10 دقائق قراءة

كيف تحولت السويداء إلى منطقة عبور للمخدرات إلى الأردن؟

يعود الدور الأكبر في انتشار تجارة المخدرات بمحافظتي السويداء ودرعا إلى العميد وفيق ناصر، الذي تم تعيينه رئيساً لفرع الأمن العسكري، إذ بعد عامين من وصوله صارت عملية تهريب المخدرات "أكثر تنظيماً".


12 مارس 2024

السويداء- يعيش أهالي قرى السويداء الحدودية حالة من القلق والخوف القادم من الأردن، البلد الذي ترخي المحافظة الجنوبية ظهرها عليه، ولم يرد اسمه على ألسن الناس طيلة السنوات الماضية عند الحديث عن أي مخاطر تهدد حياتهم، لكن منذ أشهر يقترن اسم عمّان بالضربات الجوية التي تلاحق تجار المخدرات، وتحصد في طريقها أرواح مدنيين.

شهدت قرية عرمان، في ريف السويداء الجنوبي، نزوح العديد من العائلات، بعد أن تعرضت القرية للقصف مرتين من أصل ثلاث ضربات نفذتها الأردن في كانون الثاني/ يناير الماضي، في إطار عمليتها ضد المتورطين بتجارة المخدرات داخل الأراضي السورية.

تسببت الضربة الثانية على عرمان، التي وقعت في 18 من الشهر ذاته، بمقتل ثمانية مدنيين بينهم أربعة نساء وطفلتين، وكان المستهدف في هذه الضربة مجدي الحلبي، أحد تجار المخدرات في قرية عرمان، لكن القصف أخطأه، وطال المنزل المجاور له، وهو ما “أعطى شعور لدى المدنيين بأن الضربات الجوية الأردنية لا تكترث بحياة الأبرياء”، بحسب مؤنس.

وفي التاسع من كانون الثاني/ يناير، وقع انفجار بالقرب من منزل مؤنس، ما أدى إلى “تحطم زجاج منزلنا”، وفقاً لمؤنس، أن “المستهدف من الغارة هو فارس صيموعة، أحد أكبر تجار المخدرات في المنطقة”، ولكن القصف “أخطأ المنزل وطال حظيرة الأغنام داخله، ما أدى إلى نفوق كامل القطيع”.

في ساعة الانفجار، شعر مؤنس بالحيرة “هل أبقى في المنزل أم أتركه خشية قصفه مرة أخرى”، وفي اليوم التالي، قرر النزوح مع كامل أفراد عائلته إلى مدينة السويداء “بحثاً عن مكان أكثر أماناً”، على حد قوله.

تفاعلت ساحة الكرامة -التي تشهد حراكاً مستمراً ضد النظام السوري منذ آب/ أغسطس 2023- مع القصف الأردني. في 19 من كانون الثاني/ يناير، أعلن ناشطون في السويداء الحداد على ضحايا القصف، مطالبين بضرورة تحييد المدنيين عن هذه الضربات.

وفي هذا السياق، وصف الحقوقي أيمن شيب الدين القصف الأردني بأنه “جريمة حرب ضد المدنيين”، وقال لـ”سوريا على طول” مستنكراً: “لم نسمع في العام كله أن ملاحقة تهريب المخدرات تكون عبر طائرات قتالية”، مطالباً بضرورة “محاسبة الأردن قضائياً كونها قتلت مدنيين، وإلزامها بالتعويض لذوي الضحايا، والتعويض عن جميع الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم”. 

في المقابل، لا ينفي شيب الدين انتشار “عصابات المخدرات” في محافظة السويداء، لكن هذه العصابات “رأسها النظام وليس المدنيين”، بحسب قوله.

صرح مسؤولون أردنيون مراراً بأن بلادهم تخوض “حرب مخدرات” على الحدود الشمالية، وفي مطلع 2022 أعلن الجيش الأردني تغيير قواعد الاشتباك. ومع ذلك، لم تعلن عمّان مسؤوليتها عن القصف الجوي الذي استهدف القرى الحدودية في ريف السويداء الجنوبي.

كيف وصلت السويداء إلى هنا؟

يعدّ ملف المخدرات أحد أكثر الملفات التي تشغل اهتمام الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، بعد أن أصبحت سوريا إحدى أكثر الدول تصنيعاً وتصديراً للمواد المخدرة وتهديداً لجارتها الأردن، التي تمر عبرها المخدرات إلى دول الخليج. في كانون الأول/ ديسمبر 2022، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن قانون تفويض الدفاع الوطني المعروف باسم “قانون الكبتاغون”، الذي تضمن “قانون مكافحة اتجار الأسد بالمخدرات وتخزينها”.

وفي سوريا برز اسم محافظة السويداء كحلقة من حلقات تجارة المخدرات وتصنيعها، تورط فيها العديد من الشخصيات المحسوبة على النظام السوري، من قبيل مجموعة راجي فلحوط، حيث وُجدت آلات ومكابس تصنيع حبوب الكبتاغون في مقره.

حاولت “سوريا على طول” تعقب مراحل انتشار ظاهرة المخدرات في السويداء. بحسب مصادر محلية متقاطعة، كان للعميد وفيق ناصر، الذي تم تعيينه رئيساً لفرع الأمن العسكري في السويداء، في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، الدور الأكبر في انتشار تجارة المخدرات في محافظتي السويداء ودرعا.

وبعد عامين من وصول ناصر إلى السويداء، صارت عمليات تهريب المخدرات “أكثر تنظيماً”، بحسب مهاب، قيادي في إحدى الفصائل المحلية، وتحديداً على يد أبو ياسين أحمد جعفر، الذي ينحدر من بصرى الشام، وتربطه علاقة قرابة ومصاهرة مع قياديين من حزب الله في لبنان.

وأضاف مهاب: “اشترى أبو ياسين مزرعة جنوب بلدة القريا، على بُعد حوالي 20 كيلومتراً من الحدود الأردنية، وأسس شبكة لتجارة وتهريب المخدرات، بالتعاون مع مجموعات البلعاس، التابعة لعشيرة البدو في المنطقة”، التي ينحدر منها جامل البلعاس، أحد المطلوبين للسلطات الأردنية، والمرتبط بالأمن العسكري، كما أنه شغل سابقاً مدير مكتب وفيق ناصر عندما كان رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية.

“استطاع أبو ياسين خلال عامين تحويل مزرعته إلى مكان لتصدير المخدرات والسلاح، بالتعاون مع شبكة من تجار المواشي والأغنام من الدروز والبدو”، بحسب مهاب، مشيراً إلى أن “المخدرات كانت تصل إلى مزرعة أبو ياسين مدعمة بحماية أمنية ومهمات عسكرية، ومن ثم يتم توزيعها على شبكات من البدو لنقلها إلى خارج الحدود السورية”.

في عام 2015، أقدمت مجموعة أهلية من بلدة القريا على مداهمة مزرعة أبو ياسين وألقت القبض عليه، ومن ثم سلمته مع المواد المخدرة المضبوطة إلى الأمن الجنائي في السويداء، ولكن بعد ساعات أطلق سراحه.

بعد ثلاث سنوات على حادثة اغتيال أبو فهد البلعوس، قائد حركة رجال الكرامة، التي وقعت في أيلول/ سبتمبر 2015، اختطف فصيل قوات شيخ الكرامة أبو ياسين جعفر، في آذار/ مارس 2018، الذي اعترف في شريط مصور بالتخطيط لاغتيال البلعوس، وأدلى بمعلومات عن إدارته لشبكة تهريب مخدرات تجاه الأردن ودول أخرى، قبل أن يتم تصفيته من الفصيل.

وذكر جعفر في التسجيل عدداً من الأسماء المتورطة في تهريب المخدرات، منها فارس صيموعة ومرعي الرمثان الذي تم استهدافهما من الطيران الأردني مؤخراً.

تزامن مقتل أبو ياسين جعفر، الذي كان يشكل عقدة المخدرات جنوب السويداء، مع تعيين اللواء كفاح الملحم، في تموز/ يوليو 2018، رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية خلفاً لوفيق ناصر. استطاع الملحم استمالة العديد من الفصائل المحلية والعصابات للعمل لصالحه، مقابل تقديم بطاقات أمنية لعناصرها تسمح لهم بالتنقل من دون تفتيش. 

وبعد عامين على تصفية أبو ياسين جعفر، أطلقت مجموعة عسكرية محلية تابعة للمخابرات العسكرية، يتزعمها ناصر السعدي، عملية ضد قوات “شيخ الكرامة”، باعتبارها من التشكيلات التي تقف في وجه النظام. في نيسان/ أبريل 2020، تم القضاء على فصيل شيخ الكرامة في مدينة صلخد، التي تبعد عشرة كيلومترات عن الحدود الأردنية، لتتحول المدينة بعد ذلك إلى مركز تتقاطع عندها شبكات التهريب، وتحول السعدي إلى أكبر تجار المخدرات المقربين من حزب الله اللبناني.

حلقات التهريب

تمر عملية تهريب المخدرات في السويداء عبر ثلاث حلقات، تتمثل الأولى في المجموعات التي تكون مهمتها التواصل مع المصنعين وتنقل إنتاجهم إلى السويداء، وأحياناً تشارك في عملية الإنتاج، كما في حالة “مجموعة راجي فلحوط”، التي تم القضاء عليها في تموز/ يوليو 2022، ومجموعة آل مزهر.

وتلعب الحلقة الثانية دور تأمين طريق المخدرات الذي يمر عبر السويداء إلى مجموعات البدو في القرى الحدودية، التي تقوم بدورها بتهريبه داخل الأراضي الأردنية، وتتمثل هذه الحلقة بمجموعة ناصر السعدي، التي تتعاون مع رئيس مفرزة الأمن العسكري محمد علي غالية، كما قال مصدر محلي من مدينة صلخد لـ”سوريا على طول”، مشيراً إلى أن مجموعة السعدي تؤمن الاحتياجات اللوجستية للبدو من “خبز وغذاء، بحيث تنقل 100 ربطة خبز يومياً إلى تجمعات البدو في قرية الشعاب”.

بعد تصفية أبو ياسين جعفر، تحول نشاط تجارة المخدرات في القرى الحدودية لفارس صيموعة في قرية عرمان، التي تعرضت للقصف الجوي الأردني، المحاذية لمدينة صلخد جنوب المحافظة.

صيموعة، الذي يمتهن تجارة المواشي في جنوب السويداء، صدرت بحقه عدة أحكام في فترة التسعينات بسبب عمله في التهريب، لكن بعد عام 2011 استخدمه النظام لصالحه، عن طريق العميد عصام زهر الدين، أحد قيادات الحرس الجمهوري الذي ينحدر من السويداء. 

أنشأ صيموعة شبكة من تجار المخدرات هدفها تأمين وصول المخدرات من داخل حدود المحافظة، إلى المهربين من عشائر البدو المنتشرين  على الجانب السوري من الحدود الأردنية.

وتتمثل الحلقة الثالثة من سلسلة تجارة المخدرات في السويداء بما يعرف بـ”الحمالة”، وهؤلاء مهمتهم اجتياز الحدود بحمولات المخدرات، وغالباً هم من بدو السويداء الذين يتواجدون في قرية الشعاب، ويتزعمهم مرعي الرمثان، الذي يرأس ميليشيا تابعة للأمن العسكري، شاركت في العديد من العمليات العسكرية لصالح النظام، ومنها الحملة ضد “قوة مكافحة الإرهاب” المناهضة للنظام.

قال أحد الذين عرض عليهم الرمثان العمل على نقل المخدرات إلى الأردن أن هناك “وسطاء على علاقة بالرمثان يجندون الشباب للنقل بين الحدود”، مشيراً إلى أن أعمار “الحمالة” “يتراوح بين 15 و25 عاماً، يتم تقسيمهم على مجموعات، كل مجموعة تضم من خمسة إلى سبعة أشخاص”، كما قال الشاب لـ”سوريا على طول”، طالباً عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية.

“يأخذ قائد المجموعة مبلغ 2500 دولار أميركي، أما العناصر يحصلون على 1500 دولار إذا استطاعوا إيصال الحمل إلى الجانب الآخر من الحدود”، بحسب الشاب، مشيراً إلى أن “الاتفاق يكون على قطع مسافة معينة، يصل الحامل إلى نقطة محددة يرمي حمله ويعود، وتتكفل مجموعة داخل الأراضي الأردنية بالباقي”.

وأضاف الشاب: “تخرج المجموعة من دون هواتف محمولة، وفي وقت يحدده قائد المجموعة، وقد تبقى المجموعة لعدة أيام تحت رهن إشارة القائد للانطلاق، وتلعب حالة الجو في تحديد الموعد، بحيث يمكن التواري عن أنظار حرس الحدود الأردني”.

ومن الجهة السورية، يبقى “نشاط حرس الحدود السوري شكلياً، ولا يظهر فاعليته في التصدي لشكبات التهريب بحسب الشاب”. لكن من وجهة نظر الجيش الأردني هناك “قوات غير منضبطة” في جيش النظام متورطة بدعم مهربي المخدرات والقيام بأعمال التهريب، واصفاً حدود الأردن مع سوريا بأنها “ضمن أخطر حدود المملكة حالياً”، كما جاء على لسان مدير مديرية أمن الحدود الأردني، العميد أحمد هاشم خليفات، في أيار/ مايو 2022.

غياب حكومي أم تواطؤ؟

رداً على استهداف عمّان شخصيات، داخل الأراضي السوري، متهمة بتهريب المخدرات إلى الأردن، اعتبرت الخارجية السورية أنه لا يوجد مبررات لمثل هذه الاستهدافات، وأن هذا التصعيد “لا ينسجم إطلاقاً مع ما تم الاتفاق عليه بين اللجان المشتركة من الجانبين حول التعاون المخلص لمكافحة كافة الانتهاكات بما في ذلك العصابات الإجرامية للتهريب والتجار بالمخدرات”، كما جاء في بيانها المنشور في 23 كانون الثاني/ يناير 2024.

لكن في الواقع، لم تتعامل دمشق بحزم مع ملف المخدرات أو لها يدّ في هذه التجارة. في أيلول/ سبتمبر 2021، اعتقل فرع أمن الدولة راجي فلحوط، وهو أحد أبرز قادة العصابات المدعومة من الأمن العسكري، المتهمة بعمليات الخطف وتجارة المخدرات، لكن بعد ساعات أفرج عنه. 

وعندما قضت حركة رجال الكرامة بمساندة أهالي السويداء في الحملة التي أطلق عليها “هبة أبناء الجبل ضد عصابات الخطف”، في تموز/ يوليو 2022، تم اكتشاف معمل لصناعة الكبتاغون في أحد مقراته، ومع ذلك لم يخرج النظام بأي توضيح رسمي، رغم أن فلحوط محسوب عليه.

اقرأ المزيد: وسط صمت النظام: اجتثاث “مجموعة فلحوط” التابعة للأمن العسكري في السويداء

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2022، اعتقل النظام مرعي الرمثان، الرأس الأكبر لشبكة عبور المخدرات، والذي سبق للأردن استهدافه، ولكن أيضاً بعد أيام أطلق سراحه. كذلك في منتصف 2023، أوقفت المخابرات العسكرية بدمشق مسؤول مفرزة الأمن العسكري (المخابرات العسكرية) بمدينة صلخد في ريف السويداء، وسط شكوك بأن توقيفه بسبب ارتباطه بمجموعات تهريب المخدرات، لكن بعد أيام أطلق سراحه أيضاً.

تعليقاً على ذلك، وصف المحامي أيمن شهاب الدين، المقيم في السويداء، هذه الاعتقالات أنها “صورية”، ويهدف النظام منها إلى “تحقيق مكاسب سياسية في عملية التطبيع العربي المتعثرة، عبر ادعائه بأنه يبذل جهداً في القضاء على ظاهرة المخدرات ومنع عبورها”.

المواجهات الأردنية ضد المهربين

حتى عام 2021، كان حرس الحدود الأردني يتعامل مع تهريب المخدرات إلى أراضيه عبر مطاردة المهربين وإجبارهم على الفرار باتجاه الأراضي السورية ويصادر المواد المخدرة، كما جاء في أكثر من تصريح رسمي.

لكن بعد مقتل ضابط أردني وإصابة ثلاثة جنود على يد مهربين مسلحين، في كانون الثاني/ يناير 2022، أعلنت الأردن تغيير قواعد الاشتباك المعمول بها في القوات المسلحة للتعامل مع الخطر القادم من حدودها الشمالية.

بعد شهر من “تغيير قواعد الاشتباك”، أي في شباط/ فبراير 2022، أعلنت الأردن عن مقتل 30 مهرباً وضبط 16 مليون حبة مخدرة. وفي ذلك، قال مدير مديرية الإعلام العسكري، العقيد مصطفى الحياري، أن تنفيذ قواعد الاشتباك الجديدة على الحدود “جاءت ثقيلة على المهربين”، مشدداً على أن “أي عنصر يدخل الساتر الحرام هو عرضة لهدف القوات المسلحة”.

وفي أيار/ مايو 2022، قتل الجيش الأردني أربعة مهربين على حدوده التي تربطه مع السويداء، ينحدر القتلى من قرية الشعاب، وينتمون إلى عشيرة الرمثان ويعملون لصالح مجموعة مرعي الرمثان، بحسب شبكة السويداء 24 المحلية.

وأشارت الشبكة في تقريرها إلى أن الجيش الأردني قتل أكثر من 50 مهرباً، 30 بينهم من عشائر السويداء، وهؤلاء يشكلون الحلقة الثالثة من حلقات التهريب إلى الأردن. 

وفي أيار/ مايو 2023، قُتل مرعي الرمثان مع سبعة من أفراد عائلته، بقصف أردني، وهو من أكبر المشغلين لشبكات العبور “الحمالة”، وبذلك اتبعت الأردن أسلوباً جديداً في المواجهة، يعتمد على ملاحقة المهربين داخل سوريا.

وفي آب/ أغسطس من العام ذاته، تعرض أحد معامل تصنيع المخدرات في الجنوب السوري لضربة جوية، ورغم أن الأردن لم تعلن عن تبني القصف الجوي، إلا أن العديد من المؤشرات والتصريحات تشير إلى أن الأردن وراء هذه الضربات، بعد أن لاحظت “قصوراً رسمياً سورياً في مكافحة تصنيع وتجارة المخدرات”.

بعد ذلك، انتقل الأردن إلى مرحلة ضرب الحلقة الثانية من حلقات التهريب، عندما واسع استهداف مشغلي مجموعات الحمالة، في كانون الأول/ ديسمبر 2023 وكانون الثاني/ يناير 2024، من قبيل قصف مزرعة تعود ملكيتها لناصر السعدي، المسؤول عن حماية شبكات التهريب وتأمين عملها، ومن ثم استهداف منزله في صلخد، وفي كلا الغارتين لم يتمكن الأردن من قتله.

وكان شاكر الشويعر، أحد المتهمين بتجارة المخدرات، من ضمن أهداف الغارات الأردنية، في كانون الأول/ ديسمبر 2023، عندما قصفت قرية أم شامة جنوب شرقي السويداء، لكنها لم تتمكن من القضاء عليه.

تسببت آخر ضربة جوية نفذتها الأردن، في كانون الثاني/ يناير 2023، بتعكير المزاج الشعبي في السويداء، المتضرر أصلاً من شبكات التهريب، لأن القصف أودى بحياة نساء وأطفال. وبدورها، أصدرت حركة رجال الكرامة في الشهر ذاته بياناً طالبت فيه الأردن بـ”وقف العمليات العسكرية ضد المواقع المدنية، والتحلي بالحكمة والبصيرة، وعدم تعريض علاقاتنا التاريخية للضرر. كما نطلب منها، توخي الحذر، كل الحذر، عند تنفيذ أي عملية، واطلاعنا على تحركاتهم العسكرية والتنسيق معنا”.

وطالبت الحركة في بيانها السلطات الأردنية تسليمها قائمة بأسماء المتورطين بتجارة المخدرات، المتواجدين ضمن السويداء، لتقوم الحركة بمساعدة القوى الأهلية بـ”ملاحقة أولئك، والتحقيق معهم، ومحاسبتهم إن أثبت تورطهم، بكافة الطرق والوسائل المتاحة، قانونياً وعشائرياً”.

بعد ذلك، أطلقت الحركة حملة عسكرية، في أواخر كانون الثاني/ يناير 2024، داهمت خلالها “عدداً من أوكار تجار المخدرات”، وأسفرت الحملة عن “إلقاء القبض على ستة أشخاص متورطين بجرائم مختلفة منها السلب والسرقة والاعتداء على الممتلكات والمخدرات”.

نفى مصدر في حركة رجال الكرامة وجود تواصل مباشر بين الأردن والحركة، فيما يخص حملتها العسكرية على الأرض، مشيراً إلى أن “الحركة بحاجة لدعم دولي ولكنه لم يحصل حتى الآن”.

وفي الثالث من آذار/ مارس الحالي، ألقت مجموعة أهلية في قرية مياماس بريف السويداء، القبض على شخصين كان بحوزتهما كمية من المخدرات.

ومع أن مبادرة حركة رجال الكرامة “لم يخرج ما يقابلها من الطرف الأردني”، كما قال المصدر لـ”سوريا على طول”، إلا أن المواجهات المحلية ضد مهربي المخدرات في الشهرين الأخيرين تسير وفق أهداف الأردن. ففي السادس من الشهر الحالي، قتل شاكر الشويعر، الذي سبق للأردن استهدافه بقصف جوي، أثناء اشتباك مع مجموعة محلية.

وقال مصدر محلي لـ”سوريا على طول”، شريطة عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية، أن مقتل الشويعر يأتي “في محاولة لتجنيب السويداء القصف الأردني من جديد”.

شارك هذا المقال