4 دقائق قراءة

تنظيم الدولة يغلق آخر مدرسة لـ”الأونروا” في مخيم اليرموك والأهالي مابين منهاج “الخلافة” أو المغادرة

أغلق تنظيم الدولة المدرسة الوحيدة المتبقية في مخيم اليرموك التابعة […]


27 سبتمبر 2016

أغلق تنظيم الدولة المدرسة الوحيدة المتبقية في مخيم اليرموك التابعة للأنروا، الأسبوع الماضي، تاركاً أكثر من ألف طالب أمام خيارين؛ إما حضور مناهجه المتشددة أو متابعة التعليم خارج المخيم.

وأغلق تنظيم الدولة مدرسة الجرمق بعد أن رفض مدرسيها أن يعلموا مناهج التنظيم المتزمتة، وفق ما قال أهالي المخيم لسوريا على طول، الأسبوع الماضي. وكانت الجرمق فيما سبق تضم نحو 90% من الأطفال الذين هم في سن الدراسة في مناطق المخيم الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة.

وقال عمر القيصر، ناشط في مخيم اليرموك، إن “التنظيم يريد أن يتحكم بالجانب التعليمي ويمنع أي مؤسسة تعليمية أن تعمل إلا بإشرافه واتباع منهاجه”.

ويقع مخيم اليرموك فقط على بعد خمسة أميال جنوب العاصمة دمشق، وكان أكبر مخيم للاجئين الفلسطينين في سوريا، وكان الحي الذي يعج بالحياة والناس يأوي أكثر من 100 ألف لاجئ فلسطيني مسجل في الأمم المتحدة قبل 2011.

واليوم، لا يتجاوز عدد السكان الذين يقيمون داخل المخيم 8000  بعد حصار النظام لثلاثة أعوام وحكم تنظيم الدولة منذ ما يقارب 18شهراً، والذي أجبر عشرات ألاف الأهالي على مغادرة منازلهم.

طلاب مخيم اليرموك ببداية العام الدراسي لسنة 2015. حقوق نشر الصورة لمدرسة الجرمق

وبعد أن سيطر تنظيم الدولة على مساحات واسعة في مخيم اليرموك في نيسان 2015،   توقفت المنظمات الإنسانية التي كانت تمول المدارس داخل مخيم اللاجئين الفلسطينين عن دعمها أو أنها قلصت من حجمه.

ورغم ذلك، استمر معلمو مدرسة الجرمق بالتدريس تطوعاً، ودونما رواتب واعتمدوا على المناهج القديمة التي قدمتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أنروا).

وحتى صيف 2015، لم يتدخل تنظيم الدولة بعمل المدرسين واتباعه الخطة المنهجية التي رسمتها الأنروا.

وفي شباط، ذكر مدرس في مخيم اليرموك، لسوريا على طول، أن تنظيم الدولة “لا يتدخل بالعملية التعليمية أبداً”.

أطفال في مخيم اليرموك. حقوق نشر الصورة لـ مخيم اليرموك نيوز

إلا أن السياسة التي كان  ينتهجها التنظيم في رفع يده عن التعليم نسبياً، مالبثت أن تغيرت جذرياً في شهر تموز الماضي، حين أخبر عناصر تنظيم الدولة المدرسين المحليين أن مدرسة المخيم الوحيدة غير الخاضعة لتنظيم الدولة لن يسمح لها بالإفتتاح مالم تلتزم بالمنهاج الجديد لتنظيم الدولة.

وبين القيصر أن “التنظيم يعتبر اليرموك أرض خلافة ولا يسمح لأي جهة خارجة عن مبايعته بالعمل الفردي في مناطق سيطرته”.

ورفض مدرسو المخيم الخضوع في بداية السنة الدراسية الجديدة، رغم العرض الذي قدمه التنظيم في أن يدفع الرواتب في المدرسة للمرة الأولى منذ سنين.

وأوضحت مدرسة في المخيم موقفهم، وطلبت عدم ذكر اسمها، “لن نُشترى بالمال والرواتب لنعلم الأطفال منهاجاً مفروضاً علينا، فمنذ البداية كان لنا رسالة انسانية وليس همنا مادياً”.

ورداً على ذلك، أغلق تنظيم الدولة مدرسة الجرمق التي تضم 1300 طالب.

ويسيطر تنظيم الدولة على ثلثي مخيم اليرموك، فيما تدير جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) الجزء المتبقي وذلك بعد معارك دامية دارت بينهما في ساحة المخيم في الشهور الأولى من هذه السنة.

ومع إغلاق مدرسة الجرمق، لم يتبق في أراضي المخيم الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة سوى مدرستين للطلاب البالغ عددهم نحو 1500، فيما يدير عناصر تنظيم الدولة مدرستين تفصلان مابين الصبيان والبنات وتعتمدان على خطة عمل مصممة دينياً تركز على المواضيع التي يصادق عليها التنظيم فقط.

وبالإضافة إلى ذلك، تشرف جبهة فتح الشام على مدرسة في مناطق سيطرتها، إلا أن الحركة بين الطرفين داخل المخيم مستحيلة فعلياً حالياً.

و”ألغى التنظيم مواد أساسية مهمة على أساس أنها علمانية، وفرض مواد جديدة” وفق ما قال القيصر، لافتاً إلى أن “المدرسين في مدارسه ليسوا أصحاب كفاءات وإنما انضموا لأجل الرواتب التي يعد التنظيم  بدفعها لهم”.

وبالتالي، لم يبق للأهالي سوى خيارين فيما يتعلق بتعليم أطفالهم: إما أن يخرجوا من المخيم لتدريسهم ويخاطروا في أن لا يسمح لهم بالعودة أو أن يبقوا في المخيم ويدخل أطفالهم في المدارس الخاضعة لتنظيم الدولة.

وبعد أن أغلق التنظيم مدرسة الجرمق بأسبوع، اختارت مئات العوائل في اليرموك الإنتقال إلى البلدات المجاورة، مثل يلدا وببيلا في المناطق التي يطوقها النظام جنوبي دمشق، وفق ما ذكرت مواقع إعلامية معارضة، الأسبوع الماضي.

وقال نور الدين الخطيب، إعلامي في مخيم اليرموك “الأهالي المحاصرين تحملوا كافة الظروف التي مر بها المخيم من حصار وجوع وقصف وحرب وحاولوا جاهدين التمسك بالمخيم والبقاء في بيوتهم وعدم التخلي عنه لكن الآن مثل هذه الخطوة (إغلاق الجرمق) للأسف جعلت الناس تغادر وهذه المرة دون رجعة”.

وحالياً، يسمح التنظيم للعائلات بمغادرة المخيم لإرسال أطفالهم للتعلم في المدارس خارج المخيم، إلا أن الأهالي يخشون من تقييد حرية الحركة هذه في أي لحظة.  

ويبقى الخيار الوحيد بالنسبة لـ 6000 آلاف من ساكني المخيم في مناطق سيطرة تنظيم الدولة  أن يرسلوا أطفالهم إلى المدارس التي يديرها التنظيم.

وقال القيصر إن التنظيم يؤمن أن “الخلافة بالنسبة له هي المسألة الأولى في الأولوية بالنسبة لهم ولأطفالهم وجميع من حولهم، وسيصممون منهاجاً يعكس ذلك”.

ووسط القصف المتكرر للنظام والعجز الغذائي الذي يصل لمستوى المجاعة، الأمر الذي أودى بحياة أكثر من 100من أهالي المخيم منذ حصار المخيم، يقول المدرسون لطالما أن التعليم كان نافذة الأمل الوحيدة لأهالي المخيم في صمودهم وبقائهم.

وذكرت المدرِسة في المخيم لسوريا على طول أن “الأطفال في المخيم مبدعون وأن  نسبة المتفوقين من طلاب المخيم كانت عالية على مستوى سوريا ووصلت إلى 10% وكنا سعداء بهذا الإنجاز فهو السلاح الوحيد الذي كنا نقاوم به تنظيم الدولة”.

إلى ذلك، قال الإعلامي الخطيب “الآن وبعد أن احتملوا وقاسوا الكثير تأتيهم الضربة الموجعة في التعليم، الذي كان الأمل الوحيد المتبقي والذي جعل مابقي من أبناء المخيم متمسكين ببقائهم”.

واختتم “أخشى أن التعليم سيكون المسمار الأخير في نعش مخيم اليرموك”.

 

ترجمة: فاطمة عاشور

 

شارك هذا المقال