3 دقائق قراءة

حكومة دمشق تجبر مهجرين عائدين على دفع رسوم خدمات حرمتهم منها

عمان- بعد أشهر على تمكنها من العودة إلى مدينتها معضمية الشام في ريف دمشق الغربي، تقف سميرة محمد (اسم مستعار) عاجزة أمام الحاجة إلى تأهيل بيتها بحيث يعود صالحاً للسكن. إذ عدا عن تكاليف الترميم التي استطاعت بالكاد تأمينها بمساعدة أقاربها ومعارفها، فقد فوجئت بأنها مدينة لشركة الكهرباء بقيمة فواتير عن عدة سنوات سابقة، كانت الكهرباء مقطوعة خلالها بشكل دائم.


16 سبتمبر 2019

مروة محمد

 

عمان- بعد أشهر على تمكنها من العودة إلى مدينتها معضمية الشام في ريف دمشق الغربي، تقف سميرة محمد (اسم مستعار) عاجزة أمام الحاجة إلى تأهيل بيتها بحيث يعود صالحاً للسكن. إذ عدا عن تكاليف الترميم التي استطاعت بالكاد تأمينها بمساعدة أقاربها ومعارفها، فقد فوجئت بأنها مدينة لشركة الكهرباء بقيمة فواتير عن عدة سنوات سابقة، كانت الكهرباء مقطوعة خلالها بشكل دائم.

سميرة (29 عاماً) كانت قد نزحت من منزلها مطلع العام 2013، هرباً من قصف القوات الحكومية وحصارها للمدينة التي صارت ضمن معاقل فصائل من المعارضة. ورغم سيطرة القوات الحكومية والمليشيات المتحالفة معها على الغوطة التي تضم معضمية الشام، عقب قصف مكثف تبعه إبرام اتفاق مع فصائل المعارضة في المنطقة، في تشرين الأول/أكتوبر 2016، يقضي بخروج مقاتليها، ما تزال سميرة غير قادرة على “الاستقرار في منزلي والاستغناء عن الإيجار الذي أرهقني لسنوات”، كما قالت لـ”سوريا على طول”، كونها لا تستطيع إعادة التيار الكهربائي إلى منزلها “قبل دفع فواتير متراكمة بقيمة 270 ألف ليرة سورية [428 دولار أميركي تقريباً]”.

ولا تجد سميرة تفسيراً لمستحقات شركة الكهرباء، كون المنزل “مقطوعة عنه الكهرباء منذ حصار النظام للمدينة، ولم يصل التيار الكهربائي حتى بعد سيطرة النظام عليها”، معتبرة أنه “حتى لو كان المبلغ المستحق مجرد رسوم شهرية عن السنوات الماضية، فإنه لا يحق للشركة المطالبة به لأنها قطعت الخدمة طيلة السنوات الماضية”.

لكن عدم قدرة سميرة على سداد فواتير الكهرباء التي لم تصل أصلاً إلى منزلها، لا يعني فقط حرمانها من هذه الخدمة الحيوية إلى أمد غير معلوم، بل أيضاً “تعطل إجراءات ومعاملات قانونية أخرى”. إذ إن “براءة الذمة من مستحقات الشركات الخدمية الحكومية كالكهرباء والمياه، أشبه بهوية أمنية في جيب المواطن السوري، يجب إبرازها في أي دائرة حكومية أخرى” بحسب وصفها.

وأكدت رواية سميرة عائلات أخرى تحدثت إلى “سوريا على طول”، إذ واجهت الواقع ذاته لدى عودتها إلى منازلها في ريف دمشق الغربي وكذلك جنوب سوريا، بعد سيطرة القوات الحكومية على المنطقتين.

إذ أجبرت شادية المعضماني (32 عاماً)، من معضمية الشام أيضاً، على دفع فواتير صادرة عن شركة الكهرباء بقيمة 165 ألف ليرة سورية [262 دولار تقريباً] عن سنوات الحصار التي قطع فيها التيار الكهربائي عن المدينة. معللة ذلك بأنه “لا يمكن إعادة وصل الكهرباء والمياه من دون تبرئة الذمم السابقة. هذا عدا عن اشتراط دوائر الدولة الأخرى وجود براءة ذمة الكهرباء لإتمام معاملاتهم”.

القيد يبدو أكثر إحكاماً في حالة موظفي الحكومة ممن نزحوا من منازلهم، بحسب ما أكد لـ”سوريا على طول” أبو سيف الزايد، الموظف الحكومي من بلدة خربة غزالة بريف درعا.

وكانت الحكومة سمحت لأهالي خربة غزالة بالعودة إلى بلدتهم منتصف العام 2018، بعد حرمان من ذلك قرابة خمس سنوات. فرغم وقوع البلدة تحت سيطرة القوات الحكومية منذ العام 2013، فإنها كانت خالية من أهلها، بعد أن تم تحويلها إلى مساكن للقوات الحكومية.

إذ كان تسديد فواتير الخدمات التي لم يستفد منها خلال فترة نزوحه، شرطاً لإعادة الزايد لوظيفته في القطاع العام، مستفيداً فقط من تقسيط قيمة الفواتير المتراكمة عن تلك الفترة.

المواطن يعوّض خسائر الدولة

في صيف 2018 استعادت القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها سيطرتها على مساحات شاسعة في وسط سوريا وجنوبها، إذ سيطرت على الغوطة الشرقية، وجنوب دمشق، ومحافظتي القنيطرة ودرعاً جنوباً.

وفيما استغلت الحكومة ذلك للترويج لانتهاء الصراع، وتشجيع عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم، يكشف الواقع عجزاً حكومياً اقتصادياً قد يفضي إلى أزمة متفاقمة.

في هذا السياق، شهدت مناطق سيطرة الحكومة السورية بداية العام الحالي استياء من زيادة تقنين الكهرباء في وقت يُفترض فيه حدوث العكس بسبب انحسار العمليات العسكرية، ووعود حكومية بتحسين الخدمات، كما استعادة القوات الحكومية السيطرة على آبار نفط وغاز كانت فقدتها خلال السنوات الماضية.

وإلى جانب الخسائر التي عانى منها قطاع الكهرباء في سوريا خلال السنوات الماضية، والمقدرة بنحو 4 مليارات دولار أميركي، بحسب ما ذكرت وكالة سبوتنيك الروسية، فإن سيطرة القوات الحكومية على مناطق شاسعة، مترافقة مع العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأميركية، ساهما في كشف العجز الحكومي.

وفيما تواصل حكومة دمشق تقنين الكهرباء في مناطق سيطرتها، تلفت تقارير صحافية لمواقع موالية للحكومة إلى “قيام جباة [محصلو] مؤسسة الكهرباء بزيادة العدادات كل عدة أشهر وإجراء قراءة واحدة لعدة دورات مما ينتج عنه صدور فواتير مرتفعة”.

في ظل واقع خدمي سيء يعيشه الأهالي في مناطق الحكومة السورية، فإن سميرة المحمد وقعت في عجزين، عجز تأمين متطلبات الحياة، وعجز عن إبراء ذمتها لدى الحكومة، لاسيما وأن زوجها “أصيب بجلطة دماغية وغير قادر على الحركة، ويجب أن أتحمل كل هذه الأعباء لوحدي”.

 

تم إنجاز هذا التقرير ضمن مشروع مؤسسة سوريا على طول “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني” والذي ينفذ بالشراكة مع برنامج “دايركت إيد” التابع للسفارة الأسترالية في عمان.

شارك هذا المقال