3 دقائق قراءة

حزب الله يحوّل مواقع مدنية في “مثلث الموت” إلى أهداف عسكرية إسرائيلية

عمان- رغم سنوات من المعارك التي شهدها "مثلث الموت" في جنوب سوريا، بين القوات الحكومة السورية والمليشيات الإيرانية المتحالفة معها، من جهة، وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، نجا منزل أبو حسن الجولاني من الدمار.


30 يوليو 2019

 

ماهر الحمدان وهادية البغا

 

عمان- رغم سنوات من المعارك التي شهدها “مثلث الموت” في جنوب سوريا، بين القوات الحكومة السورية والمليشيات الإيرانية المتحالفة معها، من جهة، وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، نجا منزل أبو حسن الجولاني من الدمار. 

لكن المنزل تحول إلى أثر بعد عين، عقب سنة من انتهاء الأعمال القتالية بسيطرة القوات الحكومية على كامل المنطقة في تموز/يوليو 2018.

أبو حسن كان قد عاد إلى قريته في محافظة القنيطرة، والقريبة من خط الهدنة السورية-الإسرائيلية، أواخر العام 2017، قادماً من السعودية، مفترضاً عودة الحياة الطبيعية، وإن تدريجياً، إلى مسقط رأسه، إنما ليفاجأ بسيطرة عناصر من حزب الله اللبناني على منزله، ورفضهم الخروج منه. وهو ما اضطره إلى الإقامة في منزل والده، كما روى لـ”سوريا على طول”.

مضيفاً أنه حتى مع دمار المنزل بشكل شبه كامل نتيجة الغارة الإسرائيلية مطلع الشهر الحالي، ما يزال عناصر حزب الله يرفضون إخلاء المنطقة المحيطة بالمنزل باعتبارها “منطقة أمنية” تخضع للحزب.

إعادة انتشار بين المدنيين

على امتداد السنوات الماضية التي شهدت قصفاً إسرائيلياً متواصلاً لمواقع داخل الأراضي السورية، تركز هذا القصف على أهداف عسكرية واضحة للقوات الحكومية السورية والمليشيات التابعة لها والمتحالفة معها. وهو ما يجعل القصف الإسرائيلي مطلع الشهر الحالي تطوراً ملفتاً، كونه شمل أهدافاً مدنية، وأدى، بحسب وسائل إعلام موالية للحكومة السورية ومعارضة لها، إلى مقتل 4 مدنيين وإصابة آخرين.

تفسير هذا التطور، بحسب مقيمين في منطقة “مثلث الموت” الذي يمثل عقدة وصل بين محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق، هو انتشار عناصر حزب الله اللبناني بين أوساط المدنيين في قرى الدناجي، والهبارية، وسبسبا، وسلطانة، التي تتوزع على المحافظات الثلاث.

إذ خلافاً لتقارير إعلامية تحدثت عن سحب حزب الله قواته “سراً” من دمشق وريفها والجنوب السوري، قال شاهد عيان من أبناء المنطقة، تحدث إلى “سوريا على طول” شريطة عدم الكشف عن اسمه الحقيقي لأسباب أمنية، أن “عناصر حزب الله انتشروا في منازل المدنيين في المنطقة بعد انسحابهم من النقاط والثكنات العسكرية المحيطة، والتي تعرضت للقصف الإسرائيلي أكثر من مرة”. لافتاً أن “الحزب حوّل بعض المنازل إلى نقاط أمنية”.

هذا الأمر أكد عليه أيضاً عضو في لجنة التفاوض التابعة لفصائل المعارضة في “مثلث الموت”، مع الحكومة السورية والضباط الروس. إذ “تضمنت اتفاقية التسوية الموقعة مع النظام العام الماضي”، بحسبه، بند “إخلاء القرى من القوات الإيرانية، وأن يقتصر الوجود العسكري على أطراف القرى، ممثلاً بقوات الحكومة السورية النظامية. لكن هذا لم يحدث”.

مستدركاً أنه “في بداية الاتفاق انسحبت القوات الإيرانية والمليشيات المدعومة منها من بعض المنازل، واحتفظت [بعدد من] المنازل الصالحة للسكن. لكن منذ منتصف العام الحالي عززت [هذه القوات والمليشيات] من انتشارها بين المدنيين بعد تعرض قواعدها وثكناتها العسكرية للقصف الإسرائيلي”.

لا سلطة تعلو على سلطة الحزب

تواجد عناصر حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران بين المدنيين، يتم عبر الاستيلاء على منازل لأبناء المنطقة، كما في حالة أبو وائل الذي عاد إلى قريته في ريف القنيطرة بعد خمس سنوات من اللجوء إلى لبنان، لكنه لم يتمكن من الإقامة في منزله الذي صار مسكناً لأحد قياديي حزب الله اللبناني.

وكما روى أبو وائل لـ”سوريا على طول”: “طلبت من حزب الله إخلاء منزلي، لكنهم رفضوا [بذريعة] أن تواجدهم في البيت لأسباب أمنية. وإذ كررت طلبي، فقد تم تحذيري من ذلك”.

إزاء ذلك تواصل مع أحد أعضاء لجنة التفاوض. لكن جاء الرد، كما قال: “لا يمكن إجبار مقاتلي الحزب على الخروج. [وما يمكن] فعله هو إبلاغ الجانب الروسي وقيادة الفرقة السابعة لتقديم المساعدة”. وهو ما قام به فعلاً، كما ذكر، لكن من دون حصوله على أي رد.

من جانبه، اعترف عضو لجنة التفاوض بأن “اللجنة لم يعد لديها أي دور في المنطقة بعد سيطرة النظام عليها، وإحكام القبضة الأمنية عليها”. مشيراً إلى أن “أزمة المدنيين في مثلث الموت تصاعدت بعد إجبار قوات النظام النازحين من أبناء المنطقة على إخلاء المناطق الحدودية في بريقة وبئر عجم [بريف القنيطرة]، والعودة إلى قراهم [الأصلية]، حيث يرفض حزب الله تسليم المنازل لأصحابها”.

وبحسب أبو وائل، الذي يعيش في بلدة لا يتجاوز عدد سكانها 3 آلاف نسمة قبل اندلاع الثورة السورية، فإن هناك نحو “15 منزلاً في البلدة يستولي عليها عناصر من حزب الله اللبناني وقوات عسكرية تابعة للواء 90”.

بالنتيجة، وإلى جانب استيلاء عناصر حزب الله على منازل المدنيين وتحويلها إلى نقاط عسكرية أو مساكن لهم، يعيش الأهالي حالة رعب جراء تصاعد الأخطار المحدقة بهم نتيجة “الغارات الإسرائيلية التي تضرب المنطقة ومحيطها كل أسبوعين تقريباً”، كما قال شاهد العيان.

 

تم إنجاز هذا التقرير ضمن مشروع مؤسسة سوريا على طول “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني” والذي ينفذ بالشراكة مع برنامج “دايركت إيد” التابع للسفارة الأسترالية في عمان.

شارك هذا المقال