4 دقائق قراءة

موسم الهجرة إلى الشمال: الباصات الخضراء إلى الغوطة الغربية

وصل مئات الثوار والأهالي من الجيب الثوري الأخير في الغوطة […]


30 نوفمبر 2016

وصل مئات الثوار والأهالي من الجيب الثوري الأخير في الغوطة الغربية لريف دمشق إلى محافظة إدلب، الثلاثاء، كجزء من اتفاقية مع النظام، وهي الأحدث في سلسلة الاستسلامات والترحيل الجماعي حول طوق العاصمة دمشق.

ومنذ آب، استسلمت عدة بلدات ثورية في محيط دمشق لقوات الحكومة السورية بعد أن قاست وطأة الحصار والقصف لأمدٍ طويل. ورحل آلاف الثوار والأهالي في اتفاقيات استسلام أخرى من داريا وقدسيا والهامة ومعضمية الشام، واتجهوا شمالاً إلى محافظة إدلب بواسطة الباصات الخضراء التي باتت الآن مرتبطة  بالصيت والفأل السيء.

وفي يوم الإثنين، وفي ظل اتفاقية الاستسلام الأخيرة، حملت عشرات الباصات الخضراء ألف شخص من الثوار والمدنيين في خان الشيح. وهي بلدة تحولت إلى مخيم للاجئين الفلسطينين، محاصرة من قبل النظام، تبعد 25 كم جنوب غرب دمشق، وتضم أكثر من 12 ألف نسمة.

ونصّت الاتفاقية على ترحيل جميع الثوار في منطقة خان الشيح، بما فيهم عناصر جبهة فتح الشام، وأحرار الشام والعديد من فصائل الجيش السوري الحر إلى محافظة إدلب، مع عوائلهم. أما بالنسبة للثوار المنتشرين في البلدات المجاورة مثل الطيبة وزاكية والكسوة والمقيلبية وأي من المدنيين الراغبين في الذهاب إلى إدلب، فالاتفاقية تشملهم أيضاً.

وخان الشيح هو آخر معقل رئيسي للثوار في الغوطة الغربية في ريف دمشق. وهو أيضاً آخر منطقة للثوار على آتستراد السلام والذي يمتد من العاصمة إلى مناطق سيطرة النظام في شمال محافظة القنيطرة.

وفي حين تسيطر قوات الحكومة السورية وحلفائها على معظم المناطق الزراعية الواسعة في غرب العاصمة دمشق، فإن قوات المعارضة كانت قد استعادت السيطرة على مجموعة من بلدات الغوطة الغربية قبل  عمليات الإخلاء في هذا الأسبوع.

الثوار والأهالي وهم يستعدون لمغادرة الغوطة الغربية. حقوق نشر الصورة لـ المجلس المحلي لزاكية

وذكرت مصادر من المعارضة عسكرية ومدنية لسوريا على طول، في هذا الأسبوع أن ما يقدر بألفي شخص سيتم ترحيلهم من الغوطة الغربية إلى إدلب خلال الأيام القادمة. وركب الباصات نحو ألف من الثوار وعوائلهم في يوم الإثنين. ومن المقرر أن يغادر الباقون عبر دفعات متلاحقة. وذكرت بعض المواقع الإخبارية المحلية أعدادا أكبر للمغادرين تصل إلى ثلاثة آلاف في المجمل.

وغادرت الدفعة الأولى من خان الشيح في ليلة الإثنين. واستغرقت رحلة  قافلة الباصات الـ 29، المتجهة شمالاً إلى إدلب، والتي دارت بالمُرحليّن ما يقارب العشرين ساعة.

ولم تخلو الرحلة من الحوادث، حيث انقلب أحد الباصات في ريف حماة في صباح الثلاثاء، مما أسفر عن مقتل امرآة وإصابة مسافرين آخرين.

ويأتي إخلاء الثوار في هذا الأسبوع من الغوطة الغربية بعد شهور من الحصار والمعارك البرية والقصف في خان الشيح وما حوله.

وشن جنود النظام وحلفائه هجوما بريا للسيطرة على بلدات الغوطة الغربية، الخاضعة لسيطرة الثوار، الشهر الماضي. ومع تمركز معظم الثوار حول خان الشيح، حمل المخيم عبء الهجوم. وقال الأهالي لسوريا على طول في وقت سابق من هذا الشهر، أن فصائل المعارضة لم تكن متمركزة في خان الشيح، إنما كانت متواجدة في المزارع عند أطراف المخيم.

وفي منتصف تشرين الثاني، تقدمت قوات النظام، بمساعدة مئات البراميل المتفجرة والقذائف المدفعية والصواريخ، بمقدار ثلاثة كيلومترات داخل مخيم خان الشيح.

وقال قيادي في المعارضة، موجود في الغوطة الغربية، وطلب عدم ذكر اسمه، لسوريا على طول، يوم الاثنين أن النظام “كان يستخدم سياسة الأرض المحروقة بالإضافة لحرب إبادة وحصار خانق على المخيم”.

وتوقف القصف كما توقف التقدم قبل أسبوع مضى وذلك عندما بدأت لجنة تفاوض، تضم أفرادا من فصائل ثورية مختلفة متمركزة في خان الشيح، بالتفاوض مع ممثلي الحكومة السورية.

وأضاف القيادي “مالت الكفة للنظام فهو الكاسب على الأرض حيث وصل لمنطقة قريبة جدا من المخيم”، مشيرا إلى أن الثوار وافقوا على الاتفاق الأسبوع الماضي “حفاظا على أرواح المدنيين ولحقن الدماء في المخيم”.

ونتيجة لذلك، أصبح مخيم خان الشيح آخر بلدات ضواحي دمشق التي أذعنت لما يصفه ناشطو المعارضة باستراتيجية “الركوع أو الموت” من قبل قوات الحكومة السورية وحلفائها لاستعادة الأراضي التي يسيطر عليها الثوار من خلال مزيج من القوة العسكرية والحصار.

حافلة انقلبت في ريف حماة في طريقها إلى إدلب يوم الثلاثاء. تصوير: خان الشيح الإخبارية.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا، يوم الثلاثاء أن عمليات المصالحة والتسوية قطعت  “مراحل متقدمة” في بقية مناطق المعارضة في الغوطة الغربية.

وبموجب الاتفاق، سلم مقاتلو المعارضة في الغوطة الغربية، أسلحتهم الثقيلة إلى الجيش السوري، حسب ما ذكره موقع المصدر نيوز الموالي للنظام، يوم الأحد. كما نص الاتفاق على أن يسلم الثوار جميع المخطوفين وعددهم  28 بينهم 11 عسكريا وضابطا، وفقا للموقع ذاته.

وقال أحد القادة في المعارضة، متواجد حاليا في خان الشيح، وسيغادر في الأيام القادمة، لسوريا على طول أن الفصائل بالقرب من المخيم احتجزت سجناء كانوا “اعتقلوا في معارك سابقة” قبل فترة تتراوح بين 2-7 أشهر.

وفي خان الشيح، على عكس ضواحي دمشق الخارجية الأخرى، والتي وقعت على اتفاقيات مماثلة في الأشهر الأخيرة، فإن مؤسسات الدولة والأفراد العاملين فيها لن تعود إلى البلدة بعد مغادرة الثوار.

وفي حين أن نص الاتفاق ليس عاما، قال أحد قادة المعارضة لسوريا على طول، أن مفاوضي النظام قدموا “ضمانات” أن حماية المخيم والسيطرة عليه ستكون بيد لجان مكونة من أهالي خان الشيح.

وبالرغم من تقديم الضمانات، قال عمر الشامي ناشط إعلامي من خان الشيح، “هناك تخوفات من النظام الذي لا يأمن له جانب من دخول المخيم”.

في السياق، قال عبد الله زاكية، مدني من بلدة زاكية، المجاورة لخان الشيح “هناك حالة من السخط لدى الأهالي على تسليم المناطق المتعاقب للنظام، وتخوفات على مستقبل الثورة ومن غدر النظام في الأيام القادمة”.

ترجمة: سما محمد وفاطمة عاشور

 

شارك هذا المقال