5 دقائق قراءة

العودة إلى المدارس في طرطوس: الحياة الكريمة ترهق أكتاف السوريين

إنها العودة للمدرسة، في طرطوس، معقل النظام، ورغم أن التعليم […]


21 سبتمبر 2016

إنها العودة للمدرسة، في طرطوس، معقل النظام، ورغم أن التعليم الحكومي مجاني، إلا أن اللوازم المدرسية بما فيها القرطاسية والزي الرسمي، والأقلام التي تستخدم للكتابة على السبورة البيضاء وغيرها من المبالغ الإضافية، ترهق العوائل وقد تصل قيمتها إلى مئات الدولارات.

أبو مهند، 45عاماً، موظف في شركة حكومية في محافظة طرطوس،على الساحل السوري، اضطر أن يعمل في تحميل البلوك إلى العربات في مصنع للإسمنت في بداية هذا الشهر ليتمكن من إرسال أولاده الثلاثة إلى مدرسة حكومية.

وفكر المهندس الكهربائي بعدم إرسال أولاده إلى المدرسة بعد تضاعف الأسعار مقارنة بالسنة الماضية، لكن زوجته رفضت.

“أصريت على أن التعليم هو مستقبلهم”، قالت أم مهند لـ الاء نصار، مراسلة في سوريا على طول. وأبناء أم مهند هم من بين 252000 طالب في محافظة طرطوس والذين بدوؤا الدوام المدرسي في يوم الأحد الماضي، وفق ما ذكرت سانا في اليوم ذاته.

وفي هذه السنة أنفقت أم مهند نحو 215 دولارا، على المستلزمات المدرسية لأولادها في الصف الثاني والسادس والسابع، وهو ما يفوق راتب أبو مهند الذي يبلغ 173 دولارا.

وحتى رغم عمل أبو مهند الثاني، استدانت العائلة مبلغاً إضافياً وقدرة 2000 ليرة سورية (93 دولارا).

 وأوجزت ذلك أم مهند بالقول “بالمختصر المواطن السوري لا يستطيع العيش واحتمال الغلاء إن لم يزاول أكثر من عمل ليستطيع عيش حياة كريمة فقط”.

كم هي النفقات التي دفعتهاء لشراء المستلزمات المدرسية لأطفالك الثلاثة؟

تكلفة القرطاسية لأولادي الثلاثة بـ15000 ليرة، والزي المدرسي الرسمي للأولاد مع البنطلونات والحقائب بـ30900 والتكلفة الإجمالية للمستلزمات المدرسية في المرحلة التحضيرية كانت 45900 ليرة سورية.

دفاتر وقرطاسية أبناء أم مهند. حقوق نشر الصورة لأم مهند

هل يمكن أن تعطيني تفصيلاً ماديا عن المستلزمات المدرسية لهذا العام مقارنة بالعام الماضي؟

ازدادت أسعار المستلزمات المدرسية أضعافا مضاعفة هذا العام لدرجة تفوق قدرات المواطن المتوسط الدخل وتزيد من أعباء الحياة عليه، حتى أنها اضطرتنا للاستدانة.

فمستلزمات طالب الإعدادي لهذا العام (القميص 4800، البنطال 5000، أرخص شنطة 5000، كما يحتاج 24 دفتر لكل المواد الدراسية، ويبلغ سعر الدفتر الكبير 100 ورقة بـ600 والصغير 50 ورقة بـ400، دفتر رسم حجم كبير بـ600 ليرة).

مستلزمات صف الثاني لهذا العام (المريول بـ3500، بنطال بـ4000، شنطة صغيرة 3600، إضافة إلى القرطاسية بذات الأسعار لطلاب صفي السادس والسابع).

هل هناك أي مبالغ إضافية؟

ناهيك عن تكلفة المبالغ الأساسية، فإن المعلمات يطلب من الطلبة بعد المباشرة في الدوام مواد إضافية والألوان والأشغال والمعجون. بالإضافة إلى تكاليف أجار الباص الذي سينقل أولادي للمدرسة كون طبيعة المنطقة جبلية ووعرة وفي فصل الشتاء تحتاج لوسيلة نقل، سيكلفني ذلك 2000 ليرة شهريا لكل ولد بما يعادل 6000 ليرة شهريا.

كما يطلب منهم في المدرسة وبالإجبار مبلغا مقابل دفتر للطلائع ومبلغ تعاون ونشاط يقدمه الطالب للمدرسة وهذا المبلغ كان مفروضا  قبل الأحداث ولكن اختلف المبلغ عن ذي قبل بكثير. فقبل الأحداث كان الطالب يدفع مبلغ 100 ليرة لمرة واحدة للمدرسة، أما الآن كل طالب عليه دفع مبلغ ومقداره 300 ليرة، حتى أن المعلمة تطلب من كل طالب أن يحضر معه قلما مع المحبرة خاصاً به ليكتب على السبورة والذي يفترض أن يكون مسوؤلية الإدارة. ويبلغ سعره 500 ليرة، وفي فترات الامتحانات يطلب من الطالب مبلغ 200 ليرة سعر طباعة أوراق الامتحان والإجابات.

ما هو الدخل الإجمالي لعائلتك شهريا؟

زوجي موظف لدى الحكومة يتقاضى راتبا وقدره 37 ألف ليرة، ولكن راتبه لا يكفي مصروف المنزل لأسبوع في ضل الغلاء المعيشي. حسث يقوم بالعمل بعد دوامه الحكومي في معمل للإسمنت كعامل يحمل أكياس الإسمنت وينقلها للسيارات (عتال)، وفي أيام عطل المعمل يقوم بالعمل في الأراضي الزراعية عندما تسنح له فرصة عمل شاق بحفر الجور وضرب الصخر أو قطف الثمار، وسيعمل في قطف الزيتون في اليومين القادمين. بالمختصر المواطن السوري لا يستطيع العيش واحتمال مغبة الغلاء إن لم يزاول أكثر من عمل ليستطيع عيش حياة كريمة فقط، ومع ضغوط هذا الشهر من تكلفة المدارس والعيد اضطر زوجي لاستدانة مبلغ 20 ألف ليرة ليغطي تكاليف هذا الشهر، حتى أنه فكر بعدم أرسال الأولاد من المدرسة لكثرة التكاليف ولكني أصريت على تعليمهم فهذا مستقبلهم.

ما الطرق البديلة التي تتخذونها للتخفيف من أعباء الغلاء في الأمور المدرسية، فهل يستطيع الطالب مثلا أن يستخدم دفترا لأكثر من مادة أو أن يستعيض عن اللباس الرسمي المدرسي بلباس مدني أو مستعمل إن لم تكن باستطاعته الشراء؟

من المستحيل أن تقبل المعلمة  من المستحيل ان تقبل المعلمة بمشاركة دفتره مادتها مع مادة معلمة أخرى. لكل مادة دفتر وتشترط على طالبها أن يجلبه من النوعية الممتازة. وبالنسبة للباس لايستطيع أحد شراء البدلة مستعملة فحتى قماش الزي المدرسية الرسمية لم يعد يباع بنوعية جيدة، وأحيانا تضطر الأم لشراء أكثر من بدلة خلال العام الواحد لسوء نوعية القماش المتوفر في السوق، ويمنع الطالب من اللباس المدني وإن قام بلباسه يتعرض للتأنيب ويطلب ولي أمره فوراً، وإن كان الأمر ضرورياً واضطرت الأم لإرسال ابنها ببنطلون لونه مختلف عن لون البدلة الرسمية يجب عليها إخبار المدير بذلك واستئذانه قبل إرسال طفلها باللباس المدني فمثلا أن تكون بدلته متسخة وتحتاج لغسيل ورغم ذلك يجب عليه في اليوم التالي أن يلبسها، يريدون الطالب أن يلبس البدلات الرسمية حتى وإن شحد سعرها.

كيف ترين التعليم في المدارس الحكومية حاليا؟ وهل تثقين به وراضية عنه؟

التعليم سيئ ودون المستوى في المدارس الحكومية لدينا في مدينة طرطوس فالمواد الأساسية كالرياضيات واللغتين العربية والإنكليزية تحتاج لمدرسين خصوصيين لعدم اجتهاد المعلمين بالتدريس في المدارس وتكلفة الساعة 300 ليرة سابقا و الآن 2000 ليرة الساعة، كأقل سعر، حتى أن المعلمة في الصف تطلب من الطلاب أن يذهبوا إلى منزلها بعد الدوام حتى تعطيه ساعات إضافية، الغلاء المعيشي أدى بالمعلمين والمعلمات إلى العمل من بلا ضمير، فقط للحصول على المال، والطالب الذي لا يأتيها إلى المنزل لا تهتم به.

لست واثقة بالتعليم في المدارس حيث أصبح اعتماد الأهالي على الدروس الخصوصية في المنازل أكثر مما يتلقاه الطالب في المدرسة، وصلت إلى درجة أن طلاب الابتدائي يسجلون بدورات يومية، وهذا بالطبع يشكل عبئا على الأهالي فليس بمقدور الجميع وضع أطفاله لدى مدرسين خصوصيين.

فيما يخص جودة الكتب كل الصفوف تقدم لها الكتب قديمة جيدة نوعا ما أو مهترئة ممزقة، علماً بأنه سابقا كانت توزع الكتب جديدة على المرحلة الإبتدائية كون الطفل مبتدئ في القراءة والكتابة ولتشجيعه كونه جديد في المجال التعليمي، أما الآن الجميع يستلم كتب قديمة وفي غالب الأحيان مهترئة ويتم إجبار الطالب على تجليدها وتسليمها في نهاية السنة سليمة أو يغرم بسعرها.

هل كنت تتوقعين مثل هذه الإرتفاع في الأسعار؟
لم نعد نستغرب أي شيء خصوصاً ارتفاع الأسعار فمع استمرار الحرب واستنزاف موارد هذا البلد أخشى أن يأتينا يوم لا نجد فيه رغيف خبز لسد رمقنا، فالوضع من سيء الى اسوأ وهذا الأمر سيكون كارثياً على مستقبل سوريا والسوريين ككل في الأيام المقبلة.

 

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال