4 دقائق قراءة

خبير اقتصادي سوري: رواتب الموظفين الحكوميين لا تكفيهم أسبوعا

ازدادت الفجوة ما بين تكلفة المعيشة ومعدل دخل العائلة السورية […]


1 أبريل 2016

ازدادت الفجوة ما بين تكلفة المعيشة ومعدل دخل العائلة السورية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام إلى أكثر من الضعف منذ عام 2011، وفق دراسة أجرتها صحيفة الوطن الموالية للنظام.

وبحسب الدراسة فإن “أهم المنعكسات الاقتصادية للأزمة تتمثل في انخفاض الطلب الفعال، نتيجةً للارتفاع العام لمستوى الأسعار وتفاقم نسب التضخم”.

قبل الحرب، كانت رواتب الموظفين، “لا تكفي لنصف الشهر، ربما لا تكفي اليوم إلا الأسبوع الأول منه”، وفقا لما قال إياد الجعفري، محلل اقتصادي ومحرر بموقع اقتصاد: مال و اعمال السوريين، لمحمد الحاج علي، مراسل سوريا على طول.

ماذا يعني الارتفاع الكبير بتكلفة المعيشة؟ مقابل عدم ارتفاع دخل العائلة وفق الدراسة التي أجرتها صحيفة الوطن؟

يعني ببساطة، وبلغة الأرقام، حسب الدراسة المشار إليها، أن تكلفة المعيشة التي كانت في العام 2011، ثلاثة أضعاف متوسط الأجور لأصحاب الدخل الثابت والمحدود، وانها أصبحت اليوم أكثر من 6.5 ضعف.

أي أن السوريّ الذي كان يحتاج إلى ثلاثة أضعاف متوسط الأجور بسوريا، عام 2011، كي يعيش حياة كريمة، يحتاج اليوم إلى 6.5 أضعاف متوسط الأجور.

ما هي أهم العوامل التي تسببت بارتفاع تكلفة المعيشة من 30 ألف ليرة سورية في الشهر إلى 171 ألف ليرة خلال فترة الحرب؟

الحرب ذاتها التي تؤدي إلى تردي النشاطات الاقتصادية، وتدمير الكثير من البنى الاقتصادية، الخاصة والعامة، وما يعنيه ذلك من خسائر مادية، ناهيك عن عدم القدرة على القيام بنشاطات اقتصادية طبيعية في ظروف الحروب، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى عدم اكتمال الدورة الاقتصادية بالصورة الطبيعية المعتادة، وما يعنيه ذلك من بطالة عالية، وارتفاع في أسعار السلع، وتدن كبير في قيمة العملة المحلية، وبالتالي ارتفاع تكاليف المعيشة مقابل تدني الأجور.

هل تعتقد أنّ هذه الأرقام واقعية، وإن لم تكن، فما هي الأرقام التي تعتبرها أنت صحيحة؟

دون شك هي أرقام واقعية، إن لم تكن أقل من التكاليف الفعلية للمعيشة بسوريا اليوم، ذلك أن قيمة الـ171 ألف ليرة، التي تحدثت عنها الدراسة، هي اليوم 360 دولار، أي أن الـ171 ألف ليرة اليوم تساوي حوالي 17 ألف ليرة بمعايير العام 2011، أي من يصرف اليوم على بيته بسوريا شهرياً 171 ألف ليرة، كمن كان يصرف 17 ألف ليرة عام 2011.

وتستطيع أن تقدر أن 17 ألف ليرة كانت حد وسطي مقبول، بالحدود الدنيا، للمعيشة بسوريا عام  2011.

برأيك، كيف يتدبر المواطن السوري تكاليف المعيشة، مقارنة بدخله الذي لا يتناسب معها؟

يختلف الوضع بين أصحاب الدخل الثابت كالموظفين الحكوميين وبين أصحاب الدخل المحدود وبين أصحاب المهن الحرة والحرفيين، فالفئة الأخيرة بطبيعة الحال رفعت أجورها بصورة تتناسب مع الأسعار والتكاليف الحالية، تبقى المشكلة لدى الموظفين الذين أصبحت رواتبهم، التي كانت في العام 2011 لا تكفي لنصف الشهر، ربما لا تكفي اليوم إلا الأسبوع الأول منه.

لكن كما تعلم، معظم موظفي الدولة في سوريا يعملون أعمالا أخرى بعد الظهر  لتأمين ما يغطي تكاليف معيشتهم. دون أن ننسى، للأسف، أن بعض موظفي الدولة يستفيدون من الرشاوي والفساد الشائع في دوائرها ومؤسساتها، كما نعلم.

لدينا أيضاً العاملين في القطاع الخاص، الذين عادة ما ترتفع أجورهم مع الزمن بصورة أسرع، من موظفي الدولة.

بمعنى آخر، فإن الدخل ارتفع لبعض الشرائح تماشياً مع متوسط الأسعار الرائجة، لكن ذلك لا ينفي أن معظم شرائح المجتمع السوري باتت مضطرة لضبط إنفاقها، والتركيز على الأساسيات، وحذف كل ما يرتبط بالترفيه، أو حتى ما لا يُحتسب على قوائم الحاجات الأساسية، ولا ينفي ذلك أيضاً أن شرائح كبيرة من المجتمع السوري فشلت في تأمين مصادر دخل تتناسب مع ارتفاع أسعار السلع الرائجة، الأمر الذي جعلها تدخل في خانة الفاقة والفقر.

وحسب بعض مراكز البحث المتخصصة، فإن أكثر من نصف السوريين في الداخل دخلوا خانة الفقر المدقع.

هل حاول النظام السوري أن يقوم ببعض الخطوات للحد من هذه المشكلة؟

لا يبدو أن النظام يحاول القيام بخطوات جدية للحد من تدهور معيشة السوريين، إذ أن خطوات حكومة النظام خلال العام 2015 كانت حافلة بقرارات رفع الدعم عن الوقود والسلع الأساسية، الأمر الذي ساهم بالمزيد من التدهور المعيشي.

أما زيادات الرواتب التي يقوم بها النظام من حين لآخر فتكون تافهة مقارنة بزيادات الأسعار، ناهيك عن أنها عادة ما تؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار في الأسواق، بحيث تنعكس محصلتها سلباً على معيشة السوريين.

ما هي التبعات التي تنتج عن هذا الموضوع، وكيف يمكن للنظام مواجهتها؟

لا يبدو أن النظام السوري مهتم جدياً بمعيشة السوريين، فهو يراهن على ضبط الخاضعين له بالقوة العسكرية والأمنية. أما الشرائح المقربة منه، فيخصها النظام بسبل للتكسب، منها مثلاً: توظيف “ذوي الشهداء” من أنصاره، وفتح الباب للمرتزقة في مليشيات “الدفاع الوطني”، للترزق على خطوط التهريب بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة النظام، ناهيك عن تكسب هذه الفئة من البلطجة على الناس والتجار وحمولات نقل البضائع على الحواجز التي تقبع داخل المدن، وعلى الطرق الرئيسية التي تربط بينها.

وفي نهاية المطاف، أبرز ما يهم النظام، هي معيشة هذه الفئة، أقصد الفئة التي تقاتل إلى جانبه، أما أولئك المستضعفين الخاضعين لسيطرته في المدن والبلدات السورية الكبرى، فلا يهمون النظام، لأن الأخير يعلم أنه قمعهم بقوة السلاح والترهيب، فلن يخشى من ثورتهم عليه، بسبب الجوع، حسب ظنه.

برأيك، هل ستتفاقم المشكلة في السنوات القادمة؟ ام أنها وصلت الى الحد الاقصى؟

دون شك، سيزداد التدهور المعيشي كلما امتدت سنوات الحرب والصراع المسلح، وكلما تدهورت الليرة وتردت النشاطات الاقتصادية، وقد يصل الأمر إلى حالات من المجاعة والفاقة التي سبق أن شهدنا مثلها في دول من العالم، كالصومال مثلاً.

ما هو الدور الذي تلعبه العقوبات الاقتصادية على ارتفاع الأسعار؟

رغم أن العقوبات الغربية على النظام السوري لا تتعلق باستيراد المواد الغذائية، مراعاة لمعيشة الناس، لكن لا بد أن لها تأثير، لكنه محدود، فالتأثير الرئيس الذي يؤدي إلى تدهور معيشة الناس، هو استمرار الصراع المسلح والحرب، والتدمير المرافق لها.

 

ترجمة : فاطمة عاشور

شارك هذا المقال