية مهمة أخرى. 

إذ بحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الأردن، فإنه حتى 31 آذار/ مارس الماضي، تم تأمين ما نسبته 1.6% فقط من مبلغ 2.4 مليار دولار المطلوب لتنفيذ خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية. علماً أنه يتم تحديث الوضع التمويلي بشكل ربع سنوي.

وعادة، يكون الدعم الدولي المقدم فعلاً أقل من المبلغ المطلوب، إلا أنّ نسبة 1.6% السابقة تبدو ضئيلة بشكل كبير مقارنة بما تم تأمينه من تمويل خلال السنوات السابقة، وفقاً لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تواصل معها “سوريا على طول”. فمع نهاية العام 2020، تم دعم خطة الاستجابة الأردنية بمبلغ يزيد عن 1.1 مليار دولار، أو ما يعادل نسبة 49% من التمويل المطلوب لذلك العام.

وقد يكون لفجوة التمويل الكبيرة هذه تأثيراً شديداً على تقديم المساعدات الأساسية والخدمات الحيوية لأكثر من 665,000 طالب لجوء سوري مسجلين في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن. إذ تأثرت بذلك وكالات الأمم المتحدة الثلاث الكبرى الداعمة للاجئين السوريين في الأردن، كما تواجه المنظمات غير الحكومية حالة من الضبابية بشأن مقدرتها على تمويل نشاطات جديدة في المستقبل. 

في اجتماع تنسيقي للشؤون الإنسانية عُقِد نهاية آذار/ مارس الماضي، ذكر برنامج الأغذية العالمي (WFP) أنه يعاني من “نقص حاد في التمويل”، محذّراً من أن ذلك سيؤثر على قدرته على تقديم المساعدات الغذائية لأكثر من 500,000 مستفيد شهرياً.

واستطاع البرنامج تأمين تمويل حتى نهاية أيار/ مايو الحالي، إلا أنه ما يزال بحاجة إلى 64 مليون دولار لتلبية الاحتياجات المتوقعة، وفق ما ذكرت دارا المصري، المتحدثة الإعلامية باسم برنامج الأغذية العالمي في الأردن لـ”سوريا على طول”.

و”تمثل مساعدات برنامج الأغذية العالمي هذه شريان الحياة لنصف مليون لاجئ يقيمون في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك مخيمات اللاجئين السوريين والمجتمعات [المحلية]”، أضافت المصري. و”إذا لم نتمكن من جمع أموال إضافية، فقد يؤثر نقص التمويل على جميع اللاجئين الذين يٌساعدهم برنامج الأغذية العالمي”.

كما أثارت منظمة اليونيسف التي تتولى توفير خدمات المياه والصرف الصحي في المخيمات مخاوف مماثلة في أواخر آذار/ مارس الماضي، محذرة من أنها قد تضطر إلى تقليص خدماتها في المخيمات بحلول حزيران/يونيو المقبل بسبب فجوة تمويلية قدرها 9.2 مليون دولار.

ورغم أنه “ما يزال دعم تمويل الخدمات الحيوية من قبيل المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية” (WASH) بالمخيمات قضية في منتهى الأهمية”، كما قالت ممثلة اليونيسف في الأردن، تانيا شابويزات، لـ”سوريا على طول”، إلا أن “الأولوية تتركز في تأمين الخدمات بالمخيم لأولئك الأكثر ضعفاً وستستمر بعدها في كل المخيمات”.

وفي تصريح لـ”سوريا على طول”، شدّدّت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن على خطورة النقص الهائل في التمويل، إلا أنها بدّدّت المخاوف من قطع المساعدات جذرياً ضمن برنامجها. 

“حصلنا؛ مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على تمويل بنسبة 22%، وهو [بالكاد] يتماشى مع السنوات السابقة”، وفق ما قالت المتحدثة باسم المفوضية في الأردن، ليلي كارلايل، لـ”سوريا على طول”، و”هو ليس بالمبلغ الضخم، إلا أنه كافٍ حالياً. ونتوقع أننا على الأقل في المفوضية سنتلقى تمويلاً أكبر خلال  الأشهر المقبلة”.

تراجع اهتمام المانحين بالاستجابة للأزمة السورية

تمثل تحديات التمويل جزءاً من توجه إقليمي أوسع. إذ إن الاستجابة للأزمة الإنسانية في سوريا تتم بتوجيه التمويل عبر آليتين رئيستين. أولاهما، خطة الاستجابة الإنسانية السورية (HRP)، والمخصصة للمشاريع الطارئة في سوريا. أما الثانية، فتتمثل في الخطة الإقليمية للاجئين وتعزيز قدرتهم على الصمود (3RP)، وتشمل العراق والأردن و لبنان وتركيا ومصر.

وقد تعهدّ المانحون في مؤتمر بروكسل الخامس حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، والذي تم عقده في آذار/مارس الماضي، بتقديم 4.4 مليار دولار استجابة للأزمة السورية في العام 2021 (وتتضمن تعهدات تتعلق بالخطة الإقليمية للاجئين وتعزيز قدرتهم على الصمود (3RP)، وخطة الاستجابة الإنسانية السورية، ومتطلبات ثالثة). وهو أقل من العام السابق بـ 1.1 مليار دولار. 

وبحسب مديرة قسم المناصرة والتواصل في منظمة “الرؤية العالمية” (World Vision)،  ألكسندرا ماتي: “بتنا نشهد فعلياً التزاماً أقل حيال الأزمة السورية، وهذا يدعو للقلق”. مشيرة في حديثها لـ”سوريا على طول” إلى أن “المملكة المتحدة والولايات المتحدة خفضتا حجم تمويلهما للأزمة السورية بمجملها [في مؤتمر بروكسل الخامس]”.

وقد تم تمويل الخطة الإقليمية للاجئين وتعزيز قدرتهم  على الصمود (3RP) بنسبة 9.3% فقط. وهذه الفجوة سينعكس تأثيرها على جميع البلدان التي تشملها الخطة، بما فيها الأردن. 

وخلال مناشدات التمويل السنوية، كانت التزامات المانحين حيال الاستجابة الإقليمية لسوريا تتناقص نسبتها باطراد بين العامين 2013 و2020. إذ وصلت مستويات التمويل لخطة الاستجابة (3RP)، وفقاً لنظام التتبع المالي للأمم المتحدة، إلى 53% بنهاية 2018 و 42% بنهاية 2019 و39% بنهاية 2020.

الاحتياجات المتزايدة في خضم “كورونا”

أسفرت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عن عبء إضافي. إذ “ينصب تركيز المانحين الحكوميين المعتادين على الداخل بشكل أكبر؛ أي على سكان بلادهم”، كما أوضحت كارلايل، وبذلك “يقللون ميزانيات المساعدات الإنسانية”. 

ومع زيادة الاحتياجات وانخفاض التمويل، تم تهميش بعض القطاعات الخاصة باللاجئين التي تُعتبر غير ملحة أو لا تتأثر كثيراً بمرور الوقت.

“الأمر الذي نشهده [منذ بدء الجائحة] هو الارتفاع الحاد في حجم المخاطر الذي يتعرض له الأطفال وعمالة الأطفال، لاسيما التسرب من المدارس وعدم قدرة الأطفال على الحصول على التعليم الأساسي بسبب نقص التجهيزات التقنية وضعف كفاءة المعلمين [للتعلم عن بعد]”، بحسب ماتي. لافتةً إلى أن القطاع التعليمي هو من ضمن القطاعات الأكثر تضرراً بجائحة “كوفيد-19”.

والآن، فإنه حتى الخدمات الأساسية الأولية من قبيل تأمين المياه والمساعدات الغذائية معرّضة للخطر رغم ما يعانيه اللاجئون من ضيق فرص العيش. فمعظم اللاجئين يعملون بنظام المياومة في القطاع غير الرسمي، وهو القطاع الأكثر تأثراً بالإجراءات الوقائية المفروضة لاحتواء الوباء. 

وكما أشارت المصري، فإن “مساعدات برنامج الأغذية العالمي هي المصدر الوحيد حالياً لـ16% من العائلات، وتؤمِّن نحو 60% من متوسط دخل الأسرة اللاجئة”. مضيفة: “نظراً إلى كيفية تدهور وضع الأمن الغذائي للعائلة حتى مع تلقي المساعدات من برنامج الأغذية العالمي، فإن عواقب نقص التمويل على تلك العائلات ستكون وخيمة”. 

حالياً، ومع مرور نصف العام تقريباً، تسعى الهيئات الإنسانية بشكل حثيث وتحت وطأة ضغط كبير لتأمين تمويل إضافي. إلا أن  جهود كل من مفوضية شؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي لم تثمر حتى الآن، كما ذكرا. 

وعليه، “ستقوم جميع الوكالات بالنظر في كيفية إعادة ترتيب أولويات التمويل الذي نملكه للأنشطة الجوهرية، عوضاً عن تطبيق برامجنا [جميعها]”، كما قالت كارلايل. 

تم نشر هذا التقرير أصلاً باللغة الإنجليزية، وترجمته إلى العربية فاطمة عاشور.

شارك هذا المقال