3 دقائق قراءة

شمال غرب سوريا: الكلام عن التهدئة والأفعال للتصعيد 

إن "الأسد يريد من روسيا دعم عملياته في إدلب، بما يسمح له بالاستيلاء على منطقة جبل الزاوية بالكامل جنوب الطريق السريع M4، فيما الجماعات المتطرفة في إدلب ستكون هذه فرصتهم للبقاء على قيد الحياة".


5 أغسطس 2020

عمان- عززت محاولات التقدم والتسلسل التي نفذتها القوات الحكومية والمليشيات المتحالفة معها، خلال الأيام الثلاثة الماضية، على محوري تل كبانة والحدادة في جبل الأكراد شمال محافظة اللاذقية، المخاوف من تصعيد عسكري قريب ربما يكون حاسماً ويستهدف آخر مناطق خفض التصعيد الروسية-التركية-الإيرانية، والتي تشمل محافظة إدلب وريف اللاذقية الشمالي. لاسيما وأن تلك المحاولات الفاشلة التي أدت إلى عشرات القتلى والجرحى من طرف القوات الحكومية وحلفائها، قد تلتها أو رافقتها غارات للطيران الروسي على المنطقة، على الرغم من الحديث عن مفاوضات روسية-تركية للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار شمال غرب سوريا، والذي توصل إليه الطرفان في آذار/مارس الماضي. 

وفيما اعتبر الخبير السياسي وعضو المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيمينوف، أن موسكو وأنقرة جادتان بشأن “إيقاف العملية العسكرية وعدم الذهاب إلى التصعيد”، إلا أن روسيا تطالب تركيا لتحقيق ذلك “بإنشاء حزام آمن بطول 12 كيلومتراً على طول الطريق السريع M4 [اللاذقية-حلب] بدلاً من ستة كيلومترات. والمشكلة أن أنقرة لا تمتلك هذه القدرة، وقد فشلت في تطهير هذه المنطقة من الجماعات المتطرفة، كما قال لـ”سوريا على طول”، مضيفاً أن “روسيا تصر على توفير تركيا الشروط اللازمة للجيش الروسي للانتشار في الوقت الحالي على شريط بطول ستة كيلومترات جنوب M4”.

إذ بحسب اتفاق آذار/مارس، تقرر إقامة ممر آمن بعمق ستة كيلومترات شمال وجنوب M4، وتسيير دوريات روسية-تركية على الطريق. وفيما لم تتمكن أي من هذه الدوريات من استكمال مسارها المقرر حتى 7 تموز/يوليو الماضي، فقد تبع ذلك استهداف دورية روسية-تركية مشتركة بعبوة ناسفة، في 14 تموز/يوليو، تسبب بإصابة ثلاثة جنود روس إلى التصعيد الحالي من إرسال حشودات عسكرية وقصف متتالي على الشمال السوري، واتهم المركز الروسي للمصالحة “المسلحين في إدلب يقفون وراء استهداف دورية روسية – تركية مشتركة بعبوة ناسفة”. وتسبب الاستهداف بإصابة ثلاث جنود روس.

تقطيع أوصال

خلال تموز/يوليو الماضي وحده، وثق الدفاع المدني السوري “أكثر من 110 خروقات من قبل قوات النظام وحليفها الروسي” لاتفاق وقف إطلاق النار الروسي-التركي، أدت “لمقتل 6 أشخاص، وإصابة 30 آخرين بينهم 10أطفال و6 نساء، وتركز القصف على قرى جبل الزاوية ومدينة أريحا جنوبي إدلب وقرى سهل الغاب غربي حماة”.

كذلك، تم خلال الأسبوع الماضي، كما قال لـ”سوريا على طول” الناطق الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتحرير، النقيب ناجي مصطفى، رصد وصول تعزيزات للقوات الحكومية، تضم الفرقة 25 ولواء القدس الفلسطيني ومقاتلين من حزب الله اللبناني. كما وصلت أسلحة جديدة ومتطورة مثل المدفعية الطويلة، ومدفعية سميرتش وأكاتسيا التي تتمتع بقدرة تدميرية وتفجيرية كبيرة.

لكن يبقى التطور الملفت هو الرد الروسي على استهداف الدورية المشتركة مع القوات التركية، والذي تمثل بقصف مدينة الباب شمال محافظة حلب، والخاضعة للنفوذ التركي، ما تسبب في قتل مدني وجرح 11 آخرين.

على الطرف المقابل، تواصل تركيا إرسال تعزيزات عسكرية إلى شمال غرب سوريا، كان آخرها في 2 آب/أغسطس الحالي، بحيث ارتفع مجموع القوات التركية في المنطقة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى ما يزيد عن 12 ألف جندي.  

في السياق ذاته، نفى مصطفى ما تداولته مواقع إخبارية عن مفاوضات تركية-روسية لتسليم موسكو معبر باب الهوى شمال سوريا، مؤكداً “عدم وجود أي مفاوضات على تسليم أي محور أو معبر، إنما هناك مفاوضات لوقف التصعيد وتأمين مناطق خفض التصعيد وضمان عدم تكرار أي اعتداء على الدوريات [الروسية-التركية]”.

وبحسب سيمينوف، فإن “الأسد والجماعات المتطرفة يستفيدون من الخلافات [بين تركيا وروسيا]”. موضحاً أن “الأسد يريد من روسيا دعم عملياته في إدلب، بما يسمح له بالاستيلاء على منطقة جبل الزاوية بالكامل جنوب الطريق السريع M4، فيما الجماعات المتطرفة في إدلب ستكون هذه فرصتهم للبقاء على قيد الحياة”.

في خضم معركتين

وفقاً للمتحدث العسكري باسم هيئة تحرير الشام، أبو خالد الشامي، تشير العمليات العسكرية الأخيرة إلى “اقتراب المعركة”، كونها تتماشى مع الأسلوب الذي “تتبعه ميليشيات الأسد والمحتل الروسي دائماً”، كما قال لـ”سوريا على طول”. كاشفاً عن “رفع الجاهزية لدى مقاتلينا بعدة معسكرات تدريبية، وإعادة ترتيب وتوزيع القوات البشرية والنارية بما تتطلبه الظروف الحالية”.

من جانبه، فسر مصطفى “محاولات النظام التقدم على محور جبل الزاوية ومناطق جبل الأكراد والحدادة والكبانة”، بكونها تهدف إلى “تقطيع أوصال المنطقة”.

لكن مع اشتداد القصف على قرى أرياف إدلب الجنوبية والغربية ومناطق سهل الغاب في ريف حماة الغربي، شهدت هذه المناطق نزوحاً للمدنيين، لكن “ليس بنسب كبيرة”، بحسب مدير المكتب الإعلامي في مديرية الدفاع المدني بإدلب، أحمد الشيخو. معللاً ذلك بالخوف من فيروس كورونا. 

إذ “مع انتشار الوباء في إدلب، يخشى المدنيون النزوح إلى المخيمات التي تشهد اكتظاظاً سكانياً وبالتالي فرصة انتشار العدوى بشكل أكبر، ما دفع المدنيين للمخاطرة بحياتهم والبقاء تحت القصف”، كما أضاف لـ”سوريا على طول”. مشيراً إلى أنه “خلال ثلاث أيام مضت، قصفت قوات النظام قرى جبل الزاوية بـ92 صاروخاً و53 قذيفة مدفعية استهدفت الأحياء السكنية والمنازل”.

وحتى مساء اليوم، سجلت 38 إصابة بفيروس كورونا المستجد في مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام.

شارك هذا المقال