3 دقائق قراءة

الخطف في سوريا تجارة مربحة للكثيرين

في إحدى ليالي الشهر الماضي، داهمت مجموعة مسلحة منزل فجر […]


30 أبريل 2016

في إحدى ليالي الشهر الماضي، داهمت مجموعة مسلحة منزل فجر الحموي وأخذت والده.

وقال الحموي، 28 عاما، والذي يعيش مع عائلته في قرية صغيرة جنوب غرب مدينة حماة، لسوريا على طول، “اعتقدنا أنهم الأمن، وأن أبي أصبح في عداد المعتقلين”.

في اليوم التالي، تلقى الحموي مكالمة هاتفية من هاتف والده المحمول. كان كلام الرجل على الطرف الآخر مختصرا ومباشرا. “أخبرونا أنه إذا أردنا رؤية والدي حي مرة أخرى علينا أن ندفع لهم مبلغ مليوني ليرة سورية أي (3.773 دولارا أميركيا)”، حسب ماقاله الحموي.

باع الحموي ما كان لديهم من أغنام، وهي كل ما تملكه العائلة، من أجل تأمين مبلغ الفدية المطلوبة، طلب الخاطفون من الحموي، أن يضع النقود في كيس قمامة أسود، وأن يتركها في معمل إسمنت مهجور، على مشارف القرية. وقام الحموي بفعل كل ما طلب منه، وانتظر أن يطلقوا سراح والده.

بعد ثلاثة أيام، سمعت العائلة أن هناك جثة مجهولة الهوية، وجدت ملقاة على جانب الطريق الرئيسي، بين مصياف وحماة، على بعد عدة كيلومترات شمال قريتهم.

“عند ذهابنا للمستشفى وجدناها جثة أبي، وقالوا لنا في المستشفى، أن الجثة وجدت ملقاه على طريق مصياف حماة، دون إعطائنا أي معلومات أخرى، أو السماح لنا بالسؤال أو الاستفسار عن الموضوع”.

ولا تعد قصة عائلة الحموي، هي الوحيدة في سوريا هذه الأيام، حيث أن عمليات الخطف، سواء بدوافع سياسية أو مالية، أصبحت أمرا شائعا حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، مثل إدلب وحلب. كما أن تنظيم الدولة لوحده جنى ملايين الدولارات جراء عمليات الخطف (25 مليون دولار في عام 2014، وفقا لتقديرات الاستخبارات الأمريكية).

في غضون ذلك، قال تقرير صادر عن اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في سوريا، أن ” عشرات الآلاف” من المعتقلين لدى قوات النظام تعرضوا لـ”التعذيب، المعاملة القاسية، الاغتصاب، العنف الجنسي، والإهانة”.

وبالنسبة للسوريين فإن “شبح الاعتقال أو الخطف، وحالة الرعب والهلع التي يسببها ذلك، شلت مجتمعات كاملة”، حسب ما ورد في تقرير، حمل عنوان: بعيدا عن العين..بعيدا عن الخاطر… الوفيات أثناء الاحتجاز في الجمهورية العربية السورية.

ولكن في محافظة حماة، الخاضعة لسيطرة النظام، يعد الخطف شأنا محليا، ويتم في الغالب بدافع الحصول على المال، وفقا لما ماقاله لسوريا على طول صحفي محلي، والذي بدأ بتوثيق حالات الخطف، في المحافظة في بداية هذا العام.

وخلال الشهرين الماضيين، قال أحمد محمد، صحفي معارض، أنه وثق أكثر من 24 حالة اختطاف، في مدينة حماة، والقرى المحيطة بها، حيث قال “أصبح الخطف تجارة رابحة”.

وأضاف محمد أن الميليشيات الموالية للنظام وقوى الدفاع الوطني، هي المسؤولة عن عمليات الخطف. ويعود ذلك لأسباب مختلفة، منها غايات مادية، ومنها بسبب مواقف المخطوفين المناهضة للنظام.

وتعمل هذه الميليشيات لمصلحتها الشخصية، وبشكل خارج عن أي قانون، سوى قوانينهم الخاصة. “ليس بمقدور النظام السيطرة على هذه المليشيات، كما لا يستمع أحدها للآخر، وفي حال حدث خلاف بينهم، يتبادلون إطلاق الرصاص كالمطر”.

وكانت مخاوف أبو أحمد، والذي يعمل مزارع زيتون في غرب حماة، من فوضى العصابات، هي ما جعلته يناشد ابنه أحمد، بعدم الذهاب ليلا إلى معصرة الزيتون، في تشرين الأول الماضي.

وقال أبو أحمد “طلب مني ابني السيارة ليأخذ حمل زيتون إلى المعصرة، في مصياف، فلم أوافق، لكنه أصر على الذهاب، وقال لي أن المشوار شاق علي، ويجب أن أقف في المعصرة لوقت طويل”، حيث تجني أسرته دخلا إضافيا، من خلال بيع زيت الزيتون، في الأسواق المحلية.

وذهب أحمد وابن عمه محمد، لإيصال بضعة أكياس من الزيتون، إلى معصرة قرب مصياف، وهي بلدة صغيرة على بعد 45 دقيقة بالسيارة، من منزل العائلة، خارج حماة.

وقال أبو أحمد “مضى 11 ساعة على غيابهما، ولم يعودا، فحاولت الاتصال بأحمد، ولكن جواله كان مغلقا”.

وخلال الأسابيع القليلة التالية، باع أبو أحمد، معظم ممتلكاته، وقام بدفع الفدية مرتين، 4 ملايين ليرة سورية (7.547 دولار) في كل مرة، وذلك في مواقع يحددها الخاطفين.

“لليوم لم أتمكن من معرفة أي شيئ عن ابني و ابن أخي أبدآ، ولم اتمكن حتى من سماع صوت أي منهما”.

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال