4 دقائق قراءة

مع اقتراب المعركة الأخيرة ضد تنظيم الدولة من نهايتها .. ماذا سيحدث بعد ذلك؟

السوريون الذين فروا من المعارك في شرق دير الزور يصلون […]


السوريون الذين فروا من المعارك في شرق دير الزور يصلون إلى أراضي قوات سوريا الديمقراطية في ٢٦ كانون الثاني ٢٠١٩. تصوير: دليل سليمان.

تستمر المعارك ضد تنظيم الدولة في إحدى زوايا ريف محافظة دير الزور الشرقي، حيث أضحت مجموعة قليلة من القرى الزراعية النائية الممتدة على طول منعطف نهر الفرات الخاضعة لتنظيم الدولة، موطناً للمعركة الأخيرة لطرد المجموعة المتشددة من مقرها النهائي في سوريا.

وعلى بعد خمسة كيلومترات إلى الغرب من الحدود السورية-العراقية، تقاتل قسد المدعومة من جانب الولايات المتحدة للسيطرة على ما تبقى من أرض “الخلافة” المزعومة التي امتدت من الموصل إلى المزارع الريفية في حلب. وتتلقى القوة ذات الغالبية الكردية دعماً جوياً من قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وبحسب جماعات حقوق الإنسان إن ضربات التحالف تتناقص وسط أنباء تشير إلى ارتفاع عدد الضحايا بين المدنيين.

وتدفق الآلاف من النازحين السوريين، يحملون القليل من الأمتعة، من المنطقة المحاصرة في الأيام الأخيرة- إلى جانب عشرات من مقاتلي التنظيم الذين يأملون في إخفاء أنفسهم بين جماعات المدنيين الفارين. ووردت أنباء تفيد بأن بعض المتشددين سلموا أنفسهم إلى قسد.

واستغرق القتال ضد تنظيم الدولة سنوات- ويعد القتال الذي بدأ هذا الأسبوع المحطة الأخيرة لحملة عسكرية أوسع نطاقا، والتي شهدت سقوط “العاصمة” التي أعلنتها الجماعة المتشددة، بيد قسد، حيث قتل ونزح خلالها آلاف السوريين بسبب المعارك.

ومن المفترض أن تصل المعركة الأخيرة في هذه الحملة إلى نهايتها “في غضون الشهر القادم”، بحسب ما قاله أحد قادة قوات سوريا الديمقراطية لسوريا على طول هذا الأسبوع، وطلب عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالحديث مع الصحافة.

وأضاف القيادي أن عدد القتلى من مقاتلي التنظيم في المنطقة المحاصرة ما يزال غير واضح، ويعتقد أن معظمهم من الأجانب. كما انتشرت شائعات عبر وسائل الإعلام المحلية تفيد بأن أبو بكر البغدادي قائد التنظيم كان مختبئا في المنطقة المحاصرة، رغم أن المصادر الموجودة على الأرض لم تتمكن من تأكيد ذلك أو تقديم أي تفاصيل.

وأوضح القيادي “إن من تبقى هم الأكثر تطرفاً، حيث يرفضون فكرة المفاوضات أو المناقشات”.

وتابع قائلاً “لا يوجد شيء مقبول بالنسبة لهم باستثناء القتال حتى آخر رجل فيهم”.

الانسحاب الأمريكي

تركز القتال على إزالة التنظيم من قريتي الباغوز فوقاني والمرشدة، في الأسابيع الأخيرة، بعد إعلان صادم من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في أواخر كانون الأول، أن القوات الأمريكية سوف تنسحب كليا من سوريا في غضون جدول زمني مكون من ٣٠ يوما- وهو ما ترك حلفاء الولايات المتحدة على الأرض في حالة صدمة.

وبدا الإعلان محيراً، حيث تزامن مع رسائل مختلطة من الرئيس نفسه، بالإضافة إلى محاولة الفروع المختلفة للإدارة الأمريكية على ما يبدو بالتراجع عن التحول المفاجئ في السياسة.

وكتب ترمب في صفحته على تويتر الشهر الماضي “روسيا وإيران وسوريا وغيرهم كثر، ليسوا سعداء بانسحاب الولايات المتحدة … لأنه سيتوجب عليهم الآن محاربة التنظيم وغيره، ممن يكرهونهم، دوننا”، على الرغم من قوله، في اليوم السابق، بأن القوات الأمريكية نجحت في “هزيمة” التنظيم في سوريا.

وجاء في بيان للتحالف في وقت سابق من هذا الشهر، أن القوات الأمريكية بدأت بالفعل في سحب معدات عسكرية من سوريا. وقد رفض المسؤولون في وقت سابق التعليق على سحب القوات.

ووفقا لمحللة السياسة الخارجية في واشنطن، ميليسا دالتون، فإن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة “يسعى إلى تسريع” هزيمة التنظيم داخل وحول هجين “قبل انسحاب القوات الأمريكية، وتغير القدرات الاستخباراتية والتشغيلية واللوجستية الموجودة حاليا على الأرض هناك”.

وأصبح مدنيو هجين عالقين وسط المدينة، تحت القصف المكثف، مع قيام قوات التحالف بتكثيف الغارات الجوية والقصف المدفعي.

وقتل عشرات المدنيين في الحملة المستمرة منذ أيلول، وفقا لمراقبي الصراع ومواقع إعلامية محلية.

وقال كريس وودز، مؤسس مرصد Airwars، ومقره المملكة المتحدة، لسوريا على طول، عبر البريد الإلكتروني، في نهاية الأسبوع الماضي “أقر التحالف حتى الآن بثلاثة أحداث طالت المدنيين منذ أيار ٢٠١٨، وهذا لا يعكس المقدار الذي تأثرت به المجتمعات المحلية المتضررة هناك”.

وأضاف “لقد أبلغ السكان المحليون عن أكثر من ١٣٠ حادثة في الفترة الزمنية نفسها، مع مقتل ما لا يقل عن ١٥٠٠ مدني بسبب الأعمال التي تقودها الولايات المتحدة”، موضحاً أن بيانات التحالف الأخيرة فشلت في توفير معلومات عن مواقع الغارات الجوية، وهذا من شأنه أن يساعد في مساءلتها عن الخسائر في صفوف المدنيين.

وفي الوقت ذاته، ادعى متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن التغيرات في البيانات المبلّغ عنها كانت “لأغراض أمنية تشغيلية”.

لكن حتى مع اقتراب قسد من هزيمة التنظيم في سوريا، يبقى من غير الواضح ما الذي سيحدث بعد ذلك.

ومن الممكن ألا يتبقى للعائلات النازحة إلا القليل لتعود إليه حالما يتوقف القتال، مع إلحاق أضرار مادية كبيرة بالبنية التحتية المدنية- بما في ذلك المساكن- بسبب حملة مكافحة التنظيم التي تدعمها الولايات المتحدة، والتي قد يمتد أثرها على المنطقة لسنوات.

وما زال الوضع القانوني للآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة السابقين وزوجاتهم وأطفالهم غير معروف داخل سجون قسد شمال شرقي البلاد، بينما تملك الجماعة شبكة قوية من المتعاطفين معها والخلايا النائمة.

وقالت دالتون لسوريا على طول “ستبقى أيدولوجيا التنظيم وخلاياه في هذه المنطقة حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة- مع غياب الاستقرار ومبادرات الحكم”.

ووفقا لنيكولاس هيراس، محلل مقيم في واشنطن “لقد انتقل التنظيم بالفعل إلى حالة التمرد”.

وتابع قائلا “هناك مخاوف حقيقية بشأن مدى قدرة التنظيم على إحباط الجهود المدعومة من الولايات المتحدة لبناء قوة محلية مسيطرة عقب انسحابها”.

وفي ذروة حكم التنظيم في عام ٢٠١٤، سيطرت المجموعة المتشددة على مساحة شاسعة من الأراضي، تمتد عبر سوريا والعراق وتعادل تقريبا حجم المملكة المتحدة.

واليوم يسيطر التنظيم على أقل من واحد بالمائة من أراضيه السابقة، كما تراجع إلى حد كبير ليتبنى تكتيكات التمرد.

ونفذت خلايا نائمة هجمات في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك تفجير انتحاري في منبج شمال سوريا، أسفر عن مقتل أربعة مواطنين أمريكيين وإصابة العشرات من الأشخاص الآخرين، وهجوم آخر على قافلة مشتركة بين الولايات المتحدة وقسد شمال شرقي سوريا.

 

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال