4 دقائق قراءة

إدلب تشهد حالة من الفوضى في ظل فشل هيئة تحرير الشام في الحفاظ على الأمن

أغلق المئات من سكان مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة المعارضة، محلاتهم […]


12 أكتوبر 2017

أغلق المئات من سكان مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة المعارضة، محلاتهم التجارية وخرجوا إلى الشوارع في إضراب عام، هذا الأسبوع، وسط ما وصفه السكان وأصحاب المحلات، لسوريا على طول، بانعدام القانون والفلتان الأمني.

واحتج سكان مدينة إدلب، يوم الثلاثاء، على الوضع “الذي نتعرض له كل يوم دون وجود جهة أمنية ضابطة في المدينة” بحسب ما قاله كريم المنجد، ٤٥ عاماً، صاحب أحد المحلات شارك في الإضراب، لسوريا على طول، يوم الأربعاء.

وكان السبب وراء الإضراب العام، يوم الثلاثاء، هو مقتل وسرقة الصائغ أيمن قوصرة وابنيه في متجرهم، في مدينة إدلب، من قبل ملثمين مجهولي الهوية، يوم الاثنين.

ورداً على ذلك، خرج المئات من السكان في مظاهرات نظمها أقارب القتلى ومنظمات المجتمع المدني المحلية في اليوم التالي، وتظاهروا في شوارع إدلب يحملون لافتات تدعو إلى إصلاحات في قوة الشرطة التي تديرها المعارضة.

وأوضحت مصادر في مدينة إدلب لسوريا على طول، يوم الأربعاء، أن الصائغين ومالكي المحلات التجارية أغلقوا محلاتهم احتجاجا، تلتهم المدارس والمستشفيات وغيرها من أماكن العمل.

المتظاهرون يتجمعون أمام جثث ثلاثة رجال قتلوا في إدلب يوم الاثنين. تصوير: هارون الأسود.

وتخضع مدينة إدلب كليا لسيطرة المعارضة منذ آذار ٢٠١٥، بعدما طرد مقاتلو جيش الفتح عناصر الجيش السوري من المدينة. وقال محمود، وهو موظف سابق في الحكومة المدنية في إدلب، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أنه قبل حوالي ثلاثة أشهر، كان هناك مجلس محلي مدني يدير المدينة بينما كانت قوات الأمن المؤلفة من فصائل معارضة مختلفة تحافظ على القانون والنظام.

وفي أواخر تموز، سيطرت هيئة تحرير الشام، وهي تحالف إسلامي يقوده فصيل تابع لتنظيم القاعدة سابقاً، كليا على مدينة إدلب، وحلت الحكومة المدنية وفرضت سلطتها على قوة الشرطة في المدينة. ومنذ ذلك الحين، شكلت الهيئة السلطة المدنية الفعلية في المدينة، وفقا لمحمود.

واستقال بعض مقاتلي المعارضة، غير المنتسبين إلى هيئة تحرير الشام، ممن عملوا في شرطة إدلب بعد سيطرة الهيئة على المدينة.

وقال محمود “بعد أن استولت الهيئة على السلطة، ازداد الوضع سوءا بالتدريج”، وأضاف “إن الأسابيع القليلة الماضية كانت الأسوأ، ففي كل يوم نسمع عن جرائم جديدة”.

ولم يساهم وجود رجال أمن تابعين للهيئة، ملثمين ومسلحين ويقودون سيارات لا يمكن تمييزها عن السيارات المدنية، على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، بالحفاظ على الأمن في إدلب.

وفي يوم الأربعاء، أشار المنجد، وهو صاحب أحد المحلات التجارية، وثلاثة من السكان الآخرين، في إدلب، أثناء حديثهم مع سوريا على طول، عن مشاكل مماثلة، حيث تحدثوا عن السرقة والقتل والاختطاف كونها حوادث شبه يومية في المدينة، وأن الوضع الأمني ازداد سوءا في الأسابيع الأخيرة.

في السياق، قال هارون الأسود، وهو ناشط إعلامي كان حاضرا أثناء احتجاجات يوم الثلاثاء، أن المتظاهرين طالبوا المسؤولين في السلطة المدنية التي تقودها هيئة تحرير الشام في إدلب، بالتنحي، وأن يزيل عناصر الأمن التابعين للهيئة الأقنعة والأغطية التي تخفي هوياتهم.

وقال المنجد لسوريا على طول، يوم الاربعاء “كل الشرطة ملثمين فلا يوجد أي شيء يؤكد لأي مدني أنهم يتبعون للشرطة”، وطالب المنجد والمتظاهرون الآخرون بالزي الرسمي وسيارات شرطة محددة ومعروفة.

وقال المنجد “لا يوجد جهة أمنية ضابطة في المدينة، والجهة الأمنية الموجودة في المدينة هي صورية لا قوة فاعلة لها على الأرض”.

لافتة تقول “أدوات الإجرام: سيارات مفيمة، لثام وسلاح بيد؟؟؟”. تصوير: هارون الأسود.

وفي كثير من الحالات لا يتمكن المدنيون من التمييز بين المجرمين ومقاتلي المعارضة وعناصر الشرطة. فالمجرمين الملثمين الذين قتلوا صائغ المجوهرات أبو قوصرة واثنين من أبنائه، يوم الاثنين، قبل أن يهربوا وبحوزتهم ١٠ آلاف دولار و٥ كيلوغرامات من الذهب، لا يختلف مظهرهم كثيرا عن قوات الأمن التي تلاحقهم.

ومع عدم وجود زي رسمي لقوات الأمن، يكون من السهل بالنسبة للمجرمين انتحال شخصياتهم أمام السكان.

فقبل أسبوعين، قالت سمر عبد الجبار، وهي أم لأربعة أطفال، تعيش في إدلب، أن أشخاصا طرقوا باب بيتها وادعوا أنهم دورية أمن جاءوا لتفتيش منزلها، ففتحت الباب وأدخلتهم.

وتابعت عبد الجبار “قاموا بتفتيش المنزل دون إظهار أي بطاقة تدل على شخصيتهم كرجال أمن، وكانوا جميعهم ملثمين بلثام اسود”.

وفور انتهائهم من التفتيش ومغادرتهم، ذهبت عبد الجبار للتحقق من مبلغ مالي خبأته في منزلها لتعيش منه، فقالت إنها لم تجده، حيث تعرضت للسرقة.

وفي اليوم التالي، ذهبت عبد الجبار إلى أقرب مركز شرطة تديره الهيئة للإبلاغ عن سرقة ٥٠٠ ألف ليرة سورية (حوالي ألف دولار) من منزلها أثناء تواجد دورية أمن تقوم بتفتيش المنزل. عندها أوضح مسؤول الهيئة أنهم لم يرسلوا أي شخص لتفتيش منزلها، ومن المرجح أنها تعرضت للسرقة. وقال المسؤول انه سيتواصل معها في حال عثروا على أي شيء.

وقالت عبد الجبار “منذ أسبوعيين وحتى الآن لا يوجد أي رد، ولا يوجد بيدي أي حيلة”.

وتواصلت سوريا على طول مع المتحدث باسم هيئة تحرير الشام للتعليق حول الموضوع عدة مرات، يوم الأربعاء، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى وقت إعداد هذا التقرير.

 

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال