4 دقائق قراءة

القمة الأميركية الروسية: كيف ينعكس لقاء بايدن وبوتين على سوريا؟

تتجه أنظار السوريين إلى القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، كون الملف السوري سيكون حاضراً ومليئاً بالملفات الكبيرة العالقة بين الطرفين، لكن هذا لا يعني إمكانية تحقيق تقدم في مسار الحل السياسي في الوقت الراهن.


15 يونيو 2021

عمان- تتجه أنظار السوريين إلى القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يوم غد الأربعاء، في جنيف، كون الملف السوري “سيكون حاضراً ومليئاً بالملفات الكبيرة العالقة بين الطرفين”، كما قال مدير منظمة سوريون مسيحيون من أجل السلام، أيمن عبد النور.

ويعزز هذا الاتجاه ما جاء في مقال لمديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد “تشاتام هاوس”، لينا الخطيب، والذي نشر في موقع “فورين بوليسي” الأميركي، على أن القمة التي ستعقد في جنيف تمثل الظرف الأمثل لواشنطن من أجل إبرام صفقة بشأن سوريا.

المعابر أولاً

تتزامن قمة بايدن- بوتين مع قرب انتهاء تفويض مجلس الأمن لإيصال المساعدات إلى سوريا بموجب القرار 2253، في تموز/ يوليو المقبل، الذي يُعمل بموجبه على إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” فقط، في شمال غرب سوريا، والذي تسعى موسكو إلى استخدام حق النقض (الفيتو) بهدف إغلاقه.

لذلك، ربما يحسم اللقاء بين الرئيسين “مصير معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا [وهو المعبر الوحيد لإدخال المساعدات الأممية] إلى جانب مصير معبرين آخرين، وهما معبر باب السلامة في شمال غرب سوريا، واليعربية في شمالها الشرقي”، بحسب عبد النور، معتبراً أن ملف المعابر سيكون أولوية لما يترتب عليه من “أزمة إنسانية”.

وكان نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جيفري بريسكوت، أوضح في إيجاز خاص، في السادس من حزيران/ يونيو الحالي، عقب زيارة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد إلى معبر باب الهوى، خلال رحلتها إلى تركيا، أن “الأمم المتحدة لن تعمل مع أعضاء مجلس الأمن على الحاجة إلى تجديد تفويض المعبر  [باب الهوى] المصرح به الآن فحسب، بل أيضاً على توسيع وإضافة معابر أخرى”.

وكشفت غرينفيلد عن “ارتفاع حاجة ملايين اللاجئين والنازحين داخلياً، إلى المساعدات هذا العام بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، بعد أن انخفض عدد المعابر الحدودية التي أذنت بها الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين من أربعة إلى المعبر الوحيد المتبقي اليوم”، بحسب بريسكوت.

في المقابل، ربما تستفيد موسكو من ملف المعابر الإنسانية في القمة المرتقبة “للحصول على تنازلات من الولايات المتحدة وحلفائها”، قالت الزميلة غير المقيمة في المجلس الأطلنطي، والمختصة في الشأن السوري، جمانة قدور، موضحة لـ”سوريا على طول” أن “روسيا تستخدم على نحو متواصل موقعها كعائق في الأمم المتحدة لتحقيق مصالحها”.

وعدا عن أن روسيا “ليس لها ما تقدمه”، فإنها أيضاً “لا تملك آلية متكاملة لإيصال المساعدات، لمستحقيها، أو حتى ضمانات لكامل سكان سوريا من أجل الحصول على المساعدات الممولة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية بنسبة 90%”.

هذا يرجح توصل الجانبين إلى اتفاق في القمة المرتقبة، خاصة وأنه “ليس من مصلحة النظام وروسيا وإيران مغادرة نحو 3.5 مليون نازح من إدلب إلى مناطق سيطرة الأسد”، لأن دمشق “ترى في غالبيتهم قنبلة موقوتة وتعتبرهم إرهابيين” بحسب قدور.

من جهته، يتفق رئيس مركز جسور للدراسات، محمد سرميني، على أن ملف المعابر سيكون أولوية في قمة بايدن- بوتين، إلا أنه توقع في حديثه لـ”سوريا على طول”، أن “يبادر بوتين إلى عرض مقترح لتجاوز الخلاف حول سوريا”، يتمثل في “إنهاء آلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود وعودة العمل بالآلية التقليدية عبر دمشق مع تقديم ضمانات لاستمرار تدفق المساعدات إلى بقية مناطق النزاع عبر المعابر الداخلية”.

مقابل ذلك، ستطالب موسكو بـ”تجميد العقوبات الاقتصادية على سوريا، أو منح مزيد من الإعفاءات لتشمل قطاع النفط والطاقة”، بحسب سرميني

العقوبات الاقتصادية

في 10 حزيران/ يونيو الحالي، رفعت وزارة الخزانة الأميركية العقوبات المفروضة على شركتين مملوكتين لرجل الأعمال السوري المقرب من بشار الأسد، سامر الفوز وشقيقته حُسن، والتي كانت فرضتها العام 2019. 

وحاول نظام الأسد استغلال رفع العقوبات عن الشركتين ليوحي بأن هناك توجهاً أميركياً نحو تخفيف العقوبات، كما اعتراف بشرعية الأسد بعد فوزه بالانتخابات الأخيرة التي وصفت بـ”المسرحية”.

من جانبه، نفى عبد النور أن يكون هناك توجه لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، بما في ذلك قانون العقوبات الأميركية (قيصر)، لكن بالنسبة للشركتين “كونهما أغلقتا فلم يعد هناك داع لفرض عقوبات عليهما”.

وأضاف عبد النور “تجميد العقوبات أو التباطؤ في تنفيذها ليس مطروحاً”، مؤكدا أن “العقوبات تحظى بإجماع الكونغرس الأمريكي في مجلس النواب ومجلس الشيوخ ومن كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري”. لذلك لا يبدو أن القمة ستؤثر على مصير العقوبات الاقتصادية، خاصة وأن إجماع الكونغرس والشيوخ “سيشكل عاملاً ضاغطاً على إدارة الرئيس بايدن التنفيذية لعدم اتخاذ أي موقف يعارض تطبيقها”، على حد قوله.

كذلك، فإن قانون قيصر، الذي أقرّ في نهاية العام 2019، من قبل الكونغرس الأمريكي، “لا يمكن وقف العمل به قبل خمس سنوات من تاريخ إقراره، أي بعد ثلاث سنوات”، كما أوضحت قدور.

مع ذلك، لا يمكن التكهن حتى الآن بمستقبل العقوبات الاقتصادية على سوريا في فترة حكم بايدن، بحسب جمانة قدور، خاصة وأن “سياسته بشأن سوريا غير متبلورة حتى بشكل نهائي، ما يعني أنه علينا الانتظار لبضعة أشهر أخرى لمعرفة موقف بايدن من العقوبات”.

مسار الحل السياسي

اصطدم السوريون بخيبات أمل عدة بشأن الوصول إلى حل سياسي في سوريا، خاصة مع تنصيب بشار الأسد لنفسه رئيساً للبلاد، ما يعني استمرار المعاناة لسبع سنوات أخرى. لكن لقاء الرئيسين الأميركي والروسي ربما يعيد فتح مستقبل مسار الحل السياسي في البلاد.

وفي هذا السياق، عبّر أيمن عبد النور عن تفاؤله “حيال الوصول إلى اتفاق من شأنه تسريع الحل السياسي المنبثق عن قرار مجلس الأمن الدولي 2254”.

ومن جهته، اعتبر محمد سرميني أن المباحثات “ستقتصر على المساعدات الإنسانية والعقوبات الاقتصادية والعملية السياسية”، لكنها ستتجنب “قضايا خلافية من قبيل: مكافحة الإرهاب، مستقبل القوات الأجنبية في سوريا، عودة اللاجئين، وإعادة الإعمار”.

وتوقع سرميني أن يكون شكل الاتفاق بين واشنطن وموسكو في القضايا المطروحة على مبدأ “المساعدات مقابل النفط”، وهذا ربما يكون البداية “لإعادة اختبار الثقة بين الجانبين تمهيداً للتعاون في قضايا أخرى”.

من جهتها، اعتبرت جمانة قدور أنه “لا مؤشرات على وجود تحرك مشترك [أميركي روسي] تجاه مسار الحل السياسي”، مشيرة إلى أن “مسار الحل السياسي سيتم تحديده مستقبلاً”.

شارك هذا المقال