4 دقائق قراءة

حلب: ورشة عمل تبحث سبل دعم المعتقلات بعد خروجهن من السجن

اعتقل أكثر من 117 الف سوري، منذ بداية الثورة عام […]


18 مايو 2016

اعتقل أكثر من 117 الف سوري، منذ بداية الثورة عام 2011، معظمهم من قبل قوات النظام، حسب تقديرات الشبكة السورية لانتهاكات حقوق الإنسان. وعلى الأقل 7100 من هؤلاء المعتقلين هم من النساء.

كما أن صورة المرأة المعتقلة في المجتمع السوري، هي عبارة عن امرأة مغتصبة كما يراها الجميع. لكن العار في المجتمع لا يقع على المغتصب، إنما على الضحية. وهذا هو حال المجتمع الذكوري الأبوي، الذي يربط شرف العائلة بفضيلة النساء.

والآلاف من النساء اللواتي تم وصمهن بالعار أو عزلهن ضمن المجتمع بعد الخروج من السجن، كن ضحية للاعتقال التعسفي دون أن يكون لهن أي ذنب، بينما عدد قليل من هؤلاء النساء يرفعن أصواتهن من أجل تغيير نظرة المجتمع تجاه المعتقلات.

وقال محمد زكريا أمينو، نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب، لسوريا على طول “عندما يخرج الرجل من السجن، تقام الاحتفالات من أجله، ويتم ذبح الخراف، وعندما تخرج المرأة، ينظر الناس اليها على أنها مصيبة”.

وفي الشهر الماضي، أقام المعهد السوري للعدالة، وهو منظمة غير حكومية، مقرها حلب، لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، ورشة عمل بالتعاون مع المجلس المحلي لمدينة حلب، لدراسة أفضل سبل دعم المعتقلات بعد الإفراج عنهن.

المهدية عجم، مديرة مكتب المرأة في المجلس المحلي لمدينة حلب المعارضة، وهي أرملة وأم لطفلة، كانت واحدة من المتحدثين. وقالت عجم “إننا ندعو الى تغيير نظرة المجتمع تجاه المعتقلات”.

وأضافت “يرى المجتمع من حولي، أن الاعتقال دمر مستقبلي، وأصبحت منبوذة”.

محمد زكريا أمينو، نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب، وعضو في العهد السوري للعدالة وحقوق الإنسان، وناشط حقوقي.

 

ما التحديات التي تواجهها المرأة الناجية من الاعتقال؟ وهل هناك أطباء نفسيين لدعمهم؟
لا أحبذ استخدام مصطلح: ناجية من الاعتقال، بل هي ضحية في المجتمع ولو خرجت من إطار الاعتقال، فمجرد دخول سجون النظام وتعرض المعتقلات إلى عنف جسدي نفسي… الخ، يدفع المجتمع إلى النفور منهن، ويدفعهن إلى الانعزال وعدم الانخراط في المجتمع نظرا لما تعرضن له سابقا، لذلك كان لابد من عقد هكذا ورشات تهتم بهن وتدعمهن ليعودوا إلى الحياة من جديد.

نعم هناك طبيبات وأخصائيين نفسيين واجتماعيين لمعالجتهم ودعمهم.

ماذا الذي تناولته الورشة؟ وهل شاركت معتقلات ناجيات فيها؟

تناولت شرحا مبسطا لأحكام قانون الدولة “القانون السوري”، وقرارات مجلس الأمن التي توجب وتفرض حماية المعتقلات وأسرى الحروب، وكذلك الشروط الواجب توافرها في السجون وشروط معاملتهم وفق القوانين. كما تم عرض تجربة الناجيات داخل سجون النظام وظروف الاعتقال والحالة النفسية التي تخرج بها ونظرة المجتمع لها والتفريق بينها وبين الرجل الناجي (حيث يحتفل بخروج الرجل وتدبح له الذبائح أما عندما تخرج المراة ينظرون لها كمصيبة).
نعم شاركت في الورشة معتقلتان ناجيتان و4 معتقلين، كما تم التواصل مع معتقلات ومعتقلين سابقين في سجون النظام ليشاركوا في هذه الورشات لنطلع على ما يلزم المعتقل من دعم من خلال تجاربهم الشخصية.

المهدية عجم، 45 عاما، اعتقلت مرتين من قبل النظام، وشاركت في ورشة عمل في نيسان. وهي مديرة مكتب المرأة في المجلس المحلي لمدينة حلب المعارضة.

 

كيف اعتقلت ولماذا؟

كنت من أوائل نساء المدينة اللواتي شاركن بالمظاهرات وأنا أقطن حاليا في المناطق المحررة، اعتقلت مرتين في المرة الأولى كنت مضطرة للخروج إلى مناطق سيطرة النظام في حلب، لاستلام مبلغ من المال ورثته ابنتي عن أبيها، وتم اعتقالي بتهمة التحريض على الإرهاب والخروج بمظاهرات وشتم الرئيس، دام اعتقالي خمسة أيام وخرجت بعدها بعفو من الرئيس، باعتباري من المغرر بهم بحسب العفو، ولكن في الاعتقال الثاني تم اقتيادي عندما كنت ذاهبة لاسترجاع الراتب بعد انقطاعه فكانت الحجة بأنهم يملكون تقرير يثبت أنني على تواصل دائم ومباشر مع إرهابيي حلب على حد قولهم، فبقيت مدة شهرين رهن الاعتقال وعانيت الكثير داخل السجن،  ومن ثم تم الإفراج عني بعد محاولات يائسة منهم لأعترف بما نسب لي من اتهامات ولكنني بقيت مصرة على موقفي كما أن حالتي الصحية كانت مزرية جدا.

كيف كان وضع النساء في السجن وكيف تمت معاملتهم خلال فترة وجودك؟

كانوا يطلبون منا أن نزودهم بمعلومات تخص الفصائل داخل المناطق المحررة، وكان يتم تهديدنا بأخذنا إلى فرع الجوية إن لم نتكلم (فرع الجوية المعروف بأن الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود)، وبالنسبة لي كنت أكذب عليهم وأقول بأنني كنت وحيدة في البلدة وليس لي أقارب، وقد هددنا الإرهابيون بالقتل إن لم نشارك بالمظاهرات.

وضع النساء صعب جدا نفسيا وجسديا، هناك حالات مرضية كثيرة. فانا أساسا أعاني من الروماتيزم والسكر والضغط، وفي المعتقل أصبت باحتشاء في القلب، وعند استدعاء الطبيب كان جوابه: لما بتفطس حطوها بالزبالة.

فكان كل شخص مريض له نفس الدواء والعلاج، حتى النساء الخالية من الأمراض أصيبت داخل المعتقل بأمراض عديدة، منها القمل والجرب، بسبب انعدام أبسط أنواع النظافة الشخصية.
أما عن الطعام والماء، فكان سيئا للغاية وغير صحي،  فالخبز يابس والماء نشربه من الحمام.
وبالنسبة للتعذيب، فكان على البساط والكهرباء والدواليب والضرب بأصابع السيليكون.
ماهي الصعوبات التي واجهتك لحظة الخروج من المعتقل؟ وهل كان من السهل الرجوع والانخراط بالمجتمع؟

أول مشكلة واجهتني بعد خروجي من المعتقل كانت طلب أهلي مني البقاء في المنزل ومنعي من الخروج، حتى لا يلومنا الناس ويتكلمون في سمعتنا، فبنظر المجتمع حولي باعتقالي قد قضي على مستقبلي وأصبحت منبوذة من الناس حولي.

لم يكن سهلا الانخراط بالمجتمع، ولكن ذلك يعود لإرادة الشخص ليتحدى كل الضغوطات وينطلق من جديد، فبعد خروجي من المعتقل بقيت مدة سنة في المنزل تاركة وظيفتي كمدرسة، ومن ثم قدمت لمسابقة منصب مديرة مكتب المرأة في المجلس المحلي ونجحت وتم تعييني.

برأيك ماذا تحتاج المعتقلة بعد خروجها من السجن؟
تحتاج إلى استعادة  ثقتها بنفسها وتوازنها كي تعود لممارسة حياتها الطبيعية من جديد وتندمج بالمجتمع حولها، والدعم النفسي لمعالجتها مما آل إليه حالها من حالة نفسية  صحية وجسدية صعبة حتى تتوازن.

ما هي مطالبك من المجلس المحلي كناجية؟ وماذا تطالبين المجتمع؟
نحتاج كمعتقلات ناجيات دعما ماديا، لنعيش حياة كريمة، خاصة المعتقلات اللواتي خرجن بإعاقات بسبب التعذيب الوحشي الذي تعرضن له، حيث أصبحت الناجية منبوذة، ولا تصلح لأن تعمل في أي مجال.

كما نطالب بتغيير نظرة المجتمع للمعتقلات بنشر حملات توعية لتقبل الناجية لأنها ضحية وبطلة في نفس الوقت، وأن يفخر المجتمع بها لا أن يزدريها.
ما أثر دعم مجلس على الحالة النفسية؟ وما مدى هذا التاثير؟
المجلس المحلي لم يقدم أي شيء حاليا للمعتقلات، والورشة التي قمنا بها لدراسة الإمكانيات والحلول التي يمكن تقديمها للناجيات.

 

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال