6 دقائق قراءة

نازحو مخيم الركبان بلا رعاية طبية بعد إغلاق العيادة التي تديرها الأمم المتحدة بشكل مفاجئ

مخيم الركبان في آذار. تصوير: الإدارة المدنية في مخيم الركبان. […]


20 سبتمبر 2018

مخيم الركبان في آذار. تصوير: الإدارة المدنية في مخيم الركبان.

 

لا تزال النقطة الطبية التي تديرها الأمم المتحدة، التي تخدم عشرات الآلاف من النازحين السوريين في المخيم العشوائي على الحدود السورية – الأردنية، مغلقة لليوم الرابع على التوالي، تاركة سكان مخيم الركبان أمام خيارات محدودة للحصول على الرعاية الطبية، بحسب ما قالته مصادر من الأمم المتحدة وسكان في مخيم الركبان لسوريا على طول، يوم الأربعاء.

وقال مصدر في الأمم المتحدة لسوريا على طول، شريطة عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، أن النقطة الطبية التي تديرها الأمم المتحدة، والتي توفر الرعاية الطبية الطارئة لسكان مخيم الركبان عبر الحدود من الأراضي الأردنية المجاورة، أغلقت أول مرة يوم الأحد دون أي تفسير، وتقدم النقطة الطبية الخدمات العلاجية لآلاف من سكان المخيم كل شهر.

ولليوم الرابع على التوالي، لا تزال النقطة مغلقة، مع عدم وجود أي معلومات من السلطات المسؤولة عنها حول كيفية وصول السكان للرعاية الطبية.

وتعتبر النقطة الطبية التابعة للأمم المتحدة شريان حياة حيوي لما يقدر بنحو ٦٠ ألف شخص، يعتقد أنهم لا يزالون يعيشون في الركبان، إذ لا يوجد سوى مجموعة من النقاط تقدم خدمات محدودة تعمل في المنطقة، وتعاني تلك النقاط من انخفاض الإمدادات، وفقاً لما قاله الكادر والعاملون في المجال الإغاثي داخل المخيم، في حين أن أسعار الأدوية مرتفعة للغاية- في حال توفرت.

وتمتد خيام الركبان والمنازل الطينية على أرض منزوعة السلاح بين الحدود السورية والأردنية، تعرف باسم “الساتر الترابي”، وبعد سلسلة من التفجيرات التي نفذها تنظيم الدولة في السنوات الأخيرة، تم إغلاق المعبر الحدودي المؤدي إلى الأردن أمام عشرات الآلاف من النازحين السوريين المقيمين في المخيم الصحراوي النائي.

وتم السماح لبعض السكان بالمرور، حيث أن أولئك الذين يسجلون أسماءهم على لائحة الانتظار يدخلون مؤقتاً إلى نقطة الأمم المتحدة الطبية، ثم يتم نقل عدد أقل من المرضى ممن يحتاجون إلى عمليات جراحية وخدمات علاجية أكثر تعقيداً، مثل حالات الولادة القيصرية، إلى المستشفيات الأردنية.

“إلى أين نذهب؟”

وفقاً لربا الحمصي، ممرضة تدير النقطة الطبية الوحيدة في الركبان التي توفر الرعاية الصحية المجانية، لقي ثلاثة مرضى حتفهم في العيادة منذ إغلاق النقطة الطبية التابعة للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع، ولم تتمكن سوريا على طول التأكد بشكل مستقل من عدد الوفيات.

وبالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية الأساسية لسكان المخيم، تساعد عيادة الحمصي في تنسيق عملية نقل المرضى المحتاجين إلى رعاية طبية عالية إلى النقطة الطبية التابعة للأمم المتحدة للفحص وتلقي العلاج، حيث لا يوجد سوى القليل من المستلزمات الطبية داخل الركبان.

لكن عمليات النقل توقفت هذا الأسبوع، بحسب الحمصي.

وأضافت الحمصي لسوريا على طول، الثلاثاء “هناك العديد من الحالات في المخيم بحاجة إلى مستشفيات متخصصة وغرف عمليات”.

ومن بين المتضررين من الإغلاق طفل السيدة حنان نادر، المقيمة في المخيم، البالغ من العمر عامين، وبحسب والدته فإنه بحاجة “ماسة” إلى عمل جراحي، نتيجة معاناته من “حصر البول”

وأوضحت نادر لسوريا على طول، الأربعاء “في بعض الأحيان، يبقى لمدة يومين دون تبول على الإطلاق”.

وعندما حاولت تسجيل اسمها للدخول إلى نقطة الأمم المتحدة الطبية، في وقت سابق من هذا الأسبوع – وهي عملية اعتادت على القيام بها بعد عدة زيارات منتظمة منذ افتتاح المنشأة العام الماضي – قام مقاتلو المعارضة بإرجاعها، على حد قولها.

وقالت نادر “لم أستطع أن أدخل. قالوا لي أنها مغلقة، ولم يكن هناك مجال للدخول”.

وفي السياق ذاته، قالت أسماء طالب، وهي من سكان الركبان، نزحت إلى المخيم من مدينتها تدمر في محافظة حمص، قبل ثلاث سنوات، إنها حاولت الدخول إلى النقطة الطبية هذا الأسبوع – مرتين- لتلقي علاج حصى المرارة.

لكن طالب منعت أيضاً من الدخول، ولم يبق أمامها سوى القليل من الخيارات الأخرى للرعاية الطبية.

وقالت “إذا كانت النقطة الطبية مغلقة، إلى أين نذهب؟”.

الأمم المتحدة تجري “محادثات” لإعادة فتح النقطة الطبية

لم يتضح بعد ظهر يوم الأربعاء بالضبط من كان المسؤول عن إغلاق النقطة الطبية، وألقى بعض سكان المخيم باللوم على فصيل معارض وهو جيش أحرار العشائر، الذي يتواجد على طول المنطقة الحدودية، ولم تتمكن سوريا على طول من التأكد من هذه الاتهامات بشكل مستقل، ونفى متحدث باسم الفصيل أي دور له في إغلاق النقطة.

ولا يزال هناك بعض من المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة والأردن متواجدين في الركبان والصحراء المحيطة به.

وكان مسؤولو الأمم المتحدة قد “أجروا محادثات مع الحكومة الأردنية” في وقت سابق من هذا الأسبوع من أجل إعادة فتح النقطة الطبية، وفقاً لما قاله مصدر من الأمم المتحدة لسوريا على طول.

ولم يكن المتحدث باسم الحكومة الأردنية متاحاً من أجل التعليق حول الموضوع، يوم الأربعاء.

الدواء في نقطة إغاثية بالركبان في سبتمبر. الصورة مقدمة من خضر الحصين.

 

وتقطّعت السبل بسكان منطقة الركبان، الذين فرّ الآلاف منهم من المعارك التي جرت في السنوات الأخيرة بين القوات الموالية للحكومة السورية وتنظيم الدولة شرق دير الزور، الذين بقوا عالقين في الصحراء مع إمدادات شحيحة من الغذاء والمياه، وكانوا يعتمدون في كثير من الأحيان على شحنات المساعدات المتقطعة، فضلاً عن البضائع المهربة من أماكن أخرى في سوريا من أجل البقاء على قيد الحياة.

ولم يحصل السكان على مواد تنظيف وأدوية وصابون منذ أكثر من ثمانية أشهر وذلك منذ وصول آخر شحنة مساعدات رسمية عبر الحدود إلى الركبان في كانون الثاني.

والدواء القليل الموجود في المخيم عادة ما يصل من المهربين الذين يدخلون إلى المخيم من الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة، قبل بيعها بزيادة تصل إلى 50٪ تقريبًا لسكان المخيم، الذين لايملكون المال، حيث لا فرص عمل لديهم منذ سنوات، بحسب ماقاله خضر الحصين، من سكان الركبان، لسوريا على طول يوم الثلاثاء.

ويساعد الحصين في إدارة نقطة مساعدات صغيرة في المخيم، حيث يشرف على توزيع المواد الغذائية الأساسية والإمدادات الطبية إلى السكان الذين لم يعد بإمكانهم تحمل تكاليفها.

وأضاف الحصين “الاشخاض الذين جاؤوا إلى المخيم ببعض النفود قد نفدت”.

يعيش سكان المخيم في خيام مؤقتة ومنازل طينية مبنية يدوياً، وتنتشر محلات البقالة والصيدليات في الصحراء، وعادة ما تنقطع المياه التي تصل إلى المخيم من الأردن، وهي ممولة من اليونيسف، مما يسمح لجماعات المعارضة القريبة ببيع المياه للسكان من خزاناتهم الخاصة.

إجلاء السكان من الركبان؟

ويأتي الإغلاق المتواصل وسط الحديث حول قافلة نقل السكان المخطط لها من الركبان إلى شمال سوريا، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، بحسب ما أفادت مصادر على الأرض في كلا الموقعين لسوريا على طول.

وتعلم سوريا على طول أن عملية الإجلاء تم الاتفاق عليها مع القوات الحكومية السورية، ومن المقرر أن يتم تطبيقها في الأيام القادمة، وقال عماد غالي، المفوض بالحديث عن الاتفاق، لسوريا على طول، يوم الأربعاء، أن الاتفاق سيشهد نقل مقاتلي لواء شهداء القريتين، بالإضافة إلى عدة آلاف من المدنيين، إلى مدينة جرابلس شمالاً، وهي مدينة تقع على الحدود السورية التركية.

وأكد مصدر مقرب من مجلس جربلس المحلي، الذي تديره المعارضة في شمال سوريا، لسوريا على طول، حول قافلة الإجلاء المخطط لها في الركبان، مضيفًا أن المسؤولين المحليين على علم بإمكانية وصول قافلة من الركبان، وجرت العادة أن ترسل تركيا برقية إلى المجالس المحلية في درع الفرات تخبرهم بوصول قافلة مرتقبة استعداداً لاستقبالها و إقامة”مخيم مؤقت” في المنطقة للقادمين الجدد.

ومن المفترض أن يكون الإجلاء المقترح الأول من نوعه في الركبان وفي سوريا ككل.

وخلال العامين الماضيين، التزمت القوات الموالية للحكومة باستراتيجية محاصرة وقصف ما تبقى من المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في جميع أنحاء البلاد، ومن ثم نقل آلاف المقاتلين والمدنيين وإعادة  فرض سيطرتها.

وسيكون الركبان أول جيب تابع للمعارضة تطبق فبه عمليات الإجلاء دون التعرض لحملة قصف مباشرة من قبل القوات الموالية للحكومة.

وقال شون ريان، العقيد العسكري الأمريكي، المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، الذي يسيطر على المنطقة الحدودية المحيطة بمدينة الركبان، لسوريا على طول، عبر البريد الإلكتروني، يوم الأربعاء، أن لواء شهداء القريتين “تفاوض على صفقة تخص وضعهم”.

وأضاف المتحدث الرسمي أن خطط نقل السكان في الأيام المقبلة “ربما تغيرت الآن بعد الاتفاق بين روسيا وتركيا”، مشيرًا إلى الاتفاق الذي تم الإعلان عنه مساء يوم الاثنين من أجل إنشاء منطقة عازلة بين مناطق المعارضة ومناطق سيطرة الحكومة حول مدينة إدلب شمال غرب سوريا.

ويأمل المدنيون والمنظمات الإنسانية بأن اتفاق انشاء منطقة عازلة سيتمكن من ردع الهجوم الحكومي على المدينة الواقعة تحت سيطرة المعارضة، حيث يعيش أكثر من مليون نازح سوري.

 

ساهم كلاً من عمر الشاوي ونور الحمصي ومحمد الحوراني في إعداد هذا التقرير.

 

هذا التقرير هو جزء من تغطية سوريا على طول لأوضاع النازحين في سوريا بالتعاون مع منظمة كونراد أديناور والمراسلين على الأرض في سوريا. اقرأ تقريرنا التمهيدي هنا.

 

شارك هذا المقال