4 دقائق قراءة

النظام يصعّد حملته على مدينة درعا بعد رهان الثوار بمعركتهم للاحتفاظ بالمعبر الحدودي مع الأردن

تشهد مدينة درعا وريفها المحيط أعنف قصف منذ عام 2015، […]


تشهد مدينة درعا وريفها المحيط أعنف قصف منذ عام 2015، مما دفع إلى إغلاق المدارس والمستشفيات مع محاولة النظام الروسي والقوات السورية إيقاف هجوم الثوار.

ويشن الثوار لليوم الثالث على التوالي، الثلاثاء، معركة للسيطرة على الأحياء التي يسيطر عليها النظام في جنوب مدينة درعا، التي تعتبر مركز المحافظة. وانطلقت العمليات الأساسية، الأحد، وفق ما أوضح الناطق باسم غرفة العمليات الثورية التي تقود المعارك، لسوريا على طول. وقال الناطق “نهدف إلى منع قوات النظام من السيطرة على معبر الجمرك القديم الحدودي مع الأردن وإبعادها عنه”. ويبعد المعبر أربعة كيلومترات عن مدينة درعا.

وتسيطر قوات النظام حالياً على الأحياء الشمالية والغربية في مدينة درعا، بينما تسيطر فصائل الجيش السوري الحر والفصائل الإسلامية على جنوبها وشرقها. ويتركز القتال حالياً في الأحياء الجنوبية الشرقية على طول شارع الأردن الرئيسي الذي يفضي مباشرة إلى المعبر الحدودي القريب.

ويقود المعارك في جنوب شرق حي المنشية تحالف هيئة تحرير الشام والذي تم تشكيله مؤخراً، بالإضافة إلى أحرار الشام وفصائل الجيش السوري الحر.

مدينة درعا، الإثنين،13 شباط. حقوق نشر الصورة لـ نبأ.

وبينما دارت رحى المعارك بين الثوار وقوات النظام، شهد أهالي الأحياء المعارضة في مدينة درعا ومحيطها، الثلاثاء، “قصفاً عنيفاً بشتى أنواع الأسلحة، بالطيران المروحي والحربي، لم تشهده حوران منذ فترة طويلة ولم يهدأ حتى اللحظة”، وفق ما قال أبو شيماء، الناطق باسم غرفة عمليات البنيان المرصوص، لسوريا على طول، الثلاثاء، والذي اتهم النظام والقوات الروسية الحليفة بالقصف.

وفي يومي الإثنين والثلاثاء، دكت الغارات الجوية المجمعات السكنية في المدينة، في الوقت الذي حجبت به سحب الغمام الكثيفة الطائرات الحربية، وفق ما ظهر في فيديوهات تم نشرها على الإنترنت من قبل وسائل إعلامية في درعا مثل يقينونبأ.

وفي المقابل، ذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” التابعة للحكومة السورية أن “وحدات من الجيش العربي السوري نفذت عمليات نوعية على مقرات ومحاور تسلل المجموعات الارهابية التابعة لتنظيم جبهة النصرة على أطراف حي المنشية في مدينة درعا”. ولكنها لم تأت على ذكر أية غارات جوية.

ومع ظُهر يوم الثلاثاء، سيطرت الفصائل المعارضة على قرابة “40%” من حي المنشية بعد أن تمكنت “من تفجير مستودع لقوات النظام وعطب دبابة في الحي أثناء الاشتباكات”، وفق ما قال أبو شيماء، الناطق باسم غرفة عمليات البنيان المرصوص، لسوريا على طول.

وشهدت الاشتباكات التي انطلقت الأحد، خلال اليومين السابقين استهداف الثوار لمواقع الجيش السوري في المنشية بسيارتين مفخختين وتفجير نفق ضخم.

وقُتل 12 شخصاً مدنياً على الأقل في القصف خلال الثلاثة أيام الماضية، بحسب مكتب توثيق الشهداء في درعا، وهو مرصد محلي لمراقبة الانتهاكات.

ونسبياً وبحسب كثافة وشدة الغارات الجوية ونيران المدفعية التي تتوارد عنها الأنباء، فإن رقم حصيلة الضحايا يبدو منخفضاً. ويعود السبب الرئيسي وفق ما أوضحت مصادر ميدانية لسوريا على طول إلى موجة النزوح الكبيرة من المدينة ومحيطها في الأيام الأخيرة، ما يعني أن القذائف غالباً ما تتساقط على منازل خاوية.

ونزحت ما بين 2000 إلى 3000 عائلة من مدينة درعا إلى الريف المجاور لتمكث مع أقاربها أو لتنام في العراء، في المزارع والبساتين هرباً من قصف المدفعيات الثقيلة، وفق ما قال عامر أبازيد، الناطق باسم الدفاع المدني، لسوريا على طول، الإثنين.

وقال أبازيد، لسوريا على طول، إن مدينة درعا الآن “شبه خالية من السكان”. وقدر أن ما يتراوح بين 200 و300 عائلة بقيت داخل مناطق الثوار في المدينة، والتي كانت تأوي نحو 100000 قبل الحرب.

مستشفى درعا الميداني، الثلاثاء، حقوق نشر الصورة لـ نبأ

وبرغم العدد المنخفض نسبياً من الجرحى، فإن مستشفى مجاور واحد على الأقل، أصابه من الدمار ما جعله عاجزاً عن معالجة الجرحى، بما فيهم جرحى الشظايا وغيرهم من المصابين. فيما دُمر مستشفى آخر في مدينة درعا “بنسبة 60%” نتيجة الغارات الجوية والقصف المدفعي، وفق ما قال الدكتور عبد الرحمن المسالمة، مدير مشفى درعا البلد الميداني، لسوريا على طول، الثلاثاء.

وقال مسالمة بعد قصف المستشفى في وقت متأخر من مساء يوم الإثنين أنه “منذ بداية هذه السنة، تم استهداف مشفى درعا البلد الميداني ثلاث مرات متتالية، ولكن الصواريخ كانت تسقط بالقرب منه، أما هذه المرة فإنه استهدف بشكل مباشر من الطيران الحربي”. وأضاف أن “معظم أقسام المشفى خارج الخدمة والهيكل الخارجي دمر بالكامل ومستودع الأدوية، ولا نفكر هذه الفترة بإصلاح المستشفى”.

وعلق مجلس المحافظة الذي تديره المعارضة في درعا، العمل في المدارس مؤقتاً، الثلاثاء، في “القرى والبلدات المجاورة لمدينة درعا والتي تتعرض للقصف العشوائي (…) حرصاً منا على سلامة أبنائنا الطلاب”، وفق ما جاء في بيان نشر على الانترنت.

وأغلقت المدارس، الثلاثاء، بعد “القصف الكثيف” الذي تركز على سبع قرى وبلدات في محيط مركز المحافظة، وفق ما قال الأستاذ عاطف العثمان، مدير مدرسة اليادودة الثانوية، والتي تبعد خمسة كيلومترات عن مدينة درعا، لسوريا على طول.

وقال المدير إن “آخر تعليق شهدته مدارس المنطقة منذ سنة ونصف خلال معركة عاصفة الجنوب”. ولفت إلى أنه “من المستحيل الدوام خلال هذا الأسبوع، حرصاً على سلامة الطلاب”.

وتأتي المعركة الأخيرة بعد شهرين ونصف من إبداء الأردن، التي كانت لعهد طويل ظهيراً لفصائل الثورة الجنوبية المناهضة لبشار الأسد، استعدادها لفتح حدودها مع محافظة درعا فقط، في حال تولت قوات النظام زمام السيطرة عليها.

وصرح الفريق محمود فريحات، رئيس هيئة الأركان المشتركة خلال مقابلة فيديو أجراها مع قناة “بي بي سي عربي”، في 30 كانون الأول أنّ “إعادة فتح المعابر الحدودية بين الأردن وسوريا، لا يمكن أن يتم إلّا بعد سيطرة الجيش النظامي على منطقة درعا”، مشيراً إلى معبري درعا ونصيب.

وتُعتبر الحملة الثورية التي أُطلق عليها “الموت ولا المذلة”، الأوسع منذ عام 2015، حيث تقاتل فيها فصائل الجيش السوري الحر وهيئة تحرير الشام، وأحرار الشام ضد قوات النظام في المدينة وريفها.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال